المسلمة والهروب من الحرية
الشعوب تحتفل في يوم الثامن من اذار(مارس) يوم المراة العالمي كل على طريقته.ولكن لست ادري كيف ستحتفل المراة العربية/ المسلمة بهذا العيد، وان كانت ستحتفل به ام انها ستخرج في تظاهرات احتجاجية لالغاء المناسبة، التي عادة ما تثار فيها قضايا حرية المراءة ومكانتها في المجتمع وحقوقها المشروعة ومساوتها بالرجل. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه يتمحور فيما اذا كانت المراءة العربية/ المسلمة بحاجة حقا لكل تلك الحقوق؟، اما انها تخلت عنها للابد وفوضت الرجل ان يكون سيدها وان تكون مطيعة له كما تقتضيه التقاليد المورثة اجتماعيا ودينيا.وهناك اليوم الكثير من هذه الشواهد على ذلك.هذه الظاهرة جانب من حالة الياس والاحباط العام الذي شاع في المجتمعات العربية/ الاسلامية، التي تراهن على ان خلاصها من اوضاعها السيئة سياتي من السماء.ما جعلني انظر الى حالة المراءة العربية/ المسلمة بشعور التشائم هو المشاهد التي رايتها في العواصم العربية والاسلامية والاوربية من النساء المسلمات يخرجن في تظاهرات صاخبة للدفاع عن حقهن بارتداء الحجاب، وتمسكن به حتى في مجتمعات تنفر منه، ولن يخرجن بنفس الحماس للدفاع عن حقوقهن المهدورة. وفي بعض الجمهوريات السوفياتية المراة المسلمة تقبل بسعة صدر مبدا تعدد الزوجات ويقبلن بالذهاب للعش الزوجي من رجل له عائلة وحتى دون تسجيل عقدهن رسميا. وهناك من فرضن على السلطات الروسية ان يسمحن لهن بتقديم صورة بالحجاب لغرض الوثائق الشخصية، ويرفض الاختلاط في المجتمعات الرجالية ففتحت لهن المطاعم النسائية الخاصة، والشواطئ على ساحل البحر. وفي الفضائيات العربية تطل علينا وجوه المذيعات المحجبات، ولن نر منها الا بريق العيون. وفي اتصال لاحدى الفضائيات العربية رفضت اسلامية جزائرية تحمل شهادة الدكتوراه ان يلتقي الخطيب بخطيبته قبل الزواج، رافضة بذلك ان يتعرف شريكا الحياة علة بعضهما الاخر. لقد رُفع شعار تحرير المراءة العربية المسلمة من عبودية الرجل والتقاليد الظالمة وجعلها عضوا فعالا في المجتمع، منذ بداية القرن العشرين، وهناك رواد احتفظ التاريخ باسمائهم باعتبارهم دعاة حقوق المراة بما في ذلك قاسم امين في مصر ومحمد صدقي الزهاوي في العراق،وكان للمفكر والمربي الكبير سلامة موسى مساهمة هامة في هذا المجال. وكرست الاحزاب والحركات اليسارية مواد هامة في مواثيقها لقضية تحرير وانصاف المراة في المجتمعات العربية. وكانت حتى المنظمات السرية تقيم احتفالات واسعة بيوم المراة العالمي، لتكون رسالتها للمجتمع للاهتمام بالقضية. وشهدت الستينات تظاهرات ومؤتمرات نسوية خالصة والنشاط النسوي لنيل الحقوق.وتمخضت هذه الحركات عن منجزات هامة للمراة، تجلت في قوانين تضمن بعض الحقوق في هذه الدولة او تلك. اليوم على ما يلوح ان الصورة تغيرت جذريا، واغلبية النساء المسلمات قررن الهروب من الحرية والعودة الى البيوت في كنف الرجال، ويقبلن باسلوب حياة وفق ما حددته الشرائع وتقاليد الاجداد.المراة المسلمة بغالبيتها تختلف اليوم عن نساء الامس، اللواتي رفعن شعارات التحرر من ربقة المجتمع الرجولي، وقبلن بمفهوم رجل الدين، وخرجت في باريس وامستردام وداغستان وتركيا وبغداد يطالبن بالحجاب، الذي هو لمستوى ما رمز القيود.ويجري كل هذا على خلفية معاناة النساء من الظلم الاجتماعي واهدار الحقوق ورفض مساوتهن بالرجل.