الفنان الكاريكاتير سلمان عبد والظواهر السلبية في المجتمع
حين تصلك يومياً تقريباً لوحة فنية كاريكاتيرية من الفنان المبدع سلمان عبد, تدرك بسرعة وارتياح أن هذا الفنان يلاحق الواقع العراقي ويتابعه بنظرة إنسانية عميقة وعراقية صادقة ويلتزم بإصرار بعدد مهم وأساسي من القيم والمبادئ الديمقراطية التي تعبّر بدورها عن رفض المزيد من الاستغلال للفقراء والجائعين لصالح تسمين القطط السمان وذات النعمة الحديثة والفاسدين والمفسدين, ضد الاستبداد والقسوة والعنف والإرهاب, وضد تهميش المثقفين في الحياة العامة وضد المواقف السلبية من الفنون الإبداعية التي تعبر عن حاجة المجتمع وضرورات تطور حياة الفرد والمجتمع, وهي كلها تجسد في تتبعه للحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والأمنية والعسكرية في العراق, وكذلك الموقف من الحكام وضد الطائفية والشوفينية وضيق الأفق القومي ومن أجل حياة حرة وكريمة ولصالح حقوق المرأة وإخراجها من البؤس والفاقة والحرمان من الحقوق المتساوية مع أخيها الرجل.وأخيراً رأيت له اللوحة الكاريكاتيرية الجديدة التي نشرها بتاريخ 20/10/2009 التي صورت حالة الحياة السياسية الراهنة المنتشرة في العراق: سجل على اللوحة الكلمات التالية: "ابيتنه ونلعب بيه شله غرض بينه الناس", ثم وضع كلمات "الحسود لا يسود", وأعطى العنوان التالي: "البرلمان رفض النقد وسيقاضي من ينتقده!!!" إنها لا تصور حالة البرلمان العراقي فحسب, بل تصور كامل الحياة السياسية العراقية كلها, فهي تعبر عن:
** استمرار روح الرفض للنقد التي لا تزال تهيمن على أخلاقيات الحياة السياسية في العراق, وهي جزء أصيل من روح الاستبداد وعدم الاستعداد للاستماع للرأي الآخر, وبمعنى آخر, م أنتم وما نقوم به, إنها قضيتنا وليست قضيتكم وابتعدوا عن التدخل في شؤوننا.
** الشعور بأنهم يقدمون الأفضل وليس هناك ما يفترض نقده, وأن على الجميع أن يروا ما هو مليان من الكأس وليس الفارغ منه.
** وأنهم سعداء بما بلغوه حتى الآن, ولهذا يرون بأن ليس في الإمكان أبدع مما كان, وأن روح النقد القادم ينطلق من الحسد على ما بلغوه من تقدم وليس من الرغبة في التحسين والتطور والإغناء. ويتمنون أن تكون في عين الحسود عود.
** وأن على الفرد والمجتمع أن يكف عن النقد وإلا فالعاقبة غير محسوبة!
كم أتمنى على مجلس النواب وعلى أعضائه وعلى كل الأحزاب السياسية في العراق أن يرتقي الإدراك بأن النقد حتى لو جاء حاداً, فهو يريد صلاح الحياة السياسية وتقدمها وتطورها صوب الديمقراطية وليس الإساءة لأحد, رغم أن مجلس النواب قد بني على أسس طائفية ولا يزال يعمل بنفس الوجهة حتى الآن, وهي كارثة. والقوى السياسية في العراق تأخذ اتجاه فعلها, شاءت ذلك أم أبت, تسير بذات الوجهة العامة التي تسود البلاد ومجلس النواب, رغم النضال ضد تلك الظواهر السلبية.
لقد حاولوا اعتقال سلمان عبد وكان التهديد واضحاً وليس مبطناً, ولكن الرجل المرتبط بشعبه وقضية الديمقراطية والتقدم الاجتماعي ومساعدة الفقراء والكادحين من أبناء المجتمع, كان ولا يزال جريئاً يرتضي تحمل العواقب لصالح هذا الشعب ولصالح العراق.
21/10/2009 كاظم حبيب