Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

المعادلة متوازنة..ولا بد ان يذبح المثقف العراقي !

كل الجهات مفتوحة امام المثقف العراقي،جهة الرصيف،جهة الإقصاء والتهميش،جهة االخطف والتهجير،جهة السجن والتعذيب،جهة الإغتيال..والخ...
تغير وجه العراق وتغيرت قياداته وشعاراته ومحافله،ولم تتغير جهات المثقف فهو كان ومازال اسير تلك الجهات إن لم يكن اسيرغربته خارج الحدود
كم ضحية في كل جهة وعلى مدى خمسة اعوام ومنذ زفاف العراق على قباب الحرية والديمقراطية ؟
وهل يبدو غريبا ان نرى شخصية ثقافية ورعة الفكر والأداء،نهمة التطلع الى مستقبل مستضاء بالحرية والابداع،كشخصية المثقف الموسوعي كامل شياع،هل يبدو غريبا أن نراه ضحية آخرى افترستها جهة الإغتيال تلك..
لا اعتقد هذا فالمعادلة متوازتة تماما ولا يشوبها خلل..وهي معادلة كيمياء ثقافية بطرفين..
الطرف الأول :
- فكر ظلامي يسعى لتوحيد البشر في المأكل والمشرب واللباس والذائقة والفكر والثقافة..والخ
- ثقافة ميلشياوية مسلحة تنهي عن المنكر التنويري وتأمر بالمعروف التجهيلي..
- إيقاعات طائفية تحاصصية لإستوزار الوزرات وتعيين السفراء وتدشين المقاعد الريادية في الدولة،وزارة الثقافة خير مثال اذ تدحرجت حقيبتها وبحس تحصاصي وطني رفيع المستوى،من يد شرطي الى يد مؤذن .. وخلافه...
- مقاعد برلمانية فارهة تفتقد مؤخرات البرلمانيين المتدفئة خارج الحدود غالبا..
- تأهيلات تصالحيّة للمافيات والعصابات المسلحة وتحقيق انخراطهم في سلك الدفاع الوطني وحفظ الأمن الداخلي..
- قيادات سياسية عاكفة على تقديم فروض الطاعة وقرابين الولاء،وتستمد قوتها من اولياء الله على الأرض ومن المجاملات والمصاهرات العشائرية..
- ثروات وطنية تتحول الى ممتلكات خاصة داخل الحدود وخارجها،ولجان لا حصر لها لمراقبة النزاهة وهي تنتحر على ذقون المناضلين من اجل جيوبهم الفارهة، وخسائر الشعب 250 بليون دولار خلال خمس سنوات عجاف.. وهذا تقدير معلن وبتواضع نزيه جدا!.. والمال العام بيد الجهلاء فاقة حقيقية...
- حركة أعلامية مستنيرة للنهوض بالوعي العام نهوضا غيبيا اذ يرد الحديث عن الجن والعفاريت تحت يافطة ..محطات علمية.. وقد تابعت احدى حلقات البرنامج على قناة فضائية أنسيّة تتجمل بعلوم اهل الجان..وفي هذا محاولة لفهم الآخر غير المرئي وعدم إقصاءه...

وهنالك الكثير والغزير مما يصح درجه في هذا الطرف،واذا كان هذا هو طرفها الأول فلابد ان نرى الصورة الموجزة التالية كطرف ثان،وكحتمية لكيمياء ثقافية تتزن بها المعادلة:
- الفتك بالمثقفين،اساتذة الجامعات،الخبراء والمفكرين،الصحافيين والكتاب،المناضلين والمخلصين وكل من تسول له نفسه النظر الى الأمام من اجل وطن موحد لا تفتته طائفية ولا تنحره محاصصة،وطن متحضر لا تمايز فيه إلا على اساس الهوية الوطنية والكفاءة العلمية والقدرة على الإنجاز الخدمي والمعرفي والإبداع الثقافي والعمل المتقن ..
- حرق دور الطباعة وتصفية الأسواق من المطبوعات الحداثية التنويرية ورفدها بالكتب الصفراء وموسوعات الفكر الأصولي والماورائيات ..
- إغلاق المنتديات الثقافية ومحاربة الفنون،تسفيه المسارح ودورالسينما،وتبشيع المهرجانات الموسيقية والغنائية والأنشطة الرياضية،وتقنين سبل الراحة والإستجمام وفرض الوصايا العشرعليها..
- خنق المعرفة عموما وحصرها بالمعارف التراثية وبعلوم رجالات الدين ومرتزقته من سدنة وملالي وخطباء..
- ترسيخ واشاعة ثقافة الإنكسار والخنوع وإستحباب الظلم والإستظلام..نم مظلوما ولا تنم ظالما..وهي ثقافة لها جذور تاريخية تحابي الظالم وتعبد له طريق الطغيان، بينما ينام المظلوم قريرالعين بطمأنينة زائفة مفوضا امره الى السماء ومتسولا من الظالم كسرة رغيف او قطرة ماء..
- هجرة المثقفين او تهجيرهم،وعزوفهم في الخارج عن العودة الى ارض الوطن حيث الجهات آنفة الذكر ستكون اول المستقبلين،ومن عاد منهم فهو مستهدف قطعا ويكابد العناء على جهة ما،هذا إن لم يرجع قافلا من حيث اتى إنقاذا لعقله من الجنون..
وهنالك ايضا الكثير والغزير مما يصح درجه في هذا الطرف بالمقابل في ظل معادلة كتلك،يبدو مدهشا بروز مثقف حقيقي،تقدمي الفكر،اصيل الوطنية والإنتماء،امين على نفسه كأنسان،وأمين على وطنه كوطن لشعب بأكمله لا تستلبه جهة او فئة او طائفة او قومية،وحريص على إحياء حركة ثقافية برؤى حداثية منفتحة،يبدو مدهشا بزوغ كهذا دون ان يُبطش به،ولابد ان يقتل كي لا يختل توازن المعادلة بلوثة تنوير!
ومثلما قتل كامل شياع في وسط العاصمة (المحروسة) بغداد وفي رابعة النهار.. وباياد لا اظنها مجهولة ابدا.. ومثلما شيّعته وزارة الثقافة تشييعا مهيبا بغياب الوزير والوكيل!
والسؤال هو: اية معجزة تلك التي أمدت بعمره وهو المكابد طويلا في وزارة الثقافة وسط أروقة الفكر الظلامي ومافيات الإقصاء الثقافي وغثيانات البؤس الفكري وإمداداته بالتكنولوجيا الفقهية من جهة الشرق،وهو الفارس الذي عاصر وكابد عناء التعاطي مع ثلاثة (فرسان) من دونه كوزراء للثقافة (المستغيثة) في العراق الجديد.. كان لا بد ان يُقتل منذ وقت طويل مثلما قتل من سبقه.. لعلهم تأخروا في تهيئة جهة الإغتيال..
ومثلما سيُقتل من هم على طريق الرفد الحضاري والأنساني والإنجاز الفكري البناء...
من المسؤول عن تصفية الرموز الثقافية والعقول المفكرة في العراق..
ومتى تتصالح الدولة العراقية مع المثقفين وتعبد لهم الطريق الآمن مثلما تصالحت مع المرتزقة والمجرمين..
والى متى يبقى بعير الإستنكار وخراف الفاعل المجهول على تل الفواجع الثقافية والتصفيات الجسدية..
فاتن نور
08/08/26
Opinions