المؤتمر الشعبي الثاني .... الفرصة التاريخية في ظل الظروف الموضوعية والذاتية الراهنة
أن مفهوم الظروف الموضوعية لمسألة ما يندرج في مجال أدراك العناصر والنقاط الاساسية التي تحيط بهذه المسألة ، أي بمعنى آخر الوضعية التي يصلها واقع ما تعيش وتتطور من خلاله تلك المسألة ، فعندما تنضج هذه الظروف فأن هذا يعني ظهور مقدمات لفرصة تأريخية كانت مطلوبة ومتأملة في السابق ليتم استغلالها وعدم أضاعتها وذلك من أجل تحقيق نتائج ايجابية ، حيث أن هذه الفرصة من غير الممكن أعلان وجودها وأنما بنضوج العامل الذاتي فقط سيتم أدراكها ، وهذا يعني أن نضوج العامل الذاتي هو الآخر أمر بغاية الاهمية فبدونه لن يتم حتى الاستشعار بدنو فرصة تأريخية ما يتأملها الشعب لكي تتحقق من خلالها طموحاته المشروعة ، وهكذا فبتطابق العوامل الذاتية والموضوعية لمسألة ما ، فقط ، ستلوح لنا هذه الفرصة التأريخية لكيما نستغلها فنحقق أهدافنا والتي ستكون بالتأكيد أهداف جيدة ومفيدة ، فمن الضروري أذن والمفيد دائما أن نلجأ الى تهيئة الوضع الذاتي بصورة تجعله مهيئة لمرحلة النضوج التي ستصلها الظروف الموضوعية ، حيث أن ذلك وكما هو مفهوم كفيل بحراك التأريخ وحتمية ادواره .ففي حالتنا والواقع الذي آل اليه وضع شعبنا الكلداني السرياني الاشوري سياسيا في العراق ، سنجد في هذه المرحلة الراهنة حراكا وظروف موضوعية تقترب من النضج ، وهذا النضج قد لن يكون واضح للرؤية عند الجميع كما اسلفت ، فكمٌّ من الاحداث والتي ابتدأت منذ الخطوة الجريئة التي تم خلالها عقد المؤتمر الشعبي الاول ، على الرغم من وجود خطوات سبقتها ، مرورا بتشكيل المجلس الشعبي كنتاج للمؤتمر وبتآلف أحزاب سياسية لشعبنا معه و مرورا بتجارب الانتخابات ، وصولا اليوم لنية عقد المؤتمر الشعبي الثاني ، وتشكيل لجنة تحظيرية له حسب آلية جديدة ، فأن كل هذه الحوادث حتما ستنتج تغييرا نوعيا سيتمثل بظهور ظروف موضوعية ناضجة ومهيئة لمجيء الفرصة التأريخية المطلوبة والتي لطالما ناضلت نخب شعبنا القومية من أجلها في فترات زمنية متعاقبة ، لكن سيبقى علينا تهيئة العامل الذاتي لكي يكون مؤهلا لتلقي وادراك هذه الفرصة التاريخية لاستغلالها وتحقيق نتائجها المرجوة ، وهذه التهيئة تستوجب أولا توحيدا لقوى شعبنا السياسية والثقافية والاجتماعية وكذلك مؤسساته الدينية ، المؤمنين بأهدافه القومية في العيش الحر الكريم على ارض الاباء والاجداد والمحافظة على هويته ووجوده ، وهذا يتطلب حزمة من المواقف الصادقة والقوية من أهمها الاستعداد التام لنكران الذات وترميم البيت الداخلي لقوانا السياسية ، والتخلي عن النرجسية والنظرة الفوقية ، كما يتطلب ايضا التخلي عن الثانويات والامور الضيقة ، فمن المؤكد أن هذه المستلزمات الضرورية لن يهتم بها الا من نضج عنده العامل الذاتي ، ذاك الذي ينظر ويرى بوضوح أقتراب هذه الفرصة التأريخية التي ترافقت مع نضوج الظروف الموضوعية ، أما الذي لا يرى بضرورة أعادة النظر في واقعه الداخلي ويعتبر ذاته بمنئى عن لزوم التغيير فبالتأكيد لن يستطيع الاستشعار أصلا باقتراب هذه الفرصة التأريخية التي نراها بوضوح ماثلة أمامنا ، ففي ظل هذه الاحداث المتلاحقة ، وحالة النضوج في الواقع القومي سياسيا وأجتماعيا، سيكون الوضع اشبه بمنعطف حرج لن يكمل المسيرة فيه سوى من يدرك هذه الحالة ويتعامل معها وفق متطلباتها الراهنة ، وهذا يستدعي ثانية نضجا في الظروف الذاتية .
من هنا سيكون المتصدي للفعل القومي السياسي والاجتماعي لشعبنا الكلداني السرياني الاشوري لزاما عليه أدراك الواقع وحيثياته وأدراك موقعه ضمن هذا الواقع ، لكونها مرحلة لن تستمر طويلا ما لم يتم استغلالها لتحقيق ألاهداف القومية التي من أجلها اصبح نضالنا شرعيا ، والا فمطاليبنا ودعواتنا لن تفسر الا كونها أهداف مصلحية شخصية ، فالهاجس الذي يحرك العامل الذاتي عندنا هو الذي يدفعه من اجل التغيير المطلوب ، لكي يتطابق مع نضج الظروف الموضوعية ، وهاجس القومي المدافع عن حقوق شعبه هو بالتأكيد هاجس محو الوجود والذي يعتبر الخطر الاكبر الذي يستوجب التصدي له ، فعندما نؤمن بأن هذا هو جوهر الصراع فعندها ستكون ظروفنا الذاتية ناضجة ومؤهلة لكي تتعامل مع معطيات الواقع بصورة سليمة ، ومن أجل أن تكون لنا نظرة معمقة وتستقرء هذه الاحداث والمسلمات ، لابد لنا من أعادة قراءة لواقعنا الداخلي ، فبالتأكيد سيخرج فائزون من بيننا في هذه المرحلة والتي لن تكون كسواها من المراحل لكونها تتضمن نضجا متزامنا للكلا الظروف الموضوعية والذاتية عند تيار بدأ يتسع من قوانا السياسية الذين باتوا متأكدين وفاعلين في تحقيق مكاسب قومية من خلال استغلالهم لهذه لفرصة التأريخية ، وهذا ما ينتظره الكثير من المخلصين والذين قد عقدوا الامل بنتائج المؤتمر الشعبي الثاني الذي بنجاحه وتحقيقه لاهداف شعبنا السورايا سيثبت كونه التيّار الذي يمثل ويعبر عن أهداف وطموحات الشعب وهو المدافع الحقيقي عنه والمتصدي لقضاياه المصيرية .