الطب في العصور الآشورية
الطب في العصور الآشورية المقدمة إن ما أكتشف من ألواح منذ بداية التنقيب الآن هو جزء ضئيل مما لا يزال مطموراً تحت الأرض ولكن ما وصلنا له إلى الآن قد أعطانا قدراً لابأس به من المعرفة عن الحياة أولئك الناس وعاداتهم وتقاليدهم وأعرافهم وغالب ما ينظم حياتهم ومجتمعهم وجعلتنا نعرف شيئاً عما وصلوا إليه من المعرفة في مختلف أنواع العلوم .إن أقدم مظهر للعناية بالصحة العامة في العصور الآشورية هو وجود مجاري للمياه الثقيلة في ( كيش ) يرجع تاريخها إلى 3000 سنة ق0 م وكذلك وجود الحمامات والمجاري التي المياه إلى المستودع خارج البيت ويتم تنظيفه من قبل عمال محترفون في فترات زمنية وأقرب مثال على ذلك في عصرنا الحديث كما في القرى والأقضية في سهل نينوى كقضاء تلكيف وباطنايا وألقوش وتلسقف ، كما هناك لوحة طبية وجدت في ( نيبو) يرجع تاريخها إلى الألف الثالث قبل الميلاد وإنما في هذه اللوحة هو صفات ومعالجات خالٍ من ذكر الأرواح والسحر والتعويذ وتعتمد كلياً على المادة في التطبيب كما وجدت لوحة ثانية في ( لكش ) ذات تاريخ مماثل فيها ذكر لآلات جراحية وطريقة استحضار بعض الأدوية وموقعة من طبيب اسمه ( أورد كالدينا ) وقد يكون هذا أول أسم مسجل لطبيب . إضافةً لما ذكر أعلاه فقد وجد المنقبون في ( تلال كويونجيك ) في نينوى (الموصل) مكتبة أشور بانيبال يعود تاريخها 668 ـ 626 ق0م وفيها 660 لوحة تبحث عن الطب ومن هذه اللوحات عرف الكثير عن الطب الآشوري وبسببها سمي طب سكان بلاد الرافدين القدماء (الطب الآشوري) .
الطب الآشوري
ليس هناك ما يدل على أن الآشوري القديم قد أجرى تشريح جسم الإنسان إلا أن ملاحظاته حول جروح القتال وخاصة الكبيرة منها مع نظرة سريعة لأسماء أعضاء الإنسان عند الآشوريين تدل على أن معرفتهم بالتشريح لم تكن قليلة فما ذكر بهذا الصدد أن هناك قلب أيمن وقلب أيسر وأن قمة القلب والقلب الأيسر تقعان أمام القلب الأيمن ( يقصد بذلك البطين والأذين ) أما وصف الكبد والأقنية الصفراوية بتفاصيلها الدقيقة فلا تزال صحيحة بوصفها معلومات تشريحية وكذلك ذكر الوريد البابي والأجوف السفلي وأوردة الكبد وبوابة المعدة والكلية والحالب والرحم ... الخ .
التشخيص
لقد ظن الطبيب الآشوري أن سبب الأمراض هو أجسام غير منظورة تدخل الجسم مع الهواء عن طريق التنفس أو مع الأكل والشرب عن طريق الجهاز الهضمي أو مع الأوساخ عن طريق الجلد وهذا هو التعليل السليم لما نصفه اليوم(بالعدوى الجرثومية)
كما ميز الطبيب الآشوري أن الحشرات تنقل الأمراض كالطاعون وكذلك صنف الأمراض حسب مناطق الجسم فكتب في أمراض الرأس والعين والإذن والفم والأسنان والصدر والبطن والأطراف كما ذكر الأمراض حسب الأعراض أيضاً ومن الجدير بالذكر أن التصنيف نفسه أستعمل عند الإغريق أيضاً
تصنيف الأطباء في العصر الآشوري
أما الكتابات الطبية فقد كانت جميعها موحدة الشكل ومبسطة فالكاتب يبدأ أولاً بالأعراض ثم التشخيص وقد يذكر سبب المرض بعدها ثم يذكر العلاج وكيفية استعمالها ثم يختتم كتاباته بالإنذار كأن يقول بأن المريض سوف يشفى أو سوف يموت أو يلازمه المرض ، أما بخصوص الدراسات الطبية حسب الاختصاص فقد صنف الأطباء إلى ثلاثة أصناف
أولاً. الكاشف : هو الشخص الخبير بتشخيص المرض والإخبار عما ستوؤل إليه حالة المريض وهو الذي يستدعى أولاً لزيارة المريض في بيته .
ثانيا . أسيا : وهو الطبيب المهتم بالجزء المادي من الطب وهذا ما تدل عليه وصفاته ونظرياته لأسباب المرض واستنتاجاته في ما يتعلق بالإنذار .
ثالثاُ . الجراحون : رغم أن هذا النوع أو الصنف من الأطباء لم تذكره النصوص الطبية صراحةً إلا في النادر غير أن الكتابات الأخرى والشرائع ذكرته وأعطت صورة واضحة عنه فالجراحة لا بد أن تكون شائعة ومهيأة ومميزة ومعترف بها قبل أن تسن لها الشرائع فالملاحظ في قوانين وشريعة حمورابي اهتمامها بتنظيم أمور الجراحة والجراحين أكثر من اعتنائها بالطب والأطباء وهذا ما يدل عليه من عدد النصوص المذكورة في شرائعه والخاصة بالجراحين والجراحة والتي تفوق بكثير مما خصص للطب والأطباء .
الجراحة في العصور الآشورية
لقد ذكرت الجراحة في نصوص عديدة منها في الكتابات الطبية وفي الشرائع وفي الرسائل المتبادلة بين مختلف الناس وفي الأدب والملاحم في القصص وغيرها وقد وردت فيها نصوص عن عمليات قدح العين (الساد) واستئصال الظفيرة فيها وبط خراجاتها وكذلك عمليات خراجات الأذن وحشو الأنف في حالات الرعاف وقلع الأسنان وتصريف خراج الجنب من الفجوة الضلعية الثامنة وكذلك بط خراج الكلية ودفع حصاد الإحليل إلى المثانة وتوسيع تصنيف الإحليل بالموسعات وكذلك استئصال الأجزاء الميتة في الأطراف بضمنها العظم إذا ما حدث به تموت أما عن الكسور حدقوا في تثبيتها ومعالجة الجروح الكبيرة بالخياطة
أما اكتشافات الأدوات الجراحية في العهد السومري على ضفاف الفرات يدل على أن الجراحة كانت ممارسة من قديم الزمان أما سبب قلة الكتابة عنها فقد يعود إلى قساوة العقوبات المفروضة على الجراح في الشرائع كشريعة حمورابي إذ ما فشل الجراح في جراحته ، وهذا ما جعل الجراح يمارس مهنته سراً إلا في أحوال استثنائية أو أن الأطباء اللذين كتبوا الألواح الطبية ترددوا في إعلان أعمالهم الجراحية كي لا يلفتوا الأنظار ، أما عن الأمراض النسائية والولادة فقد وردت الكثير في النصوص ما يدل على الولادة الطبيعية والعسرة وعن حالات النزف الشديد التي تصاحب الولادة والتي تؤدي إلى الموت وكذلك عن حالات يفهم منها سقوط الرحم كما وردت حالة فسرت أما أن تكون ولادة بالملقط أو بعملية بقر البطن لاستخراج الجنين .
لقد كان الطب أدب خاص به وللطبيب مكانة مرموقة في وادي الرافدين وقد تمتع الطبيب الآشوري بمكانة خاصة عند الملوك وبين الناس .
إعداد