Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

الشكلانية ... تمرد على الواقع أم تقليد أعمى ؟

06/10/2009

شبكة اخبار نركال/NNN/الموصل/
كان الإنسان وما يزال يبحث عن الجمال والكمال في كل شيء , ولم تقدم الحضارات إنجازاتها إلا بحلّة رائعة من العمارة الضخمة والفخمة , وكما اشتغل اليونانيون بالعقل والفكر اشتغلوا بأبنيتهم ومسارحهم , وكذلك كان الشكل أساسيا عند الفراعنة فاهتموا بالحلي والوشم مثلما اهتموا بالهندسة والفلك والتحنيط , وكانت بلاد الرافدين عاصمة الأزياء في العالم القديم ,

فالشكل هو المضمون ولا يقبل الكثيرون الفصل بينهما , لكن الذي يحدث اليوم هو ان الشكل أصبح اولويا وأكثر أهمية من المضمون وخاصة عند الشباب , يقول سيف عبدالله \طالب جامعي : بما ان الشكل يستطيع إخفاء المضمون ولا يعبر عنه بالضرورة , فأنت لا تستطيع إثبات كياستك من مضمونك لان أي تغيير يحدث داخلك غير ظاهر للعيان في حين انك وعندما تغيّر أي شيء في ثيابك مثلا تصبح بالضرورة المؤقتة إنسانا متميزا وفريدا ! , وفي المقابل يرفض شباب كثيرون هذا الرأي معتبرين ان الشكل يعبر عن المضمون حتما وان لبسهم الحديث بصرعاته المختلفة يعبر عنهم كشباب متفتحين ومتمردين يريدون الانصهار مع الآخر وفهمه في عصر تجعل مقوماته العالم قرية صغيرة , حيث يقول معد محمود \ 21 سنة , لنعترف ان الشكل أصبح الجوهر , وهذا ليس خطأ كما يحاول البعض تصويره فشكلك يعبر عن شخصيتك لأنه يحمل الكثير من الشخصي , انه شيء خاص بي وحدي ولا دخل للآخرين به , فأنا لا البس هكذا وامشي هكذا من اجل الناس بل هي حقيقتي ,

أما ( ن – ع ) \ طالبة جامعية فلها رأي آخر فتقول : " يستطيع شكلنا أن يخفي ما بداخلنا كما يستطيع أن يجعله ظاهرا للعيان , فإذا كانت شخصيتك واضحة ومتبلورة فسيكون الشكل تابعا لها ولن يحتل أهمية كبرى بتفكيرك بل سيكون عفويا ونتيجة لطبيعتك , لكن لو كنت مترددا وحائرا وغير متوازن فانك تفضل أن تبحث عن أفضل شكل يخفي هذا ويجعلك تبدو كما تحلم بنفسك "

ويجنح الكثير من الشباب إلى اعتبار الشكل احد أنواع التزييف التي أصبحنا نستعملها بكثرة وبطريقة سهلة للادعاء بما نتمنى أن نكونه أو بما نتمنى أن يعتقده الناس عنا وذلك يشمل كل ما يظهر علينا خارجا من الزي والتسريحة وطريقة الحديث وتعابير الوجه مرورا بإطلاق عبارات مقتبسة من غيرنا ,

مروان احمد \ طالب جامعي يعتقد ان قضية الشكلانية أكثر تعقيدا مما تبدو وهي مرتبطة بداخلنا ولكن ليس كنتيجة أو مكمل بل لصراعات نفسية وفكرية يعيشها شباب اليوم فيقول " ان نتجه كشباب إلى إعطاء حيز الأهمية لشكلنا فذلك طبيعي , فانعدام الفرص للتعبير عن النفس بكل صراحة الشباب وجرأتهم ورغبتهم بالاختلاف والاستقلالية تدفع لان ينشأ هذا الجانب التعويضي من خلال الشكل , فإذا كنا غير قادرين على اختيار ما يعبر عن شخصيتنا وغير قادرين على الوصول بها إلى حيث نريد فلا بأس أن نتقمص شكل الشخص المثقف أو البسيط العملي أو العبثي اللامنتمي أي نتقمص شكل الشخص صاحب الفعل أو صاحب الرأي أي أن تقرأ بعيون الناس اعترافهم بتميزك وتغيرك خوفا من أن تقرأ اكتشافهم لحقيقتك التي لا تريد أنت اكتشافها ",

وقد يكون من الصعب على الشباب الاعتراف بما تتركه الشكلانية فيهم من آثار , فالشكل أصبح اليوم معيار التصنيف الاجتماعي , فهذا غني وذلك فقير وهذا متحرر وهذا متزمت , وهذا يعني ان الشكل أصبح مقياس لتقييم الآخرين , وعن ذلك يقول غزوان اكرم | 25 سنة , القضية تبدأ من الداخل وأي عملية تغيير خارجية يجب أن تنجم عن قناعات وأفكار داخلية عندها نستطيع أن نقوم بتقييم الشخص من شكله لان هناك تباينا خارجيا وحقيقيا لما هو معتقد داخليا لكن الذي يحدث عندنا هو العكس تماما , هناك اهتمام بالمظهر لحد الإفراط على حساب المضمون الذي هو أهم باعتقادي إلا ان معطيات الحياة الحالية استهلكت الإنسان تماما لدرجة جعلت هدفه الأول في الحياة هو تحسين وضعه والعيش مرتاحا والطريق الأسهل للتغيير هو التقليد الأعمى لكل من نعتقده انه حضاري ومتقدم وبذلك يصبح المظهر بكل أدواته ووسائله هو الغاية وهذا هو التقليد الأعمى "

وللباحث الاجتماعي عبدالسلام محمود رأي بالموضوع حيث يقول " مشكلات شباب اليوم كثيرة وهي تعبر عن الدخول في مرحلة حياتية جديدة وبالتالي فان التأثر بالصرعات الحديثة أكثر انتشارا بينهم , فأغلب الشباب يريد أن يصبح شبيها بما يراه من على شاشة التلفاز أو الحاسوب , فالشكل هو تعبير عن النفس لكن إذا كان هذا التعبير حقيقيا وغير مزيف , فقد كانت ورقة التوت أول إكسسوار وضعه الإنسان فوق جسده ليخفي عوراته أو ليجمّل شكله , ولكن الإكسسوارات ازدادت على الجسد والوجه والشعر وطريقة الحديث والمشي و .. وأصبحت بألف شكل وشكل , فأوراق التوت تكاثرت حتى اختفى الإنسان تحت كومة منها فأختبأ بعضهم منها وخنق آخرون جوهرهم داخلها مختارين الا يروا أنفسهم والآخرين إلا من خلال ما رمي فوقهم من اقنعة وقلائل هم الذين نفضوا هذه الأقنعة ولم يسمحوا لها أن تكون أكثر من وسيلة للتعبير عن دواخلهم بكل حقيقة وجمالية .
Opinions