الطَلاق انْطِلاقة ..... ولَيْسَ انْتِكاسة
السبت 14 ـ 11 ـ 2009..... أَرْجُو أَنْ لايُظَنُّ سُوْءاً بِهذهِ المَقالَة ، فهي لَيْسَت تَحْرِيضاً لِلنِساءِ على الطَلاقِ وتَشْجِيعاً لِزِيادَةِ حالاتِ الطَلاقِ ، فَلْيَهْدَأُ الصَارِخُون بِذَلِكَ لأَنَّها مَقالَة مُوَجَّهة لِفِئَةِ النِساءِ مِمَّنْ وَجَدْن أَنْفُسَهُنَّ بِشَكْلٍ ما ، وفي ظَرْفٍ ما مِن الظُرُوفِ ، في خَانَةِ المُطَلَّقَات سَواءً إِنْ كانَ ذلك سَعْياً أَوْ قَبُولاً مِنْهُنَّ بَعْدَ اليَأْسِ مِنْ كُلِّ الحُلُولِ والمَساعِي لإِصْلاحِ ماتَهَدَّمَ ، أَوْ كانَ ذلك دُوْنَ رَغْبَةً مِنْهُنَّ ، بَلْ بِرَغْبَةِ الزَوْجِ مُتبجِحاً بحَقِّهِ الشَّرْعِي الَّذِي أَهْدَتْهُ لَهُ بَعْضُ الأَدْيانِ ، وقَوْلٌ لِكُلِّ أُسْرَةٍ بِالنَظَرِ إِلى الطَلاقِ مِنْ جَانِبِهِ الإِيجابي ، ورِعايَةِ بَناتِهم المُطَلَّقات لا التَفْرِيطِ بِهنَّ ، وذلك بالقَبُولِ بِوَضْعِهِنَّ ، وتَفَهُّمِهِنَّ ، والأَخْذِ بِأَيْدِيهِنَّ لِبِناءِ حَيَاتِهِنَّ مِنْ جَدِيد ...... فَلْيَهْدَأ الصَارِخُون .
عَدَدٌ غَيْرُ مَحْدُود مِن الزِيجاتِ يَنْتَهِي بِها المَطاف على رَصِيفِ الطَلاقِ ، تَتَعدَّدُ الأَسْباب ، لَكِنْ يُمْكِنُ ضَمَّ أَغْلَبَها تَحْتَ بَنْدٍ وَاسِعٍ وعَرِيضٍ وفَارِهٍ هو : عَدَم القُدْرَة على التَفاهُمِ والانْسِجامِ والتَوافُقِ ( وهي مَنالُ ذِكْرٍ في هذا المَقال ) ..... مِنْ هذهِ النُّقْطَة تَبْدَأُ كُلُّ الخِلافاتِ الزَوْجِيَّة لِتَكْبُر وتَتَّسِع وتَتَوَسَّع وتَنْفَجِر ويَثُورُ البُرْكان .
يَتَشَدَّقُ البَّعْضُ بِقَطْعِ الرَأْيِ إِنَّ كُلَّ حَالَةِ طَلاقٍ لابُدَّ أَنْ يَكُونَ سَبَبها الطَّرَفَان ، غَيْرَ أَن الحَقائِقَ تُصَرِّحُ بِما هو مُخْتَلِف وتُبيِّن ُإِنَّ مُعْظَمَ حَالات تَهَدُّم بَيْت الزَوْجِيَّة واللُجُوء إلى الطَلاقِ كحَلٍّ أَخِير ، سَبَبها طَرَفٌ واحِدٌ جَانِي ومُذْنِب والطَّرَفُ الثَانِي يَكُونُ مَجْنِّيَّاً عَلَيْهِ ، وغَالِباً مايَكُونُ الطَّرَفُ المَجْنِّي عَلَيْه هو الأُنْثَى باسْتِثْناءِ حَالاتٍ أُخْرَى .
أَنْ يَكُونَ في العَلاقَةِ الزَوْجِيَّة طَرَفٌ يَهْدِمُ ويَهْدِمُ لايُمْكِنُ لِلطَرَف المُقابلِ حَيالَه شَيْئاً مَهْما حَاوَلَ وتَنْتَفِي أَمامَهُ الإِمْكانات والمَساعِي ، ويَقُومُ الطَّرَفُ المُذْنِب بِسَدِّ كُلِّ الطُرُقِ والأَبْوابِ بِوَجْهِ رَفِيقِهِ بِقَصْدٍ أَوْ بِدُوْنِ قَصْدٍ ، بَلْ ويَجُرَّهُ إِلى اليَأْسِ والتَخَبُّطِ والحَيْرَة ، ويُسَبِّبُ لَهُ الأَذَى والضَرَر النَفْسِيّ والمَعْنَوِيّ ورُبَّما الجَسَدِيّ أَيضاً ، فيَبْدُو كُلُّ مايَفْعَلهُ في نَظَرِ المُجْتَمعِ والطَرَفِ المُذْنِب غَيْر صَحِيح ويُصْبِحُ المُلام رَغْمَ كَوْنِهُ المَظْلُوم ، السَّبَبُ إِنَّ كُلَّ المُحاوَلاتِ وكَيْفَما كانت تَفْقِدُ صِحَّتها وأَهَمِيَّتها وقِيمَتها لأَنَّ الطَرَف المُذْنِب يَسْحَقُها بِقَسْوَتِهِ وجَهْلِهِ وتَعَنُّتِهِ وغَبائِهِ ، ولا يَرْغَبُ في تَقْدِيرِها وفَهْمِها ، ويُفَسِّرُها بِسُوءِ نِيَّةٍ ، ويَعْتَصِرُ مِنْها سَبَباً وأَسْباباً لِلبَدْءِ بِخِلافاتٍ أُخْرَى أَكْبَر وأَكْثَر خَلْقَاً لِلتَباعُدِ وسُوءِ التَفاهُمِ بَيْنَ الزَوْجَيْنِ .
الأُسْرَةُ بِناءٌ يَشْتَرِكُ فيهِ شَخْصَان ولايُمْكِنُ أَنْ تَقُومَ أُسْرَةً وتَسْتَمِرُّ بِجُهُودِ طَرَفٍ واحِدٍ بَيْنَما الآخر يَهْوِي بِمِعْوَلِهِ على كُلِّ خُطْوَةٍ يَخْطُوها شَرِيكَه ، فالنِهايَة هي بِناءٌ أَدْراجَ الرِيحِ .
مُعْظَمُ الحَالاتِ يَكُونُ طَرَفاً واحِداً مُسِيئاً ومُذْنِباً في العَلاقَةِ ، وحِيْنَ تَتَكرَّرُ إِساءَاتهِ وخَباثَاتهِ لايُمْكِنُ لِلطَرَفِ الآخر إِلاَّ أَنْ يَتَأثَّرَ ، ويَحْزَن ، ويُعانِي ، ويُحاوِل حِمايَةَ نَفْسِهِ حَتَّى لايَجُرَّهُ شَرِيكُهُ إِلى الجُنُونِ ......
مُحاولات حِمايَةِ النَفْسِ هذهِ مِنْ خَطَرِ عَلاقَةٍ مُؤْذِية ومُضِرَّة تَكُونُ في نَظَرِ هؤلاءِ البَعْض ( مِمَّنْ يَتَشَدَّقُون بِالرَأْي القَائِلِ في كَوْنِ الشَرِيكينِ مُذْنِبينِ بِلاشَكّ ) مُساهمةً في تَدْمِيرِ صَرْحِ الأُسْرَةِ ، أَيْ إِنَّهُم يَتَنكَّرُون حَتَّى لِحَقِّ المَظْلُومِ في حِمايَةِ نَفْسِهِ مِن الأَذَى والمَضَرَّة ...... وفي هذا ظُلْمٌ وتَجَنٍّ كَبِيرِين ، وأَغْلَبُ مَنْ يَتَفوَّهُون بِهذِهِ التَّصْرِيحاتِ المُتْرَفَةِ هُم أَشْخاص يَنْظُرُون إِلى النَاسِ مِنْ عِلٍ ولم يُعانُوا نَارَ هكذا عَلاقات فيَسْتَصْغِرُون مَنْ يُعانُون مِنْها ، ويُصْدِرُون أَحْكامَهُم المُنَمَّقة ، وكَمْ يَكُون كَبِيراً حَجْمُ الخِدْمَةِ الَّتِي يُقَدِّمُونها لأَصْحابِ الشَأْنِ ولِلمُجْتَمعِ كَكُلٍّ لَوْ كَفُّوا عن الآخَرِين رَأْيَهم وأَغْنَوهُم عنه ، وأَكْرَمُوا مَنْ يُعانُون بِإِعادَةِ النَظَرِ في مَدَى صِحَّةِ أَحْكامِهم قَبْلَ أَنْ يُعَلُّوا الطَّنَى ويُفلِّلُوا الجُرْحَ ويُحْفِزُونه نَزْفاً باتهاماتٍ هَشَّة وغَيْر مَدْرُوسة ، بَلْ والتَّوَقُّف عن إِصْدارِ الأَحْكامِ تَماماً لأَنَّ لَيْسَ مِنْ حَقِّ أَحَدٍ أَيَّاً كان الحُكْم على آخر أَبداً فهذا تَعَدٍّ جَامِح ومَارِق على حَياةِ الإِنْسَانِ الفَرْد .
أَمَّا مَنْ يَتَشَبَّثُون بِضياعِ الأَطْفالِ وظُلْمِهِم نَتِيجةَ الطَلاقِ ، فَليَتَذَكَّرُوا إِنَّ الحَالَ لن يَكُونَ أَفْضَل بِاسْتِمرارِ هكذا عَلاقَةٍ زَوْجِيَّة مُحَطَّمَة في بَيْتٍ مُدَمَّر ، ولِيَنْظُرُوا في أَيِّ جَوٍّ سيَتَرَبَّى الأَطْفال المُحْتَجُّ بِهم ....... جَوٌّ مَشْحُونٌ بِالخِلافِ ، والأَذَى ، والأَلَمِ ، والجَحِيمِ اليَوْمِيِّ لِلمُطارَدَاتِ الزَوْجِيَّة .
لطَالَما رُوِّجَ إِنَّ نِسبَ الطَلاقِ في الدُوَلِ المُتَقَدِّمةِ في ارْتِفاعٍ مُضطَرِدٍ لايَتَوقَّف وهو دَلِيلُ تَفَكُّكِ هذهِ المُجْتَمعِات ، وتَتَباهَى الدُّوَلُ الَّتِي لاتَعْتَرِفُ بِحُقُوقِ النِساءِ بِأَنَّ مُجْتَمعاتَها مُتَمَاسِكة ونِسبَ الطَلاقِ فيها ضَعِيفَة جِدَّاً لأَنَّ الإِيمان الدِّينِيّ يَحْرِسُها ، لِمَنْ قَالُوا ويَقُولُون في هذا ، عَلَيْهم أَنْ يَتَأَكَّدُوا أَن الشُعُوبَ تَعْرِفُ مِنْ أَيْنَ تَأْتِي هذهِ النِسب الضَعِيفَة جِدَّاً ، فهي نِسْبَة بُنِيَت فَوْقَ أَكْتاف الأُنْثَى المُتَحَمِّلة لِلظُلْمِ والجَوْرِ والعَذَابِ ، الأُنْثَى الخَائِفة مِنْ نَبْذِ المُجْتَمعِ لَها إِنْ طَالَبَتْ بِحَقِّها في الطَلاقِ ، فتَبْقَى سَاكِنة ، تَحْمِلُ نِيرَ زَواجٍ فَاشِلٍ حَتَّى مَماتِها .
أَيضاً إِنَّ ارْتِفاعَ نِسب الطَلاقِ أَو انْخِفاضَها لايُمْكِن الأَخْذ بِها كَقِياسٍ لِمَدَى تَماسُكِ مُجْتَمعٍ ما أَوْ انْهِياره ، لأَنَّ الطَلاق حَلٌّ لِقَضِيَّة عَالِقَة مِنْ بَيْنِ حُلُول أُخْرَى مُحْتَمَلَة ولَيْسَ شَرَّاً ، وإِنْ كانَ قَابِلا ًالنَّظَر إِلَيْهِ كَشَرٍّ فيُمْكِنُ تَعْيينَهُ كَحَلٍّ وخَلاصٍ أَيضاً ، أَيْ تَصْنِيْفَهُ كَحَالَةٍ إِيجابِيَّة وعَلامَة صِحِّيَّة لإِنْهاءِ الكَثِيرِ مِن المآسِي في المُجْتَمعاتِ ، وتَحْجِيمِ الضَغْطِ النَفْسِيّ الوَاقِعِ على الأَفْرادِ والأُسْرِ ، إِذْ لايُمْكِن فَصْل الإِنْسَان عن خِبْرَاتِهِ الحَياتِيَّة وتَجَارِبِهِ ، قَدْ يَكُونُ الطَلاق في حَيَاةِ البَعْضِ هو أَحَدُ هذهِ الخِبْرَات الَّتِي لابُدَّ مِنْها نَتِيجَةَ الوَضْعِ الَّذِي يَعِيشُونَهُ .
تَنْظيمُ الحَيَاةِ لَيْسَ بِالسُهولَةِ الَّتِي يَظُّنُّها الكَثِيرون ويَحْكُونَ عنها ، لأَنَّ حَيَاةَ كُلِّ فَرْدٍ تَتداخَلُ فيها كَرادِيس العَوامِلِ والظُرُوفِ والأَسْبابِ بِشَكْلٍ يَصْعُبُ تَجْمِيعَها وضَغْطَها في قَالبٍ واحِدٍ ومُنَظَّم ، تَتَراءَى الحَيَاةُ عَصِيَّةً على التَنْظِيمِ في الكَثِيرِ مِنْ نَواحِيها وقَضاياها .
الطَلاقُ لَيْسَ شَرَّاً بَلْ هو حَلٌّ وإِنْهاءٌ لِوَضْعٍ غَيْر مُسْتَقِيم ولِمُعاناةٍ إِنْسَانِيَّة ، وسَعْيٌ لِلبَحْثِ عن فُرْصَةٍ أَفْضَل قَادِمة لامَحالة في ظِلِّ تَفَهُّمِ المُحِيطين والمُجْتَمع وتَقَبُّلِهِ لِوَضْعِ المُطَلَّقَاتِ ، الطَلاقُ انْطِلاقة نَحْوَ حَيَاةٍ جَدِيدَة ، وإِيقافٌ لِنَزِيفِ جُرْحٍ يُرِيدُ أَنْ يُطْوَى ويُلَفّ في لفائِفِ النِسْيانِ بَعْدَ مُعاناةٍ وأَلَمٍ ولَيْسَ انْتِكاسة إِلى مَزالِقِ العَذَابِ والأَذَى ، الطَلاقُ يُعْطِي فُرْصَة لِلأُنْثَى في الحَيَاةِ بَعْدَ الفَشَلِ السَابقِ في حَيَاتِها .
على حَواء رَغْمَ كُلِّ ماتَمُرُّ بِهِ أَنْ تُؤْمِنَ بِنَفْسِها في مُجْتَمعٍ قَاسٍ فَظّ تُجاهَ النِساء ، لَكِنْ لابُدَّ لها أَنْ لاتَفْقِدَ بَصِيصَ الضَوْءِ ، لأَنَّهُ هو الَّذِي يَقُودها إِلى الشَمْسِ عُبُوراً مِنْ الأَنْفاقِ المُظْلِمة .
على حَواء أَنْ لاتُصَدِّق كُلَّ مايَرْمِيها بِهِ المُجْتَمع وأَنْ تَتَرَفَّعَ عن كُلِّ المَشاعِرِ الَّتِي تَبُثُّ التَقَاعُس في هِمَّتِها ، الطَّرِيقُ صَعْبٌ وطَوِيل ، والمُجْتَمعُ مُقَتِّراً لايَمُدُّ يَدَ المُساعَدَةِ إِلاَّ بِبُخْلٍ شَدِيدٍ ، لَكِنْ أُخْتِي الأُنْثَى احْتَفِظي رَغْمَ كُلّ شَيْءٍ بِخَيْطِ الضَوْءِ في داخِلِك ، فهو الخَيْط الَّذِي يَقُودكِ إِلى الحَيَاة ، لن يَتَمَكَّنَ ولاحَتَّى أَعْتَى الأَشْرَار سَرِقَتَهُ مِنْك ِ .
إِنَّ الأُنْثَى الوَاقِعة تَحْتَ وَضْعٍ كهذا كَوْنَها مُطَلَّقَة ، هو وَضْعٌ صَعْبٌ جِدَّاً وقَاسِي ، فحِيْنَ تَقَعُ ضَحِيَّةَ هكذا وَضْع يُشْهِرُ المُجْتَمعُ في وَجْهِها أَنْيابَهُ لِيُخَرْمِشَ رُوُحَها وكِيانَها ويَتْرُك فيها نَدَباً لا تَنْدَمِلُ .
بِما أَنْ المُجْتَمع غَيْرُ رَحِيمٍ مَعَها ولَيْسَ رَفِيقَاً بِها ، فعلى حَواء نَفْسها أَنْ تَكُونَ رَحِيمَةً بِذاتِها لِيَخِفُّ عَنها الضَّغْطُ النَفْسِيّ ، لَيْسَ عَلَيْها أَنْ تَفْعَلَ الكَثِير ، سِوَى أَنْ لا تُصَدِّق كُلَّ التُرَّهات الَّتِي تُقال عن المُطَلَّقَات وعن تَدَنِّي قَدْرَهُنَّ وقِيمَتَهُنَّ ، ولِتَعْرِف الأُنْثَى المُطَلَّقَة إِنَّ قِيمَتَها لا تَنْبَثِقُ مِنْ الرَجُلِ ، بَلْ مِنْ أَعْماقِها هي ، لا أَحَدَ قَادِرٌ على انْتِزاعِها مِنْها مَهْما كانت الظُّرُوف المُحِيطَة بِها قَاسِية وفَظَّة ......
مَنْ هو المُجْتَمع الَّذِي تَعِيشُ فيهِ الأُنْثَى ؟
هو مَجْمُوعَة الأَفْرادِ ابْتِداءً مِن الأُسْرَةِ الَّتِي تَعِيشُ فيها وانْتِهاءً بِالسُلْطَاتِ ، المُجْتَمع هو الأُمُّ ، الأَخُ ، الأُخْتُ ، الأَبُ ، الأَبْناءُ ، العَمُّ ، الخَالُ ، الخَالةُ ، الأَقَارِبُ ، المَعَارِف ، وغَيْرُ هؤلاء ......... إلخ امْتِداداً إلى السُلْطَات ، كُلٌّ يُمارِسُ ضَغْطَهُ عَلَيْها بِما لايَظُنَّهُ ضَغْطاً بَلْ أَمْرَاً وتَصَرُّفاً سَلِيماً وطَبِيعِيَّاً لاغَرابَةَ فيهِ ، الضَّغْط هو التَّعْبِير عن الخَوْفِ مِن المُجْتَمعِ المُتَوالِي بَعْدَ هؤلاء الأَفْراد ، كُلُّ تَصَرُّف مِن المُطَلَّقَةِ يُوضَعُ تَحْتَ المِجْهَرِ ويُوزَنُ ويُرَاقَبُ ويُقَيَّم ، في قَناعاتِ هؤلاءِ على المُطَلَّقَةِ الالْتِزام وتَحْمِيلِ نَفْسِها فَوْقَ ما لايُطاق مِنْ ضُغُوطٍ نَفْسِيَّة واجْتِماعِيَّة وأُسرِيَّة ، فلَيْسَت هي المُهِمَّة في هذا التَّفْكِير والتَّدْبِير ، بَلْ المُجْتَمع ( الآخَرون ) هُو المُهِمّ ، نَظْرَته إلى المُطَلَّقَةِ أَهَمُّ وأَكْثَرُ قِيمَةً مِنْ أَنْفاسِها لأَجْلِ أَنْ يَرْضَى ولن يَرْضَى أَبداً .........
تَحْكِي الأُسْرُ وتَقُولُ كَثِيراً بِهَنَاءِ بَناتِها وسَعادَتِهِنَّ كَهَدَفٍ أَوَّل وأَسْمَى لَها ؛ على الأُسْرِ تَرْجَمَة هذهِ الأَقْوال إِلى أَفْعالٍ ووَقائِعٍ لِتَحْقِيقِ الهَدَفِ المَرْجُوِّ مِنْ خِلالِ : ــ ( 1 ) : قَبُولِ الطَلاق كَحَلٍّ قَائِم .
( 2 ) : قَبُولِ ابْنَتهم ومَحَبَّتها بِوَضْعِها الجَدِيد كَمُطَلَّقَة .
( 3 ) : رِعايَتِها والأَخْذِ بِيَدِها لِتَشُقَّ طَرِيقَها مُجَدَّداً دُوْنَ التَضْيِيقِ أَوْ تَسْلِيطِ الضُغُوطِ عَلَيْها ، بَلْ تَفَهُّمِها والتَعاوُنِ مَعَها ومُسانَدَتِها لِبِناءِ حَيَاتِها الجَدِيدَة .
( 4 ) : أَنْ تَكُونَ هي هَدَفَهُم الأَوَّل والأَهَمّ ولَيْسَ ما يَتَهَرَّأُ بِهِ المُجْتَمع ( الآخرون ) عن المُطَلَّقاتِ .
على المُجْتَمعِ أَفْراداً وجَماعات ، هَيْئات ومُنظَّمات .... إلخ مُسَاعدَةَ الأُنْثَى المُطَلَّقَة بِتَصْحِيحِ النَظْرَة البَاطِلَة الظَالِمَة عَنها ، وتَوْفِيرِ الجَوِّ المُناسِبِ لها لِتَمْضِي في حَياتِها قُدمَاً نَحْوَ الأَفْضَل فلايَبْخَسُها الفُرص ، ولايَضَعُها في دائِرةِ الشَّكِّ والتَشْكِيكِ في ذاتِها وكِيانِها ، حائِرَةً أَدْراجَ الرِيحِ العَاتِية .
على المُجْتَمعِ مُسَاعدَةَ الأُنْثَى المُطَلَّقَة ، أَوْ بِصِيغَةٍ أُخْرَى لِلكَلامِ تَرْكَها بِسلامٍ تُعِيدُ إِعْمارَ ما تَهَدَّم مِنْ بُنيانِ حَياتِها لامُراقَبَتها والتَقَوُّلِ عَلَيْها ، وتَفْسِيرِ حَركاتِها وتَصَرُّفاتِها بما يُسِيءُ إِلَيْها ، أَيْ امْتِلاكِ النِيَّة السَلِيمَةِ تُجاهها .
كذلك على السُلْطَات ( الدَّوْلَة ) تَرْتِيبِ وسَنِّ القَوانِين الَّتِي تَحْمِي المُطَلَّقات مِن الغَبْنِ والظُلْمِ بِعِنايَةٍ وحَرْص فتُسانِدُ بذلك هذهِ الشَرِيحَة ذات الوَضْع الخَاصّ .
على مَحَبَّةٍ وأَمْلٍ أَطْوِي لَكُم كَلِمات مَقالَتي أَحِبَّتِي مِن القَارِئاتِ والقُرَّاء ، دُمتُم بِسَلامٍ وأَمان .
هوامش : ـ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــ الطَّنَى : الرِّيبَة والتُّهْمَة والشَّكّ .
ــ كَرادِيس : فِرَق أَوْ مَجامِيع ، مَجْمُوعات .