الغالب والمغلوب في مؤتمر عنكاوا الذي شاركت فيه
تعـلمنـا من تجارب الحياة وحكم الأجـداد والآبـاء , سواء التي قراناها وسـمعناها أو عـشـنا مخاضها وذقـنا ما أفرزتـه من حـلاوة أو مـرارة , أن تبايـن الآراء هـو ظاهـرة صحيـة ما دام يخـلو من العـداوة والكراهيـة , لأن مجـالات التـفاهم متـوافرة فيـه لحـل المشاكـل العالقـة والوصـول الى الـرأي الأسـلم الـذي يلتـقي في ربوعـه الكـل أو الغالبيـة , وبالتاكيـد فـإن هـذا الإلتـقاء لا يمكنـه تلبـية كـل أهـداف أي طـرف مشـارك فيـه , ولكنـه في الوقـت نفسـه لـن يجعـل أي طرف خاسـرا لكـل شـيء , فـلا غالـب فيـه ولا مغلـوب , أي أنّ نتيجتـه خاليـة مـن تعـابير الإنتصـار والقهـر , وإنـما إتفـاق على الإتفـاق .وضمـن هـذا الإطـار , يمكن أن يتّـم وصـف المؤتمـر ( الكلداني السرياني الاشوري ) الذي انعقـد في بلـدة عـنكاوا يومي 12 و 13 / 3 / 2007 والـذي كنـت أحـد أعضائـه في كـل جلساتـه وأديـت دوري , بحسـب ما وفرتـه لـي ضوابطه ومجالات السـماح من رئاسـته , في التعبـير عـن رأيـي في محـاوره المختـلفة الـتي جـرى بحثـها , وسـعيت , مع كل السـاعين فيـه , من أجـل خروجـه بنـتيجة ايجابيـة تسـاهم فـي التأكيـد على أن من يحملـون اليـوم أسـماء متداولـة ( كلدانية سريانية آشورية آرامية سورايا سوراي .... الخ ) هم شـعب واحـد , ماضيـا وحاضـرا وتاريخـا وأرضـا جغرافيـة وتقاليـد اجتماعيـة , ومشاعـر مصيريـة في السـراء والضـراء , وينبغي أن يكـونوا كذلـك مستـقبلا وبتسـمية جامـعة شـاملة تـنهي مسـبـبات الفرقـة والـتـشتـت , وأن تصـان حقوق هذا الشـعب واسـمه الموحـد بصـورة كاملـة حسـب الشرعـية العراقـية والأعـراف الدوليـة , وتـتوافـر لـه متطلبـات اسـتمرار الحيـاة والبقـاء الدائـم ... وأن انعقـاد هذا المؤتمـر ( الـتجمع ) جـاء من أجـل هـذا الهـدف أو بالأحـرى الأهـداف السـاميـة .
ولكـي لا أكـون متـفائـلا أكثـر مـمّا ينـبغي أو متـشائما منغلـقا ضيـق الأفـق , أقـول بوضـوح , إنـني مرتـاح , على رغـم كل السـلبيات التي أحاطـت بهـذا المؤتمـر ( التجمع ) إعـدادا وانعقـادا ونتائـج , لأنـه لم يفشـل ... أؤكـد لـم يفـشل , ولـم يخيـب آمـال الواثـقين من إمكانيـة تجـاوز تراكمـات الماضي ومعاناتـها والوصـول إلـى الهـدف الممكـن في المرحلـة الراهنـة وتـرك الطمـوح للمراحـل المقبلـة .... وهـذا يعـني أن المؤتمـر نفسـه خـرج منتصـرا سـالكا السـبيـل باتجـاه خطـوات أخـرى لقطـع مسـيرة الألـف ميـل , لأن التراكمـات كثيـرة ومتداخلـة وصلـدة , وازاحتـها تـتطلب الصبـر القـائـم علـى متـطلبات الظفـر الأكثـر ضـمانـا وقبـولا ، من خلال الجهود المضنـية ... والمهـم في كـل خطـوة أن تخلـو من نعـوت الـفشـل والإنتـكاسـات .
كتـبت ثلاثـة مواضيـع في المواقـع عـن المؤتمـر قبـل بدئـه , وتبادلـت الأحاديـث بالهواتـف والرسـائل مع العـديد من أفـراد هيأتـه التحضيريـة , وتحدثـت مـرات عـدة بـالشـكل الـذي أعـتـبره صراحتـي المعهـودة أمـام المشـاركين في المؤتمـر خـلال فترة انعقـاده , وتناولـت في ذلـك كلـه مارأيتـه من السـلبيات التي رافـقت هـذا المؤتمـر منـذ بـدء فكرتـه والإعـداد لـه والوضـع الـذي لازم جلساتـه , وأؤكـد الآن بعـد إنتـهاء مشـاركتي , أن ما ملاحظتـه عـن قـرب ومن خـلال المشـاركة , قـد رسـخ قناعـتي بانـني كنـت مصـيبا في تشخيـص السـلبيات التي تحدثـت عنـها , إذ أن غالبيـة هيئـته التحضيريـة لم تكـن تملـك الخبـرة الكافيـة في شـؤون المؤتمـرات وأصـولها , أمـا هيئـة رئاسـة المؤتمـر فإنـها واصلـت الأخطـاء التي سـلكتها حينـما كانـت ضمـن الهيئـة التحضيريـة , وقسـم منـها كان أخطـاء جسـيمة تحمـلها المشـاركون في المؤتمـر على مضـض , أجـل تحملوهـا وسـكـتوا عنـها انطلاقـا من حـرصهم على عـدم فشـل المؤتمـر الذي كانـت تهـون أمامـه كـل السلبيـات ومعاناتـها . . ولكـن أيضـا تسـجل لهـذه الهيـئة مـأثـرة لـمّ شـمل عـدد لايسـتهـان بـه مـن أهـل الفكـر والأبحـاث والمعـارف والأصـدقـاء الـذيـن كـان جمعـهم بهـذا الشـكل ولأيـام عـدة فـي نـزل ( فنـدق ) واحـد مجـرد أحـلام تـراود الأذهـان وتمنـيات كثـيرا مـا تـذكـر فـي الرسـائل المتـبادلة ، أصـبحـت حقيـقة لنحـو أسـبوع بفضـل مناسـبة هـذا المؤتمـر .
وأيضـا , ينـبغي أن لا نتجاهـل كلمـة الحـق , وهـي أن الهيئة التحضيرية التي تولـت الإعـداد لهذا المؤتمر وتمكنـت من عـقده , بذلت جهودا مشـكورة الى أبعـد الحـدود , وسـهرت وتحملـت المتاعـب والمشـقات , واضطـرت للتحـرك في شـعاب شـائكة من آلام الـتـشتـت والإبتعـاد , حتى اسـتطاعت إحضـار ما تمكنـت من جمعـه تحـت سقـف ( قاعـة حديـاب ) في عـنكاوا , كـي يتـمّ هـذا المؤتمـر ويتحقـق الإتفـاق الـذي احتـواه بيـانه الختامـي , والـذي شـكّـل خطـوة تحركيـة أماميـة مهمـة باتجـاه الأهـداف والآمـال الجسـام نفسـها التي سـعى إليـها رواد القوميـة ( الكلدانية السريانية الاشورية ) مهما كانـت التسـمية التـي عملـوا في ظلـها , وانطلقـت نحوها التجمعات الثقافية والادبية والفنية والاجتماعيـة والصحـف والمجـلات التي ظهـرت في إطـار المتـاح منـذ عـام 1970 بمسميـات ( الناطقيـن بالسـريانية ) , ومـرورا بمؤتمـر بغـداد عـام 2003 الـذي اقـترح تسـمية ( الشعـب الكلدواشوري ) , والوعي الذي اضافـته الحملة الاعلاميـة التي قامـت عـام 2005 تحـت شـعار ( منبـر وحـدة شـعبنا ) واسـتمرت أشـهرا عـدة فـي داخـل العـراق وخارجـه , وثـمّ الإعـلان الوحـدوي ( الكلداني السرياني الاشوري ) الذي اصدرتـه مجموعـة من المثقـفين في ايلـول 2006 , والمجلـس التـنسيـقي الـذي شـكله العـديد مـن الاحـزاب والجمعـيـات ( الكلدانية الاشورية السريانية ) أواخـر 2006 ولايـزال يعمـل بمـا للمشاركيـن فيـه من خبـرة ونشـاط , وأيضـا الدعـوات الإعلاميـة لترسـيخ وحدة ( الكلدان الاشوريين السريان ) الـتي تولتـها قـنوات عشـتار وآشـور وسـورويو . .
كـل هـذا وغيـره , يمثـل عمـلا ترسـيخيا لوحـدة ( الكلدان الاشوريين السريان ) حقـقه مؤتمـر عـنكاوا بأفضـل صـورة توافـقيـة ممكنـة من خـلال الوثيقـة التاريخيـة لبـيانه الختـامي , وهـو ما يشـكل نصـرا سـتؤكـد الأيـام القليـلة المقـبلة مـدى حجمـه وفاعليـته والحـرص عليـه والحكـم الأكثـر واقعيـة علـى مضـمونـه والسـعي لتطبيـقه بـرويـة ووفـاء ، مـن الأمانـة التـأكيـد عليـه راهنـا إعـتمادا علـى المنظـور المتـوافـر ، والـذي هـو نتـاج جهـود اللجنـة التحضيريـة لمؤتمـر عـنكاوا وجـاء إنجـازا رائعـا يسـجل بجـدارة للجماعـة الـتي هيـأت للمؤتمـر بكـل أشـخاصها وانـتماءاتـها . . وأنـا فـي هـذه الإشـارة أؤكـد كلمـة حـق لايمكـن لأي منصـف أن ينكـرها أو يتجاهلـها ويـراوغ فيـها . .
وفـي مجـال الحـق نفسـه كانـت اللوحـات الرائعـة فـي إفـتـتاح المؤتمـر وختـامـه ، إداء غنـائيـا ورقصـا تـراثيـا ، التـي أعـدهـا وبـذل مـن أجـل روعـتها الجـهد المتـواصل لأكثـر مـن شـهر ونفـذهـا الأديـب المبـدع والفـنان الأصـيل لطيـف بـولا وفرقـة كرمليـس ( كرمـلـش ) الجـديرة بكـل ثنـاء وتشـجيع ، درة متـألقـة أبـدى الكـل إعجابـهم بـها وتـمـنوا لـها كـل دعـم وتشـجيع لمواصلـة إمكـانـاتها الكبيـرة فـي الحفـاظ على الفنـون الكلـدانيـة السـريانيـة الآشـوريـة وتـقـديـمها بالفخـر والهـيـبـة وتـأكيـد وحـدة التـراث والـتـقاليـد العريقـة لهـذا الشـعب ذي الأمجـاد الشـامخة دائمــــا .
وتلقيـت أسـئلة كثيـرة في شـأن تمثيـل المؤتمـر ( التجمـع ) للشعـب ( الكلداني السرياني الاشوري ) وجاوبـت الكـل بوضـوح وقلـت : لا الهيئـة التحضيريـة ولا الذيـن شـاركوا فـي المؤتمـر كانـوا يمثـلون بشـكل صائـب كـل هـذا الشـعب , لا حضـورا ولا نوعيـة , لأنـه لـم يتـم اختـيارهم بصـورة إنتخـابية مباشـرة من قبـل الذيـن أعـتبروا ممثليـن لهـم , ولكـن كـل هـذا وغيـره من السلبـيات نتـركه جانبـا ونغـض الطـرف عنـه راهنـا , ونعـتبره من الماضـي الـذي لافائـدة من النبـش في ركامـه وبحثـه إلاّ عـندما يصبـح ذلك ضروريـا كمـا هـي الحـال مع عـقد مؤتمـر ثـان لمتابعـة الإنجـازات والمسـتجدات المكملـة لهـذا المؤتمـر , علـى أن لا يكـون طـرح السـلبيات التي ظهـرت خـلال هـذا المؤتمـر من أجـل النقـد الإتهامـي والجـدال العقيـم , وإنمـا فـي إطـار عـبرة مرشـدة الى مؤتمـر أفضـل تمثيـلا وأسـلم صـوابا وأوسع رضـاء عنـه ... إذن نضـع الآن كـل السـلبيات جانبـا الى حـد النسـيان المؤقـت , ونبـدأ مـن البيـان الختامـي ومايليـه من العمـل والجهـد لتطبيـق مضامينه .
يشـكل البيـان الخـتامي , الوثيقـة الرسـمية الوحيـدة لكـل ما يتعلق بهذا المؤتمـر , وكـل ما عـداه من تصريحـات وأمـور إعلاميـة ليس رسـميا بالنسـبة لمـا أسـفر عنـه المؤتمـر , وشـخصيا , مع اعـتزازي بآرائـي الخاصـة وكلماتـي ومداخلاتـي خـلال المؤتمـر , سـواء التـي تـتفق مع ما ورد في البيـان أو المخالفـة لـه , فإننـي أعتـبر البيـان بصيغتـه الكاملـة متوازنـا مرحليـا وحـلا وسـطيا جيـدا ومضمونـا جامعـا لرضـا مخـتلف اتجاهـات الشعب ( الكلداني السرياني الاشوري ) التي شـاركت في المؤتمـر ، مـع قـناعتـي بـأن إضافـة كلمـة ( سـورايا ) لامبـرر لهـا وجـاءت دخيلـة وغريـبة وغيـر متوقعـة ، خصوصـا أنـها مرادفـة لكلمـتي ( سرياني ) و ( آشوري ) معنـى وحتـى ترجمـة دوليـة .
علمـا أن ممثلـي الاحـزاب الذين حضـروا المؤتمـر بصفتـهم الشـخصية وأدلـوا بآرائهـم على رغـم المقاطعـة المعلنـة لأحزابهـم , كـان وجـودهـم مفيـدا جـدا ، ما يؤكد أن الاحـزاب لـم تقاطـع المؤتمـر أو تعـارض أهدافـه , وإنمـا إلتـزمت موقـفا كـان سـببه خـلاف في بعـض الأمـور التنظيميـة مع الهيئـة التحضيريـة . . وأن الأحـزاب العاملـة فـي أرض الآبـاء والأجـداد العـراقيـة كلهـا تؤمـن بـأن الكلدان السريان الآشوريين شـعب واحـد ، إجتماعيـا راهنـا ومصـيرا مسـتـقبليـا ، ولابـد مـن إسـم رسـمي موحـد لهـذا الشـعب ، وأن الكـل مسـتعد للتـفاهـم وإبـداء المـرونة وصـولا إلـى الحـل المقـبول والأصلح تـأريخيـا وتـرائيـا لـذلـك ، وليـس بيـنها معـارض بالمطلـق لمؤتمـر عـنكـاوا وقـراراتـه وهـي كلهـا مسـتعدة لبحـث مشـاركتها في المجلـس التـأسـيسي المنـبثق عـنه والعمـل بكـل إمكاناتـها لتـوفير فـرص النجـاح والتـنفيذ لـبيانـه الختـامي . . وهـذا مـا تـأكـد لـي مـن لقـاءا تي مـع رؤسـاء وقـادة هـذه الأحـزاب أثنـاء المؤتـمر وبعـده .
ويقـتضي أن يكـون الحكـم على البـيان الخـتامي , من خـلال القـراءة الكاملـة لنصـه , الـذي يمكـن إجمالـه : بترسـيخ حقيقة أن الكلدان السريان الاشوريين هم شـعب واحـد مع احتـرام كـل تسـمياتهم المتداولـة , ووجـوب تدويـن ذلـك باسـم ( كلداني سرياني اشوري – سورايا ) في الدسـتور الاتحادي ومسـودة دسـتور اقـليم كردسـتان , وأن يتـمّ تثبـيت الحـقوق القوميـة المشـروعة لهـذا الشـعب ضـمن عـراق موحـد , ومن الامـور الرئيسـية الأخـرى الـتي أكـد البـيان عليـها قضيـة الإسـراع بحـل مشـكلة المهجـرين من هـذا الشـعب وضـرورة إيجـاد آليـات كفيلـة بوقـف نزيـف هجـرة ابنائـه خـارج العـراق , وإعـادة قـرى وأراضـي هـذا الشـعب المتجـاوز عليـها الى اصحابها الشـرعـيين .
وقـرر المؤتمـر تشـكيل مجـلس تاسـيسي لمتابعـة تنفـيذ قراراته وتوصياتـه التي تضمـنها بيانـه الخـتامي , وبحيـث تـكون غالبيـة 75 فـي المئـة لأعضائـه من الداخـل وبأسـس تمثيليـة ومتوازنـة ومرضيـة للأحـزاب وأماكـن وجـود الشـعب الكلداني السرياني الاشوري , على أن يكـون هـذا المجلـس انتقاليا مؤقـتا , ويصبـح منتهيـا بعـد وضـع قانـون المجلـس الدائـم ( البرلمان ) ذي الفتـرة الزمنيـة المحـددة لكـل عمليـة انتخابيـة أصوليـة منظمـة لـه , وإجراء انتخابـات المجلـس الأول ومباشـرته لمهاماتـه كبرلمـان خـاص للشـعب ( الكلداني السرياني الاشوري – سورايا ) .
وأقـول بوضـوح , إن اسـم كلداني سرياني اشوري ( سورايا ) يشـير على مـدى الانقسـام المقيـت الـذي لا يـزال ينخـر في صفـوف شـعبنا , خصـوصا أن إقـحام كلمـة ( سـورايـا ) فيـه الـتي هـي بمعنـاها المتعـارف عليـه مرادفـة لكلمـة ( مسـيحي – مشـيحايا ) , وبمعناهـا التاريخـي الـدارج ( سرياني ) , وهـي فـي كلـتا الحاليـن كلمـة دخيلـة وغيـر مناسـبة للإسـم القومـي , إضافـة إلـى أنـها ستـثير حالـة من الإسـتغراب عـند ترجمتـها إلى اللغـات العالميـة , لأن ترجمتها هـي ( أسـيريان ) وهـي الترجمـة نفسـها للسرياني والآشـوري , وبهـذا تصـبح ترجمـة الإسـم القومـي للشعب ( الكلداني السرياني الاشوري – سورايا ) هكذا ( كلدان اسيريان اسيريان اسيريان ) , ولكـن بسبب ظهور نسـبة كبيـرة من المطالبـين بإضافـة سـورايا فـي العديـد مـن بلـدات وقـرى شـعبنا , فقـد تمـت إضافـتها على رغـم خطورتـها . .
وشـخصيا أخـشى أن يـؤدي إدخال تسـمية ( سـورايـا ) في البيـان الختـامي إلى تعميمـها ومن ثـمّ تجريـد الشـعب ( الكلداني السرياني الاشوري ) من منزلتـه القوميـة وإدراجـه في الإطـار الديـني وتوزيعـه بحسـب الأهـواء بين قوميـات الشعـوب الأخـرى , وهـو أمـر لـو حصـل , فإنـه سـينهي الوجود القومـي لهـذا الشـعب , ويكـون انـتكاسـة ماحقـة تـؤدي إلى الفـناء والتـوزع كطـوائف دينـية بيـن الشـعوب العـراقيـة الأخـرى , نأمـل ان ينـتبه لـها الذيـن أصـروا عليـها إذا كانـوا حقــا يتحلـون بالشعـور القومـي وقـوة البصيـرة فـي مواجهـة الأخطـاء والأخطـار والمعـاناة فـي فقـدان الهـوية القوميـة .
أمـا نحـن الذيـن نـدرك خطـرها فـقد عارضناهـا بشـدة وأوضحنـا عواقـبها , ولكنـنا اضطـررنا لقبولـها فـي نهايـة المطـاف إنطلاقـا من حرصـنا على عـدم فشـل المؤتمـر , وقطـع طريـق الذيـن ربـما , وأكـرر ، ربمـا , أرادوا من فرضـها إفشـال المؤتمـر من خـلال هـذا التشـويه على إحـدى قضايـا المؤتمـر الأكثـر حساسـية , وتحميـل مسـؤولية الفشـل على الحريصين لصيانـة الجانـب القومـي للشـعب ( الكلداني السرياني الاشوري ) .
أجــل , مشـاكل الشـعب ( الكلداني السرياني الاشوري ) ليسـت هيـنة لوجـود فـي داخلـه تـيارات مدعومـة بقـوة تعـقّد هـذه المشـاكل , ولكـن بتـقديري أن السـير مع هـذه التـيارات بأسـلوب ( لا غـالـب ولا مغـلـوب ) هـو الأسـلم حالـيا مـع الحـذر الشـديد مـن المكائـد , لأنـه لا منـاص من هـذا السـير , عـلى الأقـل للـتمسك بـما يمكن الحفاظ عليه , خصـوصا أن الوعـي القومـي يـزداد عـددا ويتصاعـد قـوة , علـى رغـم المرحلـة الراهنـة التي تخـدم أحداثـها كـل ما هـو ضـار , وإنـنا قـد وقـفنا من خـلال المؤتمـر على أمـور كثيـرة كنـّا نجهـلها أو كانـت غـير واضحـة , ولمتطلبـات ما نـراه ضـروريا , لـن نكشـف الآن أكثـر مـمّا أشـرنا إليـه , ولكنـنا لـن نـدع الأمـور تسـير أكثـر نحـو الخطـر , وسـنقول المزيـد عـندما نجـد ذلـك مطلوبـا , أمـّا الآن فالرضـا بتوافـق ( لا غالـب ولا مغلـوب ) لايزال ممكنـا ومسـموحا بــه إلى حـد مـا ووقـت مـا .