القادة الفعليين يصنعون صنعا
سبق وان قدمنا من خلال عدة مقالات مقومات اساسية للقائد الحقيقي , وخاصة دعوة د. ق . ستوت في كتابه " المسيحية والقضايا المعاصرة " الى القيادة المسيحية , حيث يؤكد بأن هناك ندرة خطيرة في القادة في عالمنا المعاصربدليل وجود ترسانة وحشد من المشكلات التي تواجهنا نحن البشر على المستوى العالمي والأقليمي والمحلي " الوطني " , وهذه كلها مرتبطة موضوعيا ومؤثرة ذاتيا على مستوى الفرد والمؤسسة والمجتمع والدولة والعالم , من خلال ما نرى ونلمس من انتهاكات لحقوق الأنسان على كافة الاصعدة السياسية والاجتماعية والاخلاقية والروحية , وان أخذنا عراق اليوم نموذجا يتضح للقارئ الكريم أن القيادة هي في أزمة حقيقية على مستوى الدولة والبرلمان والوزارات والمؤسسات والأحزاب السياسية والدينية , بخصوص الدولة وبعد مرور أكثر من أربع سنوات على العراق الجديد وبعد صرف 19 مليار دولار على القوات المسلحة " بجميع فروعها " نرى ان هناك تزايد في عدد القتلى , وتزايد في اعداد المهاجرين والمهجرين قسرا , وخاصة من المسيحيين والصابئة " ان وجدوا مع الاسف " , وان لم نضع ما آل اليه مصير الأخوة المندائيين أمام اعيننا في كل لحظة , سيكون لنا نفس المصير المخطط له من الخارج وتنفيذ الداخل , والمثل الذي امامنا فلسطين " غزة " ولبنان , خير دليل على الخطة الاقليمية المدروسة لارجاعنا 16 قرنا الى الوراء وفرض الحرام لكل شيئ عدا الذبح والدم والموت . اما على مستوى البرلمان والوزارات والمؤسسات ودوائر الدولة المختلفة , تطل علينا في كل يوم فضيحة جديدة يندى لها جبين الأنسانية والطامة الكبرى أبطالها يسمون أنفسهم قادة ! وكان آخر هذه الفضائح والمصائب هي موضوع استغلال الأطفال جنسيا وكقنابل موقوته لقتل أكبرعدد من الأبرياء , والسؤال الذي يتبادرالى الذهن هو : أين ضمير القادة وصناع القرار والفضائيات والاعلام الذي أقام الدنيا ولم يقعدها في موضوع أبو غريب والرسوم الكاريكاتيرية الدانمركية والدفاع عن ارضاع الكبير ,,,,, الخ , اين هم مما شاهدوه من صور لأطفال عراقيين , عريانين , مجوعين , معتدى عليهم جنسيا , مسجونين , ومحزومين بأحزمة الموت ؟ وبطلها عفوا وأبطالها قادة ملتحين ! يأتمرون بالخارج , ويصرفون من دولارات " الجهاد " ! حتما أن هؤلاء ليسوا بعراقيين , لأن العراقي الأصيل لا يمكن أن يفعل بأطفال العراق وخاصة اليتامى ما فعلوا هؤلاء آكلي لحوم البشر , اين انتم ايها الشيوخ والامراء والملالي من كل هذا ؟ هل هذا هو الجهاد في سبيل الله ؟ . اما بخصوص الأحزاب السياسية والدينية وخاصة الحديثة منها فهي ليست في أزمة قيادة بل في ورطة قيادة ! نعم نؤمن بالتعددية ولكن ليس التعددية التي تقتل أبناء الذي يعارضها أو يختلف معا فكريا , وليست التعددية بعدد الميليشيات المسلحة , وليست التعددية بعدد فتاوى القتل والتحريم ,وليست التعددية بتسييس الدين , وليست التعددية بالقول بان مذهبي وطريقتي وفلسفتي هي أحسن الكل كونها هي من جذور التاريخ ! كلنا لنا أصلنا وفصلنا وجذورنا وتاريخنا وحضارتنا ولغتنا وثقافتنا , وكلنا نحمل نفس نفخة الله , الا اذا كان من يدعي انه الأعلى والأكبر والأقوى يحمل نفخة أكبروأكثر من نفخة الله ! وهذا غير ممكن مطلقا لأنه يكون اعلى من البشر روحيا ! أي يشارك الله - وهذا هو الكفر الذي نتكلم عنه عندما يقول احدهم " انا أو نحن من أهل الجنة " لا يا سيدي - الجنة ليست "خان شغان " الجنة لها أناسها الطيبين , الجنة هي للمسالمين وليس للقتلة في سبيل الله , لأن الله لا يحتاج لأحد أن يدافع عنه أو في سبيله ما دام هو قادرعلى كل شيئ !!! لقد ولى الزمن الذي تضحكون فيه على عقول الناس باسم الجهاد وباسم الدين , الدين هو من اجل الانسان وحياته وليس من اجل قتله وموته , اذن اهل الجنة هم اصحاب الخير , اصحاب المدافعون عن الحق , اصحاب الديانات جميعها وليس دين واحد , الدين الاسلامي الحقيقي هو الذي يدعو التسامح والسماح والمحبة والفضيلة ,,,,,, وليس الى القتل والموت واراقة الدماء , والمصيبة ان كل هذا هو بأسم الله , فعليه يكون السبب الرئيسي في كل مضائبنا ومشاكلنا هي في القادة الفعليين الذين يصنعون صنعا " كما قال المربي Bennie Goodwin الامريكي الاسود , الموضوع ليس بعدد القادة , بل في نوعية القادة , كما قال شكسبير: " لا تخف من العظمة ؟ البعض يولدون عظماء , والبعض الآخر يحرزون العظمة والبعض الآخرتقحم العظمة عليهم اقحاما " , فبالنسبة للذين يولدون عظماء أنهم رجال ونساء يتمتعون بقوة في الذكاء والشخصية والأخلاق , ولهم مواهب قيادية خاصة , وليس وارثوا قيادة , ان كان الأب قائد ليس بالضرورة ان يكون ولده او اخوه قائد وله صفات القادة , اما اللذين يحرزون العطمة هم القادة الفعليين الذين يصنعهم التاريخ صنعا , من خلال رؤيتهم للواقع وادراكهم وتبصرهم للأشياء كما هي , وان يكونوا اصحاب فعل , يفكرون ويخططون ويعملون , " سمعت الملكة فكتوريا عزف بادرفسكي فقالت له : يا سيد بادرفسكي ,انك عبقري , فرد قائلا : هذا ممكن يا سيدتي , ولكنني كنت كادحا قبل ان اصيرعبقريا , اذن السمة الرئيسية للقادة العظام هي ان يعمل , ان يكدح , ان يناضل , ان يعرق جبينه , وليس ان تأتيه القيادة كهبة أو يرثها وكأنها مادة ! لا القيادة الحقة هي في خدمة الآخر وليس التعالي عليه والأنحناء أمامه فقط , نعم هذا واجب ربما , ولكن لا ننسى انه غير معصوم من الخطأ , فوجوب القول لا الى جانب النعم , ومن ناحية أخرى ان له كرامة تساوي كرامتي بالضبط , وان يكون القائد الذي يحرز العظمة منضبطا قبل غيره وشجاعا لا يترك جماعته أو من هم بمعيته وينهزم من أول خطريلوح في الأفق , فهل القائد الحقيقي يتهزم من بيته عندما يسمع صوت السارق ويترك زوجته وأولاده وبناته لمصير مجهول وهو يتنعم بالأمان والطمأنينة ؟ كلا ومليون لا , القائد يستشهد قبل ان يدخل السارق الى البيت , نعم هكذا تصنع القيادة وليس بشكل آخر, اما اللذين تقحم عليهم القيادة اقحاما , فمصيرهم كما هو معروف الفشل في كل شيئ , والكبرياء , والرشوة , والمحسوبية والمنسوبية , والسرقة من اموال الشعب , وقبول الهبات , وبيع الضمير , عدم الاكتراث الى مصير الاخرين , الأنا وبس . لذلك نرى في العراق كل شيئ مشوش , عدم الامان والاستقرار , القتل والتهجير , التقسيم ,,,,, فلماذا ندعو الى عدم تقسيم العراق ونحن مقسمين , متشردمين , طائفيين , مذهبيين , أنانيين , مصلحيين , فاقدي صفات القادة الحقيقيين . عليه وجوب ان يكون كل واحد حر وشريف , مسلم ومسيحي , يزيدي وصابئي , ان يكون قائد حقيقي في البيت والمدرسة والمعمل والشارع والمؤسسة والوزارة والجامع والكنيسة , له صفات القادة الشجعان - متوازني العقل والقلب , مضحين , قارئي للواقع كما هو , قابلي للآخر , ومنفتحين عليه , وبهذا نضمن السيرفي الطريق الصحيح .shabasamir@yahoo.com