النجيفي: العراق على مفترق طرق أمنيا وسياسيا
اعتبر أسامة النجيفي، رئيس البرلمان العراقي، أن العراق «يقف على مفترق طرق أمام ما يواجهه من تحديات أمنية وأزمات سياسية». وقال النجيفي في كلمته التي ألقاها في فعالية يوم السلام العالمي التي أقامها مجلس النواب بالتعاون مع الأمم المتحدة في بغداد أمس أن «هناك فرصة تاريخية مهمة للسير نحو السلام إذا اتفقنا على حل الخلافات بالشراكة والتوافق في ظل ما نشهده من ضراوة الاستهداف لأبناء هذا البلد وسقوط المئات من الشهداء والجرحى».
وشدد النجيفي على أن «الشعب العراقي أمامه فرصة بناء تجربة ديمقراطية رصينة تحفظ سيادته على وطنه وقراره المستقل ويكون فنارا ديمقراطيا شاخصا في المنطقة والعالم». وأعرب رئيس البرلمان عن أمله بأن «تشكل هذه الفعالية إضافة نوعية مهمة على طريق إنضاج مفهوم السلام والسلم والأمان في العالم عموما وفي العراق على وجه الخصوص».
في السياق نفسه، أعربت لجنة حقوق الإنسان في البرلمان عن قلقها «البالغ» على حياة الإنسان العراقي بسبب ما يتعرض له من أعمال عنف معتبرة أن حجم الضحايا بلغ مستوى «لا يمكن السكوت عليه بأي حال من الأحوال». وقال سليم الجبوري، رئيس اللجنة، في كلمة خلال الاحتفالية ذاتها إنه «في الوقت الذي تعلن فيه الأمم المتحدة العراق البلد الأول في العالم من حيث عدد الضحايا بسبب العنف (...) تأتي هذه المناسبة الهامة في حياة البشرية جمعاء، حيث تتشكل صورة معتمة في عالمنا الذي يموج بالمتغيرات». وأضاف الجبوري: «أود أن أبوح بكل ما بصدري من قلق بالغ على حياة الإنسان في هذا البلد، حيث بلغت خطورة حجم الضحايا يوميا مستوى لا يجوز السكوت عنه بأي حال، وهنا لا أريد أن ألقي باللائمة على شخص أو مؤسسة بعينها، فالكل يتحمل قدرا من المسؤولية الأخلاقية وحتى الرسمية». وأشار الجبوري إلى أن «منظومة السلم المجتمعي باتت مهددة بفعل الخارجين عن القانون، وأمراء الحرب وقادة الجماعات المسلحة والقاعدة والميليشيات والمنتفعين من الاحتراب المجتمعي، والأخطر من ذلك المحتمين بعباءة القانون ويحتمون بسلطان الدولة ويعتمدون على كنف المؤسسات».
وتابع الجبوري قائلا إن «الضحية الأولى والأخيرة للتناحر والاحتراب المجتمعي هو الإنسان في شتى الأطياف والاثنيات والفئات»، معتبرا أن «المستفيدين هم من عديمي الضمائر من المتسترين بالغطاء الدولي، أحيانا، والإرهابي، أحيانا أخرى، وهم قلة أرستقراطية فاحشة الطموح، غير محدودة الوحشية في نهش أجساد البسطاء من الشعوب المنكوبة والمحرومة، والتي ما زالت ترزح تحت خط الفقر، وفي مناطق بالغة السخونة ومنعدمة الخدمات، لا تصلح بأي حال للعيش البشري».
من جهتها، أعلنت الحكومة العراقية هي الأخرى عن قلقها البالغ لارتفاع معدلات العنف محذرة في الوقت من خطورة التصعيد المتقابل بما يؤدي إلى خلق ردات فعل قد يصعب السيطرة عليها. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة حقوق الإنسان كامل أمين في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «وزارتنا والجهات الرسمية كلها تشاطر الجهات والمنظمات قلقها مما يجري حيث إن الوضع مقلق جدا». وأضاف أمين أن «هناك تناميا واضحا للعمليات الإرهابية وما نخشاه هو ردات الفعل لأن هناك تسميات ومسميات جديدة وإن تعمل خارج سياق القانون لكنها تحمل أسماء دينية ومقدسة مما يزيد الأمور تعقيدا، بحيث تكون الحكومة محرجة وفي وضع صعب وهو ما يشكل تهديدا واضحا للسلم الأهلي». وشدد أمين على أن «ما يبقي الوضع تحت السيطرة هو تجنب التصعيد الذي من شأنه أن يفاقم الأمور»، معتبرا أن «مهاجمة الأجهزة الأمنية مثلا أمر من شأنه خلق تبعات غير صحيحة لأنها ورغم كل تحفظاتنا لا تزال هي صمام الأمان في وقت كثرت تسميات ومسميات لجيوش وفصائل، لكننا في الوقت نفسه يجب أن نقر أن الإرهاب لا يعالج بالأعمال العسكرية وحدها بل يتعين محاربة الفكر بالفكر».
وردا على سؤال بشأن التداعيات السلبية التي تترتب على العمليات الإرهابية وما يفرض من عقوبات جماعية هنا وهناك، قال أمين إن «هناك بالفعل تداعيات سلبية لكثير في حال حصول عمليات إرهابية هنا وهناك حيث إن منطقة اللطيفية (جنوب بغداد) مثلا ولدى زيارة فرقنا لها وجدنا أن وضعها مأساوي جدا، إذ إنه وبسبب سيطرة المجاميع المسلحة عليها تبدو خاضعة لما يريدون كما أن الجهات المختصة لا تستطيع تقديم الخدمات الأساسية لها ولذلك هناك بالفعل تداعيات نعمل على التقليل من آثارها». وكشف أمين عن أن «العراق سيستضيف مؤتمرا دوليا عن الإرهاب والعنف يومي التاسع والعاشر من الشهر الحالي، وستطرح فيه قضايا من هذا النوع من خلال استضافة شخصيات سياسية وأكاديمية دولية وبحوث في هذا الخصوص على أمل التوصل إلى نتائج يمكن أن تفيد مناقشة تبعات العمليات الإرهابية وآثارها على الإنسان العراقي».