Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

النضوج النفسي عند المُحَـنك السياسي

قال هـتلر : عـلمتـني الحـياة أن لا أنخـرط في السياسة إلاّ بعـد الثلاثين من عـمري . ولما ذكـرتُ هـذه المقـولة لأحـد الشباب الذي تجاوز مرحـلة المراهـقة قـليلاً وإتـخـذ لنـفـسه مسلكاً خـطيراً ، إستـخـفَّ بهذا القـول و رَدّ عـليّ بقـوله : ( لـَعِـد شـْـوَكـتْ نـْـلـَـحّـﮓْ وْ نـْـصير مثل صدام ... ) ولما ضيّع عـلى نـفـسه فـرصة الندم إنـتهى أخـيراً .

وقال بسمارك الألماني : إنّ السياسة فـن العـمل في حـدود الممكن . نعم هي فـنٌ يمارسه فـنان وليس أيّ إنسان ، هي ذوق وإحـساس مرهـف لا يملكه أياً كان ، إنها رغـبة وتـحَـسّسٌ وعـمل وهِـمّة ونشاط وحـماس ومثابرة وتصميم وكـفاح ونضال وصبر وتضحـية وهي رسالة فـِكـر وإيمان . ليس كـل مَن يفاخـر ويتكلم بالسياسة يدخـل أبواب الجـنان ، بل ذلك الذي لا يوجـد في جـدوله السياسيّ عَـدُّ الأيام والسنين من الزمان ، فالسياسي الصادق ( الصادق ) يستـحـق كل الإحـترام من عـمق الوجـدان ، لأنه أول المضحّـين من أجـل الآخـرين عـند الطوفان ، وليس سياسيّـي التصنيع العـسكـري آخـر زمان ، لا يفـقهون منها سوى حـروف إنْ نـطـقـوها أخـمدتها الجـدران .

إنّ وُجـوهاً ، كـلماتٍ ، مَشاهِـدَ ، إشاعاتٍ وممارساتٍ ألِفـناها في مرحلة الصبا والمراهـقة ، لم تكن تـثيرنا ، ولم نـتوقـف عـندها في حـينها لنـتأمّلها بل مرّتْ كأنها لا تـخـصّـنا ، وتراكـمَتْ عـليها الأتربة وحُـفِـظـتْ في مخابىء ذاكـرتـنا . ولما جاءت رياح المرحـلة الإعـدادية الشبابية من دراستـنا ، بدأتْ شيئاً فـشيئاً تـنفـض غـبارها عـن مخـيّـلتـنا ، وتـتضح معالمها أمامنا ، لنبدأ في إستعـراضها مجـدّداً ــ والقــُـصْـرُ في نـظـرنا ــ لتحـليلها وهـضمها كما لو كانـت تـواً حـدثـتْ لنا . حـقاً إنّ تلك السنين كانـت من أشد سنين العـمر عـنفـواناً وإندفاعاً وتـقـبّلاً ورفـضاً دون تـحَـسُّبٍ أو إكـتراثٍ للكـثير مما في بـيئـتـنا . فـصرنا نـنتبه إلى مجـريات الأحـداث الآنية ونـتذكـّر معها القـصص الماضية ، نحاول إكـتشاف خـيوط نسيجـية ، تـقـودنا إلى تـفاصيل صورة ﭙانورامية . إنه تـطـَـفــُّـل منا أو حـب إطلاع عـلى محـيطـنا ، إنْ لم نـقـل أنّ الأمـرَ قـد يخـصُّـنا ، وليس مِن المنطق أنْ نكـْـتــُـف أيادينا ونغـمض عـيوننا عـما يحـيط بنا ، وكأنـنا لا نـراه ولا يرانا ولا يعـنينا . إنها روح الشباب وروعة الألباب ، تسبر غـَـوْر المناظر المحـجـوبة بالضباب ، في أعـماق الوديان كانت أم فـوق الهـضاب .

أنا والقـلة مِمَّن شاطرني الرأي أيام زمانـنا ، لم نرتبط بحـزام دوّار مع آلية العـمل السياسي في عـراقـنا ، عـلى إخـتلاف منشآته سواءاً تلك التي كانـت تعـمل جَـهاراً منذ الفـجـر من نهارنا ، أو تلك التي لم تكن تدور عـجلاتها إلاّ في الحالك من ليالينا ( ولهـذا إحـْـنا ما نـفـتهم أي شي بالسياسة ) ، إلاّ أنّ إشعاعاته كانـت تـصِلنا ونسماته تهبّ عـلينا ، وأصوات ماكـناته تـصدع رؤوسـنا ، ولاحـظـنا منذ صِبانا شباباً سياسيّـين متـحـمّسين ومندفعـين بتـلهُّـفٍ إلى هـذا النشاط ، وبتـقادم السنين كـَـبرنا جـميعـنا فـصرنا نسمع أخـبار الكـثيرين منهم منـتشرين في قاعات أكاديمية ، ساحات ثـقافـية ، جـبهات قـتالية ، محاكم رمزية ، زنزانات تعـذيـبـية ، نهايات مفجعة إنـتقامية ، ومع كل أولئك كان هـناك البعـض منهم في سفـرات سياحـية ، وَ( وِلـْـدِ الخايـبة يدفعـون الثمنَ دماءَهم الزكـية ) .

نعم ، هـناك مَن قـَـدّم حـياته قـرباناً لقـناعاته السياسية في خِـضـَـمِّ سلطات أحـكامها قـرَه قـوشية ، فـكان قـدوة لرفاق الآيديولوجـية في حـقـوله التـنظيمية ، وهـناك مَن ناضلَ ونـَـفـَّـذ واجـباته مِن خـلف الكـواليس بعـيداً عـن سـطوة القـوى الأمنية ، وهـناك مَن واصَل الإبحار في هـذا اليَم حـتى قـذفـته الأمواج العاتية إلى شواطىء بعـيدة عـن ساحاته النضالية . نعم ، هـناك مَن إنكمش في محـله أو راح في سبات الأيام الشتائية ، وغـيره تـركَ هـتافاته بقـناعـته الذاتية ، ولكـن هـناك مَن إنـقـلب ليس فـقـط عـلى نـفـسه ، بل صار عـند السلطات الغاشمة يهـوذاً يُـقـَـبـَّـلُ الرفاقَ رفاقُ الخـلية ، ناهـيك عـن آخـرين عـملوا كـخـطوط مائلة غـدّارة بـين أهـل الدار والمتربّصين أولاد الحـرامية ، إنها حـقـيقة قـد لا يعـرفها الكـثيرون ممن أبحـروا في المياه السياسية . نعم ، هـناك مَن غـيَّـرَ مساره في هـذا المجال المغـناطيسي برغـبته الشخـصية ، إلاّ أنّ خميرة خـبرته الماضية ، لا تــُمحى بل تـظهـر عـنده في النقاشات الفـلسفـية ، فالرزانة والرصانة واللباقة بائـنة في جُـمَله التعـبـيرية ، وترتسم بكل وضوح عـلى مُـحَـيّاه أثـناء الجـلسات الأخـوية ، وتـكـون محـصلتها النهائية نضوج في الشخـصية ، وبالنسبة لنا فإن مُجالستـنا لأشخاص يتصفون بهذه المزايا يُـكـسِبنا مُـتعة إضافـية .



إن العـمل في المجـتمع يُـكـسِب الفـرد خـبرةٌ ، ترفع من مكانـته الإجـتماعـية ، تصقـل شخـصيته المهنية ، وتهذب سلوكـياته العـملية ، وتـنـظـّـف عـقله من ترسّبات الأنا والأنانية ، وتـبعِـده عن الحـقـد والكـراهـية ، وتـنقله إلى آفاق سامية يتجاوز عـندها موانع طرح الآراء العـلنية ، فـيـتـقـبّـل الإنـتـقادات المنطـقـية العـلمية ، ويتعامل بمواجهة شفافـية وليس بتهرّب وإستدارة الظهر الضبابـية (إنْ لم أقـل شيئاً آخـراً قـد يخـدّش مشاعـره الإنسانية ) . إن السياسي المحـنك يرفـض الإنكـماش والإخـتباء والإنعـزالية ، ولا يترك فـرصة لأيّ كان ليتــّهمه بضعـف في الشخـصية أو نـقـص الشجاعة الأدبـية أو القـدرة المعـلوماتية ، بل يكـون دوماً منفـتح الشخـصية ، صاحـب صدر رحـب مسلح بأفـكار عـلمية ومنطقية ، يواجه منـتـقديه بروح رياضية سياسية ، فالحـجّة بالحـجّة توصل الأطراف المتحاورة إلى نـتائج مُرضية . السياسي المحـنك أسمى مِن أن يكـون من جـماعة ــ أنـصر أخاك ظالماً كان أم مظلوماً ــ فـلقـد صَقـلتْ التجارب معـدنه ومَحَـتْ أشواكه ، فـينعـكس نور الشمس ساطعاً من سطحه ، ولا يقـبل الأخـطاء أو الظلم من أقـرب أقاربه أو رفاق دربه ، وإلاّ فـما الفـرق بـينه وبـين ذلك الشاب المندفع بدون دراية والذي سألتــُه يوماً ( بلغة السورث ) وقـلتُ : هـل فهمتَ شيئاً عـن الفـلسفة الماركـسية واللينينية والإشتراكية والتـقـدّمية وهـذه العِـبارات التجـميلية ؟ فـقال بكل ثـقة وصراحة : (( بْآلاها لـَـكـيذنْ ﭽـو مِـنـْـدي مِنـّه ح ، آنا بَسْ كـيذن عَـمّي توما )) والله لا أعـرف أيّ شيء منها ، أنا فـقـط أعـرف عـمي توما ــ نسبة إلى المرحـوم توما توماس . فإذا كان هـناك مَن لا يتــّسم بهـذه الروحـية ، فـمن المؤسف أنْ يسجّل إسمه في القـوائم السياسية ، وإنما عـليه أنْ يكـتـفي بجـلسة حـول منـقل فـحم في ليالي شـتوية يستمع إلى حـكايات جـدّتي ( بَـبّي دْ بي دايْ خـنـدي ) ويرتشف الشاي من أقـداح زجاجـية ، أو يستلقي عـلى ظهره في بـيدر ينصُت إلى قـصص جـدّي ( إيسف زلاّ ) عـن الـ شالا وشـَـﭙّـوكْ والحـياكة اليـدوية ، وينـتعـش من نسمات ليالي قـمرية . شاءتْ الصدفة يوماً أنْ حـضرتُ موقـفاً في أوائل الستينات لسياسي بارز في ألقـوش يُـثـنى عـليه ، ويعـكس رُقيَّ وَعْـيـِه ، ويُـبَـيَّـن نزاهـته وإخـلاصه لمبادئه دون تحـيّـز لأقـرب أقـربائه ، ولا يكـيل بمكـيالـَين تـحـتَ أيّ ظرف إذا كان ظلماً عـلى غـيره . فـفي موسم حـصاد في صيف الستينات وأصحاب الدرّاسات يُسَـعّـرون أجـرتهم ( حـصاد الغـلة + نـقـلها ) إلى أقـرب مكان ممكن للدار في القرية عـلى أساس مساحة الأرض المحـصودة بالفـدّانات ، كان صاحـب الدرّاسة للحـصاد والتـراكـتـر لنقل الغـلة هـو المرحـوم زورا بوكا ، فـحـصد الأرض الزراعـية لأحـد الفلاحـين تاركاً الغـلة في الحـقل إلى صباح اليوم التالي بسبـب الظلام ، مما سيُـعَـرّض المحـصول إلى إحـتمال السرقة ، فإضطر صاحـبه إلى إستـئجار ناقـلة ( قلاّب ) وأوصَلـَه إلى داره ليلاً . ولما جاء وقـت دفع أجـرة الحـصاد ، ذهـب الفلاح إلى دار المرحـوم زورا الذي أراد أن يحـسب عـليه أجـرة كاملة ( حـصاد + نـقل ) فإعـترض الفلاح قائلاً أنه لم ينـقل المحـصول بتـراكـتـره بل دفع أجـرة النـقل لغـيره ، فـعاند زورا عـلى رأيه ، فـتعالتْ الصياح وشاءت أن تـحـدث مشكـلة كـبـيرة وكل واحـد متـشبّـث برأيه ولا يقـبل أن يتـنازل عـن حـقه ، وفي هـذه اللحـظات كان حاضراً وزائراً ألقـوش السياسي المعـروف أخـو زورا ( سليمان بوكا ) جالساً داخـل الدار وسمع أصوات الشجار ، فـخـرج وتـفـهَّم الأمر فـقال لأخـيه : لو كـنـتَ نـقـلتَ الغـلة ، أما كانـت تايرات التراكـتـر تستـهـلك بعـض الشيء ، أما كانت ماكـنة التراكـتـر نـفـسها تستـهلك بعـض الشيء ، أما كـنـتَ تـدفع أجـرة السائق والعامل الذين ينـقلان المحـصول ؟ أما كـنتَ أنـتَ تـتـعـب بعـض الشيء ؟ فـهـذه كـلها لم تستهـلكها فـلماذا تأخـذ ثمنها ؟ إن الحـق هـو من جانب الفلاح ويجـب أن تستحـصل منه أجـرة الحـصاد فـقـط ، وكان كما قال .





ما هـو النضوج النـفـسي ؟

تــُـذكـّـرني محاضرات عـلم النفـس الجامعـية بهـذا المصطلح الذي ليست له علاقة بالنضوج الفـسيولوجي أو العُـمر ، وإنما يعـني نضوج في سلوك الفـرد وسرعة ردود أفعاله المناسبة إزاء تـغـيُّـر المواقـف المتباينة أمامه ، فإذا إفـترضنا أنك تـواً أنـتهـيتَ من شجار مع صاحـب دكان مجاور لدكانك في السوق ولا تـزال منفعلاً ، وفي تلك اللحـظة جاءك زائر أو متسوّق .... ! هـنا يظهر نضوجك النفـسي ، فإذا أمكنك التعامل معه بصورة طبـيعـية بحـيث لا يكـتشف فـيك إنفعالك السابق ، يُـقال عـنك أنك ناضج نفسياً ، أما إذا إستقـبلتـَه وإنفعالك لا يزال ممتـدّاً واضحاً عـلى مُحـيّاك عـنـدئـذ يُـقال عـنك أنك غـير ناضج نفـسياً . قـراتُ في الموقع الإلكـتروني الآتي العـنوان (( مَن هـو الشخـص الناضج نـفـسياً وروحـياً http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=185658 إنه الشخـص الذي يُـقـَـيِّم نفسه التقـيـيمَ الصحـيح ، ويعـرف قـدر ذاته ، يعـرف مميزاته دون أن يغـتَـرّ أو يرتفع قـلبه ، ويعـرف عـيوبه ونقائصه دون أن يفشل أو يشعـر بصغـر النفس ، يكون راضياً وشاكراً ومتقـبِّلاً وضعه كما أراده الله . وهـو الشخص الذي له اللون الواضح والمحدَّد ، ويتعامل مع الأمور بشكل ثابت في المواقف المخـتلفة ، وله رأيه الثابت وليس شخـص مهزوز ومتقلب في أفكاره ، وهـو الذي يضع أمامه أهـدافاً عـظيمة راقـية في الحـياة ، وليس أهـدافاً تافهة صغـيرة ، إنه لا يسعى لتعـظيم نـفـسه ، ولا يهمه كثيراً مديح الناس بل المدح الذي من الله . وهو الذي يعـرف كـيف يستخدم الوقـت إستخداماً مثالياً ونافعاً ، ويرتِّب أولوياته في الحـياة بحسب القـيمة الحـقـيقية . فالشخص الذي يقضي ساعات طويلة في اللهو أو في ألعاب الـﮕـهاوي أو تبادل المحادثات الفارغة لمجـرّد التسلية دون هدف واضح ، غـير مقدِّر قـيمة الوقت الذي يُهدَر ، إنسان كـهـذا لا يمكن إعـتباره شخـصاً ناضجاً . فكل العـظماء عـرفـوا قـيمة الوقت ، وتيَـقــَّـنوا أن الحـياة قـصيرة فإجـتهَدوا ليفتدوا الوقـت ويستغلوا كل فرصة . والشخص الناضج هو الذي يقبل النقد الموضوعي الهادف والبنَّاء ، إنه مقـتـنع تماماً أنه لا يعـرف كل شيء ، ولا يقدر أن يعـمل كل شيء ، إنه يفهم نقاط ضعـفه وعلى إستعـداد أن يقبل النصيحة والتوجـيه ، ويعـترف بأخـطائه . والآن ، هل تـنفتح عـيناك على عـيوب الآخرين ، هل تـنظر القذى الذي في عـين أخـيك أما الخشبة التي في عـينك فلا تـفـطن لها ؟ لاحـظ ، أنـنا في أشياء كـثيرة نعـثر جميعـنا ، والكمال هـو لله وحده . الإتضاع والإستعـداد لتغـيـير المفاهـيم الخاطئة هو سمة الناضجـين والناضج لا يحكم بحسب الظاهر ، ولا يتسرع في إصدار الأحكام وإدانة الآخـرين ولا يعـمِّم الأخـطاء ، إنه يتعامل مع الكل بقلب متسع ، ويحـتمل ضعـفاتهم ، ويسمو فـوق أخـطائهم ، وبهذا يجعـلهم ينجذبون إليه ويثقون به . الإنسان الناضج عـنده توقعات إيجابية من جهة الأشخاص ، وهذا ناتج عن ثـقـته في الله وفي نـفـسه ، بأنه سيغـيرهم ويعمل منهم وعاءاً آخراً كما حَسُنَ في عـينيه ، والناضج يدرك تماماً أن كل الأشياء تعمل معاً للخـير . إن رسول الأمم ﭙـولص خاطب أهـل روما قائلاً : لا تــُشاكـِلوا العالم ، وهـو مِن خـلال دعـوَته إلى التـغـيـير يناشد الإنسان بأن يحـتـفـظ بشخـصية خاصة ومتفردة لا تشابه أو تشاكل الآخرين بل تخـتلف عـنهم . فلابد لنا أن نعـرف أن واحـدة من أهم سمات النضج النفسي ، هي قـدرة الفرد على الوقـوف صامداً متماسكاً محـتـفـظاً بذات (هـوية) متفردة مستقلة ومخـتلفة أمام قوة ضغـط الآخرين لتشكيل الفرد على شاكلتهم of Conformity Power ، أو كما يسميها إبراهام ماسلو "مقاومة التـشكـُّـل بالبيئة" )) إنـتـهى الإقـتباس . وكـتعـبـير بديل آخـر هـو النضج الإنفعالى ، ويعـني إرتقاء الفرد إلى مستوى ضبط إنفعالاته وتـناسبها مع مستوى عـمره الزمني وخـبراته وطبـيعة المواقـف المتغايرة بحـيث تـتـفق إستجاباته الإنفعالية مع ما هـو متوقع ومتـناسب مع الموقـف . إنـنا كـلنا بُـسطاء أمام الكمال الإلهي وكـلما تـواضعـنا نرتـفع أكـثر في عـين الآخـرين ، وسنبقى تلاميذ نرتشف من كؤوس المعـرفة لنستزيد خـبرة ..... ولكـن هـناك مَن يعـتبر نفسه وصل إلى القـمة وتجاوزها وصار يرفـرف فـوق الناس وهـو جالس عـلى مقعـده لساعات ، إنّ مثل هـذا ضعـيف النـفـس لا يرافق إلاّ مَن يستـطيع الهـيمنة عـليهم كي يكون سيداً ولا يتجـرأ عـلى مصاحـبة غـيرهم خـوفاً من ذوبانه وتلاشيه . إنّ الفـسيلة التي تــُـزرَع مائلة أو تلك التي تميّـلها الرياح ولا تــُـقــَـوَّم ، ستـنمو وتكـبر منحـرفة . فهل تشتاق أن تكـون قـدوة ، ناجحاً ونافعاً لخدمة المجـتمع ومستعـداً لتحمل المسؤلية بأمانة وكفاءة ! لا سبيل إلى ذلك سوى بالنضوج . والنضوج لن يحدث فجأة ، لكـنه يحـتاج إلى وقت ، إلى سنين ، ومع النمو والتدريب ، والإخـتبارات والتعـلم ، والإستفادة من الأخـطاء سيتحـقق النضوج . وأخـيراً نـقـول : هـل لدى الشخـص أعـداء ؟ عـظيم ... فـهـذا يعـني أنه في أحـد الأيام وقـف مدافعاً عـن شيء ما ، عـن قـضية ما ، عـن مبـدأ ما وهـذا فـخـر له ، ولا يحـصل عـليه مَن لم يقـف مدافعاً عـن شيء ما .

Opinions