Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

الممارسة الديموقراطية ووعي الناخب العراقي

نتابع هذه الأيام انتخابات عديدة في أنحاء العالم، انتخابات متنوعة برلمانية ورئاسية وبلدية التي توصف بالمهمة والحاسمة، رغم مبالغتها. وقد نوه السيد جلال الطالباني رئيس الجمهورية العراقية بتاريخ 22 تشرين الاول 2009 إلى أهمية الانتخابات التشريعية المقبلة في البلاد واصفا إياها( بالمصيرية )!!! ومع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية التي من المقرر اجراءها في 16 كانون الثاني 2010 تصاعد الحديث هذه الأيام على ان المرحلة القادمة تعتبر تحولا ديموقراطيا وتداولا سلميا للسلطة، بهدف بناء العراق الجديد الديموقراطي الفدرالي الحر.
ما أجمل هذه الكلمات، ممارسة ديموقراطية وأمنية محققة، ما أسهلها لفظا متبادلا في السياسة واستعمال كثير من السفسطة والكلمات الرنانة الذي لا يمكن أن يسهم وحده في التغيير والرقي بالمجتمع العراقي، فهناك جوانب لا يمكن أن تتغير في القريب العاجل وبهذه السهولة، منها سلوك الإنسان في الممارسة العملية المتبعة في الانتخابات والتي تساهم فيها الأحزاب بهذه الشكلية، وذلك وفق ما شاهدنا من مناظر في المخاصصة الطائفية والمساومات والتوافقات السياسية، كما أن الطريقة والإجراءات التي اتبعتها سفينة الانتخابات البرلمانية السابقة ادت الى تبخر شعار الديموقراطية وأحلام النجاة والمجتمع المدني. فالديموقراطية كلمة نعرف حروفها ولا نعرف معناها، نستجدي مفاهيمها ولا نقوى على تطبيقها، ليس هذا القول من باب الشرود عن حقيقة الواقع والتوهم إنما هي الحقيقة المكشوفة التي لا يختلف عليها اثنان، ليس صعبا أن تضع القوانين الحديثة والنواميس الاجتماعية، لكن الأصعب هوالتطبيق والايمان بها والأقتناع يكمن في مدى الألتزام بها. وما أبشع الانتهاكات أن يخل بها واضعيها قبل الآخرين وهذا ما صار يتكرر لأننا لم نفتقد لنصوص مواكبة الزمن بقدر ما نفتقد الضمائر الصادقة والنفوس الطاهرة.
تشهد الساحة السياسية العراقية حراكا سياسيا، صراعات بين القوى السياسية المشاركة في العملية السياسية، تسارع الخطى لتشكيل تحالفات وتكتلات سياسية جديدة، للحفاظ على كراسي السلطة مما يؤدي الى عزوف الناس عن التصويت والمشاركة في الانتخابات لان الثقة اصبحت معدومة بالسياسة والسياسيين، الذين فقدوا القدرة على تغيير حياتهم نحو الافضل. المواطن اصبحت لديه ردة فعل سلبية من الانتخابات وخيبة امل كبيرة وشعورا بالاحباط ، يصرحون بملء افواههم : ماذا سنستفيد أن ينجح فلان من الناس أو لا ينجح ؟ ما الذي حققوا لشعبنا طيلة السنوات الأربعة الماضية؟ هل حققوا لنا العدل والمساوات وتأمين الامن والاستقرار؟ هل تم تأمين الخدمات العامة؟ أين هم من حقوق المراءة العراقية المهضومة؟ هناك الكثير الكثير من التساؤلات المتعلقة بالقضايا الأساسية والمصيرية للشعب العراقي بكل اطيافه ومكوناته. الأنتخابات قاب قوسين أو أدنى والأحزاب السياسية العراقية تعيش بين مطرقة القوائم المغلقة أو المفتوحة وقد يوافق البعض وقد يعارض البعض الآخر تحت سوءة المساومات والاتفاقيات وتوشح بوشاح الوحدة الوطنية، فثقافة جلد الذات وفق معيار درجة ديموقراطية الحياة الاجتماعية والسياسية لا تعد وسيلة للنهوض والتصحيح، لا تنشق له السماء بمجرد الأمنيات وقد أفرغ المحتوى والمضمون والقدرة المهنية على التحليل السياسي وأهدر الوقت في تلاوة الأنجازات وكيل المديح لبعضهم البعض وأن كانوا على باطل. بين هذا وذاك تأتي الانتخابات لتفرقنا وتشرذمنا عربي وكردي شيعي وسني مسلم ومسيحي وأخرى نتشاجر ونتقاتل ويصبح المتنفذين خصوما يتفرجون على مشهد تدمير العراق ويقفون مع هذا ضد الآخر لا من اجل حزب أو مبادئ بل لمصلحته وذاته. الجميع يريد أن يصل ويأكل بأي طريقة وقد جمعتهم الرذيلة بقناع الفضيلة، المهم عنده ان يحصل على المال بأي طريقة ولو كانت تلك الطريقة الغش والخداع!! فلا حاجة للمزايدين في بطولات وهمية .. الوطنية ليست غريزة سياسية او شحنة للاستفراغ الانتخابي ، انها وعي عميق بألانتماء وشعور دافق بالمحبة والمسؤولية. ولكن يبقى السؤال المحير هل الانتخابات التشريعية المقبلة هي الحل لأزمة العراق الحالية كما يتمنى البعض منا ويعمل لها حتى لو جاءت صحيحة ؟ الاجابة البديهية : لا توجد دولة واحدة في العالم تم صنعها عبر صناديق الانتخابات. لسبب بسيط هو أن الانتخاب الية لتداول السلطة السياسية ديموقراطيا لدى دولة قائمة مسبقا في الوجود المادي، ولكن الانتخابات لا تصلح لنشوء أو خلق دولة كما لا تصلح لتتميم مؤسسات دولة غير مكتملة النشوء مثل العراق.

wadizora@yahoo.com
Opinions