المسيحيون في الجنوب اللبناني
" وظلم ذوي القربى "
بين نيران "حزب الله" والجيش الاسرائيلي، وجد المسيحيون في جنوب لبنان انفسهم عالقين في "ورطة كبيرة" من دمار ودماء ودموع. الطرف الاول اي الحزب الالهي يريد قصف شمال اسرائيل وقواتها المتقدمة شمالا في اتجاه الاراضي اللبنانية والطرف الثاني يرد على القصف الصاروخي بكل ما ملك من مدفعية ثقيلة وطيران حربي واسلحة مدمرة، وبين هذا وذاك دمرت البلدات والقرى المسيحية الجميلة وقصفت كنائسها وتشرد اهلها اسوة بأخوانهم الشيعة.
وعلى خلاف الاعتقاد الشائع فالمسيحيون ليسوا اقلية في جنوب لبنان بل يشكلون الطائفة الثانية بعد الشيعة ويبلغ عددهم ناخبيهم 180 الفا يتوزعون على كل انحاء الجنوب ويتحدرون منه حسبا ونسبا منذ مئات السنين، ويحضرون بقوة في اقضية جزين ومرجعيون وحاصبيا وصور وصيدا والزهراني، حيث تنتشر عشرات المدن والبلدات والقرى المسيحية التي تتقاسم حلو الحياة ومرها مع 660 الفا من الشيعة و150 الفا من السنة و35 الفا من الدروز.
رغم ان احصاءات الحرب الاخيرة بالغت في تعداد النازحين من الجنوب لأهداف دعائية وطمعا بالمزيد من المساعدات. اهمل الاعلام اللبناني والعربي والدولي ما جرى في المناطق المسيحية من جنوب لبنان لأسباب عدة منها الرعبة في تظهير الصراع ايرانيا(شيعيا)-اسرائيليا. لكن معاناة المسيحيين الجنوبيين كانت كبيرة ودفعوا ثمنا باهظا في حرب "لا ناقة لهم فيها ولا جمل"، ورغم انضمام بعض الشبان المسيحيين في الجنوب الى "التيار العوني" المتحالف مع "حزب الله"، الا ان كوادر العونيين لم تستطع اقناع الجمهور المسيحي بجدوى قرار الحرب ومردودها "الانتصاري" خصوصا مع مشهد التهجير الشامل الذي طال البلدات المسيحية الحدودية مثل مرجعيون وعين ابل وعلما الشعب والقوزح وغيرها التي لم تقصر في واجباتها تجاه الاخوة في الوطن، فكان الرد من الحزب الالهي تحويلها متاريس متقدمة للقتال، كما جرى في دبل والقوزح ومرجعيون.
حيث تخلى الكهنة والاهالي عن تحفظهم المعروف عند الحديث عن "حزب الله" ليعلنوا صراحة ان المقاتلين الآلهيين كانوا يطلقون راجمات الصواريخ من بين المنازل والبيوت الآمنة. ويشير احدهم في مرجعيون الى ان مقاتلي الحزب لم يتورعوا عن نصب راجمات الصواريخ المتحركة قرب مستشفى مرجعيون الحكومي وعلى بعد امتار من كنيسة النبي الياس في بلدة البويضة المجاورة ليطلقوا النار منها وينسحبوا بسرعة، لتنهال بعدها القذائف والغارات الاسرائيلية على المكان لتدمر كل ما في طريقها. وفي بلدة دير ميماس القريبة من مجرى نهر الليطاني والحدود الاسرائيلية-اللبنانية، دمرت الغارات الجوية دير مار ماما الاثري التابع للمسيحيين الانطاكيين الارثوذكس، ليتبين لاحقا ان الحزب الالهي قد حول المغاور المحيطة بالدير الى مخازن لذخيرته وموقع الدير الاثري الى مربض لأطلاق راجمات الصواريخ على اسرائيل.
اما في عين ابل والقوزح ودبل المجاورة لبلدة بنت جبيل فقد تحولت الى ساحة قتال وكر وفر بين مقاتلي الحزب والجيش الاسرائيلي الذي لم يعف الكنائس وحولها الى متاريس للمراقبة واطلاق النار. لكن الرواية الافظع والتي تشير الى مدى الاستهتار بحياة المدنيين كانت بعد سقوط مدينة مرجعيون في يد القوات الاسرائيلية وانسحاب "حزب الله" منها، عندما اخذت راجمات الحزب الالهي تصلي الميدنة نارا حامية وكأنها مدينة اسرائيلية دون اي اعتبار لوجود مئات العائلات فيها. وعلى لسان الجنوبيين ان صليات صواريخ الكاتيوشا وقذائف الهاون الثقيلة لم تعف عن شيء في مرجعيون والقليعة وبرج الملوك ودمرت كل ما لم يستطع الاسرائيليون القيام به.
دنس الجيش الاسرائيلي الكنائس المسيحية في الجنوب وقصفها في الخيام وراشيا الفخار والبويضة والقوزح وعين ابل ودير ميماس، لكن "ظلم ذوي القربى على المرء اشد مرارة"، وما قام به مقاتلو الحزب الآلهي من تحويل البلدات والقرى الآمنة الى متاريس ومرابض مدفعية وراجمات صواريخ، امر لا يجد له المسيحيون في الجنوب تفسيرا الا بمنطوق اخر يرون فيه تهديدا لوجودهم وكرامتهم وقيمهم
عن موقع المنظمة الاشورية