Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

الزواج العرفي ... بين الشريعة ومتطلبات الحياة المعاصرة

22/06/2009

شبكة اخبار نركال/NNN/الموصل/
تعبّر بعض المسائل الاجتماعية عن حالة تاريخية ما زالت تسيطر على الناس رغم اختلاف الظروف التي تحيط بهم , فالمجتمعات العربية عموما لم تشهد حتى اليوم حالة تغيّر اجتماعي كامل وما زالت ثقافتها تنتمي الى مزيج من الماضي والحاضر يشوّش في كثير من الأحيان قراءة بعض الظواهر ومعرفة أسبابها الحقيقية , وربما ينقل موضوع الزواج العرفي ( المؤقت ) صورة لحالة التباين مع الحياة المعاصرة والتي تفرض شكلا حقوقيا متميزا , فمن الناحية الشرعية لا يشكل هذا الزواج أي خروق واضحة للحدود التي يفرضها الشرع لأنه يقوم على الطلب وتوفير شاهدين عدليين ويشرف عليه في الغالب رجل دين مهمته التأكد من توفر كافة شروط الزواج , لكنه ووفق بعض الآراء الفقهية يخالف غاية التشريع المتمثلة في إشهار العلاقة بين الطرفين , فعقد الزواج يجب أن يكفل غايتين أساسيتين كما يقول الشيخ بشار سعيد اولهما , تنظيم العلاقة بين الرجل والمراة بشكل يضمن حقوق الزوجة بالمهر والكفالة من الزوج وتكفل حق الزوج بالمعاشرة وفق عقد صريح وواضح , وثانيهما , إشهار العلاقة بما يضمن سلامة المجتمع والأمان الأسري , وفي الغالب يكون الزوا ج العرفي سريا لا يعرف به المجتمع أو مؤسسات الدولة التي تضمن في العصر الحديث كافة العقود من زواج وغيرها لذلك فهو زواج يمكن الطعن به بسهولة نظرا لعدم الإشهار , ويضيف الشيخ سعيد , وهناك بعض الآراء الفقهية التي تؤيد الزواج العرفي باعتبار انه يستوفي الشرط الشرعي وبالا مكان إشهاره بسهولة مع وجود الشهود أو الوثائق التي يعتمدها بعض رجال الدين عندما يشرفون على عقد الزواج , وهذا الرأي يستند في خلفيته الى الحالة الاجتماعية التي سادت المجتمعات العربية والإسلامية لفترات طويلة امتدت حتى ظهور مفهوم الدولة الحديثة بداية القرن العشرين , وهم يرون ان العقد العرفي هو مصطلح غير صحيح لأنه ليس شرطا أن يتم تسجيل الزواج داخل المحاكم المختصة ليصبح نافذا , فالتشريع الإسلامي لم ينص على هذا الموضوع وان الزواج لا يرتبط فقط بحالات حصرية إنما هو مباح بشكل عام , وترى هذه الفئة ان احتياجات المجتمعات مختلفة بالنسبة لموضوع الزواج العرفي , ففي بلدنا مثلا تظهر هذه العقود لجملة أسباب لعل من أهمها هي أشكال التقاليد الاجتماعية والتي تفرض على الزوج منذ الخطوبة الى الدخول والخروج لمنزل أهل خطيبته وأحيانا اصطحابها الى الأسواق من اجل تأثيث منزل المستقبل وشراء ما يلزمه , وفي هذه الحالة يضمن العقد العرفي حدود الشريعة وذلك قبل الزواج الفعلي بعدة شهور أو ربما سنوات , وبخصوص عقود الزواج وفق المفهوم المعاصر يقول المحامي احمد الطائي : ان القانون العراقي يعترف بوضوح بمبدأ تعدد الزوجات ولا يفرض الكثير على الزوج لتحقيق العدل بين الزوجات التي فرضها القران الكريم , وهذا يعني ان اللجوء إلى عقود الزوا ج العرفي من قبل البعض يحمل خللا في أساس الزواج , فهود ينقل حالة من عدم القناعة بين الطرفين بقدرتهما على الاستمرار أو خوف من مواجهة المجتمع عموما نتيجة خيار الرجل في الزواج مرة جديدة , وغالبا ما ينشأ العقد العرفي في ظروف استثنائية لا تتيح للزوج إشهار زواجه لأسباب مختلفة , لكنه يخلّف لاحقا مشكلات متراكبة ويزعزع استقرار الأسر كما يخلق ضغوطا نفسية على الرجل والمراة , ويرى الطائي ان انتشار الزواج العرفي وبحسب خبرته الميدانية يتسبب بإجحاف بحق الزوجة في الغالب والتي تضطر الى رفع دعوى قضائية لتثبيت زواجها أو إثبات أبوة زوجها للأبناء الذين أنجبتهم وغالبا ما يتم التثبيت بعد تدخل المحكمة المختصة بشكل مباشر وأحيانا يلجأ الزوج إلى التشكيك بشهادة شهود الزواج وكل هذه الأمور تنعكس سلبا على الطرفين ولكن الزوجة تكون هي المتضرر الأكبر , كما ان الزواج العرفي يتسبب كذلك بإجحاف بحق الأبناء الذين يجدون أنفسهم وسط حالة غير طبيعية تؤثر بالتالي على حياتهم ومستقبلهم بشكل سلبي .
Opinions