المجلس الشعبي ... قفزة إلى ما قبل السقوط
لقد تداولت بعض من المواقع الالكترونية لشعبنا الآشوري الأخبار التي تتحدث عن طرد المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري لبعض من موظفيه بعد مشاركتهم في المسيرة الشعبية التي جرت في مدينة دهوك بمناسبة احتفالات الأول من نيسان (احتفالات اكيتو) وقد استغرب الكثير من أبناء امتنا هذا الموقف المتشدد من قبل المجلس المذكور حيث تفاجئ الكثير من أبناء امتنا من هكذا تصرف وبالأخص إن هذا المجلس يدعي بأنه يعمل بإرادة الشعب ويعمل من اجل توحيد الشعب الآشوري بكافة أطيافه ومؤسساته كما وانه يدعي بأنه يعمل للحصول على كافة حقوق أبناء امتنا وتثبيتها في الدستور العراقي ودستور إقليم كردستان لكن هكذا تصرف من هكذا مجلس معروف الجذور لم يفاجئني ولم يدعوني ولو للحظة واحدة إلى الحيرة أو التعجب لان ما قام به هذا المجلس هو نتيجة طبيعية وخطوة متوقعة نحو المرحلة الثانية أي مرحلة ما بعد العطاء أو مرحلة اخذ المقابل وما هذا التصرف إلا دليل على أن بوادر مرحلة طلب المقابل بدأت تلوح في الأفق وبرأي أن هذا التصرف هو الخطوة الأولى لخطوات لاحقة قد تكون قيودها أكثر وطأة وثقلا مما هو الحال عليه ألانعند قراءتي للتوضيح المنشور من قبل المجلس في موقع عين كاوا استوقفتني بعض الأمور وبعض الكلمات وان كان كل ما جاء فيه من إيضاحات هي مدعاة للخجل ليكون السبب أقبح من الذنب . ففي بداية التوضيح يسمون تلك المناسبة بـ ( رأس السنة القومية) من دون أن يذكروا أي قومية هي تلك التي يتحدثون عنها وكأن لفظ الآشورية أو البابلية هو محرم أو من الخطايا المميتة فلا يستطيعون لفظه ؟ كان هذا في البداية ليسترسلوا في ذاك التوضيح لاحقا ليتحدثوا عن نيتهم بتسيير مسيرة بتلك المناسبة القومية لكن من دون أن يعطوها أي تسمية أو صبغة سياسية . كم كنت أتوق لرؤية تلك المسيرة وكيف كانت ستسير فإذا كان هذا المجلس ومن ورائه لا يعطون درهما واحدا دون أن يسيسون القضية ويمدحون ويمجدون أسماء الواهبين فكيف كان سيكون حالهم وهم يسيرون مسيرة صرفوا فيها مئات الآلاف من الدولارات ؟ وكم كنت أتوق لرؤية تلك المسيرة وتحت أي الأعلام كانت ستسير ؟ أو أي الأعلام كان سيفرض عليها ؟
أما الحجة الرئيسية التي يدعون بأنهم من اجلها الغوا الاحتفال فقد كانت بالفعل هي الطامة الكبرى وهي طامة لأنهم لا يدركون ما هم فاعلين أو قد يكونوا مدركين وسير الأمور بهذه الصورة يرضيهم ويخدم مصالحهم فها هم يحزنون على شهداء الإيمان والأمة ويبكون عليهم ويعلنون الحداد لهم وكأن الذي فقدناهم هم أموات ذهبوا إلى ارض الأموات وهم في الحقيقة شهداء أعطوا الأمل لنا بالحياة فبدمائهم أعلنوا أن الأرض كانت وما زالت لنا وما استشهادهم ذلك إلا تجديدا لولائهم لأرض العراق . تلك الأرض التي طلبت روحا فأعطوها روحا حية.... وطلبت دما فسقوها بسخاء وكرم دماء زكية طاهرة .... وطلبت رجولة وشرف فغمروها مواقف تحيى لا تموت مهما أحتيت الأرض والسماء . فان كان رموز إيماننا بتلك القوة والعظمة فلما يبكيهم المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري , أو لما يعلنون الحداد عليهم ويعدوهم من الأموات وهم أحياء بضمائر الشرفاء ومواقف الأبطال, فموقف هذا المجلس لا يعطي لأعداء إيماننا واسمنا والراغبين بزوالنا إلا مؤشرا واحد وهو أننا نموت مع الأموات .. ونهرب مع الهاربين .. ونسكت مع الصامتين.. فاعلان المجلس الشعبي الحداد وإلغاء مظاهر الفرح بالأرض والحياة هو خطوة مهمة يتمناها أعداء وجودنا لأنهم يريدون كسرنا وقد أظهرنا لهم كم نحن منكسرين, وإظهار أحزاننا والتغني بها لا يخدم قضيتنا كأبناء أساسيين لأرض العراق ولا يعطينا وجودا قويا وحضورا ثابتا في خريطة العراق الحر بل على العكس فتصرف المجلس الشعبي فتح أبواب الهجرة على مصراعيه وأعطى الحجة لأبناء امتنا ليتهافتوا إلى منضمات الهجرة طلبا للرحيل والتسارع للتسجيل في منظمة (un) التي أصبحت حلم الكثيرين . وما تصرف دولة فرنسا بقبول اللاجئين من (الكلدان) إلا ردة فعل طبيعية لما يشاهدوه من الدعاية والإعلان عن أحزاننا والترويج للظلم والمعانات الذي نعيشه , فمن فدى إيماننا وفدانا بروحه وحياته هو يستحق منا أن نفرح به لأنه عظيم سار مع العظماء ومؤمن كلل إيمانه بتاج المسيح . لذلك يجب أن نأخذ تضحيتهم على أنها صرخة تقول لنا ختمنا الأرض لكم بدمائنا وثبتنا حقكم فيها بأرواحنا وزرعنا فيها أجسادنا لتكون لكم قمحا تقتاتون منه كل يوم كما فعل لنا أبائنا وأجدادنا من قبلنا فهل نجازي كل هذا العطاء بفرض الحزن والحداد والنواح على أبناء الأحرار.
لقد ذكر في توضيح المجلس الشعبي أنهم أعلنوا إلغاء مظاهر الفرح وعمموها على جميع مراكزهم وموظفيهم في جميع القرى والقصبات التي يتواجدون فيها طالبين منهم عدم المشاركة بأي حفل غنائي أو أي مسيرة حزبية بهذه المناسبة ليكون هذا التصريح بمثابة تأكيد قاطع لكل ما سمعناه في الأيام السابقة من حديث حول معارضة المجلس لمشاركة أبناء امتنا في القرى والقصبات لحضور تلك المسيرة والتهديد بقطع الرواتب عن المشاركين فيها وبان أعضاء من المجلس قاموا بطرق أبواب الكثيرين منهم وبالأخص البيوت المبنية لهم من قبل ذاك المجلس لحثهم على عدم المشاركة في مسيرة اكيتو وإلا فإنهم سيحرمون من المساعدات المقدمة لهم أو قد تسحب منهم بيوتهم الممنوحة لهم .
ليس غريب على أبناء العراق مثل هكذا تصرف فقد كان الفرض والإجبار شائعا واعتياديا في فترة ما قبل السقوط وليس هناك واحدا منا لم يتعرض لمثل هذا التصرف في حينها فكم خرجنا في مسيرات مرغمين مجبرين وكم صفقنا والألم يعتصر قلبنا وكم شاركنا في دورات التدريب على السلاح حتى لم نكن نرغب بالتقرب منها فمرة جيش الشعبي ومرة جيش القدس ومرة يوم النخوة إلى أن وصلنا إلى يومنا هذا الذي كنا نتصور فيه أن مثل تلك التصرفات أصبحت ذكرى أليمة سنتذكرها ونحكيها لأبنائنا , لكن يبدو أنها عادت لتكون ممارسات موروثة في عراق الديمقراطية الجديد , فمجلسنا يقول أننا نعمل بإرادة الشعب وهم يحرمون الشعب من أن يكون له إرادة. ... وإرادة الشعب خرجت للاحتفال بأمتنا والاحتفال بربيعنا والاحتفال بأرضنا وبكل ما احتضنته من رموز دينية وقومية وهبت نفسها لتعزيز وجودنا وتقوية إيماننا وتثبيت جذورنا في عراقنا الحبيب ... أرادة شعبنا تقول سنحيى مع شهدائنا والمجلس يقول موتوا مع الأموات... إرادة شعبنا تقول زرعنا روحا ستتفتح برعما لتغدوا أزهارا بيضاء في أرضنا والمجلس يقول نحن غرباء في ارض لا تقبل إلا جثث أمواتنا ... إرادة الشعب تقول نحن أحرار نسير نحو خلاصنا والشمس مصباحا لنا والمجلس يقول خلاصنا بتبعيتنا والاستظلال بخيمة غيرنا ... إرادة الشعب تقول إن مسيحنا قام حيا قاهرا للموت والذل والمهانة فأحيانا معه والمجلس يقول المسيح معلق على الصليب ولن يتحرك من هناك حتى يؤمر بذلك ... إرادة الشعب تقول أننا سنفرح لما افرح آبائنا وأجدادنا وسنحزن لما أحزنهم والمجلس يقول ستفرحون متى ما يراد منكم ذلك وستحزنون متى ما يراد منكم ذلك ....... فيا أيها المجلس ... من تؤمنون بأنهم أموات فالشعب يؤمن بهم أحياء فاحزنوا لأمواتكم لان موتهم يخدم قضاياكم ونحن سنفرح بشهدائنا لأنهم أرادوا منا أن نفرح بما قدموه لنا من إيمان وارض وكرامة وحياة وحرية ومثل يقتدي به.