Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

الصديق العزيز نبيل دمّان ,تصفهم بحواضر أور وبابل وأشور ثم تطالبهم بقطع الجذور

الفواجع ألتي تحلّ بأبناء العراق الأصلاء أليوم هي ليست من النوع الذي يمكننا أن نحصر بديل الخلاص منها في خيار إعلان الإنضمام الى هذا الطرف الجغرافي او ذاك الطرف السياسي او من دون أن نتوقف أمامها قليلا لنمّحص الصوره عن كثب و ندرسها بعمق ومنهجيه علميه حتى يكون في مقدورنا إسداء ما يناسب حجم هذه الجرائم من نصائح أو توصيات يراد لها أن تنال رضى المعنييّن حين تكون تصبّ حتما في صالحهم .

أخي وصديقي العزيز نبيل, كل ما عرفته عنك طوال فترة صداقتنا التي قاربت النصف قرن , و الذي أعوّل عليه دائما في تقييمي لما تطرحونه , هو أنّك رغم تحفظاتك ألتي غالبا ما تبدو واضحة كلّما طلب منك إبداء رأيك في خصوص شؤون قوميتك ومستقبلها الوطني, لكنّك تبقى في نظري في الموقع الأقرب إلى أفاق المنطق في تحليلاتك وأفكارك رغم سعيك الدائم لكن بشكل متحفظ خاصة بمايتعلق بشأن أبناء جلدتك وهمومهم القوميه في وطنهم الأم (العراق), وهذا أمرربّما قد تناقشنا سوية حوله بإقتضاب قبل ما يقارب الثمانية أشهر ولا يفوتني هنا الإشارة إلى إقراري وبكل إعتزاز بأنّ كل منّا يمتلك كامل حريتّه في إبداء أرائه وطريقة عرضها ونحن في ذلك نمتلك الكثير من المشتركات ,و إعتزازي الكبير بك هو السبب الذي جعلني أستأذنك كي أعلّق قليلا على نقطة أو ربما نقطتين وردتا في مقالكم حول الكارثة التي حلّت بإخواننا وأهلنا وجيراننا التاريخيين الإيزديين في قضاء سنجار .

الكارثة التي حلّت بإخواننا وأحبابنا الإيزديين هي حلقه من سلسلة الكارثة الكبرى التي يتعرض لها اليوم العراقيون الأصلاء أبناء بيث نهرين من أحفاد بابل واشور وأور كما تفضلت في وصفهم, والماكنه السياسية/العسكريه ألتي تمارس كل ما أوتي َ لها من وحشيه في تحقيق مشروعها هي بالفعل تستهدف في دقائق وتفاصيل ممارساتها ذات الأدوات المتعدده من أجل إنجاز مهمّة تقطيع أوصال هذه الأرض وتشتيت أبناءها بعد تقطيع جذورهم وعزلهم عن رحمها ألذي نمت وترعرعت فيه الاف السنين , وهي تشكل كما أراها مرحلة لحشو فكري لما هو جديد تسبقها عملية إفراغ ذاكرتنا من مفردات إنتمائنا للأرض ألتي عشنا فيها وذلك يدخل ضمن ما يسمونه بمشروع العولمة المطروح من قبل الأميركان على وجه التحديد , ولابّد لنا هنا أن نبتعد قليلا عن فكرة إتهامنا بعضنا البعض بظاهرة التسليم لواقع نظرية المؤامره , لأنك تعلم جيدا بأن السياسة قد أصبحت بحد ذاتها هي عملية التأمر على الأخر بأي وسيلة كانت دون إخضاعها لأي معايير إنسانيه أو أخلاقيه , كما أن المجال هنا لا يتسع للغور في مهمة التأشير بأصبع البنان إلى شخوص هذه اللعبه العبثيه ألتي يشترك في إدارتها أطراف عديدون , وأنا على يقين يا صديقي العزيز بّانّك أدرى منّي بشخوصها ومنابعها في تاريخها السياسي الحديث في حدود ما شهدناه في وطننا العراق في أقل تقدير , و من هنا تبرز النقطة الأولى التي تبعث فيّ شيئ من الإستغراب كلّما رأيتك بين الحين والحين وإذا بك تتحفظ عن قصد او بدونه في التطرّق إلى مخاطر التعويل الإرتجالي علي تيارات و شخوص مشاريع هذه اللعبه( ألتي أعتبرها جريمه) اللتي باتت تؤرق كل وطني غيور على وحدة وطنه ومستقبل حقوق أبنائه الاصلاء , مما يحدو بك الأمر لدرجة و كأنّك فيها تطالبنا بوجوب التعويل على هذه التيارات القوميه في إعادة بناء الوطن والإنسان الذي نطمح إليه , من دون أن يكون التحذير من مطبّ الوقوع في شباكها هو من صلب واجباتنا , نعم لقد كنّا أنا وانت والكثيرون معنا في زمن ما من الذين ناصروا قضايا شعبنا ومن ضمنها قضية أخواننا الأكراد كقضيه لشعب مظطهد وليس كمشروع سياسي تتبنّاه نخبة يراد منّا أليوم أن نركع ساجدين أمام ما تمليه عليهم مخيلاتهم وأحلامهم التي نحترم فيها كل ما يقترب من تحقيق إنسانيتنا وحقوقنا فوق أراضينا في وطننا .

في مطالبتكم الإخوة الإيزديين بضرورة ربط مصيرهم ب (أقليم كردستان) وهو مطلب رغم إعتقادي بأحقية الأكراد في طلب ما يرونه في خدمة قضيتهم بغض النظر عن مدى صحة و مشروعية ذلك., لكنني لا أرى ما يسند شرعية مطالبتكم الإخوة الإيزدييون بربط مصيرهم بأقليم(كردستان) لا من باب إعتماد المنطق التاريخي كمستند ولا من باب إستقراء الواقع السياسي الذي تتسّم به الأحزاب القوميه والدينيه المعنيه ودورها السلبي الذي أصبح يدفع بالعراق نحو الهاويه , وإلا لكنت قرأت لكم أيضا وفي نفس السياق مطالبتكم أهالي تللسقف او قرهقوش و برطلّه و الخالص و أمرلي و عينزاله وتلعفر بربط مصيرهم كذلك بأية جهه سواء ب (أقليم كردستان) أو بالحكومه المركزيه, لأن هذه المناطق التي ذكرتها هي الأخرى قد أصابها ولا يزال يصيب أهلها من الجريمة مثل ما طال أخوتنا في سنجار ,فهل من واجبنا مطالبة أهلنا في بتر جذورهم والإلتحاق في مشاريع لا زالت في عرف الكثيرين مجهولة المعالم علاوة على ما يترتب على هذا الإصطفاف من إثارة لعداءات الجوار لنا ونقل عدوتها إلى معاداة أبناء شعبنا , والنقطة هذه شئت ام أبيت اثارت فيّ العجب والإستغراب ,أما الأمر الذي يزيد إستغرابي فهو إكتفائكم بذكر الجانب الأمني من هذه المرحله كسبب لمطلبكم في ربط مصيرهم بجهة لاتزال معالمها بحسب إستقراءات الكثيرين هي ليست موضع يقين و طمأنينه ولم تحظى لحد اللحظه هذه بأي تأييد شعبي ولا إقليمي أو دولي صريح , والأمر الأخر هو عدم إشارتكم الواضحة , وأنت كما عرفتك سياسي قديم, الى ألأسباب الأخرى ألتي تسببّت في فقدان أبناء اشور وبابل وأور لهذا الأمن والإستقراركي يكون البديل الذي تطرحونه هو فقط بالإنضمام الى أقليم(كردستان) ألتي تتمتع اليوم بإستقرار افضل من بقية الأماكن ,هنا تحديدا أراكم تتحاشون الإشارة إلى الجانب السياسي ومخلّفاته في زرع بذور التردد في نفوس أبناء اشور وبابل وأور وعدم الطمأنينة لكل ما يطرحه الإخوة في الكتل السياسيه الكبيره الإسلامية الشيعيه والقومية الكردية و تبعات شدة تصارع الأحزاب الذي يغرس أصابعه ومخالبه عميقا في توريط الناس المساكين الذين إبتلوا بنار صراعات الكتل الكبيره وفرض عامل الإصطفاف السياسي التبعي كشرط لنستطيع أن نعيش بأمان وإستقرار كلّما توسعت خارطة الصراعات وتأججت في عموم الساحه العراقيه.

المطالبه, بضم هذه المدينة أو ذلك القضاء الى س من الأقاليم , سواء كانت صادرة من جهة سياسيه او دينيه , وأنت لست هنا المقصود تحديدا يا أستاذنا نبيل, لا أجد فيها انا شخصيا(وفي هذا الظرف العصيب) اي دلاله تثبت تحمل صاحب الطرح لأي شعور بمسؤولية ما يذهب إليه , ولا أرى فيها إلا محاولة زج شرائح المجتمع الأصيله ثانية في حروب ومصادمات إكتوت منها في السابق و هي الأن أكبر من طاقتها , وبالأخص في هذه المرحلة المعقدة التي يمر بها الشعب العراقي , و في ذلك نكون على اقل تقدير قد شاركنا في إضافة عامل أخر يزيد من ثقل وأعباء المساكين من أبناء اشور وبابل وأور وسيدفع إلى حشرهم أكثر بين كماشة فكيّ وأنياب المفترسين الذين لم يعد خافيا على أحد معرفتهم ونواياهم ,رغم تعدد مشاربهم .

لكنني يا أخي نبيل , أضم صوتي ألى صوتك ومن دون أي تردد في مطلبكم بضرورة المبادره إلى توفير الحماية الذاتيه مهما كانت متواضعه فهي أضمن وأفضل من التعويل على الجهات الحزبيه التي تريدنا أتونا لصراعاتها او على الحكومة العاجزه ألتي لابّد لها أن تودّعنا ومعها دستورها الطائفي عاجلا أو أجلا بعد تكرار محطات فشلها وعجزها ألذي لم يعد يتحمّله العراقيون .

تحياتي ومحبتي لكم وللعائله ولكافة الاصدقاء.
Opinions