الدكتور وديع بتـّي حنا بـين الكاردينال والسـوﭭـيـيت في الجـنة
في عام 1969 وأنا مع إثـنين من أصدقائي الألقـوشـيّـين ( الآن أحـدهـما متقاعـد في ألقـوش - الصفار- والآخـر يرغـب أن يسمي نفـسه اليوم أثورياً وبذلك حـصل عـلى مركـز لا بأس به في مديرية تربـية نينوى ، إلاّ أنه لم يستطع التحـدّي فإنـتقـل إلى المنطقة الشمالية ) ذهـبنا إلى السفارة السوفـيتية ببغـداد فـواجـهتـنا في مكـتب الإستعـلامات شابة شـقـراء في غاية الجـمال ، إسـتفـسرنا منها فـعـلِمْـنا أنها لا تعـرف الإنگـليزية ولا العـربـية ، فأومأتْ إلينا بالإنـتظار ، وبعـد دقـيقـتــَين جاءنا رجـل طويل القامة في أوائل خـمسيناته يتكـلم العـربـية بطلاقة وباللهـجة المصرية فـرحّـب بنا ثم سألناه : هـل توجـد زمالات دراسـية للعـراقـيّـين للدراسة في الجامعات السوفـيتية ؟ قال : ليس لدينا زمالات دراسية عـلى الإطلاق ! ثم خـفــّف من وطأة إجابته المخـيّبة لنا فأضاف : يمكـنكـم أن تراجـعـوا وزاراتكـم بهـذا الشأن . ثم عـلمتُ لاحـقاً أن الدراسات العـلمية في ذلك البلـد تـتم عـن طريق الأحـزاب والتـنظيمات الموالية له وفي جامعات خاصة بالأجانب فـقـط مثل جامعة ﭘاتريس لومـمبا ، ولا يتمتع طلابها بالحرية الغـربـية ، أما الدراسات العـسكرية فـتلك مسألة أخـرى مبنية عـلى إتفاقـيات ثنائية بـين الحـكومة السوفـيتيّة وحـكـومة أية دولة أخـرى ، اللتــَين تحـيطان الدارسـين والمتدرّبـين بقـيود أشـد . إن ما ذكـرْتــُه مِن وصف للطلبة الأجانب الدارسـين في دولة الطـّوق الحـديدي ، لم يفـصح عـنه الرفاق الدارسـون في غابة سايـبيريا - إنْ لم أقـل بالغـوا في وصف جَـنــّتها - حـتى إحـتضار الدب الأبيض حـينـئـذ لم يُـخـْـفـوا عـنا إمتعاضهـم منها ! بل صاروا أبواقاً تــُسْـمِعـنا أصوات تـذمّرهـم مما لاحـظوه من غـبن وتفـرقة ومحـسوبـية في تلك الثلوج الحـمراء ( التي لم تصمد طويلاً تحـت الشمس المشرقة ) . كـتبتُ هـذه المقـدمة لا لكي أنـتقـد الخـيارات الشخـصية للفـرد ، بل لكي أبـيّن للقارىء إحـدى الصفـحات الحـقـيقـية والمنظورة من هـوية وحـرية الأجانب اللذين كانوا يدرسون في الإتحاد السوفـيـيتي ، وفي المقال المنشور عـلى الرابط في أدناه http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,158093.0.htmlكـتـبه الدكـتور وديع بتــّي حـنا ، تحـت عـنوان ( لينين وغـبطة الكاردينال وطارق عـزيز ) ومنه عـلمتُ أنه أحـد أولئك الطلبة . لقـد قـرأ إحـدى مقالاتـنا فـذكّـرَتـْه بالقـول الخالد ( الحـقـد مُوَجّهٌ سيّءٌ في السياسة ) والمنسوب إلى لينين حـسب وصفه ، كما يضيف الأستاذ معـرفـته المسبقة بأن أساتذتهم في اللغة الروسية كانوا عـملاء لجـهاز المخابرات السوفـيتية ، وأنا أودّ بنفـس الطريقة التي ذكّـرَتــْه أن أتـتبّع ما وردَ فـي مقاله المنشور بالتدريج متذكّـراً نسيج حـياتـنا الماضية وأيامَنا الحالية . وهـنا أعـلق عـلى كـتابة الدكـتور وديع لأقـول : إن كـلمة عـميل قـد تصلح وصفاً لغـريـب يعـمل سـراً بنفـس دنيئة لفائدة جـهة أو دولة ما ، ليست دولته ، ولكـنها ( ونحـن متحـفــّـظون عـلى هـذا النمط من المهـن ) لا تصلح لوصف إبن البلد وهـو يؤدي خـدمة تصبّ في نهاية المطاف في قـناة تحـمي بلده من كل خـطر محـتمل ، ثم أتساءل: أية طمأنينة كانت عـندكـم وأيّ إغـتباط كان لكم بالجهة التي بعـثـتْ بكـم للدراسة إلى دولة تشـكّ بكـم قـبل وصولكم إليها ، وأنـتم عـلى عِـلمٍ مسبق بأن أساتذتها فـيها هـم عـملاؤها ويراقـبونكم ؟ وما الذي كانوا يَرْجـونه أساتذتكم أولئك من عـملية متابعـتهـم لكم ؟ وماذا كانوا يتوقـعـون أن يحـصلوه منكم وأنـتم طلاباً ؟ مما يقـودنا إلى الـتساؤل : تــُرى كم كانت درجة شـكوكـهـم ومتابعـتهم ومراقـبتهـم للرجال القادة من بلادنا ، أولئك الحاملين رايتهـم ؟ ورجـوعاً إلى قـول لينين فإن إستفـساركـم عـن دوافـعه عـنده ، كان يعـني أنّ لديكـم الرغـبة بتشـوّق في الوصول إلى أعـماق الحـقائق وليس الإكـتفاء بسـطوحها . إن تفـسيركم المحـتمل لتلك الدوافع جـميل ، فـسواء كان لينين ينصح رجاله بكـلامه ذاك أويؤنــّب الذات عـن ذنب إقـترفه هـو ، فإنه بالوقـت نفـسه يتوافـق مع القـول الشـهـير - السياسة مفـسـدة لكل شيء - وتـتطابق هـذه الحـكـمة بمقـدار ملموس عـلى السياسيّـين اللذين يـبتغـون المصالح الشخـصية الضيقة عـند ولوجـهـم هـذه القـناة الرخـيصة وهـم بعـيدون عـن مبادىء الحـياة الأساسـية والسياسية ، لابل أؤكـد أن البعـض يستكـثر عـلى نفـسه ، فـلا يتحـمل ولا يُصدّق أن إسمه صار يُكـنــّى بالسياسي فـيفـتخـر بتبخـتر ، وهـو يطفـو عـلى السـطح كـفـقاعة هَـواء في هُـراء
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,115911.0.html .........
ولكـن السيد وديع قـرأ المقالات وراح متوهّـماً ومتهـماً كتــّابها واصفاً إياهـم بالسياسيّـين وهـم ليسوا كـذلك ، وإنْ كان الإداريّون في شبكة ( عـنكاوا . كـوم ) الغـراء قـد ألحـقـوها في باب المنبر السياسي . فـحـسب عـلمي وأنا مـتيقــّن منه 100% أنّ مِن بـينهـم شمامسة ترعـرعـوا في أحـضان الكـنيسة وتحـمّـلوا وصمدوا أمام مضايقات المناوئين لها في أيام ماضية الكـثير ، ولسنا بصددهـم اليوم وإنما أقـول للأسـتاذ وديع : لم يضع أحـد من الكتــّاب المشار إليهـم نفـسه في موقـع المحـكـمة الكـنسية ، ثم أن طارقاً هـذا موضوع البحـث وقـبل أن يولـد ، قـد قال عـنه الشاعـر منذ زمن بعـيد: * ما زاد حـنــّون ( طارق ) في الإسـلام خـردلة ... ولا النصارى لهـم شـغـل بحـنـّون *
فالناقـوس لن يوقـف ضرباته ولا المجـمع الفاتيكاني يؤجّـل جـلساته ، إذا ما الطارق عـن مسيحه الحي إرتـدّ ، ورحاله عـن قـمة الجـلجـلة شـدّ ، وإنحـدر بجُـبْـن حـين شـهادتـَيه أدّى ، وفي غـيّه تمادى وَ مـدّ . نعـم إنه سـلوكه الشخـصي الحـضاري كما أسـمَيـتــَه ، ولكـنك لم تقـرأ بإمعان حـين قـلنا لحـضرة الكاردينال : [ أتركه الآن ... وَدَعْ الموتى يدفـنون موتاهـم ] . وقـد ذكـرْتَ كـيف أن المسيح طلب الغـفـران لصالبـيه ، ولكـن فاتـَتـْـكَ عـبارتـنا لغـبطة الــﭘـاطريرك : [ نعـم نحـن نغـفـر لِـمَـن أخـطأ إلينا ، وطبـيعيّ أن تغـفـروا له إذا أخـطأ إليكم شخـصياً ، ولكـنـنا لسنا مخـوّلين أن نغـفـر لِمَن أخـطأ لغـيرنا لأن مانح الحـياة هـو الغافـر ، وهـل هـناك مَن يغـفـر الخـطايا غـيره ؟ ] . ثم قـل لي بربّـك هـل أن مستوى ثـقافة رجـل الشارع اليهـودي قـبل 2000 سنة كانت بمستوى ثقافة وزير الخارجـية لدولة كالعـراق وفي القـرن العـشـرين ، كي نقـول عـنه : ليس يعـرف ما الذي هـو يفـعـله ، مثلما قال الرب يسوع عـن اللذين طالبوا بصلبه ؟ ثم مَن سيُعاتـب الكاردينال أو غـيره إذا طالبَ بأيّ خـير يعـم الجـميع دون تحـديـد أو تسـيـيج ....... [ إسألوني عـن العـراقـيّـين ولا تسألوني عـن المسيحـيّـين ] ؟ الدكـتور وديع الموقـر : عـن أي عـمر تـتكـلـّم وطارقـكَ هـذا لا حـدودَ لعـمره في نظره ، وإلاّ لكان عـلى الأقـل قـد حـسب مع نفـسه أنّ الدهـر يومان ..... ثم هـل صحـيح تذكـر في مقالتك أنه ممكـن أن يُستفاد منه ! إنـني أستغـرب من رأيك حـتى إذا كان موكـّـلكَ مِن بـين اللذين هـبطوا مِن السماء ؟ أما أن تسألنا عـن المردود المادّي لنا عـند الإقـتصاص من هـذا الرجـل ، فـنحـن نسألك بدَورنا ونقـول ما هـو المردود المادّي لك إذا أخـذتْ العـدالة حـقـها منه بالقـوانين القـرَقـوشـيّة التي كان هـو يحـكم بها ؟ تلك التي أعـدمتْ وزير الصحة وبعـد أيام صار شهـيداً عـند عادمه ، لأن سهـواً حـصل ؟ وتلك التي رأت نقـطة سوداء في عـين محـمد عايش وطارقـك يهـز رأسه صعوداً ونزولاً والإبتسامة لا تفارق محـيّاه ، لأن الأخ بشوش جـداً ؟ أخي العـزيز وديع : قـد تكـون أكـبر مني عُـمراً وأرفـع مني تحـصيلاً دراسياً وأكـثر مني وزناً وقـل ما شـئتَ من المفاضلات ، ولكـن كل ذلك لا يمنع من أن نـُسمِعـك رأينا مثلما قـلنا لسيدنا الكاردينال [ إنّ مِن التلامـيذ في التاريخ مَن أدهـش معـلمه ، وفي ذلك قـصص تاريخـية عـديدة موثـقة ، وأخـرى شخـصية عـندنا ...... ] أقـول : حـينما تـنوي ترجـمة أفـكار إلى مقال ، تصوّر أنّ أمامك وديعاً آخـراً بنفـس مستواك يناقـشك بالضـد و أنت تردّ عـليه بحُـجَـجـِك المنطقـية فـتقـلــّـل مِن فـرص الإعـتراض عـلى مقالك ، وإنـني بهـذا لستُ أعـلـّـمك بقـدر ما أنا أذكّـركَ فـقـط . أما عـن نظام المحاصصة الذي تطرقـتَ إليه فـلنا فـيه وقـفة ، نحـن نـنتقـد المسؤولين اللذين ينهـجـونه بشـراهة ، وتريدنا أن نقـتفي آثارهـم يا وديع ؟ وإذا كانت الغاية مثلما تفـضــّـلتَ وكل واحـد يدافـع عـن خاصته ، عـندئـذ نقـول أن هـناك من الأمور والإشـكالات التي تهـم الأمة عامة أولى بالبحـث عـن حـلول لها من قـضية خاصة بفـرد ، هـل أنتَ متفـق معي في هـذه أم لا ؟ وأخـيراً جـئتَ بمقـولة العـقـوبة التاريخـية ، تــُرى ألستَ متابعاً للأخـبار كيف أن مجـرماً أو متهـماً بإرتكاب جـرائم يفـلتُ من يد العـدالة سنيناً طويلة ، وبعـد أن يُـلقى القـبض عـليه يُـقـدّم إلى المحاكـمة وكأن الحادثة وقـعـتْ في البارحة ؟ ويكـفي أن سـتالين حـوكـم وهـو في القـبر . دمتُ سعـيداً .