Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

الهويّة الشيعية ومؤامرة طمسها

 

يروّجُ بعض المغرضين أن بلاد فارس هي مصدر التشيّع وأنّ التشيّع وُجدَ في إيران قبل انتشاره في العراق والبحرين ولبنان وغيرها من الدول الإسلامية أو الهلال الشيعي كما يُسمّى! إذ أخذت هذه الشائعة تتسع يوماً بعد يوم وجيلاً بعد جيل حتى رودفت كلمة التشيع في وقتنا الحاضر بالصفوية نسبة للشاه إسماعيل الصفوي والدولة الصفوية الشيعية الأولى في إيران.

المروّجون لهذا الأمر لديهم حجج واهية في إثبات كلامهم أهمّها: أنّ أكثر علماء الشيعة من بلاد فارس كالمجلسي والطوسي والأردبيلي من القدماء والمعاصرين أمثال الأصفهاني والخوئي والسبزواري والسيستاني؛ وربما نسوا أو بالأحرى تناسوا أنّ علماء أهل السُنة القُدامى هم من الفُرس والأسماء الفارسية في تاريخ علماء السُنة أكثر من الشيعية منها، وخير دليل على ذلك أصحاب الصحاح الست كلهم إيرانيون وغيرهم الكثير من العلماء، ومن البديهي أن لا نرى عالماً معاصراً لأهل السنة من الفُرس لأنّ بفضل التحوّل الطائفي في إيران أصبحت البلاد لا تُصدّر علماء للسنة بل استمرت في عطائها العلمي للإسلام ولكن هذه المرة للمسلمين الشيعة في الفقه والأصول والفلسفة إلى جنب العلماء العراقيون واللبنانيون والحجازيون وغيرهم، وتلك المجموعة من علماء السُنة الإيرانيون الذين أصبحوا علماء قبل التحوّل بقيت أسماؤهم تُخط ضمن قائمة أعلام أهل السُنة، لكن ضمن حملة من أطراف معروفة لتغيير نسبهم وهويّتهم وانتمائهم القومي.

يظن البعض أن من قام بتأسيس الدولة الشيعية في إيران هو إسماعيل الصفوي ولكن هذه مغالطة كبيرة يقع فيها الباحثون بين من أسس الدولة الصفوية ومن أقرّ المذهب الشيعي مذهباً رسمياً للصفوية بعد عقود من تأسيسها، الصحيح هو أن إسماعيل الصفوي أسس الدولة الصفوية وكان ينتمي للمذهب السُني ومات وهو معتنقاً للمذهب ذاته، لكنّ الذي غيّر مذهب الدولة من السُني إلى الشيعي بعد موت إسماعيل هو أحد أحفاده المُسمى بالشاه محمد خدا بنده أي: الملك عبد الله، الشاه تعني الملك وبنده تعني العبد وخدا تعني الله.

إن التغيير الطائفي الذي حصل في بلاد فراس كان أثر حادثة حدثت مع محمد خدا بنده وعلى يد عالم عراقي، ففي يوم من أيام حكمه غضب على زوجته وطلّقها بالثلاث لكن سرعان ما تندّم على ذلك، فجمع علماء الدين السنة وعرض عليهم الموضوع طالباً منهم إيجاد حل لاسترجاعها، لكن العلماء ما وجدوا حلاً لمعضلته إلا أن تمسك زوجته العدّة ويدخل عليها رجل آخر ويطلقها بعد أن يدخل بها وتمسك عدة ثانية ويتزوجها الملك من جديد؛ فاستشاط الملك غضباً بعد سماع الحل الوحيد، فكيف يدخل رجل على زوجة ملك البلاد؟؟!!!

لكنّه أصرّ على وجود حل أفضل فطلب من وزرائه البحث عن عالم آخر يجد له حلاً بديلاً، فأُرشد الملك إلى عالم عراقي من مدينة الحلة يُعرف بابن المطهّر الحلّي له رأي آخر في مسألة الطلاق، فأمر بدعوته لحضور مجلساً ينظمه بحضور علماء المذاهب الأربعة لمناقشة تلك المسألة.

بعد مدة حان موعد المجلس فدخل ابن المطهّر الحلي المجلس ماسكاً بيده نعليه، فنظر إليه علماء المذاهب الأخرى وصاحوا مستنكرين إحضار نعليه إلى المجلس، فقال أحدهم للملك: هل يصح أن يحضر عالم بحضرتك وهو ممسك بنعليه؟ ألا تطلب منه تفسير فعله هذا؟ فالتفت الملك إلى الحلي وسأله عن سبب إحضار نعليه إلى داخل المجلس، فأجاب الحلي أن أبا حنيفة سرق نعلي الرسول في أحد المجالس فخشيتُ أن يسرق الحنفيون نعلي!، فقام أتباع المذهب الحنفي وصاحوا هل يُعقل هذا يا جلالة الملك وأبا حنيفة لم يعاصر النبي؟! فقال الحلي لا ليس أبا حنيفة بل مالك فقام المالكيون وصاحوا لا يا جلالة الملك فالإمام مالك لم يعاصر النبي بل ولد بعد وفاة النبي بعشرات السنين، فتراجع الحلي مرة أخرى وقال لا ليس مالك بل الشافعي، فقام الشافعيون كذلك يستنكرون الموضوع موضحين مدى بُعد عصر الرسول عن الشافعي، كذلك تراجع الحلي وقال بل أحمد بن حنبل فاستشاط الحنبليون كذلك مستنكرين تلك الحادثة مستهزئين من ضعف معلومات الحلي التاريخية، فابتسم الحلي وقال للملك إنّ مؤسسي مذاهب علمائك لم يعاصر أي واحد منهم الرسول!! إذن من أين جاءوا بمذاهبهم وكيف يفتون الناس؟!! فقال له الملك: تتبع مذهب من؟ فقال: أنا اتبع مذهب علي بن أبي طالب الذي أخذه من رسول الله وعلّمه لأبنائه الأئمة من بعده جيلاً بعد جيل، أنا أتبع مذهب أهل بيت النبوة الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا.. فنظر الملك إلى علمائه فرآهم مطرقين برؤوسهم إلى الأسفل والتفت إلى الحلي وسأله عن رأيه في طلاق زوجته فقال له إن كان طلاقك بلا شهود وفي حالة عصبية فهو باطل.. فرح الملك بعد أن اقتنع بأدلة العالم العراقي فأمر باتخاذ المذهب الشيعي كمذهب رسمي لبلاد فارس كما وأمر جميع علماء البلاد والرعية باعتناقه ولو كان ذلك بقوة السيف!!

ان العراق هو مصدر التشيّع إلى العالم بأسره وإيران هي من ضمن تلك الدول التي وصل إليها التشيّع بعد إن كانت سُنية، ولا زالت مدرسة النجف الأشرف تُعكس الصورة الحقيقية للتشيّع..

Opinions