Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

المجلس الشعبي والجبهة الوطنية والقومية التقدمية

كنت ولازلت اؤمن ان الحظ والتعاسة , النجاح والاخفاق , الفرح والحزن في الحياة حالهما حال المادة والطاقة في الفيزياء يخضعان لقانون الحفظ ومجموعهما ثابت على الدوام , بل اعتقد جازما ان كل فعل ونتيجة في احد الاتجاهين يعقبه خلال فترة قصيرة , بل في اغلب الاحيان فورا , رد فعل في الاتجاه المعاكس , ولذلك اعتبر نفسي من انصار تلك الفلسفة التي يفرح اصحابها , في سرِهم , عندما يتعرضون للفشل او للموقف المحزن لانهم يؤمنون ان نوعا ما , قد يكون بصيصا في مقداره وغير مساو في تاثيره , من النجاح او الفرح , يننتظرهم فورا , كما في الوقت نفسه فان انصارهذه الفلسفة حذرون بل يتخوفون من النجاح او الفرح , لاعتقادهم بان ثمنه في الاتجاه المعاكس ينبغي تسديده وغالبا ما تأتي فاتورته عاجلا سريعا. ربما يكون ماحققه المجلس الشعبي الكلداني السرياني الاشوري من صيغ ومذكرات للتفاهم مع هيئات سياسية وثقافية واجتماعية عديدة في اوساط شعبنا يندرج في اطار الفلسفة التي نوهنا اليها في السطور اعلاه , حيث جاءت هذه المذكرات متزامنة تماما مع الضربة التي وجهها اباء الكنيسة الى الجهد الذي تقوم به بعض التشكيلات السياسية في اوساط شعبنا , وفي المقدمة منها جهد المجلس الشعبي , من خلال البيان الذي اصدره الاباء الاربعة عشر المجتمعون في بغداد , برئاسة غبطة البطريرك الكاردينال عمانؤيل الثالث دلًي , وخاصة تلك الفقرة المتعلقة بسهل نينوى جهرا وبالتالي بالحكم الذاتي ضمنا. انني اعتقد , وبغض النظر عن ارائي المعروفة حول الحكم الذاتي وسهل نينوى , انه ماكان ينبغي على ابائنا الروحيين ان يحرقوا بهذا الشكل العلني بعضا من ( ابائنا السياسيين ) , حيث مادامت اللعبة السياسية في العراق تقوم على اساس ان يحتفظ كل لاعب باكثر من كرة يلاعبها في الهواء , فمن حق شعبنا ايضا وربما من مصلحته ان يتمتع بنفس الحق , و هكذا فعندما قرر ابائنا الروحيون حسم امرهم فتبرعوا باعطاء فتوى نهائية في قرار سياسي انما سحبوا البساط من تحت اقدام جهد سياسي وحرقوا أوراقا للمساومة دون مقابل, خاصة وان ابائنا الروحيين يدركون جيدا ان الاخرين بارعون جدا في استغلال واستثمار كلمتهم , التي يعتبرونها الفيصل , في تهميش اية ارادة قومية وجماهيرية وسياسية في شعبنا.



من جانب اخر ,تابعت , كما تابع غيري , مراسيم توقيع اتفاق العمل المشترك بين المجلس الشعبي الكلداني السرياني الاشوري وبين لجنة التنسيق العمل بين احزابنا القومية , ولاادري لماذا بينما كنت استمع الى الاستاذ جميل زيتو وهو يتلو البيان المشترك سرحت بالذاكرة الى اكثر من ثلاثين عاما مضت , وكأني ارى الرئيس الاسبق المرحوم احمد حسن البكر وهو يقرأ بيان اعلان الجبهة الوطنية والقومية التقدمية, وعندما كانت الكاميرا تتجه في عدستها صوب الاستاذ نمرود بيتو , رأيت فيه السيد عزيز محمد السكرتير العام السابق للحزب الشيوعي العراقي . صحيح ان الجبهة الجديدة تختلف عن الجبهة القديمة كونها لم تنتظر اعواما اخرى لتنضم اليها فصائل جديدة امثال مجموعات هاشم عقراوي وعبد الستار طاهر شريف وغيرها , بل ان مثل هذه المجاميع هي جزء من بيان التأسيس , لكن ما يجمع الجبهتان هو نفس شعور التوجس والحذر من المقابل لدى اطرافها , الواضح بين سطور بيان التأسيس ونظرة المشاهد, مما يتيح للقارئ ان يجتهد , ويتمنى ان يكون مخطئا اليوم , انه امام عقد عقاري او تجاري , اكثر من كونه اتفاق سياسي. ان مايحتاجه شعبنا في هذه الظروف هو حالة من نكران الذات والانصهار اللامحدود في المصلحة القومية العليا , والاستعداد الغير المشروط لقبول الاخر , بل وحتى رفع راية هذا الاخرعندما يتطابق فعله مع طريق الهدف المنشود . اما تقييد النفس والاخر بما تمكن من الاليات والتحسب الدائم منه فانها تدفع بالعمل خطوات بطيئة إن لم تصيبه بالجمود. على كل حال , ولان عملية الجلوس على مائدة واحدة لتفاعل الاراء والافكار هي بحد ذاتها ظاهرة صحية يمكن ان تؤسس لعمل كبيرمستقبلي , فان الامل يحدو الكثيرين في تداخل حقيقي صميمي لخنادق الموقعين على البيان المشترك هذا , فلا نسمع في المستقبل القريب ان احدهم قد ارتكب المحرمات ( بالعمل في القوات المسلحة ) كما لا يجعل الاخر من حالة ( الحزب القائد ) عقدة يعاني منها الاخرون في منامهم ويقضتهم , في نفس الوقت هي مسؤولية الجميع ان يرى في مَن هوخارج التحالف جهدا ايجابيا , بشكل من الاشكال, وظهيرا لفعله , وليس حالة خندق مقابل وفًر هذا التحالف فرصة افضل لاقصائه نهائيا او تهميشه او حتى النكاية به. ليس صعبا الاستنتاج باننا نغمز بهذا الى الحركة الديموقراطية الاشورية والحزب الديمقراطي الكلداني ( حزب الدعوة بجناحيه ) اللذان هما خارج هذا التفاهم , فلا نعود نحسب الايام مرة اخرى بانتظار ( بريمر ) ثاني يعيد رسم الخارطة من جديد.



في هذه الايام المباركة حيث عيون اطفالنا تتجه صوب شجرة الميلاد المجيد لتستكشف ما وضعه ( بابا نويل ) لها فيها ,فان عيون شعبنا تتطلع الى العام الجديد ويملؤها الامل في فعالياتنا والسياسية والشعبية لتقدم فيه نموذجا للنضج السياسي يكون عاملا في ان يكون شعبنا بحال افضل , واقرب الى اهدافه المشروعة كما يكون سببا في لعب دور حقيقي على الساحة الوطنية يساعد من يحتاج المساعدة ليتخطى مرحلة المراهقة السياسية.

وكل عام وشعبنا بألف خير


wadeebatti@hotmail.com Opinions