القضية الاشورية نجاح اعلامي وفشل سياسي
لربما نتفاجئ نحن العراقيين اذا ماعلمنا ان مملكة النعمان ابن المنذر في الحيرة والنابغة الذبياني الذي شعره فاق وترفع على المعلقات ومعلقيها، والنجف وكربلاء وميسان واربيل وكركوك ودهوك ونينوى هي مخلفات الحضارة الاشورية العظيمة التي امتدت الى كل مشارق الارض ومغاربها هذا الشعب العراقي العظيم الذي مازال اهلنا في الجنوب والشمال العراقي يتخاطب بمئات الكلمات الاشورية العراقية في حديثهم وخطابهم اليومي، هذا الشعب البابلي الاكدي السومري العظيم الذي مازال ورغم جور الزمان وقمعه مازال صابرا شامخا ابيا، نزلت على اهلنا الاشوريين من المصائب والكوارث مالم تنزل علينا نحن الشيعة الذين ندعي الظلم والمظلومية في تاريخنا الاسلامي القديم او الملكي والجمهوري الحديث، دفع الاشوريون ثمنا باهضا بسبب تمسكهم بدينهم المسيحي المسالم الذي بشر به سيدنا المسيح عليه السلام لانقاذ البشرية من الظلم والفساد الرابض على جسد البشرية انذاك، فعند دخول الفتح الاسلامي الى العراق فرضت عليهم الجزية وهم ابناء الوطن واصله، وعندما استتب الامر لمن يدعي الاسلام بدا القمع والارهاب مسلطا عليهم من احفاد تيمور لنك - يذكر المؤرخ الكردي الامير شرف خان البدليسي ان الاكراد قدموا الى المنطقة مع الطاغية تيمور لنك المغولي - ففي منتصف القرن التاسع عشر الميلادي قام السفاح والقائد الكردي بدرخان بقتل عشرات الالاف من الاطفال والنساء من الشعب الاشوري ويذكر ان بدرخان كان يتلذذ بقتل الاطفال ..اذ انه كان يرميهم من مرتفعات الجبال لينزلوا على اسنة الرماح والسيوف.. ويستمر الوضع المأساوي لشعبنا الاشوري الى مجازر الحرب العالمية الاولى التي ذهب ضحيتها ثلثا الشعب الاشوري من ضمنها اغتيال الزعيم البطريرك ماربنيامين شمعون غدرا على يد اسماعيل سيمكو زعيم قبائل الشيكاك الكردية وتستمر ماساة وفاجعة الاشوريين الى التعاطف العالمي معهم وصدور قرار من المنظمات الدولية في 15- 12- 1932 والمرقم 69 والذي ينص على الحكم الذاتي للشعب الاشوري، لم يحصل الشعب الاشوري على حقوقه لا بهذا القرار ولا بغيره، بل ان الارهاب اخذ بالتزايد عليهم، فمن جانب النظام البعثي الساقط وارهابه وقمعه لهم الى التسلط الكردي القائم على الكيان والارض الاشورية.
اسعدني كثيرا خبر الفضائية الاشورية الدولية التي امست تصل الى كل ارجاء العالم بفضل ابنائها الخيريين والمحبين لقضيتهم ووطنهم العراق وشعبه، هذه الفضائية التي انطلقت بفضل وجهد الاشوريين انفسهم، وبدون الاستعانة بالحصة المقررة من برنامج النفط مقابل الغذاء التي وظفها السادة الاكراد في فضائييتين كردييتين تدعيا للانفصال وتسقيط العراق وشعبه، فالاشوريين يشهد لهم الجميع في سعيهم الحثيث في اثبات حقهم الوطني والقومي في العراق على الرغم من كل المؤآمرات التي حاكها البريطانيون المبشرون او الاكراد والاتراك والقوميون العرب وغيرهم في تسقيط هذه الامة التي تصارع الجميع من اجل وجودها، ثلاث ارباع الشعب الاشوري يعيش خارج الوطن الاشوري العراق بسبب القمع والارهاب البعثي والكردي، هذا الشعب الذي لم تنصفه العهود الصفوية ولا السلجوقية ولا البعثية ولا الكردية القومية الشوفينية التي لبست ثوب صدام واجرامه بسروال كردي .. الشعب الذي تعرفت الى بعضهم في المنفى وكأنهم ابناء بابل والنجف وكربلاء .. ابدا لم يغيير المنفى شيأ من عراقييتهم وآشوريتهم وحبهم للعراق واهله ... لهم لغتهم الآرامية الاشورية العراقية الخالدة ... ويتحدثون اليك بالعربية الفصحى واللهجة العراقية كأنهم من ابناء الناصرية او العمارة الجنوبية او اللهجة البصراوية المحببة لابناء الشعب العراقي .. سنون طويلة مضت على غربتهم ومأساتهم وتجدهم افضل واشرف عراقية ممن قدم الى الغرب منذ عشر سنوات مضت .. قليل من يحمل العراق في قلبه في المهجر ...ما اسرع احدهم عندما تسئله من اي وطن انت ؟ يرد عليك وبملئ فمه: انا من كردستان ؟
الاشوريون عراقيون كرماء بالرغم من الاضطهاد والقمع المسلط عليهم .. مجمعاتهم ونواديهم الثقافية تنتشر في كل ارجاء العالم بأسم العراق والوطنية العراقية .. تعرفت اليهم في ديترويت وفينكس وساندييكو ولوس انجلس وشيكاكو هم هم عراقيون وطنيون شرفاء ابدا لم يغير المنفى والمهجر شيئا من عراقيتهم ووطنيتهم .. بل انهم ازدادوا وطنية وعشقا للعراق .. لهم وزنهم وثقلهم اينما حلوا وخاصة في الولايات المتحدة الامريكية .. لهم منزلتهم لدى ايّ مرشح امريكي في الرئاسة الى الولايات المتحدة الى انتخاب روؤساء الولايات وممثلي الكونكرس .. لابد لاي مرشح من هؤلاء ان يمر بديترويت وشيكاكو وكالفورنيا ليكسب رضى الاشوريين واصواتهم. تأثير الكتلة الاشورية في امريكا ظهر مؤخرا في اشد مراكز القرار حساسية في العالم وهو الكونكرس الامريكي ووزارة الخارجية بزعامة الابن بوش، ففي تاريخ 26 - 10 - 1999 وضمن نشاط المنظمات الاشورية اندفعت شخصيات رسمية امريكية عدّة الى لفت نظر البيت الابيض حول مايعانيه الاشوريين في ارضهم التاريخية سواء ضمن سيطرة البعث او ضمن سيطرة القبائل الكردية لذلك قدم ثلاثة اعضاء من الكونكرس الامريكي كتابا الى الرئيس بوش طالبين فيه الاخذ في الاعتبار وضع القومية الاشورية في حال اي تغيير في العراق، وفي 15- 3- 2002 قام تسعة عشر عضوا من الكونكرس بتوجيه رسالة اخرى الى الرئيس بوش وفي 25-4-2002 وجه رئيس لجنة العلاقات الخارجية في الكونكرس السيناتور هنري هايد رسالة الى مساعد وزير الخارجية الامريكي لشؤون الشرق الاوسط السيد وليم بيرنز شارحا الاضطهادات التي يتعرض لها الشعب الاشوري في العراق والشمال على وجه الخصوص وفي 8 اب 2002 وجه السيد بيرنز رسالة اخرى الى وزير الخارجية كولن باول منددا بابعاد الاشوريين عن مؤتمرات المعارضة العراقية. وهناك ارتباطات قوية ومتينة للقوى الاشورية مع جميع مراكز القرار في الولايات المتحدة واستراليا وبعض الدول الاوربية للمطالبة في حقوقهم الوطنية والقومية واثباتها في وطنهم التاريخي العراق.
فالقضية القومية الاشورية امست مطلبا وطنيا مهما وعامل رئيسي لاستقرار الامن والسلام في العراق الديمقراطي المقبل، ولا بد لاحزاب المعارضة العراقية وقواها ان تاخذ القضية الاشورية ماخذا وطنيا صادقا وتضعها على اولويات برامجها السياسية خاصة قي مايتعلق بالقوميات في العراق - وهم القومية الثالثة - ومنح الحقوق الاشورية الوطنية كاملة، اهمها عودة كل المهجرين الذين طردوا بسبب السياسة التي مارسها البعث والعشائر القبلية الكردية في الشمال العراقي ضدهم، وتعويضهم واعادة جميع الاراضي والقرى الاشورية المكردة والاعتراف الكامل بآشورية اربيل ودهوك واعتبار دهوك المدينة الرمزية او العاصمة الفخرية للقومية الاشورية ضمن العراق الديمقراطي الموحد، ولا بدّ من اقرار ذلك دستوريا في اي تشريع قانوني للعراق الجديد.
من الؤسف ان المشكلة التي تعاني منها المعارضة العراقية وتياراتها وتضارب بعضها البعض وتسقيط وتهميش الاخر لم تنحصر بالعرب او الاكراد او التركمان، بل انها وبنفس الوتيرة ان لم تكن اعظم عند الاحزاب والحركات الاشورية، فانهم وبالرغم من تاريخ معارضتم واسبقيتها على جميع قوى المعارضة العراقية مازالوا - الاحزاب الاشورية- الى الان لم يوحدّوا خطابهم السياسي، يتحدثون عن بيانات واجتماعات احدها يضرب الاخر برغم الاتفاق الظاهري لبياناتهم، فأني وكما اعرف انهم يرغبون في اصدار بيان يمثل وجهة النظر القومية الاشورية في العراق المقبل اي على غرار اعلان الشيعة وبيان التركمان ودساتير الاكراد، الى اليوم ننتظر هذا البيان او الاعلان لكن للاسف لم يحدث هذا. تصدر بعض البيانات من هذا الحزب او ذاك لكن ابدا لم يصدر بيان اشوري موحد، فمثلا تمّ اجتماع في لندن لبعض الاحزاب الاشورية بتأريخ 1-3 تشرين الثاني 2002 تمّ خلاله تدارس واقع الساحة الاشورية والتطلعات القومية الاشورية في عراق ديمقراطي موحد، كما تدارس الاجتماع مسودة الاوراق المعدة من قبل لجان المعارضة العراقية، وختم المجتمعون على صياغة خطاب آشوري موحد ؟
تمضي ايام قليلة لينعقد اجتماع آخر لمجموعة اخرى من الاحزاب الاشورية في احدى الدول الاوربية التي لم يذكرها البيان وتطالب ايضا بنفس البنود والفقرات التي اقرها اجتماع لندن بما فيها اصدار بيان اشوري موحد ؟ اين البيان لانعلم ... ثم ان المجتمعين في لندن والذين اجتمعوا في احدى الدول الاوربية اذا كان خطابهم متفق الواحد للاخر لماذا لم يكن اجتماعهم موحدا ومن ثم الاعلان الاشوري المزمع اصداره موحدا؟
اقولها بكل حب الى اهلنا الاشوريين من انه ليس هناك متسع في الوقت وعليكم اليوم قبل غد على العمل على توحيد صفوفكم واحزابكم واصدار بيانكم الاشوري لخدمة شعبكم والشعب العراقي جميعا.
--------------------
*نقلت بعض المعلومات من مقاال الاستاذ آشور كيوركيس- القومية الاشورية مضطهدة ومهمشة في وطنها - الى متى المنشور على شبكة ايمامة وشبكة كتابات.