الوطن في عيون مسيحية
المقدمةهناك قول للفيلسوف روسو/العقد الاجتماعي ص287 هو"نحن لا نبدأ بالتحول الى بشر الا بعد ان نكون مواطنين" هذا القول يضعنا في موقع ارتقاء فوق الذات من خلال جهد ارادي لنكون مواطنين نتمتع بالحقوق ونقوم بالواجبات التي تؤهلنا ان نبرهن لمن حولنا وللعالم اننا سكان البلاد الاصليين، هذه العلاقة بين الواجبات والحقوق لا تأتي اعتباطاً او من الخارج الى الداخل بل تبدأ من الداخل الى الخارج في حركة تبادلية يسيطر عليها القانون الوضعي والالهي عن طريق القضاء الحقوقي، من هنا تبدأ العدالة والمساواة بين جميع المواطنين من اجل تطابق فكرة كوننا بشر وكمواطنين في نفس الوقت، عليه رفعت الهيئة العالمية للدفاع عن حقوق سكان ما بين النهرين الاصلاء شعار المساواة والعدالة ايماناً منها باننا سكان البلاد الاصليين، اي وجوب الانتماء الى الذات قبل ان انتمي الى لغتي واصلي وفصلي، لماذا الانتماء الى ذاتي؟ لاني كائن حر واخلاقي، اذن من هنا كنا السكان الاصليين! لاننا لا نبيع ونشتري بقيمنا ومبادئنا واخلاقنا كون اختيارنا كان اختياراً حراً غير مقيد لا بفكر قومي تعصبي يميل الى الشوفينية بحيث يوسع الهوة بين الاشقاء من شعب واحد ولا من خلال شعارات براقة تعمي البصر والبصيرة عند تطبيقها بحيث من يسير وراءها يترنح مثل الجريح او سكران فاقد الاتجاه، لذا نكون في قلب الألم من خلال عملنا من داخل الاضطهاد كعراقيين ومواطنين اصلاء
نحن عراقيون قبل العراق
في مقال سابق نشر في معظم مواقعنا العاملة في 10/2/2009 تحت عنوان (نحن عراقيون قبل العراق) للاطلاع على المقال را/الرابط ادناه – باطنايا نت! جاء فيه "
هكذا تكون الاصالة
لا نتشاطر على احد، ولا نتكئ على التاريخ ابداً، ولكن نغرف منه ما هو خير للانسان، هذه اثباتاتنا ووثائقنا وبكبسة زر على الكومبيتر يظهر لنا ابداعات وحضارة بلادنا ما بين النهرين (وادي الرافدين) لذلك لا يمكن لاحد مهما يكن من مقام وجاه وسلطان ان يطمس الحقيقة بجرة قلم وقد نسي او تناسى ان العالم اصبح قرية صغيرة، وهناك من يريد او يحاول ان يقلب الحقائق بالاتكاء على الماضي فنقول له: هذا هو ماضينا! وهذه هي حضارتنا! اما واقعنا اليوم فهو اكثر من مشرف وخاصة وقد اثبتنا واثبتت الاحداث اننا حقاً اصلاء ونبتنا من هذه التربة الاصيلة وكانت حَبَتنا قد وقعت في تربة عميقة وصالحة!وأثمرت محبتنا وحبنا وصبرنا وتشبثنا بقيمنا ومبادئنا بحيث تمسكنا بها" وجاءت الاحداث لتثبت بالواقع الملموس صحة كلامنا، ها ان مسيحيي البصرة يلغون احتفالات اليوم الثالث لعيد الميلاد لمحبتهم الفائقة تجاه اخوتهم في العيش المشترك وايمانهم بان عاشوراء هي مناسبة عظيمة هذا الحب تجلى بالرغم من الاضطهاد المنظم ضد شعبنا واخوتنا في البصرة، وكان راي كنيستنا في بابل (كنيسة مريم العذراء) اكبر من موقف بكثير وتجلى ايضاً باستقبال المعزين والضيوف داخل الكنيسة بمناسبة استشهاد الحسين (ع) ما هذه الاصالة ايها المسيحيون؟ لا تنظروا الى فتاوي الشيخ القرضاوي بمنعه احتفالات عيد الميلاد والغاءه لشجرة الحياة "شجرة الميلاد" وانتم تكيلون له الصاع صاعين لا بل عشرة! ولكن في الاتجاه المعاكس، هو يدعو الى الاضطهاد وانتم تقابلونه بالحب! وكان هذا موقف سيدكم عندما صلبه اليهود! انها الاصالة والمواطنة الحقة عملياً
هكذا ترى المسيحية الوطن والمواطنة، انها عيون الانسان الغيور عندما يعمل بكد واخلاص وتفاني لا يعني هذا انها بلده ووطنه فقط، بل لانها الرحم الذي خرج منها، من هذه الارض الذي زرعها بحبه وحنانه وعطاءه ودموعه ودماء شهداءه، ومن يتنكر او يبيع ويشتري بها! كأنه باع رحم امه، ليس من خلال تهربه من واجب الدفاع عن وطنه واهله وناسه وشعبه عندما يطلب منه ذلك وحسب، بل انه يبيع وجدانه الانساني بحيث يحفر لحد تاريخه وحضارته وقيمه بيديه ليقول لاحفاده:
كنتم عريانين في هذا الشتاء ولم افكر مجرد تفكير ان اوفر لكم الكسوة! وطلبتم ماء بارد في حر الصيف وانتم عطاشى ولم اقدمها لكم بالرغم انها كانت معي في ضميري ووجداني ولكن قتلتني الانانية وعماني التعصب ولم اكن افكر الا بنفسي وانا فقط، لذا ابتعدتُ كثيراً وزادت المسافة بيني وبينكم بسبب عدم قرائتي للواقع كما هو بل وضعتً رأسي في الرمال وبذلك ساهمتُ بشكل مباشر وغير مباشر ايضاً في اضطهاد شعبي ومن اجل التستر على فضيحتي لبستُ ثوب القومية وتركت وطني، وتمنطقتُ الديمقراطية وادعيتُ التمدن والايمان كي اغطي التراب على جسمي، ووضعتُ قفازات في يدي بدلا من غسلها وتنظيفها من ادران الدولارات، واسقطتُ ذاتي على الاخرين بقوتي الذاتية وباسم المقدس
وبعد جيل جاءه رد من احفاده في كلمتين: انت فقدتَ اصليتك ووطنك
اذن الحل يكمن في مراجعة النفس تجاه رحم الام الدافئ الذي احتضننا الالاف السنين، الا يستحق هذا الرحم ان نحافظ عليه من تقسيمه الى اوصال بحيث لا يصلح للانجاب مستقبلا ويصبح مثل تلك العاهرة التي لها اكثر من اربعة رجال! لا والله ان الوطن في عيون مسيحية/نهرينية/ هؤلاء الاصلاء سيبقى واحداً موحداً، ومهما فعلتم باتجاه الاضطهاد والقتل والتهجير سيبقى الوطن في عيون الاصيل من مسؤوليته الاخلاقية، كانسان وككائن حضاري حر وحي، الذي يعرف تاريخه وحضارته وحاضره وواقعه بحيث يغرف منهم الخير والمحبة ويترك اوساخ وادران الماضي في مكانها وينظر اليها بعين ناقدة كما سيفعلوا احفادنا بنا
الزبدة
العيون المسيحية تجاه الوطن والمواطن تعني
* ان الرسالة المسيحية التي وجهتْ بمناسبة عاشوراء لم تكن مجرد عاطفة او حب عابر تجاه قضية استشهاد الحسين (ع) بل تقول: نحن المسيحيين لا يمكن ان نغلق على انفسنا الباب، ولا نضعها في ثلاجة، ولا نعيش لوحدنا في هذا الارض التي خرجنا من رحمها، بل نفسنا وحياتنا وتنفسنا الهواء النقي يكون معكم! انتم العيش المشترك في الوطن الواحد، ان كان في البصرة وبابل وبغداد او في كركوك والموصل وزاخو واربيل
** العين الاخرى تنظر الى العدالة والمساواة ليس امام القانون وحسب، بل لا نفرق بين انسان وآخر ولا نسأل هل انت شيعي او سني – عربي ام كردي – يهودي ام يزيدي – مندائي وصابئي ام اشوري وسرياني وكلداني وارمني وحتى بدون دين، بل نقول له : هل انت عراقي؟ الاهم هو انسان ينتمي الى هذه الانسانية الشاملة
اذن الهواء المنعش الذي يحافظ على الحياة يكون مع التنوع والتعدد، وبرهاننا هو
لنفرض جدلاً نظرياً خيالياً ان جميع سكان الارض اصبحوا (كلدان) مثلاً وينطبق نفس المثل على (الاشوريين – السريان – السنة – الشيعة – اليهود – الكونفوشيين – المندائيين – اليزيديين – التاويين – الزرادشتيين -------الخ) او كلهم اصبحوا (اسلام – مسيحيين – بدون دين – يهود -----الخ) ماذا كان وضع العالم بدون تعدد الاديان والتواريخ والثقافات والافكار، اكان العالم ينتهي بانتهاء التنوع والتعدد، جوابنا هو نعم بالتاكيد! لان القيثار او الاجهزة المتنوعة والمتعددة لاخراج سيمفونية رائعة ينتهي مفعولها ويبقى جهاز واحد فقط، اذن تنتهي الحفلة!!! فكيف ان بقي خيط واحد من القيثارة؟ فهل يبقى هناك لحن اصلاً
الوطن والمواطنين هم العيون التي نرى فيها ذواتنا
shabasamir@yahoo.com
نحن عراقيون قبل العراق