المعايير القانونية لعالمية حقوق الانسان ومبدأ السيادة الوطنية
عندما نقرأ في "مدونة حقوق الانسان العربي/ القانون الدولي الإنساني" : حول المبادئ الاساسية للمعايير الخاصة بالقانون الدولي الإنساني الا وهي الموازنة بين مصلحتين متعارضتين : من ناحية مراعاة الضرورات العسكرية، ومن ناحية أخرى حماية مبدأ الإنسانية في الصراعات المسلحة، ومن هنا تنتج بعض المبادئ الأساسية للقانون الدولي لحقوق الانسان والقانون الدولي الانساني : - ليس لأطراف النزاع ولا للمنتمين للقوات المسلحة لديهم الحرية المطلقة في اختيار الطرق والوسائل المستخدمة في إدارة الحرب، وهكذا فإن استخدام كل الأسلحة وطرق الحرب- التي تسببالجروح الزائدة والمعاناة غير الضرورية - يعتبر محرماً، ولغرض حماية المدنيين والأغراض المدنية يجب دائماً التمييز بين المدنيين والمقاتلين في هذا الخصوص، عليه وجوب عدم الاعتداء والهجوم على المجتمع المدني والافراد المدنيين وممتلكاتهم، وهذا يشمل المدنيين من الطرف الاخر وخاصة في حالة استسلامهم او في حالة عدم القدرة على مواصلة القتال، عليه ايضاً وجوب الحفاظ على حياتهم وممتلكاتهم وكرامتهم، وانما يكون موجه الى الأهداف العسكرية وحسب. اما المصادر القانونية التي تحافظ على حقوق الانسان في هذه الحالات هي:- تأسيس الصليب الاحمر وقبول اتفاقية جنيف الاولى لعلاج المصابين عام 1863 اتفاقات لاهاي للإدارة المشروعة وغير المشروعة للحروب للأعوام 1899 / 1907 اتفاقيات جنيف لحماية اسرى الحرب والمصابين والمدنيين في الصراعات المسلحة عام 1949 يضاف اليها الاتفاقيات حماية الممتلكات الثقافية اثناء المنازعات المسلحة 1954 اتفاقية حماية البيئة 1977 اتفاقية حظر استخدام اسلحة تقليدية 1980 اتفاقية حظر استخدام الاسلحة الكيميائية 1993 اتفاقية اوتاوا بشأن حظر الألغام المضادة للأفراد 1997 والسؤال الذي يطرح نفسه: هل تشكل تلك المعايير انتهاكاً لمبدأ السيادة الوطنية؟ نقول : في العدد 41 من مجلة النبأ، ك2 / 2000حول السيادة الوطنية وتحديات الوصاية ومشروعية التدخلات، حيث تقول المجلة : لا شك بأن عمليات التدخل لتقديم المساعدات الانسانية وحماية المدنيين على ضوء المعايير القانونية لعالمية حقوق الانسان، لا تخلو من ايجابيات ان سارت ضمن قواعد وضوابط متفق عليها، ولكن نرى ان كفة السلبيات هي العالية كما يحدث في عدة دول من العالم منها العراق، عليه يجب طرح بعض الامورأو السلبيات ووضع التساؤلات والحلول ان امكن منها : 1- إذا كانت السيادة لم تعد خاصة بالدول الاقليمية التي تعتبر اساس العلاقات الدولية المعاصرة - فكيف سيكون تعامل الشرعية الدولية مع الدول ورموزها؟ إذا اعتبرنا السيادة هي الالتزام والتقيد باحترام حقوق الافراد، ودعوة كل فرد للسيطرة على مصيره، فمن ينوب عن الأفراد؟ وان قلنا بإناطة المهمة الى فرد أو جهة بعد تحصيل توكيل مسبق من المجموع، فهل يعقل ان يتفق المجموع على طرف دون وجود معارض؟ ماذا نعمل مع المعارض، نتدخل لحمايته! ام ماذا؟ 2- كيف ننظر الى المعارضة الايجابية الهادفة والمصلحة، هل نشكل لها حكومة خاصة بها؟ وكيف ننظر الى المنظمات والتجمعات والأحزاب الواقعبة ذات الاتجاهات والاراء المتباينة 3- الطابع الغالب على دول العالم انها قائمة على تعدد ديني وقومي وطائفي "ومذهبي"، وإذا اريد لهذا التعدد والتنوع الاستقرار والتماسك، يلزم في هذه الحالة ايجاد صيغ مقبولة من مختلف الاطراف ويرضى الجميع، اما ان ارادت كل مجموعة الحصول على حقوقها كاملة فسينتج حتماً الفرقة والشقاق بدل الوحدة والعيش المشترك، وفي هذه الحالة يتحرك البعض للمطالبة والحصول على أكبر قدر من المكاسب على حساب حقوق الاخرين، وهذا ما يحدث فعلاً في العراق ولبنان بشكل واضح 4- كيف توفق الامم المتحدة بين الدعوة لاعلاء مبادئ حقوق الانسان وحماية حقوق الافراد والاقليات، وبين المطالبة بالمحافظة على السيادات القومية للدول، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية والخاصة لكل دولة. تجاوب مجلة النبأ - العدد 41 /2000 "الجواب موجود في مواثيق الأمم المتحدة لعله أسلم الحلول لايجاد الصيغة التوافقية، حيث نصت المادة الثالثة من القانون الذي وضعه (سبريولوس) سنة 1950 تحت رقم 488 ان (تصرف الشخص باعتباره رئيساً للدولة او حاكماً لا يعفيه من المسؤولية عن ارتكاب اي جريمة من الجرائم المنصوص عليها في التقنين) والمادة الاولى من هذا القانون
توضح (ان الجرائم ضد سلام وأمن البشر تعد جرائم دولية يجب معاقبة الاشخاص الطبيعيين المسؤولين عنها)، وهذا يتطلب ايجاد (محكمة دولية مستقلة) يحترمها الجميع، مسموعة الكلمة، نافذة الفعل، تحاسب كل من ينتهك حقوق الانسان ولا تأخذها في ذلك لومة لائم، عليه وجوب احترام القوانين الدولية والانسانية والمنظمات الحقوقية - كمحكمة لاهاي مثلاً. ومحكمة قتلة الحريري في لبنان التي ستصبح محكمة لا تخص شخصية الحريري ورفاقه وحسب، وانما تبقى تخصصية لقضايا مشابهة في دول أخرى ** وفي هذا الموضوع يقول د.جهاد العقل -السيادة القومية وسيادة الدولة - من شبكة المعلومات السورية، يسأل : الى أي مدى يتطابق مفهوم السيادة مع تنفيذها، وهل كل الدول تتمتع بالسيادة المطلقة؟ ام ان السيادة شيئ نسبي؟ يجاوب عليه د. علي الشامي ب: ان السيادة كمفهوم قانوني شيئ، وكواقع وممارسة شيئ آخر، وهذا يفسر لنا العلاقة بين الدولة والسيادة ليست علاقة مطلقة، وانما هي نسبية، من هنا فلا يصح اعتبار مجرد وجود الدولة كافياً لارتباطها بمفهوم السيادة المطلقة، بل اننا نجد دولا عدة ناقصة السيادة، بفعل عوامل داخلية وخارجية، فلا هي تتمتع بالاستقلال التام او المساواة التامة، اذن نحن امام نوعين من الدول، الاولى تتمتع بسيادة تامة مطلقة، أي استقلال تام وسيادة كاملة، اي ان الدول السيادية تحدد صلاحياتها بذاتها دون تدخل اي جهة خارجية، مهما كانت مرجعيتها،
والصفة الابرز لهذا النوع من الدول فهي "القوة"، ولها امتيازات خاصة في مجلس الامن من ابرزها "حق النقض" للقرارات الدولية، من هنا نجد هناك انتقادات في مجال التحديد للصلاحيات ومصدرها، ومن ابرز المنتقدين هي "المدرسة السوسيولوجية" التي اعتبرت مفهوم "المطلق للسيادة" هو مفهوم خطر وضد كل منطق حقوقي محلي او دولي. اما الثانية فهي :ناقصة السيادة بفعل عوامل داخلية او خارجية، او الاثنين معاً،" وهذا يؤدي حتماً الى الفقر والهجرة واللاعدالة، وغياب الديمقراطية، والاحتلال المباشر لاراضي الغير، واضطهاد الاقليات والشعوب، را/ السفير البيروتية - 30
آذار 2007 - التدخل الدولي :اشكاله وشكاليته - جميل جاسم)، والحل هو حسب قول: ماوتسي تونغ "بدلاً من إعطاء الجائع سمكة من الأفضل ان نعلمه الصيد" ونحن نقول بدلاً من التدخل المباشر ينبغي بالأحرى العمل على تغيير وضعية الأفراد والجماعات على كل أصعدة الوجود، انطلاقاً من ظروف المجتمعات المتفاوتة والمختلفة. فهل يُعقل أن يكون كل شيئ مباح في الحرب؟