Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

العراق والحقائق– منافذ هرب ضيقة لفريسة سمينة


ما العمل؟ وهل هناك أمل في هذا الليل الأظلم؟ ربما إن توقفنا عن تجاهل الحقائق الصعبة فهناك ثمة أمل. لم يعد هناك وقت للمجاملات والأحلام والأمنيات بأن يحل المستقبل المشاكل لوحده، فالمستقبل مرهون ومحسوب لقوى تبغي تدمير العراق وشعبه والحقائق تكرر عرض نفسها مؤكدة ذلك. يجب أولاً أن نتمتع بالشجاعة اللازمة لنتمكن من فتح أعيننا أمام الحقائق التالية وأكثرها حقائق مرعبة لم يستطع أكثرنا سوى الهرب منها إلى الأمنيات الفارغة...دعونا نحاول مرة أخرى أن ننظر الحقائق في عينيها:


الجيش وحقائق هزيمة الموصل:


خسارة الموصل ليس لها علاقة بالطائفية أو الإنقسام أو فقدان الهوية الوطنية أو الخبرة العسكرية أو الجبن أو خلافات السياسيين أو ضعف الجيش أو سوء تسليحه أو سوء تنظيمه أو أي من مثل هذه الكلمات. كل هذه موجودة لكنها لا تهزم جيوشاً بهذا الشكل والسرعة. من يتحدث بهذه العبارات يريد أن يشوش على الحقيقة البسيطة ويبعد الإنتباه عنها والتعامل الصحيح معها وهي: الخسارة العسكرية في الموصل كانت خيانة كلاسيكية اعتيادية لبضعة ضباط كبار في الجيش! 


لاعلاقة لإستبسال واستشهاد جنود الجيش الأبطال بمدى إخلاص قياداته التي اختارتها أميركا له. يجب التمييز بينهما ويجب إعطاء هؤلاء الجنود قادة مأمونين يأتمنونهم على حياتهم وشرف مهمتهم في الدفاع عن الوطن، بعد تنظيف الجيش من العملاء في قيادتهم.


إن الهاتفين بعظمة الجيش والمهاجمين للمشككين به، إنما يحمون فريق "داعش" من العملاء في قيادة الجيش بخلطهم المتعمد للجميع في بوتقة واحدة إسمها "الجيش" بشكل عام، لكي لا يتم تمييز العميل في القيادة، عن الجندي الذي يضحي بحياته. إنهم يستخدمون الجنود كدروع بشرية إعلامية لحماية الخونة. هؤلاء الهتافين ليسوا كلهم من الأبرياء الذين يفور في عروقهم دم عراقي ساخن يدفع بهم إلى الخطأ. 


داعش وأجنحتها الخفية: 


من أجل فعالية قصوى فقد صنع ارباب "داعش" لها اجنحة مختلفة تساند بعضها البعض، وليس فقط جناحها المعلن الذي يعيش في الصحراء، وإنما داخل المؤسسات الأمنية والعسكرية والسياسية والإعلامية والإقتصادية.


عندما قال آفي دختر أنهم حققوا في العراق أكثر مما كانوا يطمحون، فقد كان يقصد أن قيادات أجنحة داعش قد وصلت إلى جميع قيادات أهم المؤسسات في العراق وصارت من القوة بحيث أصبحت من خلال تعاونها قادرة على تأمين بعضها البعض. 


"البعث" و "الطريقة النقشبندية" ليست سوى أجنحة من أجنحة “داعش” الإسرائيلية الأمريكية، وهي مكونة من مجرمي البعث السابقين الذين تم تنظيمهم برغبتهم أو بابتزازهم بالوثائق التي أمسكها الأمريكيون عن جرائمهم، ومن خلال عملاء إسرائيل الذين يتصلون بهم مباشرة مثل رئيس هيئة إعادة تأهيل البعث مثال الآلوسي.


المنتمين للجناح السياسي لداعش يسيطرون على قوائم برلمانية ولجان برلمانية اساسية ويمكن للمرء تمييزهم من دعمهم المتواصل وشديد الحماس لكل مشروع أمريكي إسرائيلي يقدم للبرلمان أو يطرح على ساحة البحث، وكثيراً ما تلاحظ أن هؤلاء المدافعين لا يعرفون شيئاً عما يدافعون عنه، رغم حماسهم الشديد، وأحياناً يتخلون عنه فجأة بدون تقديم أسباب، فالأسباب ليست عندهم!


الإعلام ليس فقط مخترقاً من جناح لداعش بل هو بكليته تقريباً جناح "مغلق" لداعش، ويعمل أغلبية الإعلاميين العراقيين ضمن هذا الجناح وهم من أشد أعداء الشعب العراقي خطراً حتى إن لم يعلموا. وهم بسيطرتهم شبه التامة على الإعلام والرأي العام يشنون حرب غازات كيمياوية تجعل الناس في حالة ذهول وهذيان تعجز معها أن ترى عدوها من صديقها.


ليست انتصارات داعش على الجيش العراقي غريبة ومدهشة، فداعش بأجنحتها المتعددة وتنسيقها ودقة قيادتها ذات الخبرة العلمية أكبر وأقوى بكثير من الجيش العراقي، وهي تخترق قياداته وتتركه لا يعرف من من منتسبيه يأتمر بأوامره ومن يأتمر بأوامر أعداءه. تفوق الجيش العراقي على داعش الإسرائيلية التي تخترق قياداته، ليس سوى أمر ظاهري، تماماً كتفوق "الجيوش العربية" على جيش إسرائيل في عام 1948


القادة الذين سلموا الموصل إلى داعش الرسمية ليسوا إلا قادة داعش فرع الجيش ويجب معاملتهم كمثل ما يعامل "أمراء" “داعش” في أجنحتها الأخرى. 


حقائق الموقف الأمريكي:


ليس هناك شيء إسمه صداقة "أمريكية عراقية" بل هناك علاقة مفترس بضحيته. كل الحقائق تؤكد ذلك منذ أول يوم وأول سفير وأول أسطر الدستور الذي وضعوه... والسفارة الأمريكية مركز الإرهاب وتنظيمه في العراق وربما في المنطقة.


أميركا ملتزمة في تعاملها مع العراق وسوريا وغيرها، بالأجندة الإسرائيلية المدمرة للمنطقة بحذافيرها. لقد تحدث قادة أميركا عن ذلك الإلتزام منذ الخمسينات من القرن الماضي وهو في تزايد مستمر. 


أميركا وإسرائيل هي من أسس الإرهاب والطائفية وانعش الفساد في العراق. موقف أميركا من إرهابيي سوريا لا يبقي شكاً في دورها في العراق. أنظروا إلى منعها الأسلحة عن العراق، أنظروا إلى من تختار للبلد من قادة سياسيين وعسكريين ومن تختار من المجرمين السابقين لتدريبهم ولمناصب سفرائها... مستشاروها وسفراءها من مجرمي حروب أميركا في أميركا اللاتينية مثل نيكروبونتي وستيل وغيرهم. هؤلاء من أسس الإرهاب وليس الطائفية والحقد والتاريخ والعنف الإسلامي وكل الفنطازيات المماثلة التي يثير غبارها إعلام عدو هدفه التضليل.


إدعاءات أميركا المتتالية بأنها "تدعم العراق في حربه على الإرهاب" ليست إلا قلب للحقائق رأساً على عقب، تماماً كتصريحاتها بالوقوف ضد تصدير كردستان للنفط، وما هذه التصريحات إلا جزء من المسرحية الضرورية لإيصال الضحية هادئة وبلا مقاومة إلى المذبح. من الواضح تماماً أن الدعم الأمريكي للعراقيين عبارة عن تصريحات مجانية بينما دعمهم لداعش دعم تسليحي مباشر وغير مباشر. 


لم يكن هناك أي مبرر معقول لإلحاح الأمريكان على البقاء في معاهدة تمديد القوات إلا إكمال بناء داعش بأجنحتها المختلفة وتأمين سلامتها من خلال تعاون تلك الأجنحة. فعملية بقاؤهم التي كلفتهم المليارات لم تقدم لهم أي شيء آخر يمكن أن يبرر صرف تلك المليارات، غير ما يحدث الآن. 


لا يوجد أي مبرر لتلك القاعدة الإستخباراتية العسكرية المسماة "السفارة" والأموال الهائلة التي صرفت وتصرف عليها، سوى قيادة أجنحة “داعش” والتنسيق بينها، وتأمين سهولة سريان المعلومات والإتصالات فيما بين أجزائها وتأمين قيادة مركزية لها.


الأسلحة الأمريكية والمركبات الأمريكية وأجهزة الإتصالات الأمريكية تحمل أجهزة تكشف مكانها وترصد عن طريق الأقمار الصناعية وتقدم من خلال السفارة إلى فريق قيادة اجنحة “داعش” لإدارة المعارك بما يضمن نجاح خططها في كل مرة.


المالكي:


أولوية المالكي الأولى هي ضمان بقائه في السلطة فهو لم يعد قادراً على تخيل حياته خارجها، وهو يعلم أن من أولى شروط السلطة أن لا يتحرش من يريدها بأي من اجنحة “داعش” وعملاء إسرائيل وهذا ما يفعله بالضبط: الرضوخ لإبتزازات كردستان والأردن والكويت وتسليمها ثروات البلاد وأراضيها (وإثارة بعض الضوضاء في اللحظات الصعبة التمرير).


المالكي قام ويقوم بتنصيب قيادات “داعش” على رأس الجيش بتوصيات أمريكية أو بأوامر أمريكية. ولطالما فعلت أميركا مثل ذلك وامنت ولاء الجيش لها حيثما استطاعت، من اجل اللحظة المناسبة، كما حدث مع الشاه ومع مصدق ومع الندي وأرستيد وتركيا، وهو ما يحدث اليوم مع المالكي الذي ينصاع لضغوط إعادة بقايا البعث في قيادات الجيش والأمن دون أن يدري إلى أين تقوده أميركا وإلى أين يقود البلاد من خلال سعيه المستحيل لإرضائها. 


رغم وضوح الأمر وخطورته القصوى أقول وأنا متأكد: القادة الذين سلموا الموصل لن يعدموا بغض النظر عن أية نتائج على الحكومة أو البلد! فكل ما تفعله الحكومة في مثل هذه الأمور الحاسمة والواضحة، هو الضوضاء اللازمة ليسكر الشعب بها ويتاح له أن ينسى، ثم تقدم له كارثة جديدة لينشغل بالمصيبة التالية والهزيمة التالية، وتقوم الحكومة مرة أخرى بانتاج ما يكفي من الضوضاء والتهريج والحركات التي لها ظاهر الأفعال، لكي يسكر بها هذا الشعب وينسى.. وهكذا دواليك. 


ليس لقانون الطوارئ أية علاقة بالهزيمة، وليس له أية علاقة باستعادة ما تمت خسارته، فالدستور الذي يجمده القانون لم يقف في اي مكان حجر عثرة امام النصر ولم يلعب دوراً في الهزيمة، ولم تضطر الحكومة إلى إطلاق سراح متهم وفقاً للدستور، وكانت تريد إبقاءه فترة أطول، ولم تكن صلاحيات المالكي الذي يسيطر على القوات المسلحة إضافة إلى منصبي وزير الداخلية والدفاع محدودة، وبحاجة إلى توسيع يقدمه القانون. ما حدث هو خيانة عسكرية تخشى الحكومة مواجهتها ومواجهة ما يتطلبه الأمر منها من حزم لأنها لا تريد إغضاب سادة "داعش" الذين تنبطح لهم. اللغو حول قانون الطوارئ ليس سوى "ضوضاء" للتحجج بها وبرفض البرلمان للقانون، لتخفيف غضب الشعب وتوجيهه ضد "اعداء الوطن" الذين "يرفضون إقرار القانون" الذي كان سيكون هو الحل "للقضاء على داعش"!.


هرج التطوع و "الجيش الرديف" ليست سوى مصادر "ضوضاء" أخرى وهرب آخر من الموضوع، فالخلل لم يكن بقلة عدد الجنود لكي يتم التطوع لزيادتهم، بل هو خلل خيانة القيادة التي رتب مدربوا حلف الناتو وأميركا العلاقة معها وتأمين ولاء هؤلاء لهم واستخدامهم في اللحظة المناسبة. اللجوء إلى هرج "التطوع" والحماس الشعبي له لا يحل مثل هذه المشكلة وهو طريقة أخرى للفت نظر الشعب بعيداً عن المشكلة الحقيقية التي تتطلب موقفاً ليست قيادة البلد هذه قادرة على اتخاذه، فهو يمثل خطراً على أولوياتها في إرضاء أميركا من أجل البقاء.


رغم كل ذلك فإن من يبغي إزاحة المالكي من الكتل السياسية الأخرى، إنما تبغي استبدال الخاضع المتردد بعميل مباشر لأميركا وإسرائيل أو من لديه استعداد تام للخضوع دون طرح اية أسئلة مثل أياد علاوي أو عادل عبد المهدي. رغم كل خيبة املنا فإن كتلة المالكي هي الوحيدة التي تحتوي عناصر يمكن ان تهرب بالعراق أو ما بقي منه، من الخطر الإسرائيلي، اما الباقين فمواقفهم المعلنة تفضحهم. حكومة "الإنقاذ الوطني" ليست سوى حيلة أمريكية قديمة جداً لفرض عملائها على الحكومة وقد استخدمتها كثيراً في الماضي في دول أخرى كخطوة وسطى لتحطيم حكومات منتخبة، ولا علاقة لها بتحرير الموصل أو ردع "داعش".


موقف كردستان: 

كردستان تقف في خندق “داعش” وتمثل ميناءاً آمناً لمقاتليها ومركز دعم عسكري إحتياطي ومركز قيادة وتنسيق ثان بعد السفارة. 


كردستان هي هرواة إسرائيل الكبرى على العراق، وهي إسرائيل العراق الصغرى، التي جعل منها الأمريكان محور التحكم بدستوره الملغوم ومنع تعديله والسيطرة على ثرواته وقيادات جيشه وامتصاص عقوله بجعلها المكان الآمن الوحيد في العراق، والمكان الوحيد الذي يمتلك الخدمات ويمكن العيش فيه عيشاً كريماً في العراق. المدافعون عن كردستان ومشاريعها ليسوا عملياً إلا جزء من تلك الهراوة، ومن مازال يريد أن يخدع نفسه بغير ذلك أو بتخفيفه بعد كل هذا فهو حر، وهو مسؤول عن موقفه أمام الشعب وأمام التاريخ.


كل الحديث عن تهديدات كردستان ومسعود بـ "الإنفصال" و "حق تقرير المصير" ليست سوى عمليات غسيل دماغ لحرف رادارات الناس وقلب الحقيقة على رأسها. فمن يضطر للرضوخ و يعجز عن تقرير مصيره اليوم هو الأكثرية العربية وليس الكرد، ومن سيمنع الإنفصال هو أربيل وليس بغداد. بغداد في قبضة مخالب إسرائيل الكردستانية، فمن الذي يطمح إلى "الإنفصال" عن الآخر، المفترس أم الفريسة؟ ومن الذي سوف يرفضه؟ من الذي سوف يعتبره خسارة ومن الذي سيهلل له؟ إن انتشار خدعة "تهديد كردستان بالإنفصال" يؤكد إننا نعيش في عالم مقلوب على رأسه، فلم نعد نميز أين الأرض وأين السماء.


لا علاقة لطيبة شعب كردستان بموقفها من العراق ودورها فيه، فللقادة من القدرة ما يمكنهم من تحويل أطيب شعب إلى هرواة، كما فعل صدام بشعب العراق الطيب، والشعب الأمريكي من اطيب شعوب الأرض، ورغم ذلك فدولته هي المسؤولة عن مصائب البشرية وهم الكارثة الكبرى على الإنسانية اليوم.


رغم ذلك فشعب كردستان يبدو متمتعاً بهذا الدور الذي يقدم له الغنيمة تلو الغنيمة، ولم يبد حتى الشرفاء فيه أي اعتراض يذكر على التمزيق الذي تحدثه قياداته في العراق وكل الإعتداءات والإبتزاز والسرقات التي أحدثها لصوصه فيه، والمصيدة الإسرائيلية الدموية التي يدفعون البلد إليها. إنهم يرضون ضمائرهم بتذكر جرائم صدام حسين، ونسوا كل ما كانوا يلوكونه من "اخوة الشعوب" و "الإنسانية"، ولم يبق في ذاكرتهم سوى ان صدام كان عربيا، ولذا فثروات العرب وأرضهم مباحة..لقد هبطوا بذلك إلى مستوى ذلك الذي كان يدعم صدام في اضطهادهم، لان هذا ايضاً لم يكن في رأسه أية قيم إنسانية، ولم يتذكر سوى أن صدام حسين عربي، ودعمه في كل شيء مباح!


مسعود برزاني لا يتميز عن باقي جحوش صدام الذين تعاونوا معه لقتل الكرد، سوى بحجمه، وأنه قد تحول لجحش جديد لسيد جديد، وهو اليوم ليس سوى شرطي أمن إسرائيلي مكلف بتحطيم هذا البلد. 


اللوبي الكردستاني في أميركا منسوج بخيوط الموساد، ويرشح قائده اليوم لرئاسة حكومة كردستان، كما يرشح مسعود، عدو العراق رقم واحد، لرئاسة العراق.


كردستان معنية أيضاً بشكل مباشر بإهانة العراقي وتعويده قبول الإهانة، فلا يمكن تمرير كل هذا الظلم بسلام إلا على شعب قد تم تعويده على "تطبيع الإهانة" وهو الإسم الحقيقي لمحاولات "تطبيع العلاقات" مع كردستان وتجاهل اعتداءاتها، تماماً مثل "تطبيع العلاقات" مع إسرائيل، ونكاد نجد لكل ما في كردستان، نظيراً أقدم في إسرائيل. حتى المالكي تجاه كردستان شديد الشبه بعباس تجاه إسرائيل: ضوضاء و"زعل" بين الحين والآخر، و تنازلات مستمرة! الهدف من باخرة النفط لم يكن ثمنها، بل الإهانة التي توفرها للعراقي 


البيشمركة ليست جزءاً من الجيش العراقي بل فرقة من فرق الجيش الإسرائيلي.كان لها يوماً هدف قومي سامي ، لكنها اليوم فرقة إرهابية تتعاون مع داعش والقاعدة وغيرها من فرق الإرهاب الإسرائيلية، تماماً مثل مجاهدي خلق. البيشمركة لم تشتبك مع أحد سوى مع الجيش العراقي ولم تنفذ مهمة سوى مهمات احتلال المزيد من الأراضي العراقية مستفيدة من الفرص التي يتيحها لها التنسيق مع القاعدة وداعش ومن خلال إدارة السفارة الأمريكية. لقد انسحبت هذه القوات أمام داعش بتنسيق تام، لتحتل الفراغات التي أخلتها "دواعش الجيش" في المناطق المتنازع عليها، ووضعتها في جيبها، وهي موقنة أن كل ما سيكون عليها أن تتحمله هو بعض "الضوضاء" من "ولي الدم".


رغم كل ذلك لا نستطيع لوم كردستان على موقفها منا وأنصياعها لإسرائيل وتحولها إلى هراوة بيدها، فرفض ذلك المصير ومقاومته فوق طاقتها. أنظروا ما فعلت أميركا خلال عشرة سنوات بالعراق وكيف اخترق عملاء إسرائيل فيها أعصابه ومفاصله وكيف سيطرت عليه وهاهم عملاؤها يحتلون ثاني أكبر مدنه بلا أي قتال، فكيف ننتظر من كردستان مقاومة أكبر لذات الدولة التي تمتعت بالسيطرة عليه لزمن امتد لعقود عديدة وظروف مواتية تماماً؟


حقائق أخرى:


الدور الإيراني في هذا كله ليس سوى أوهام من اختلاق جناح “داعش” في الإعلام للتشويش على اللاعبين الحقيقيين وتحويل الضوء عنهم. لا يوجد (حتى الآن) أي دليل حقيقي على دور إيراني تخريبي في هذا كله. وفيما يتعلق بالحكومة السابقة لنجاد، فقد كانت فرصة ثمينة للتحالف تم تضييعها، ولا ندري إلى اي مدى يمكن اعتبار الحكومة الإيرانية الحالية كذلك.


الجهات الوحيدة التي يجب على الشعب العراقي أن يسارع إليها للمساعدة والتحالف هي ذات الجهات التي عمل جناح “داعش” في الإعلام على إرعاب الناس والحكومة منها ودفعهم للإبتعاد عنها وتصوير الإتصال بها كشبهة أو جريمة، وهي ذات الجهات البعيدة قدر الإمكان عن إسرائيل وأميركا: سوريا، إيران ، حزب الله، روسيا، الصين، ومن هناك فقط قد يستطيع العراق أن يحصل على أسلحة فعالة يدافع بها عن نفسه وأرضه، أسلحة بأسعار معقولة ، تسلم في وقتها بلا ألاعيب وأجهزة اتصالات غير مكشوفة لـ “داعش”، وهناك فقط، يمكن أن يحصل أيضاً على معلومات وخرائط حقيقية عن “داعش”. 


تجهيز الشركات الصهيونية للعراقيين بوسائل اتصال تلفوني مجانية ليس سوى لدعم الجناح التجسسي لداعش والذي يساعد القيادة في السفارة على جس نبض الضحية ومعرفة مدى جاهزيتها للضربة التالية، ويساعد الأجنحة العسكرية لداعش على تحديد ساعة الصفر. 


أثيل النجيفي ليس سوى لص فاحش الثراء، له أخلاق فاحشي الثراء من البشر، وأهمها الجشع اللانهائي والإنحطاط الأخلاقي والمهارة في الكذب، تم شرائه من قبل الخندق الإسرائيلي التركي الكردستاني بحصص من النفط ويعمل لتحطيم العراق من جانبه بكل همه، كما يلعب البزوني ذات الدور في البصرة. لا أتصور أن مثل هذه الذيول الصغيرة تبلغ بالمؤامرات الكبيرة، لكن يتم إخلاؤها في الوقت المناسب.


ما العمل؟


أولاً وقبل كل شيء يجب إعدام قادة الإنهيار في الموصل. هذا ليس ضرورياً من اجل معنويات الجيش فقط، بل يرسل ايضاً رسالة التهديد الوحيدة الممكنة لبقية ضباط داعش في الجيش العراقي أنهم ليسوا بالمأمن الذي وعدتهم به أميركا، وقد يترددون في تنفيذ أوامر المستقبل كما قد يثق البعض منهم بالحكومة وأنها لن تسلمه للأمريكان إن هو اعترف، فيعترف ويكشف الحقائق.


بعد ذلك يجب التخلص من أي عسكري في القيادات العليا تمتع بدعم أمريكي معلن أو جاء بضغط أمريكي أو بتوصية امريكية أو تدرب على يد قواتها، والإعتماد على الآخرين مهما كان الأمر صعباً. كذلك يجب فوراً، إغلاق مركز النهرين لتخريج هؤلاء وأي مركز مشابه، فهذه المراكز لا تفتتح إلا لتخريج الإرهاب والمتآمرين ضد البلد في مختلف المجالات ولنا في قصة "مدرسة الأمريكان" خير دليل. لقد تمكن الإيرانيون من الدفاع عن ثورتهم ولم يكن لديهم من يعتمدون عليه لتكوين جيشهم أو أمنهم، فتمكن هؤلاء من الصمود على عكس من يسعون إلى تسليم أمورهم إلى المشبوهين من "الخبراء".


الأمل الوحيد للعراق هو في التنسيق مع إيران وسوريا وكل اعداء الخندق الإسرائيلي الأمريكي الذين تستهدفهم الأجندة الإسرائيلية بمثل ما تستهدف العراق ويشاركونه نفس المصير والخطر. ففي اتحاد الضحايا القوة التي قد تعطي بعض الأمل، ولو لم تكن سوريا مدركة لهذه الحقيقة، وعرفت كيف تختار اصدقاءها وتحتمي بهم وبدعمهم، لما صمدت أمام أبشع هجمة همجية وحشية لهذا الخندق في تاريخ المنطقة. كيف الوصول إلى هؤلاء الأصدقاء من ضحايا أميركا وإسرائيل رغم تغلغل هاتين الدولتين في العراق؟ هذا ليس سهلاً بالتأكيد ولن يسمحوا به وسيقلبون الدنيا لمنعه، إنما هو بالنسبة للضحية، الطريق الوحيد للنجاة، وهذا بالذات هو السبب في أنهم سيفعلون المستحيل لمنع فريستهم من الوصول إليه، فذلك أخطر ما يهدد بفقدانهم الوليمة.


يجب التوقف عن الوهم بالحصول على اسلحة امريكية فعالة والقدرة على استعمالها، والتوقف فوراً عن سيناريوهات "العتب" و "الزعل" و "التهديد" وغيرها من ردود الأفعال الطفولية، والمسارعة إلى الحصول على أسلحة غير أميركية (ومن غير الدول الذيلية لإسرائيل مثل جيكيا)، ثم التخلص بأسرع ما يمكن من أسلحة أميركا وتوابع إسرائيل، فالأسلحة من هذه الدول مشبوهة وقد لا تستعمل إلا للتجسس على الجيش العراقي ونقل حركاته إلى "مجاهدي" داعش الذين تنسق اميركا معهم.


من له علاقة بإسرائيل أو أميركا يجب أن ينظر إليه كشخص مشبوه يجب إبعاده عن المراكز الحساسة، ومن كان من هؤلاء ذو منصب عسكري أو أمني أو إعلامي أو أقتصادي رفيع، فهو خطر على البلاد. ومن له علاقة فوق المعتادة مع ذيول أميركا وإسرائيل: كردستان أو الأردن أو السعودية، يجب أن ينظر إليه كشخص مشبوه يجب إبعاده عن المراكز الحساسة.


يجب شرح الحقيقة المخجلة للوضع العراقي بصراحة للناس، وتبيان أصدقائهم وأعدائهم، وإعطائهم فكرة صادقة عن ميزان القوى وعن علاقة كردستان بالمركز ومن يسير من ومن يسيطر على من ومن الذي يطمح للإستقلال عن الآخر ويعجز عن تحقيقه. كل ذلك من أجل كسب ثقة الناس بالحكومة وبصدقها لعل تلك الثقة تكون الدعم اللازم للحكومة لتأمين هرب العراق من مخالب محور الشر الحقيقي: أميركا – إسرائيل – كردستان، وكل أجنحة الدواعش التي غرسها في البلاد.


يجب السعي لإقناع الكرد بالإنفصال بأسرع ما يمكن، حتى لو كان ذلك يعني التنازل لهم عن اراضِ ليست لهم. يجب إقناعهم بالضغط على ساستهم بذلك، فالطريق الذي يسير فيه العراق هو ذات الطريق الذي سارت فيه فلسطين ولا يبدو هناك أثر لأمل في تغيير هذا السيناريو الذي يحول الزمن إلى عامل تآكل لارض العرب إلى غيرهم، بسبب فارق القوة السياسية والأمنية الهائل. يجب أن يدرك المواطن العراقي أن بلاده تقضم تدريجياً وانه لا يملك الأجهزة اللازمة للدفاع عنها أو استرداد ما تم قضمه او تم نهبه من أمواله، وخير ما يمكن ان يفعله هو الهرب بما تبقى له، وحتى هذه لن تكون مهمة سهلة أبداً، فإسرائيل "تريد كل شيء"، وهراواتها لن تمتنع عن الضرب. 


الكتّاب الذين مازالوا يسبحون بحمد أميركا رغم كل الأدلة المتتالية على استباحتها لدم شعبهم، يجب أن يعاملوا بذات الإحتقار والكراهية والشعور بالخطر الذي تعامل الشعوب به خونتها، وان يحاسبوا بأقسى الحساب على مواقفهم بعد مجابهتهم بالحقائق التي تؤكد أن تلك المواقف لم تكن "رأياً"، بل تواطؤاً دنيئاً “مع سبق الإصرار والترصد”، يعتمد التمويه والتشويه وتجاهل الحقائق بغرض تمرير أجندة أمريكية إسرائيلية لتدمير البلاد. فمن كان منهم مخدوعاً فقد منح الف فرصة ليرى الحقيقة. 


على الكتاب المدافعين عن وطنهم أو إنسانيتهم، إن أرادوا تحقيق توازن على الأقل أمام الإعلام العدو، أن تكون لهم من الجرأة والصراحة والوضوح ما لا تقل عن جرأة ووقاحة إعلاميي أميركا وإسرائيل الذين لم يترددوا في شيء، حتى في الدفاع عن الموساد علناً. حتى الآن فإن جل هؤلاء "الوطنيون"، يرتعد من ان يضع كلمة "إسرائيل" في مقالته، ويبتعد عن وضع أية مقالة حرجة وصريحة على صفحته في الفيسبوك، مفضلاً لوك "تحليل" التاريخ والنكات "اللماحة" بعيداً عما يسبب قرحة المعدة له ولقرائه.


إن لم يكن هناك مفر من استخدام أجهزة الإتصال المجانية، فيجب على الأقل تذكر أن الموساد تستمع إليك. يجب اما تجنب إعطاء رأيك السياسي وما يجري في البلد فيها، او الأفضل إعطاء رأي معاكس لما تراه، بعد الإتفاق مع المقابل على رموز تسبق إعطاء مثل هذا الرأي المقلوب، كقول كلمة معينة قبل بدء الكلام المقلوب وربما أخرى عند نهايته. يجب أن لا تعرف الموساد موقفك السياسي والطائفي وما اقتنعت به من الإعلام وما لم تقتنع فهذه كلها ستتحول إلى إحصاءات تساعدها على تقييم أدائها وتعديله واختيار لحظة الصفر بشكل مناسب. 



من المؤكد أن معظم هذه الحقائق والمطالب تبدو متطرفة الحدة، لكننا لو راجعناها بهدوء لما وجدنا في أي منها سوى الحد الأدنى الضروري لأية شعوب تريد الحياة. إن ظاهرها المتطرف ليس إلا بسبب تعودنا ما يبث من سموم إعلامية في أجوائنا تتعمد لوك الكلام الفارغ المائع عن "صداقات" خرافية لا وجود لها وآمال وهمية صممت لقيادة القطيع هادئاً إلى المسلخ. إننا أمام فريسة ضائعة وفاقدة لرشدها بمواجهة أشد الوحوش ضراوة، وبالتالي فقدرتها على مواجهة هذه الحقائق الصعبة والتصرف على اساسها أمر مشكوك به. لكن هذه المنافذ الضيقة تزداد كل يوم ضيقاً بما تأتي الأحداث أمامها من "حقائق على الأرض"، وكلما تأخرت خطوة الهرب، ضاقت الفرص عليها. فما هو أمامنا ليس صديقاً ، بل وحش رهيب مسلح من أعلى رأسه إلى اخمص قدمه بالشر والإرهاب، ومنذ أن ولد على هذه الأرض وهو يملؤها رعباً ودماءاً ودموعاً، وهو بالتأكيد لا ينظر إلينا كصديق أو حتى شريك لمشاريعه الإجرامية، بل كضحية سمينة شهية، وسهلة الإفتراس، وأكثر ما يثير شهيته وضحكه أنها تتلقى منه الضربات تلو الضربات ولا تجرؤ حتى على محاولة الهرب حين يتاح لها، بل تبقى مشلولة بالرعب ومشدوهة بالضوضاء، وبينما يتم سلخها قطعة قطعة، فإنها تبقى تنظر مترددة ومتأملة: ربما يكون صديقاً! 

26 حزيران 2014 

Opinions