الف تحية لك كارمن لبس-المقدس في المجتمعات الشرقية
الف تحية لفنانتنا الكبيرة وصاحبة المواقف الكبيرة والشجاعة اللبنانية كارمن لبس . ففي لقاء معها ضمن برنامج قريب جدا وهومن تقديم جوزيف عيساوي على قناة الحرة ذلك البرنامج المتميز وما يطرح فيه من مواضيع ومحاور حساسة اجتماعية ، فلسفية ، سياسية ، فنية وغيرها من المواضيع واسلوب مقدمها الرائع واسئلته الذكية والمحركة بأتجاه التطور والتحرر سردت الكثير عن سيرتها وما تعرضت له من ظلم اجتماعي وضغوط وقهر كونها امرأة في مجتمع شرقي وبطرحها لقضايا كثير منها يعتبر من المحرمات في المجتمعات الشرقية ذات الطبيعة السلطوية والهيمنة الذكورية ، فقد طرحت في المحور الاول من الحديث موضوعا غاية في الاهمية والخطورة تعكس المفاهيم والتقاليد المغلوطة في تلك المجتمعات الغير منصفة تجاه الانسان عموما والمرأة خصوصا وذلك من خلال ذكرها لواقعة التحرش الجنسي وهي في سن العاشرة من العمر وممن من رجل كان يعتبر بنظر الكثيرين رمز الشرف والاخلاق والسمعة الطيبة والذي هو صديق والدها ووالد صديقتها وظلت لفترة طويلة كاتمة لذلك السر الى ان باحت به لوالدتها فقط ، وبعد فترة وفي زواجها المبكر اقامت حفلة مع زوجها واصدقاءهم فأذا به ياتي من جديد ( صديق والدها ) ليعطيها موعظة ويحسسها بأن تلك الحفلة مسخرة ومنافية للاخلاق رغم كونها حفلة عادية جدا وعائلية ، ياللصلافة والوقاحة بل يا للوضاعة ، مما اضطرها الى ان ترد عليه بأنه آخر من يتكلم عن الاخلاق واذا استمر بمضايقته الرعناء تلك فسوف تفضحه ولم يرتدع ففضحته وسردت الامر للجميع في تلك الحفلة ، فما كان من اهلها والجيران الا ان طلبوا منها ان تذهب له وتعتذر عن ماسببته له من اهانة وتجريح تصوروا يا للسخرية الضحية تعتذر من الجلاد اية مهزلة تلك ، وذهبت فعلا لتعتذر لكنها لم تستطع ان تنطق باية كلمة .. اما المحور الثاني كان علاقتها وزواجها ( الشخصي) من الفنان الكبير زياد الرحباني والذي لم يكن زواجا دينيا على يد شيخ او خوري كنيسة ولا حتى زواجا مدنيا بل بورقة كتبوها معا بين بعضهم وما لاقوه من الازدراء والنظرة السلبية من المجتمع تجاههما الذي لايعترف بهكذا زواج او علاقة . ماذا يعني كل ذلك ، بالنسبة للمحور الاول تكشف هذه الواقعة مدى تهرىء تلك المجتمعات وصدأها بان تجعل من الضحية جلادا ومن الجلاد ضحية ولانه رجل فهو على حق دوما بل بأمكانه التفاخر بتلك الحماقات وذلك الانحراف اما المرأة فليس لها الحق ابدا وتكون هي المذنبة دائما بل وتعتبر ساقطة لامر لا ذنب لها فيه آخذين بنظر الاعتبار ان لبنان يعتبر اكثر تحررا وانفتاحا وتطورا من بقية الدول العربية والشرقية عموما ففي دول اخرى يتم قتل الفتاة في مثل هذه الحالات رغم كونها المجني عليها فأية بشاعة تلك واي جنون .. اما المحور الثاني والذي يدل على النظرة الضيقة لهذا النوع من الزواج الارتباط العلاقة سمه ما شئت والذي يبقى محل استهجان وازدراء المجتمع حتى لو كان عن طريق حب حقيقي صادق والذي هو اسمى من اي زواج تقليدي خالي من الحب وماقد يسببه من علاقة مريضة بين الطرفين والتي قد ينشأ عنها الم ومعاناة كبيرة بل ويؤثر حتى على الابناء وذلك لمن يقول بأن الزواج مع وجود المشاكل افضل في كل الاحوال من الطلاق وهي نظرة اثبتت خطأها في علم النفس والاجتماع بل وحتى في الطب وما قد ينجم من امراض نتيجة تلك الضغوطات النفسية وما قد يسببه رؤية الابناء لوالدتهم وهي تهان وتضرب من قبل الاب و ينتج عنه الم او عقد نفسية او غيرها الاضطرابات في الشخصية في الكبر ، صحيح ان الطلاق ليس هو ما يجب اتخاذه فورا وبعد اول مشكلة صغيرة تواجه الزوجين لكنه في حالات كثيرة يكون الحل الوحيد عندما تكون الحياة قد وصلت الى مرحلة العذاب اليومي ومأساة دائمة فلماذا يجب تحمل كل ذلك ومن اجل اي شيء ؟؟ من اجل المجتمع ، وما سيفعله المجتمع للمرء حين يخسر هذا الاخير صحته وحياته فهي ليست قضية مقدسة يناضل الانسان من اجلها بل بالعكس يكون اثرها التدميري اكبر بكثير من الطلاق والعيش بسلام على اقل تقدير . وحتى هنا تكون المرأة هنا الملامة حتى لو كانت ملاكا وزوجها شيطان ووحش كاسر ويتسلى بتعذيب زوجته واطفاله ويمارس عليهم عبوديته كما هو يعبد مسؤوليه وكما مسؤوليه يعبدون رئيسهم او ملكهم او سلطانهم ، فالدكتاتورية لاتتجزأ فهي ممكن ان تبدأ في البيت الى الشارع الى المدرسة الى النادي الى المقهى الى المؤسسة الرسمية .........الخ ، والديموقراطية كذلك ، فالامور مترابطة مع بعضها البعض وليست منفردة او معزولة حسب ما يعتقد من يؤمن بتلك الاعراف والعادات البالية والتي يتصور بأنه تحميه وتحمي مجتمعه من السقوط والرذيلة في حين انها من اسباب نمو الدكتاتوريات والمآسي والتخلف الذي يصيب مجتمعاتنا ، فأنا لاافهم لماذا نفس الفعل ونفس الواقعة عندما يقوم بها الرجل فلا غبار عليه بل ويفتخر كونه صائد نساء ( وفحل ) اما اذا قامت المرأة بذلك او لم تقم به فهي الملامة دائما وهي الساقطة والملوثة ويجب ان تنال العقاب ، اية هلوسة فكرية تلك واي جنون ، ومن قال بذلك وبهذا العرف والمفهوم الاعوج .... ان تلك المجتمعات غير واعية بأن التقاليد بل وكل المفاهيم والمقاييس في دنيانا ، حاضرنا وماضينا هي اوجدت اساسا لخدمة بني البشر وليس العكس اي ليس البشر بخدمة العادات والتقاليد وخصوصا عندما تكون تقاليد ومفاهيم جوفاء وظالمة في كثير من الاحيان ولا تكون الا عقبة في طريق التقدم والتطور والتحرر ، التحرر والانعتاق من كل ماهو سلبي لاانساني وغير حقيقي ...... وقد ذكرت فنانتنا المتميزة زواجها من شاب من غير دينها وهو ايضا ما ينظر له نظرة توجس والتباس في مجتمعاتنا ، فمن انتم لتعارضون مثل هذا المسائل ، هل انتم الرب ؟؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!! فهذه كلها مسائل شخصية وكما القول المأثور الدين لله الوطن للجميع ولو اني لست دينيا ولكنه قول مشهور وذو مفهوم راقي ...... يضاف الى ذلك امور اخرى في عادات وتفكير وسلوك تلك المجتمعات مثل اخذ المرء بجريرة اخيه او ابيه او زوجه او اقرباءه ....الخ ورغم انه ليس له ذنب ولاعلاقة بما اقترفه الاخر سواء اكان هذه الاخر اخيه او ايا كان وهو ايضا نتاج ذلك الفكر المتأخر الضيق الافق واللاعقلاني وهو عاطفي انفعالي بينما كلما كان المجتمع متقدما ، متطورا ، ومنفتحا كلما اختفت تلك النظرة وذلك الاسلوب في التفكير فالانسان في تلك المجتمعات مستقلindividual
ولكل انسان حريته وتصوره والخاص عن هذا العالم والاله وتفسيره لهذا الاله وللدين ولقضايا المجتمع ولطريقة حياته وللكثير من الامور وله كل الاحترام والتقدير مادام هو يحترم الاخرين ويحترم حقهم في تبنيهم لارآئهم وافكارهم واسلوبهم ومهما كان ما يحمله ذاك الانسان من افكار بسيطة الى انه يظل محل تقدير واحترام وذلك ما اوصل شعوب العالم المتحضر الى ماهم فيه من تقدم وسلام ورفاه وتطور ....ومن المقدسات ايضا فكرة ما يسمى بأولاد الحرام او اللقطاء وهي كذلك نظرة مليئة بالظلم والتعسف لاناس لا ذنب لهم بذلك رغم اني لا اعتبرها ذنوبا فهو حق طبيعي لبني البشر ، ويتعامل معهم كأنهم من كوكب آخر بمنتهى القسوة والاجحاف ولا يكون لديهم ادنى حقوق رغم كونهم اناس طبيعيين والكثير منهم اشرف من الكثير من غلاة المتعصبين المتطرفين الذين لايعرفون ماهو انساني وعادل ، خفافيش الظلام هؤلاء .... وقد يكون المقدس عبارة عن فكرة مثل فكرة نظرية المؤامرة او العكس اي هناك من هم يقدسون فكرة او نظرية اللامؤامرة وفي الحالتين هناك اطلاق وشمولية لدى تبنى مثل هذه الاراء ، وهي حقيقة ليست مطلقة و نسبية فكل حالة يجب التعامل معها حسب ملابساتها وظروفها والمؤثرات المحيطة بها ففي حالات معينة هناك فعلا مؤامرات تحاك من قبل هذا الطرف او ذاك وفي حالات اخرى لا يكون لها اي وجود وتبقى فقط عبارة عن اوهام ملازمة لذلك النوع من التفكير كما هو حاصل لدى الكثير من ابناء الامتين الاسلامية والعربية والذين يردون ويرجعون اي شيء لفكرة المؤامرة التي تحاك ضد العرب والمسلمين ولا ينظرون للظروف والعوامل الموضوعية التي اوصلتهم الى ذلك من افكار واساليب وعادات وتقاليد بالية اكل الدهر عليها وشرب ولا ينظرون بما يفعله الكثير ولا اقول الجميع من العرب والمسلمين ضد الاخرين سواء اكان هؤلاء الاخرين من ديانة مختلفة او قومية مختلفة او دول مختلفة وكذلك مايحدث من ارهاب عالمي من قوى الاسلام السياسي والفاشية القومية وما يقومون به من جرائم مروعة ليس فقط ضد الغير لكن ايضا ضد البنات مثلا وجرائم مايسمى بجرائم غسل العار حتى في دول اوروبية وغربية متقدمة وغيرها من الافعال البربرية الهمجية بحق الانسانية فماذا يتوقعون من الاخر نظرات الاحترام والاعجاب طبعا لا ، ودونا عن بقية شعوب ومجتمعات الارض يمارس الكثير من العرب والمسلمون هذه الافعال الشنيعة والمتخلفة .... على تلك المجتمعات قبل كل شيء الاستماع لصوت العقل والحكمة وتجاوز تلك التصورات والمفاهيم البائسة التي لاتغني ولا تشبع سوى انها معول هدم في طريق مسيرتها والتي لن تؤدي الا الى المزيد من التخلف والكوارث والى الزوال والتلاشي .
zoris0@yahoo.com