Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

الدولة / اركانها وخصائصها - 3

نكمل سلسلتنا القانونية ليطلع الناخب العراقي لزيادة مداركه القانونية والسياسية لكي يكون مهيئاً نفسياً وفكرياً عن الذي يختاره كممثل له في البرلمان والحكومة

الموضوع
تعني كلمة دولة بالاتيني status , وفي العالم العربي من دال يدول وتعني التغيير من
, وهي الحالة المستقرة وحالة اخرى وهي عدم الاستقرار / فماذا تعني الدولة اصطلاحا وما هي اركانها وخصائصها ؟
هناك خلاف في تعريف محدد للدولة : هناك من عرفها بانها " مجموعة افراد يمارسون نشاطهم غلى اقليم جغرافي معين , وآخر من عرفها بانها ظاهرة سياسية وقانونية ,وتعني جماعة من الناس يقطنون رفعة جغرافية بصفة دائمة ومستقرة , وفريق آخر يقول : انها الشخص المعنوي الذي يرمز الى شعب مستقر غلى اقليم معين " وهكذا اي كان امر هذا الاختلاف بان الدولة تعرف بانها مجموعة من الافراد تعيش حياة دائمة ومستقرة على اقليم معين في ظل تنظيم سياسي معين ,يسمح لبعض الافراد بحكم الاخرين , ومن هذا يتبين بأن الدولة في أساسها هي شكل من اشكال الوجود الاجتماعي , لأنها :

1- هي تحمع بشري من الاشخاص الذين استقروا في حياة دائمة ومتصلة الاجيال
2- يسكنون قطعة ارض معلومة الحدود , هي وطنهم " شعب واقليم "
3- في داخلها نوع من تقسيم العمل بحيث يسمح للبعض بأن يقوم بالأمر والنهي والتنظيم لحكم الاخرين , مستخدما السلطة لغرض ضمان تنفيذ ارادته , وفي هذه اللحظة تتحول المنظمة الاجتماعية التي في داخلها الى منزمة اجتماعية سياسية ,تجد طريقها النهائي الى فكرة الدولة . وهناك عدة نظريات التي تعرضت لتفسير نشأتها هي :

النظريات الدينية : التي تقول ان الدولة نظام قدسي فرضه الله لتحقيق الغاية من الاجتماع البشري , وينتهي اصحابها الى تقديس السلطة من حيث هي من حقوق الله وحده الذي تأتي منه الى الحكام " مثل السعودية والاردن وقطروعمان والكويت والامارات والنيبال وغيرها "

النظرية العقدية : تنبذ هذه النظرية فكرة القوة كأساس لقيام الدولة , وترى ان اصل الدولة ومصدر السلطة هما الشعب , وهذه النظرية معروفة منذ القدم حيث نادى بها الفلاسفة اليونان :" أبيقور" اول من دعا الى هذا الاتجاه ,تلاه بعض رجال الدين في اوربا , وبرزت على يد : هوبز ولوك وروسو "/ وقد اتفقت النظريات التي نادى بها هولاء الفلاسفة والمفكرين على ارجاع نشأة الدولة الى فكرة العقد الاجتماعي , وان الافراد قد انتقلوا من الحياة القديمة التي لا يرغبون العيش فيها " نظام الكنيسة الاقطاعي آنذاك " الى حياة الجماعة السياسية المنظمة بموجب العقد , وان اختلفت هذه النظريات نرى انه لا يمكن الوقوف عند احداها لتبرير اصل نشأة الدولة , بالدولة ليست في الواقع سوى ظاهرة اجتماعية , وقد أخذت صورتها الحاضرة نتيجة لتطور تاريخي طويل تحت تأثير عدة مؤثرات متباينة ,سواء أكانت دينية أو اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية , لهذا يصعب وضع نظرية عامة محددة لبيان اصل نشأة الدولة

يلزم لقيام الدولة ان تتوفر اربع اركان هامة هي / شعب , واقليم , وتنظيم سياسي , الاعتراف بالدولة

فالشعب / يتكون من مجموع السكان الذين يعيشون معا في ترابط وانسجام , وبدونهم لا يمكن القول بوجود دولة : وهناك مفهوم الشعب الاجتماعي الذي يشمل من يتمتع بجنسية الدولة رجالا ونساءا , المتمتعين منهم بالحقوق والمحرومين منها . ومفهوم آخر هو الشعب السياسي , ويقصد به الاشخاص الذين يتمتعون بحق ممارسة الحقوق السياسية وعلى الاخص حق الانتخاب , وبذلك يكون المدلول السياسي للشعب اضيق نطاقا من مدلوله الاجتماعي .إذن الشعب يفيد وجود جماعة من الناس يقطنون اقليما معينا ,ويخضعون لنظام سياسي معين , يستوي ان تكون هذه الجماعة متجانسة او غير متجانسة , كون الشعب يكون خليطا من عدة قوميات , ولا يشترط ان ينحدر من جنس بشري واحد , ولا ان يتكلم بلغة واحدة ,ومن ناحية علاقة الشعب بالامة فانه لا يشترط لقيام الأمة توافرالظاهرة السياسية ,اي الخضوع للسلطة السياسية ,فقد تقوم الامة دون ان ينشأ عنها دولة واحدة بل اكثر من دولة كما هو الحال الامة العربية

" الأقليم " / لا يكفي وجود مجموعة مترابطة من الناس لقيام دولة معينة , إذ لابد من وجود بقعة محددة من الارض يستقرون عليها ويمارسون نشاطهم فوقها بشكل دائم , لكي يمكن ان تتكون الدولة , وهذا ما يطلق عليه " اقليم الدولة " , فهو الذي يمثل النطاق الاراضي , والحيز المائي , والمجال الجوي , الذي تباشر عليه الدولة سيادتها , وتفرض فوقه نظامها , وتطبق عليه قوانينها ,ومن هنا يساعد الاقليم في تحديد نطاق اختصاص الدولة بما يحول دون كثرة المنازعات الدولية , كما انه يحدد النطاق المكاني الذي يمكن للدولة ان تحدد شعبها على اساسه تحديدا ماديا واضحا , لذا يكون بالنتيجة أحد الأركان الاساسية لاستقلال الدولة , وقد ثبت في الفقه الدولي بأن زوال اقليم الدولة يؤدي بالنتيجة الى انقضاء شخصيتها الدولية , ولكن زيادة الاقليم أو انتقاصه لا يؤدي الى ذات النتيجة

الركن الثالث التنظيم السياسي " السلطة السياسية " من شروط الدولة ان يتوافر لها عنصر التنظيم السياسي , بما يعنيه من ضرورة وجود سلطة سياسية تؤدي وظائف الدولة الداخلية والخارجية , وتكون مسؤولة امام الجماعات الاخرى عن كافة الشؤون التي تتعلق بالاقليم والشعب , ويتحقق وجود السلطة حين ينقسم افراد المجتمع الى فئتين :
فئة حاكمة تحكم ايا كانت مظاهر قوتها , اقتصادية أو دينية أو عسكرية
وفئة اخرى محكومة تخضع لأوامر الفئة الحاكمة , بهذا وحدة تتحول الجماعة الى مجتمع منظم تسيطر عليه فكرة القانون الملزم

الركن الرابع هو :الاعتراف بالدولة : إذا توافرت اركان الدولة الثلاثة " الشعب , الاقليم , السلطة السياسية , تقوم الدولة ويتحقق وجودها القانوني , وتثبت سيادتها على اقليمها وشعبها , فعليه ان الاعتراف بها ليس الا اقرارا من الدول القائمة بالامر الواقع , اي وجود حدث قانوني نشأ وتحقق قبل صدور هذا الاعتراف , ولهذا الاعتراف صفة اقرارية لا صفة انشائية , والامتناع عن الاعتراف بها من قبل بعض الدول لا يحول دون تمتعها بشخصيتها القانونية الدولية , وما ترتبه من حقوق , وكل ما ينتج من هذا الامتناع هو اعاقة مباشرتها لحقوقها نظرا لعدم قيام علاقات سياسية بينها وبين الدول الممتنعة عن الاعتراف

اما خصائص الدولة " سلطتها "
: 1- ظاهرة اجتماعية : اي انها مرتبطة بالجماعة , وهذه الجماعة لا يستقيم امرها الا بوجود سلطة آمرة ,تحفظ النظام فيها ,وتعمل لصالح افرادها , ومهما يكن اصل السلطة فان القوة تعتبر عنصرا اساسيا من العناصر التي تقوم عليها السلطة , بشرط ان لا تعتمد على السلطة المادية وحدها , وان فعلت تفقد شرعيتها وتصبح سلطة غاضبة معتدية دكتاتورية !
2- السلطة ظاهرة سياسية : ان السلطة السياسية تكون مسؤولة عن كافة الشؤون التي تتعلق بالاقليم والشعب ولهذا تعد السلطة السياسية ذات سيادة , اي انها نابعة من ذات الدولة , دون ان تكون داخليا أو خارجيا تابعة لغيرها, فهي في الداخل تعتبر اعلى السلطات , ولهذا فان الطابع الرئيسي الذي يميز المجتمعات المنظمة -الدول الحديثة - عن المجتمعات الاخرى - هو امتلاكها للسلطة السياسية العامة , والتي اساسا تقام لحماية المجتمع السياسي .
3- ظاهرة قانونية : إذا كانت سلطة الدولة ظاهرة اجتماعية وسياسية فهي ظاهرة قانونية ايضا ,لان ثمة تلازما بينها وبين القانون ,وهذا الاخير يقتضي تدخل السلطة في جميع مجالات الحياة , لذلك يكون القانون سلاح السلطة السياسية للطبقة الحاكمة في تنظيم مختلف الاوضاع في الجماعة , وبدونه لا تضمن سير الافراد تلقائيا نحو تحقيق صالح الطبقة الحاكمة , وعليه فان السلطة بحاجة الى القانون , والقانون بحاجة الى السلطة لتكفل له الاحترام وتعمل على تنفيذه حتى لا يعبث به الافراد بيختل نظام الجماعة ويسودها الاضطراب " وهذا ما يحدث اليوم في العراق ولبنان كمثال لا الحصر "
shabasamir@yahoo.com



Opinions