العراق مايزال تحت تأثير إعصار جاسميه
تواصلت الأمطار الغزيرة التي تهاطلت على العراق ليومين متتاليين وخلفت وراءها كميات هائلة من المياه غطت الشوارع وأغرقت محال سكنية بالكامل وتسببت أيضاً بتعطيل حركة المرور وإغراق مكاتب قناة الحرة وسط بغداد، وأرغمت الجماعات المسلحة على تأجيل عملياتها العنفية التي تستهدف قتل الأبرياء، لكنها لم تمنع سيد جاسم الطويرجاوي الذي إعتاد إحياء فاجعة كربلاء كل عام من القيام بمجالسه في البصرة تحت رشقات المطر التي إختلطت بدموع المؤمنين وهم يتفاعلون مع تلاواته البكائية وقصصه الدينية الباعثة فيهم روح المأساة.
ومثلما إعتاد العراقيون ترديد الأغاني القديمة على وقع الألم فإنهم لم يترددوا في إعلان سخريتهم من فشل تجربة الخدمات التي صرفت عليها مليارات الدولارات من ميزانية العراق والتي إعتاد السراق الكبار التجاوز عليها دون خوف وصاروا مثل العاهرة التي يقال لها، أنت عاهرة. فتضحك وترد قائلة: كأنكم عرفتم الآن بمهنتي يا منافقين . المياه أغرقت شوارع بغداد ووصل الماء الى إرتفاع نصف متر في بعض الأحياء والأزقة والطرق التي إكتظت بآلاف السيارات وزاد الطين بلة قيام قوات الأمن الباسلة بتضييق الخناق على المواطنين والموظفين في السيطرات ونقاط التفتيش حتى إني وصلت الى مكان عملي عند الساعة الثانية عشرة ظهراً رغم إني خرجت من بيتي قبيل العاشرة صباحاً، وكلما مررت بطريق وجدته غارقاً في لجج بعضها من بعض وفي نهايته نقطة تفتيش تتثاءب والسيارات ملتصقة ببعض!
إعصار جاسميه الذي لم يشهد العراق له مثيلاً من أعوام هو النسخة العراقية لإعصار الست ساندي الذي ضرب الشقيقة نيويورك من إسبوعين والفرق أن المحيط الأطلسي ملاصق للمدن الأمريكية على الساحل الشرقي الجميل فكانت كميات الأمطار هائلة والرياح عاتية، لكن إعصار جاسميه كان أقل ضرراً فهو قد ضرب العراق بعد تفاعل كتلتين هوائيتين إحداهما قادمة من البحر الأحمر والثانية من البحر المتوسط وتسبب ذلك في تزاحم الغيوم بسماء وادي الرافدين التي إبتهجت بالأمطار لكنها إستاءت من سوء الخدمات وتهالك شبكات الصرف الصحي التي إمتلئت بالمياه ثم طفحت بها وبما كان فيها من مصايب.
مجلس الوزراء العراقي ألغى إجتماعاً كان مقرراً في المنطقة الخضراء للبحث في سبل معالجة أضرار الإعصار لكن مصدراً عليماً أشار الى الإكتفاء بجلسة قدمت فيها كاسات اللبلبي (الحمص المنقوع بالماء الفاتر مع بعض النارنج والحامض) على إثر انخفاض درجات الحرارة وهو ما فسره البعض على أنه محاولة للبحث عن الدفء.
تم أرسال سيارات حوضية لمنطقة المسبح الراقية لسحب المياه إحتراماً لمرور المسؤولين أو بعض عاملات الملاهي الليلية، وترك الشارع الذي يمر من خلف فندق قناة الجيش كالبحر العباب. ساندي وجاسميه مارسا دور ريا وسكينة.
ملاحظة : اخيرة ،فإن إعصار جاسمية تسبب بمقتل مواطنين زادوا على الأربعة .