العراب ..... والبكاء المتأخر
تبين مؤخرا إننا لا نستطيع التخلص من هذه العقلية التي تجيد البكاء و ( اللطم ) على مشاهيرنا ( بأنشطتهم المختلفة ) عند مغادرتهم لنا الى مسكنهم الأخير , رغم إن إهمالنا لهم كان أهم أسباب رحيلهم !! , فلـو وقفـنا الى جانبهم واهتممنا بهم وأعطيناهم ما يستحقون لسوف تغيرت أحوالهم وتأخر رحيلهم ... واستغفر الله ورب العالمين .إن من الخصال التي احملها هو إنني لا أحب أن أضع نفسي بمثل هذا الموقف , ولطالما هربت من تعزية الكثير من أصدقائي لوفاة ذويهم , إلا إنني اليوم مجبر على تعزية الشعب العراقي بهذا المصاب الجلل الذي كنا نتوقعه في أي لحظة من اللحظات , لان بطله كان يعاني الكثير مـن الإمراض وأمـام أنظار الجميع , حيث وجـه الكثير مـن الاستغاثات لكن دون جـدوى !!!! .
عمانويل داوود ( عمو بابا ) الذي ولد في 27 نوفمبر 1934 شيخ مدربي العراق الذي ترعرع في مدينة الحبانية والحاصل على العديد من الميداليات وفي أكثر من رياضة ، وصاحب المدرسة الكروية التي تدرب لاعبين صغار السن في أكاديمية أسسهـا في بغداد وغيرها , ( كنت أتمنى أن اذكر أمجاده التي حققها وانتصارات العراق على يده إلا إنني متأكد إن ذكرها لا جدوى منه , فالرجل قد ذهب الى غير رجعه , بالإضافة الى إن أمجاده لم تساعده في حياته !! فما فائدة ذكرها الآن !!! ؟؟؟ ) .
في أيار 2006 وجه عمو بابا نداء استغاثة , بعدما أضطر الأطباء لبتر أصابع قدميه في أحـد الأردن متأثرا من تفاقم مـرض السكري وحسـب تعبيره " أدار الجميع من مسؤولي الرياضـة فـي العراق ظهورهـم لـي بالرغم من قضاءي 56 عامـا في خدمة الكرة العراقية " , وقد أثارت هذه الاستغاثة استغرابا من قبل الشارع الرياضي العراقي في وقتها , فقد تم تغطية تكاليف العلاج من قبل مسعود بارزاني ورئيس دولة الإمارات مع إهمال واضح من قبل الحكومة مع العلم من انه عمو بابا !!!! .
المشكلة في هذا الرجل هو عدم تفكيره بالأمور الدنيوية التي يتمناها الكثير ( كما هو حال لاعبي منتخبنا الوطني الحالي " ويا مكثرهم " ) والدليل على حبه للرياضة العراقية انه رفض اللجوء الإنساني المقدم من فرنسا عام 2006 عندما كان هناك للعلاج ولأصبحت في حينها الحكومة الفرنسية مجبرة على رعايته عملا بالقوانين الدولية الإنسانية , بالإضافة الى كونه يستطيع أن يعيش وبسهوله في الولايات المتحدة الأمريكية لإقامة عائلته هناك !!!! فلماذا لم يفعلها بدلا من أن يقضي نهاية حياتي يستغيث وبلا معين ؟؟؟ الجواب هو أمنيته بإعداد مدرسة كروية متكاملة في بغداد تُخرج منتخب وطني للمرحلة القادمة ... منتخب على غرار أخلاق وحب عمو بابا !!! .
عندما سمعنا بالوصية الأخيرة لم أتفاجأ كثيرا فهو وكما اعتقد يحب الكرة العراقية حتى أكثر من أهله , حيث أوصى وفي أكثر من مرة بدفنه في العاصمة بغداد وفي ملعب الشعب الدولي تحديدا ومعه كرة قدم !!! .
اختم تعزيتي هذه بسؤالا واحدأ يكاد يمزق أحشائي ... فما الفرق بين عمو بابا ومن اخسرونا في مباراتنا مع قطر ؟؟؟
رحم الله عمو بابا ... ورحم الله الكرة التي دفنت معه ... كما ورحم الله منتخبا الوطني ...
محمد حبيب غالي
Mohammed.media@yahoo.com