الكرامة الإنسانية
تتأكد كرامة البشر في ثلاث عبارات متعاقبة في سفر التكوين ( 1 : 27 و 28 ) التي تفحصاناها من حيث علاقتها بالبيئة، " خلق الله الإنسان على صورته " ثانياً " ذكراً وأنثى خلقهم ". ثالثاً وباركهم الله وقال لهم : " املأوا الأرض وأخضعوها "، فالكرامة الإنسانية تبدو هنا، مؤلفة من ثلاث علاقات فريدة أنشأها الله لنا بالخلق، وهي تؤلف مجتمعة قدراً كبيراً من إنسانيتنا وقد شوهها السقوط لكنه لم يدمره.أولها علاقتنا بالله. المخلوقات كائنات تشبه الله، خلقت بإرادته وعلى صورته، وتشمل الصورة الإلهية تلك الصفات العقلية والخلقية والروحية التي تفصلنا عن الحيوانات وتربطنا بالله.
ونتيجة لذلك، نستطيع أن نتعلم عنه من التوراة والأنبياء والإنجيل، وان سماع الإنجيل حق إنساني أساسي. فنعرفه ونحبه ونخدمه ونحيا في اتكال عليه بوعي وتواضع، ونفهم إرادته ونطيع وصاياه، فجميع تلك الحقوق الإنسانية التي ندعوها حرية الاعتراف بدين معين وممارسة شعائره ونشره وحرية العبادة وحرية الضمير وحرية الفكر والكلام تاتي تحت هذا العنوان الأول، علاقتنا بالله.
القدرة الفريدة الثانية التي تملكها الكائنات البشرية هي علاقتنا الواحد بالآخر. إن الله الذي خلق الجنس البشري هو نفسه كائن اجتماعي، إله واحد بثلاثة أقانيم متميزة أزلياً، وقد قال :
" لنصنع الانسان على صورتنا "، و " ليس حسناً أن يكون آدم وحده . وهكذا صنع الإنسان ذكراً وانثى وقال لهم اكثروا " فالجنسانية من صنعه والزواج من تأسيسه، والرفقة البشرية مقصده. فكل تلك الحريات التي ندعوها قدسية الجنس والزواج والعائلة، وحق الاجتماع السلمي، وحق الحصول على الاحترام مهما كان عمرنا، أو جنسنا، أو عرقنا، أو رتبتنا، جميعها تأتي تحت العنوان الثاني، وهو علاقتنا بعضنا ببعض.
أما صفتنا الثالثة ككائنات إنسانية فهي علاقتنا بالأرض ومخلوقاتها، لقد منحنا الله سلطة خاصة ومعها تعليمات لإخضاع الأرض المثمرة ورعايتها، وللسيطرة على مخلوقاتها، وهكذا فان جميع حقوق الإنسان التي تدعوها حق العمل وحق الراحة وحق المشاركة في موارد الأرض، وحق الغذاء والكساء والمأوى وحق الحياة والصحة وصيانتها إلى جانب التحرر من الفقر والجوع والمرض تاتي تحت عنوان الثالث، وهو علاقتنا بالأرض.
ورغم التبسيط المفرط يمكن ان نلخص ما نعنيه بكرامة الإنسان به بهذه الطرق الثلاث: علاقتنا بالله ( أو حق ومسؤولية العبادة ) وعلاقتنا بعضنا ببعض ( أو حق ومسؤولية الألفة ) وعلاقتنا بالأرض ( أو حق ومسؤولية الوكالة ) ومنها بالطبع الفرصة التي تهيؤها التربية والدخل والصحة لتطوير هذه الامكانية الإنسانية الفريدة.
وهكذا فان جميع حقوق الإنسان هي بالأساس الحق في ان يكون إنساناً، وان يتمتع بالتالي بالكرامة الناشئة عن كونه قد خلق على صورة الله وعن امتلاكه نتيجة ذلك علاقات فريدة مع الله نفسه، ومع أقرانه البشر ومع العالم المادي.
ابن الرافدين
الراهب آشور ياقو البازي
للمزيد انقر على الرابط ( اللنك )
منتدى البازيين
منتدى أحفاد سومر وأكد وبابل وآشور
http://albazi2009.ba7r.org