السجون العراقية بيئة لإعادة الاندماج أم بيئة حاضنة للإرهاب
المصدر: صحيفة المدى
علي المظفر
فك الارتباط واحدة من المراحل المهمة التي تعمل عليها مؤسسات الدولة الامنية والتي يتم من خلالها إعادة تأهيل وإدماج المتطرفين (المجرمين - الارهابين) ذلك من خلال احتوائهم و تنميتهم واعطائهم بدائل للسلوك العنيف و من ثم قطع صلتهم مع الجماعة المتطرفة (أسباباً و أشخاصاً) وتأتي بعد ايداع العقوبة على المتهم. و بالتالي فهي عملية معقدة طويلة و مليئة بالعقبات بذاتها فكيف إذا أضيفت لها معوقات اهمها:
1ــ قلة عدد السجون مقارنة بالاعداد الموجودة داخله حيث أكدت وزارة العدل الاتحادية أن طاقتها الاستيعابية تجاوزت 300% فعدد السجون الموجودة 30 بينما اعداد المسجونين ما يقارب 65 الف نزيل.
2ــ عدم توفير البدائل لدوافع التطرف العنيف المودي للإرهاب داخل السجون فالتداخل بين السجناء المتطرفين فكريًّا وغيرهم من السجناء يعزز من احتمالية استقطاب هؤلاء السجناء إلى المنظومة الإرهابية، وذلك في ظل تراجع الوعي بمخاطر المزج بين السجناء من خلفيات مختلفة، ناهيك عن العقلية للكثير من التنظيمات البراغماتية الحاكمة الإرهابية، وما تقتضيه من توظيف السجون كأداة لاستقطاب عناصر إرهابية جديدة، ونشر الافكار على أوسع نطاق ممكن إذ تتباين التنظيمات من حيث رؤيتها للعناصر المغايرة داخل السجون، وبالتالي مساحة التفاعل معها والرغبة في استقطابها للتنظيم. فالسجناء التابعون لتنظيم داعش او القاعدة على سبيل المثال، يرون أن من واجبهم نشر معتقدهم وأفكارهم، وبالتالي هم يحملون رسالة لتحويل السجناء الآخرين كي يصبحوا أتباع مخلصين لهم
3ــ التلكؤء في تنفيذ استراتيجية مكافحة التطرف و التطرف العنيف المؤدي للإرهاب و كذلك معالجة النقص في الخبرات والموارد البشرية المتاحة لإدارة السجن بينما دائرة إصلاح الأحداث تضم فائضاً يربو على 200 سرير.
4 ــ فوضوية السجون وهي معضلة المعضلات التي قد تعاني منها بعض السجون لازدحام الشديد داخل السجن، باعتباره نمطًا شائعًا في العديد من الدول، والذي يؤدي إلى خلق ضغوط إضافية على السجناء، ويحفز الكثيرين منهم على الاندماج في مجموعات فرعية، بعضها يحمل توجهات متطرفة تحقق لها قدرًا من الأمان داخل السجن أو حتى الوصول إلى بعض الموارد التي تكون شحيحة بطبيعتها. اذ تمهد السجون المزدحمة والفوضوية والتي يكون من الصعب مراقبتها من جانب الادارة، الطريق للزعماء المتطرفين ذوي الكاريزما لخلق نمط من السلطة في مجتمع السجن، وفرض أنظمة ومعتقدات متطرفة على أتباعهم من السجناء العاديين الذين يجدون في هؤلاء الزعماء نموذجًا لبناء هوية جديدة، وفي الوقت ذاته الحصول على الحماية اللازمة في بيئة فوضوية. فالنتيجة الحتمية هي أن تكون هذه السجون قنبلة موقوتة كانت قد انفجرت سابقاً و سببت لنا بحرب دامت ٣ أعوام كبلت الدولة خسائر فادحة فما دمنا في مرحلة ما بعد الحرب و ممكن أن يتم العمل بهدوء تداركاً لأزمة أمنية مستقبلة يجب العمل على ملف السجناء و إيجاد حلول من خلال مؤسسات الدولة اهمها:
1/ اعتماد وسائل حديثة تتناسب و حجم المشكلة و بمساعدة دولية من خلال إشراك المنظمات الدولية و العمل معها في برامج خاصة لكون الأزمة تأخذ ابعاد إقليمية و عالمية.
2/ الإعداد لتنفيذ المشروع بشكل فعال بما يتماشى مع الاحتياجات الوطنية، ونشر نتائج المشروع والدروس المستخلصة منه على نطاق واسع.
3/ تعزيز آليات وقدرات الأمن والسلامة في السجون وفي صفوف موظفي السجون، بما في ذلك من خلال تحسين التنسيق مع الجهات المعنية الآخرين.
4/ تحسين النُّظم والمهارات في إدارات السجون لتقييم مخاطر واحتياجات السجناء المتطرفين العنيفين على أساس فردي وكأساس لتخصيص الموارد والبرمجة
5/ تعزيز قدرة إدارات السجون على إنجاز تدخلات متعددة التخصصات للفصل من أجل السجناء المتطرفين العنيفين، وهو ما يشكل جزءاً من استراتيجية إعادة الإدماج الاجتماعي
6/ تحسين آفاق إعادة الإدماج الاجتماعي للمتطرفين العنيفين (السابقين) بتقديم خدمات متينة بعد الإفراج و اللجوء إلى بدائل عن السجن في الحالات المناسبة.
7/بناء مدن إصلاحية جديدة، الأمر الذي يعني ضرورة توفير أراضٍ واستملاك الدولة لها، ثم إدراج تكلفتها ضمن المشاريع الاستثمارية بما تضمه من وسائل ومراعاة لجميع معايير حقوق الإنسان.
8/ استئناف أعمال البناء في الأقسام الإصلاحية المتوقفة عن العمل بسبب خلافات أو شبهات فساد.
9/العقوبات البديلة، وضرورة محاسبة جميع المتورطين بقضايا التعذيب, شرط ألا تتعلق تهمته بجرائم تمس الأمن القومي والقتل والفساد، حيث تتحول المدة المتبقية من محكوميته إلى غرامة مالية.
10/عزل المدانين بقضايا وأحكام خفيفة عن المدانين بأحكام مثل "الإرهاب" والفساد والجرائم الجنائية الكبرى, مع ضرورة إجراء مراجعة شاملة لملف السجناء.
11/ إقامة الورش المهنية والبرامج الإصلاحية التي تساعد السجناء على الاندماج بالمجتمع وتحد من عودتهم إليها مستقبلاً.