العراق الذي علم البشرية الكتابة يقبع في ظلام الأمية
المصدر: شبكة الساعة
في بلاد أول من عرف الكتابة قبل آلاف السنيين تتفاقم فيه نسبة الأمية إلى مستويات خطيرة تنذر بتخبط وتعثر السياسات التعليمية على مر السنوات الأخيرة، فضلاً عن الفساد الذي كان له دور بارز في تفاقم المشكلة.
ورغم تضارب الآراء واختلاف الأرقام إلا أن جميعها تنذر بوجود مشكلة حقيقية تعصف بالمجتمع ففي الوقت الذي تصنف منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو"، العراق ضمن أكثر البلدان التي تعاني من ارتفاع الأمية، بنسبة 47%، تصرح نقابة المعلمين بوجود أكثر من 11 مليون عراقي أُمي، أما وزارة التخطيط فتقول إن نسبة الأميين 13% من السكان.
ويحتفل العالم، في الثامن من أيلول/سبتمبر، باليوم العالمي لمحو الأمية؛ إذ أعلنته اليونسكو عام 1966 لتذكير المجتمع الدولي بأهمية محو الأمية وتوكيد الحاجة إلى تكثيف الجهود المبذولة نحو الوصول إلى مجتمعات أكثر إلماما بمهارات القراءة والكتابة.
بدوره أكد المتحدث باسم وزارة التربية، كريم السيد في بيان تابعته شبكة "الساعة"، على "جدية الوزارة بمواصلة الجهود الحثيثة عبر السعي لتعديلات تشريعية، لتحفيز الكبار نحو تجديد فرصة التعلّم، فضلاً عن تعليمهم مهنا موازية خصوصاً للنساء، وممن لديهم طموح في تغيير حياتهم نحو الأفضل عبر نور القراءة الكتابة".
وفي وقت سابق، كشف رئيس الوزراء العراقي السابق، مصطفى الكاظمي، أن "الحكومات المتتالية لم تعمل على حل مشكلة الأمية"، مبيناً "عدم امتلاكها برامج حقيقية وفعلية لإنهاء الأمية في العراق".
وأضاف الكاظمي، أن "سوء الإدارة، والفساد، وعدم وجود كادر حقيقي للتربية ساهم كله في تدني مستوى التعليم"، مؤكدا "أهمية اتخاذ خطوات صحيحة في دعم وزارة التربية والكادر التربوي والتعليمي بتوفير حياة تليق بهم كي يؤدوا واجبهم على أفضل وجه".
وعزت وزارة التربية العراقية، ارتفاع نسبة الأمية في البلاد، إلى عدة عوامل أثرت بشكل كبير في زيادة أعداد الأميين في العراق، منها النزوح القسري بسبب "داعش"، ومشاكل اقتصادية من الممكن أن تدفع بالعوائل لزج أبنائهم في العمل والتسول بدلاً عن الدراسة.
وبدأ العزوف عن المدارس والتعليم وزيادة أعداد الأمية في العراق منذ عام 2003، وكان للحروب والأوضاع الاقتصادية التي مرّ بها، الدور البارز في تراجع التعليم.
ويعاني العراق من ارتفاع مستمر بنسب الأمية تعود لأسباب عديدة في مقدمتها الوضع الأمني والفقر، مع عدم وجود إحصائيات دقيقة عن نسبة الأمية الحقيقية.
ففي عام 2020 أعلنت وزارة التربية العراقية أنه لا توجد أرقام حقيقية لأعداد الأميين في البلاد لكن من الممكن أن يكون خمسة ملايين أميّ.
وبحسب الجهاز المركزي للإحصاء، فإن نسبة الأمية في العراق بين السكان الذين تزيد أعمارهم عن 10 سنوات، بلغت 13%، وترتفع النسبة بين الإناث ممن تزيد أعمارهن عن 10 سنوات، لتصل إلى 18%، فيما تنخفض بين الذكور إلى 8%.
جدير بالذكر أن العراق كان يمتلك نظاماً تعليمياً رصيناً؛ إذ منح اليونسكو العراق في 1968 خمس جوائز، عندما كان التعليم إلزاميا ويعاقب من يتخلف عن إلحاق أبنائه في المدارس وانتشرت مراكز محو الأمية.
وفي عام 1979 حاز العراق على جائزة منظمة اليونسكو في القضاء على الأمية والذي جرى ضمن حملة وطنية شاملة من عمر15-45 سنه إذ تشير تقارير "اليونسكو" و"الأمم المتحدة" بأن مؤشر الأمية قد انخفض إلى 27% وتشير بعض المصادر بأن نسبة الأمية انخفضت إلى 10%.
وحسب التقارير، كانت نسبة الأمية في العشرينات من القرن الماضي بين النساء في المدينة 90% وفي الريف 99% وبعد ثورة 14 تموز 1958 فتحت العشرات من مراكز محو الأمية والتدريب المهني، فتطوعت المتعلمات للنهوض بهذه المهمة؛ حيث تشير الإحصاءات إلى أن عدد المنتسبات بلغ الآلاف