الغبار الكثيف يحجب الرؤيا
لا تكاد ترى اصابع يدك عندما تنظر اليها ومجرد ان تتلمسها تشعر بتلوثها وهي مكتسية بطبقة من الغبار الكثيف الذي غطاها.غالباً ما يكون الغبار حاجب للرؤيا ، فعندما تعصف بارضنا عاصفة رملية او ترابية فحينها اذاً يكون اعدام الرؤيا ويصبح المرء في حالة من العشو الذي يصيب البعض والذي يسمى بالعشو الليلي ، هذا بالاضافة للاصابات العديدة الذي يسببها الغبار الكثيف كالربو والالتهابات الصدرية وما الى ذلك من امراض.
وكما اسلفنا فان الغبار الكثيف لا ياتي لوحده فهو مصاحب بعاصفة قوية تلك التي تقتلع الاشجار وتجرف الانهار وتهدم البيوت ، وهذا يحدث لمجرد دقائق او ربما لحظات مع علم بعض الارصاد الجوية التي تتنبأ بتلك العاصفة القادمة وربما يكون هناك لها تجهيزات وتحضيرات ولكن الامر قد يختلف بعض الشيء في العراق.
فالعراق الجديد مليء بالعواصف الترابية ولكن من النوع السياسي ، تلك العواصف التي تأتي بالغبار الكثيف الذي يحجب الرؤيا السياسية عن الانسان البسيط الذي أوهم بأن الساسة الجدد هم المنتشل والمخلص والمنقذ لابناء الشعب العراقي ، والحقيقة مغايرة تماماً فبعدما اصطفت الاحزاب العراقية قاطبة في انتخابات 2005 في نوع طائفي ومحاصصي مقيت أدخلت العراق في دوامة ومحنة كبيرة تعيد كرتها من جديد ولكن بمحاصصة جديدة من نوع آخر.
بعد أن نفثت غبارها على عامة الابرياء من الذين صدقوا خدع الساسة عمدت تلك الاحزاب والكتل الى اشراك مكونات مختلفة من الشعب العراقي فالكتل الشيعية التي أدخلت معها الشخصيات السنية والكردية والمستقلة وغيرها لم يأتي ذلك عن فراغ وانما جاء عن دراسة وطموح التسلط الحقيقي وجعل الموازنة محاصصية بشكل يحلو للجميع فبدلاً من ان تصبح المناوشات والمهاترات الكلامية بين الطوائف ستقتصر الان على الكتل وهذه الطريقة وان كانت حضارية في الدول المتقدمة الا انها متخلفة في العراق.
بكل بساطة لو طرحنا سؤال على تلك الاحزاب بان تترك العملية السياسية وتدع عامة الشعب يخطو لتشكيل احزاب جديدة وادارة العملية السياسية مع وجود يقين بان من يشكل هذه الاحزاب الجديدة ويدعمها هم الاحزاب انفسهم فسوف يكون الامر منتفياً من الاصل ولا وجود لهكذا ستراتيجية بادارة الملف السياسي ، لانهم يتحججون بالمواطن العراقي ولا يوجد ضمان لنصرته من قبل التشكيلات الجديدة وهم الذين انهوا ست سنوات عجاف على الشعب العراقي من الويلات لايكترثون بذلك.
فلذلك فنحن أمام محاصصة جديدة قد غطاها الغبار الكثيف الذي افرغه الساسة بعنوان اشراك جميع مكونات الشعب العراقي ، فالمكونات الحقيقية باقية مركونة ومسلوبة الحقوق والمكون الذي يتحرك هو واحد وان اختلفت قوماتهم وطوائفهم ومصالحهم الخاصة والهدف السامي لهم هو الحصول على المركز لا غير دون الاكتراث بالعراق.
لقد أصبح حال العراق حال لعبة الشطرنج بالنسبة للاحزاب تستطيع تحريك الات لعبة الشطرنج كفيما تشاء وبالحقيقة الالات هي نفسها ولم تتبدل فقط تغيير اماكنها هكذا حال الكتل والاحزاب فالشخصيات تتنقل من حزب او كتلة لاخرى والحال باق على ما هو عليه ولك الله يا شعب العراق.