العمل الدولية ترصد تحديات اقتصادية "هائلة" بالعراق وتطرح حلولا لمعالجة البطالة
المصدر: شفق نيوز
طرحت منظمة العمل الدولية التابعة للأمم المتحدة، على العراق - الذي يعيش تحديات اقتصادية واجتماعية هائلة - توصيات وأفكاراً تتعلق بالبرنامج الوطني للأشغال العامة بما يقود الى المساهمة في معالجة البطالة وتحقيق التنمية المستدامة وتعزيز الاستقرار الاجتماعي.
وقالت المنظمة التي تتخذ من سويسرا مقرا لها، في تقرير لها حول خلاصات ورشة عمل جرت في اربيل، بشأن تعزيز العمل اللائق في برامج الأشغال العامة في العراق، ان هذا البلد يواجه حاليا تحديات اقتصادية واجتماعية هائلة ناجمة عن سنوات من الصراع والمصاعب الاقتصادية، مضيفة أن تفشي البطالة، والاحتياجات الضرورية للبنية التحتية، والتفاوت الاجتماعي، تجعل كلها من الضروري البحث عن حلول مبتكرة وفعالة من أجل تخطي هذه التحديات.
وأوضح التقرير الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، ان البرنامج الوطني للأشغال العامة يعتبر إحدى المبادرات المهمة التي بإمكانها المساهمة بشكل كبير في تأمين فرص عمل لائقة للفئات الأكثر ضعفا، مثل النساء والشباب والنازحين، مع تطوير البنية التحتية للعراق ايضا.
وذكر التقرير أنه جرى استخدام برامج الأشغال العامة على مستوى العالم من أجل تشجيع التنمية الاقتصادية وإعادة الإعمار، ليس فقط من خلال خلق فرص عمل فورية، وانما ايضا من خلال الاستثمار في تحسين وتطوير الخدمات الاساسية وتحقيق الأهداف الاجتماعية والاقتصادية التكميلية الاخرى.
ولفت التقرير إلى أن منظمة العمل الدولية ووزارة التخطيط قامتا بتنظيم ورشة عمل استشارية مشتركة في اربيل في أيلول/سبتمبر 2024، ضمت اصحاب المصلحة الرئيسيين، بما في ذلك الحكومة العراقية ومنظمات المجتمع المدني وخبراء التنمية، للبحث في كيفية تصميم وتنفيذ برنامج وطني للتوظيف في القطاع العام.
وتابع أن برامج التشغيل العام هي برامج تمولها الدولة، أو الجهات المانحة، ويكون هدفها الأساسي هو خلق فرص العمل التي تساهم في الصالح العام، مشيرا إلى أن ورشة العمل كان هدفها تقديم ومناقشة والسعي الى التوصل الى توافق بين أصحاب المصلحة الوطنيين بشأن عملية خريطة الطريق من خلال مراجعة الممارسات والتجارب الناجحة محليا وإقليميا ودوليا، وطرح توصيات واضحة لإنشاء وتفعيل برنامج وطني للتوظيف العام يلبي مصالح الامة العراقية ويعزز مبادئ العمل اللائق.
وبعدما لفت التقرير الى تطبيق برامج مشابهة من خلال صناديق التنمية الاجتماعية في اليمن ومصر والأردن وتركيا وسوريا والمغرب وتونس، قال التقرير إن الهدف هو استخدام الاستثمارات العامة لخلق فرص عمل محلية و للفئات الضعيفة التي تواجه صعوبات في الوصول إلى العمل مدفوع الأجر من خلال دمجهم في توفير أصول و البنية التحتية العامة أو الخدمات الاساسية التي تتزايد الحاجة إليها.
وقال التقرير إن منظمة العمل الدولية، تسعى الى تعزيز أهداف العمالة الشاملة والعمل اللائق، مشيرا إلى أن ورشة العمل، شهدت مناقشة اعتبارات تصميم البرنامج والنماذج الناجحة من الدول الاخرى، واستعراض كيفية جعل هذه المبادرات تحقق فوائد متعددة.
وفي حين اشار التقرير الى برامج التوظيف العامة الوطنية في الهند وجنوب أفريقيا واليمن، قال التقرير إن هذه البرامج تسلط الضوء أيضا على نجاحات الاستثمار المكثف للعمالة في دهوك والذي ركز على بدرجة واسعة على تطوير البنية التحتية والأعمال الخضراء، وتطوير الخدمات العامة وتوفير فرص العمل اللائق.
ورأى التقرير ان هذه الامثله تقدم دروسا مهمة حول كيفية قيام العراق بتبني استراتيجيات مماثلة لمعالجة التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي يواجهها، مضيفا أنه من بين الدروس الرئيسية المستفادة من التجارب الدولية اهمية تضمين مبادئ العمل اللائق والاستهداف الفعال للنساء والشباب وذوي الاعاقة في مثل هذه البرامج.
واعتبر التقرير أن ضمان الأجر العادل والمساواة بين الرجل والمراة، وظروف العمل الامنة، والحق في الحماية الاجتماعية لا يجلب الفائدة للعمال فقط، بل يساهم أيضا في نجاح هذه البرامج واستدامتها على المدى الطويل.
وبحسب التقرير، فإن المشاركين في ورشة اربيل، أكدوا على أن البرنامج الوطني للتوظيف العام في العراق يجب أن يدمج هذه المعايير منذ البداية لتعظيم تأثيره، مضيفا ان برنامجا وطنيا للتوظيف العام في العراق، بامكانه ان يعزز خلق فرص العمل، ويؤمن الإغاثة الفورية للأشخاص الأكثر تضررا من البطالة او النقص في التشغيل، وان يساعد ايضا في اعادة بناء البنية التحتية الحيوية، مثل الطرق والمدارس وصولا الى شبكات المياه، وتعزيز الأعمال الخضراء لمعالجة التغير المناخي، والمساهمة في استعادة التراث الثقافي.
وتابع التقرير انه بامكان برنامج التشغيل العام الوطني أن يعزز من خدمات الرعاية للمجتمع المحلي والفرض المتساوية للرجال والنساء، والمساهمة في الاستقرار الإقليمي، خصوصا في المناطق المتضررة من النزاع، من خلال تقوية فرص العمل واستعادة النمو الاقتصادي المحلي، والمساهمة في التماسك الاجتماعي.
لكن التقرير اعتبر أن تحقيق هذه النتائج يتطلب استراتيجية مصممة بعناية، وضمان أن البرنامج يستهدف الاشخاص المناسبين، بما في ذلك الفقراء والنساء والشباب والمعاقين والنازحين، الذين غالبا ما يتم استبعادهم من سوق العمل الرسمي، مردفا أنه من خلال التركيز على الفئات الهشة، فإن البرنامج سيساهم بشكل مباشر في الحد من الفقر والحماية الاجتماعية، وتطوير سوق عمل أكثر شمولا.
وطرحت منظمة العمل عدة توصيات تم الاتفاق عليها في ورشة العمل في اربيل، من بينها انه يتحتم على الحكومة، الى جانب منظمة العمل الدولية وشركاء التنمية الآخرين، أن يستثمروا في تطوير قدرات المؤسسات المحلية لإدارة برامج التوظيف العامة وتنفيذها بفعالية، بما في ذلك من خلال تدريب العاملين والمشرفين، فضلا عن ضمان توافر الخبرة الفنية اللازمة.
ودعا التقرير الى ملائمة البرنامج الوطني مع أهداف التنمية الوطنية الأوسع في العراق، خصوصا في مجالات الحد من الفقر، وتطوير البنية التحتية، والاستقرار الإقليمي.
كما حثّ التقرير على أن يركز البرنامج على انشاء الية تحديد اولويات المشاركة في المشاريع للاستجابة لما ينظر اليه على انه الاحتياجات المحلية الأكثر إلحاحا، ودعم تمكين النوع الاجتماعي وتوظيف الشباب، وضمان الانخراط الاجتماعي في مكان العمل للأشخاص من ذوي الاعاقة، وغيرها.
وخلص التقرير الى القول ان هذه الامور شديدة الاهمية، من اجل تعزيز التماسك الاجتماعي وزيادة الدعم في مجموعة واسعة من خدمات الرعاية ومعالجة الأسباب الجذرية لعدم المساواة في عراق ما بعد الصراع.
وختم التقرير بالقول إنه بينما يبدأ العراق رحلة التعافي بعد انتهاء الصراع، فإن برامج التوظيف العامة الوطنية توفر فرصة مباشرة من أجل معالجة التحديات المزدوجة المتمثلة في البطالة وعجز البنية التحتية، مضيفا أنه من خلال الاستفادة من الخبرات الدولية، سيكون بإمكان العراق تصميم برنامج لا يخلق فرص عمل شاملة فقط، بل يساهم أيضا في تحسين جودة البنية التحتية العامة ويساهم في الاستقرار الاجتماعي.