الكورد والمتهم طارق الهاشمي
لجوء طارق الهاشمي نائب رئيس جمهورية العراق المتهم بالتحريض على ارتكاب جرائم إرهابية من منزله في المنطقة الخضراء إلى إقليم كوردستان- العراق تسبب في أزمة جديدة بين رئيس الجمهورية السيد جلال طالباني وبين السيد رئيس الوزراء السيد نوري المالكي من جهة، وبين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم من جهة أخرى.فقد أدعى طارق الهاشمي أن وجوده في الإقليم جاء بناءا على رغبة السيد رئيس جمهورية العراق جلال طالباني فهو الذي استدعاه إلى السليمانية للتشاور معه حول الأزمات السياسية التي يمر بها العراق، وكلفه متابعة مهامه السياسية من السليمانية لحين الوصول إلى حلول ما، كما أن طارق الهاشمي ادعى أنه يحل ضيفا على إقليم كوردستان ورئيس حكومة الإقليم السيد مسعود بارزاني.
ورغم أن ادعاءات طارق الهاشمي لم تثبت، كما لم يصدر بيانا لا من مكتب رئيس الجمهورية ولا من حكومة الإقليم ينفي أو يثبت ادعاءات المتهم الهاشمي فأننا نحمل تلك الادعاءات على الصحة ونناقشها كأنها صحيح حتى يثبت العكس.
وبالتالي، نقول هل من حق رئيس جمهورية العراق أن يحمي نائبه المتهم بالتحريض والإشراف على ارتكاب جرائم إرهابية وقتل العشرات من المواطنين والتخطيط والعمل ضد الحكومة، هل من حق رئيس الجمهورية أن يخوله بالعمل كنائب رئيس جمهورية من مدينة السليمانية؟
أليس الأولى أن يكون رئيس جمهوريتنا في العاصمة بغداد ويعمل هو نائبيه من بغداد لا من السليمانية، أليس الأحرى برئيس جمهورية العراق وهو الرمز الأعلى وحامي الشعب والدستور والمدافع عن حقوقه أن يقوم بتجميد عمل طارق الهاشمي كنائب رئيس جمهورية حتى يثبت براءته أمام القضاء بدلا من تمكنه من استغلال موارد الدولة وأموالها، أليس من الأجدى أن ينصح رئيس الجهورية نائبه أن يحترم القضاء ويخضع لأحكامه؛ فإذا كان لا يستطيع طارق الهاشمي وهو نائب رئيس جمهورية العراق أن يحمي نفسه من حيف القضاء كما يدعي، فمن يستطيع من المواطنين العاديين أن يحمي نفسه، فان كان القضاء يظلم الهاشمي فالويل والثبور لغيره ممن لا يستطيع أن يدافع عن نفسه، وليس له منبر إعلامي، ولا حزب يدافع عنه، ولا مكون يؤيده على الخير والشر، ولا حماية إقليمية ودولية ولا..
وبالتالي، فالسكوت على ادعاءات طارق الهاشمي وطعنه بالقضاء العراقي يعني أنك - يا سيادة رئيس الجمهورية- تشارك طارق الهاشمي في تضعيفه القضاء وتؤيده في الاستخفاف بدم العراقيين، ورجاءنا أن لا تكون كذلك !.
أما ما يتعلق بموقف حكومة إقليم كوردستان فلا نجد أي مبرر معقول يدفعها بقبول المتهم طارق الهاشمي على أراضيها، ولا يمكن تصور توفير الحماية له وتمكينه من وسائل الأعلام من أجل بث الفرقة والطائفية وتحويل قضيته من قضية قضائية إلى قضية سياسية- طائفية.
يرى محللون سياسيون أن القيادة الكوردية ستجعل من طارق الهاشمي ورقة ضغط تستخدمها لتصفية الملفات العالقة بينها وبين الحكومة الاتحادية، وبالتالي، يمكن أن تضحي بالهاشمي في حال استجابة رئيس الوزراء لطلباتهم.
وهناك من يرى أن حكومة إقليم كوردستان ستكون هي المستفيد الأول من تدهور الأوضاع الأمنية والسياسية والاقتصادية، فكل مصيبة تصيب بغداد ترجع بالفائدة على إقليم كوردستان وكأن ( مصائب قوم عند قوم فوائد).
إلا أنه ورغم عدم وضوح الموقف الكوردي فإنني أستبعد أن يمتنع إقليم كوردستان عن تسلم الهاشمي أو يعمل على تهريبه، إذا ما أصرت الحكومة الاتحادية على تطبيق القانون والإجراءات القضائية.
فقد صرح السيد مسعود بارزاني أن الأزمة الراهنة في العراق ذات بعدين الأول قضائي يجب أن تقول المحاكم كلمتها فيه، والثاني سياسي يتطلب حوارات بين الكتل السياسية.
وبالتالي، فان المطلوب المزيد من التعاون والانفتاح والتفهم بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كوردستان لتفادي تفاقم الأزمة الإدارية والسياسية من خلال التأكيد والعمل على :
- تسليم طارق الهاشمي للقضاء العراقي في بغداد ليثبت براءته .
- أن تمنع حكومة إقليم كوردستان طارق الهاشمي من استغلال المنابر الإعلامية للهجوم على الحكومة الاتحادية وإثارة النعرات الطائفية.
- الاتفاق على وثيقة عمل مشترك تتضمن الحلول اللازمة للازمات السياسية التي تعصف بالبلاد.