الوطني الآشوري والحركة الآشورية ومسؤولية الوحدة
أعـتدت على متابعة نشـاطات مختـلف تنظيمات شـعبنا وأطرافـه المذهبيـة ، وذلك لكي أكـون موفقـا بقـدر الإمكان وغير مبتعد عن الحقيقة عنـدما أتـناول قـضية مـا لشـعبنا ( الكلداني الآشوري السرياني ) بحسـب أسـس عـدم الإنتـماء السـياسي أو الإنحيـاز الذي يفـقد الحكم عدالتـه . . ولهذا فلا غرابـة إذا جاء تـقييمي بين وقت وآخر متـفاوتا في وضعيتـه ، إعتمادا على الظروف وموقف الجهـة أو الـفئة التي أتنـاولها في وقت الحـدث أو مسـيرتها العامة بالنسـبة لقضايا شـعبنا ، وخصوصا المصيرية منـها .ومـن هذه التـنظيمات التي أتابعـها بإمعـان " الحزب الوطني الآشوري " وذلك لمعرفتي المباشـرة بعـدد من قياديـيه واهتماماتهـم القومية ، منـذ أيام وجودنـا في " النادي الثـقافي الآثوري " في بغـداد ، الذي كان ، إضافة إلى الجمعيات والإتحادات والنوادي التي تأسـست مطلع سـبعينيات القرن الماضي ، مدرسـة وسّـعت علاقاتـنا وعلمتنا الكثير الكثير من واجباتـنا في دروب الإعـتزاز بشـعبنا ماضيا وحاضرا وتطلعـا إلى مستـقبله .
وبوضـوح ، إنّ إنطباعي الدائم عـن " الحزب الوطني الآشـوري " أنه معتـدل في نهجه ، ميـال إلى التعاون مع الأطراف الأخرى لشـعبنا ، حريص على مـاهو مفيـد ومعـزز لوجود شـعبنا أكثر مـن رعايتـه لمصلحته الذاتية وعلـو شـأنه الخاص .
وينبغي أن أقول الحقيقة ، إنـني لا أصنف تنظيمات شـعبنا ، خصوصا السياسية منها وتوابعـها ، بيـن حسـن وردئ ، فلا من هو حسـن بالكامل بينها ولا من هو سـئ بالكامل فيـها ـ إسـتنادا إلى رأيي الخاص ـ ولكنني أراهـا متـفاوتة في تجاوبهـا مع متطلبات شـعبنا ، وأنـا متـفائل بتـقييمها الذاتـي لبرامجها وأفكارها ومواقـفها وأعمالها ، وإلتـزامها المفيد لعموم شـعبنا والتخلي عن غيـره ، لأن عـدم ( الغـربلة ) يعني الجمود ، ومن كان جامـدا سيتخلف عن المسـيرة ، لأنه لايلتـزم التطور الذي هو سـنة الحيـاة وتـقدمها ورقيـها وانتـقالها من مرحلة إلى أخرى ، بأتجـاه البقـاء والإسـتمرار للأصلـح .
ومع حـذري الشـديد في كشف مواقفي التـقييمية لتنظيمات شـعبنا ، لئـلا يفسـر ذلك بعيـدا عمّـا أعنيه أو أسـعى من أجلـه ، لكنني وجدت أن واجب الوفاء للحقيقة يسـتدعي مني تناول " البيان الختامي للمؤتمر العام الثالث للحزب الوطني الآشـوري " الصادر في 22 تموز 2006 لمـا يحمله من إيجابيات وخطوات على المسـار الصحيح الذي يروم إليه شـعبنا ، واسـتـنتاجات جريئة تسـتوجب الثناء والتـقدير وأيضا الإعتـزاز من الذين يباركون كل خطوة تـقود شـعبنا للتوجه نحو الأمـام ويدعمونها بكل امكاناتهم .
بدايـة في شـأن المؤتمر ، فـإن إنعقـاده في ( إينشـكي ) يمثل إختيارا رائعـا ، وتحية لكل إجتماع عقـدته تنظيمات شـعبنا وتـعقده في بلدات وقـرى شـعبنا ، التـي هي " الدعامة " الأساس التي يسـتند عليها بقاء شعبنا وسلامة إستمراره ، أما مايعقـد من مؤتمرات خارج سهل نينوى الكريم وماجـاوره شـمالا وشـرقا وغربـا ، سـواء في بغداد أو لاهاي أو ديترويت أو شـيكاغو أو سـانتييغـو . . ألخ فهو ـ مع الإحترام الجزيل لكل المشاركين فيها ـ لا تعدو أن تكون أكثر من مضيعة للوقت وضجيجا بعيدا عن سـاحة السـرب ، وسـحابة صيف تبـرق وترعـد وتسـقط مطرا غزيرا وحالوبا مفيدا وضارا ولكنها عابرة سـرعان ما تتلاشـى .
والأمـر نفسـه ، إذ يخطئ من يتصور أن أبناء شـعبنا وأهلنا في الخارج سـيبقون على إرتباطاتهم الراهنة مع أصلهم أكثر من جيلين ، حيث أنهم سـيتلاشـون رويدا ويندمجون بمجتمعاتهم الجديدة وسلوكها وتـقاليدها وظروفها وينسـون لغة وتاريخ وقومية وحتى أصل آبائهم ، إن لم يكن الأبناء بدأوا بنسـيانها فعـلا .
وواضح إقرار البيان الختامي لمؤتمر الحزب الوطني الآشوري ، بوحدة شـعبنا ضمن واقعـه الراهن ، من خلال إشـارته إلى ذـلك بـأن " أدان المؤتمر ما يتعـرض له شعبنا ( الكلداني السرياني الآشـوري ) من . . " .
ومـن الأمور المهمة في البيان ، أن " يتبنـى مطالب أبنـاء شـعبنا في إقرار منطقة للإدارة الذاتية في سـهل نينوى إلى جانب بقيـة مكونات النسيج القومي والديني والثـقافي للمنطقة من الإيزديين والشـبك ، بمـا يضمن التواصل بين شـعبنا في سـهل نينوى وإقليم كردسـتان العراق " . .
وحسـنا ، أكد البيان على " التواصل بين شـعبنا . . وإقـليم كردستان العراق " لأن هذا الوجود والتواصـل حقيقة جغرافية واجتماعية لا يمكن تغيير وضعها ، فـإن تجمعات شـعبنا هي ضمن مجال وجـود الأخـوة الكـرد أو بجواره ، مـايعني أن علاقـة شـعبنا ( الكلـداني السـرياني الآشـوري ) مصيرية مع الشـعب الكردي ، وينبغي التـعامل مع الأخوة الكرد وفقـا لمتطلبات هذا الوضع ، والحرص على عدم إثـارة جروح الماضي التي لاتـفيد بشئ غيـر الإضرار بشـعبنا من خلال نبش آلامـه ومآسـيه والنحيب على أطلالـه من دون مايفيـده ، وحض شـعبنا على التوجه بعيدا عن المسـار الصحيح الذي فيه مصلحته .
أما ما يمثـل خلافات راهنة ، فينبغي عدم تضخيمه أو تحميله أكثر من حجمـه وتأجيجه ، فالخلافـات وحتى التجاوزات موجودة داخل كل المجتمعات ومع جيرانها ، وهي لا تعرقل الوفاق مـالم يصاحبها التطرف والكبرياء ، وما هو موجود في حالنا الراهنة مع الأخوة الكرد ، ومن أي الجانبين كان ، فهـو محدود وضمن الإطارات الفردية في غالـب الأحيـان ، علما أن مطالب شـعبنا ، خصوصا ما يتعلق بالقرى والأراضي ، ينبغي بحث أمرها وحل وضعها بالتـفاهم والحرص على تنفيذ القوانين والأعراف ، وليس بالإنتزاع والعنوة والصراع ، كما يحلو للبعض أن يختار أو يحـرض .
وللحقيقة ، فإن تعامل القيادة الكردية مع قضايا شـعبنا في إقليم كردستان ، تسـوده الأجواء العادية المتبعة في أسـاليب السلطات الحاكمة ، وما يتمتع به شـعبنا في إقليم كردستان من وجود في السلطة وأمن في مناطقه ، وجهود مدعومة في بعض الأحيان من مسؤولين حكوميين لعودته إلى قراه وإعمارها ، هي إنجازات ومكاسب في مجالات مهمة من الخطأ إنكارها أو التشكيك بها أو التـقليل من شأنها .
ومـن الخطأ أيضـا أن نوجـه الإتهامات لسـلطات الإقليم في كل الأمور التي لا تلبي رغباتنا أو تتعارض مع طلبات قسم من فئات شـعبنا السياسية ، ونتناسـى صراعات القيادات السياسية والطائفية لشـعبنا ، إذ أن الأولى بهذه الفئات أن تعالج العـلات التي تفرق بينها ، وتـعمل على توحيد صفوفها في الأمور الخاصة بشـعبنا ، لا أن تتجاهل مصلحة شـعبنا من أجل مصالحها الذاتية . . وهنـا نود الإشـارة إلى أن تعمير قرية مدمـرة لشعبنا أهم بمئات المرات من كراسي البرلمان وأسماء الوزارات والمناصب الحكومية . . وبصراحة نسـأل : ماهـي الفوائد التي جناها شـعبنا من نوابه في البرلمان العراقي أو في وزارات ( النقل ) و ( اللاجئين ) و ( العلوم ) التي تولاها ممثـلوه الذين طالما ذكرهم شعبنا بأن " إسمهم بالحصاد ومنجلهم مثـلـوم " .
وبتـقديري ، أن وزارة السياحة والآثار في إقليم كردستان التي تولاها مواطن من شـعبنا ، هي أكثر أهمية لشـعبنا من كل مقاعده في البرلمان العراقي ووزاراته في بغداد ، لأن شـعبنا في كردستان بحاجة إلى رعاية لسياحته وآثاره ، وأملنا كبير بإنجازات هذه الوزارة خصوصا أنها في عهـدة " الحزب الوطني الآشوري " الذي يمثل موقعا وسـطا معتدلا بين تجاذبات الفئات السـياسية لشـعبنا .
نعـم ، يمثـل موقعـا وسطا معتدلا وواقعيا ، فهو يؤمـن بأصل شـعبنا الآشوري ، ولكنه يراعي أيضا الواقع الراهن من أجل السعي إلى جمع الشمل والعمل المشترك بأي إسـم موحد تـقبله غالبيـة شـعبنا إن تعـذر كلـه . . فـفي تصريح للحزب الوطني الآشوري ( 11/10/ 2003 ) يقـول " . . . إنـنا مع أية تسمية تضمن حقوقنا القومية وتـقر بوجودنا كشـعب أسوة بباقي شـعوب وطننا ( العراق ) كأن تكون ( الكلدوآشورية ) أو النموذج الذي أعتمد في الولايات المتحدة الأميركية في تعداد عام 2000 ( آشوريون / كلدان / سريان ) أو أي مقـترح آخر يأتي بمخرج لأزمتنا وينهي الجدالات العقيمة . . . " وشـارك الحزب بفاعلية في المؤتمر القومي الكلداني الآشوري السرياني العام ( بغداد 22 ـ 24 تشرين الأول 2003 ) وجاء في ورقة عمل الحزب التي تلاها أمينه العام الأخ نمرود بيتو " نعـم نحن الآشوريون الكلدان السريان لا فـرق عندنـا ، فتحت كل هذه المسـميات والتـي لا تعـني غـير معنى واحـدا ، إمتـد تاريخـنا . . . " ولـم يمانـع في تسمية ( الكلدوآشورية ) على رغم دعوتـه إلى تبني تسمية الشـعب ( الكلداني / الآشوري / السرياني ) .
وكنت في صيف 2004 فتحت حوارا عبـر أسئلة إلى الحزب الوطني الآشوري ، من خلال موقع عنكاوا ، وقد تعـاون الحزب مشكورا في الإجابة بموضوعية وصراحة وحوار هادف وبشـكل يسـوده التفاهم والسعي إلى التلاقي والوفاق على كل مايفيـد شعبنا ، ومن ذلك تأكيده على أن " خيـاره الوحيد هو أن نكون في إستمارة الإحصاء شعبا واحدا وبتسـمية واحـدة . . . ورفضه رفضـا باتـاً و قاطعاً إدراج شـعبنا كشعبـين منفصلين ( كلداني ) لمفرده أو ( آشوري ) لمفرده " . . وذلـك على الرغم من ملاحظاتي الخاصة المتـعلقة بوجهة نظري في حينـه بقسـم من القضايا التي أجاب مسؤولو الحزب عنهـا .
ومؤتـمر الحركة الديمقراطية الآشـورية
ـــــــــــــــــــــ
وبالنسـبة للحركة الديمقراطية الآشورية ، فقـد كتبت الكثير بخصوص تأييدي لهـا أو ملاحظاتي في شـأن ممارسات خاصة بها ، ولذا فـإن مواقفي منها معلنة ومنشورة وواضحة لاأريـد تكرارها ، وسـأقـتصر على أمور أراها مهمة في مؤتمرها الأخير المنعقد في الفترة من 29 / 6 ولغاية 2 / 7 / 2006 وبيانها الختامي الذي أجد فيه ( على الصعيد القومي ) مانصبـو إليه من وحدة شـعبنا ، وحيث أن الحركة لاتـزال تتـبنى الإسـم الموحد ( الكلدوآشوري السرياني ) الذي لا أختلف شخصيا معها في تأييدي له ، إلاّ أنني لاحظت مايمكـن أن أسـميه مرونة وإستـعدادا واضحا منها للتفاهم من أجل مصلحة شعبنا مع فصائله الأخـرى .
فقـد ذكر البيان ، أن " . . . المؤتمر أجمع على إعطاء الأولوية لوحدة شعبنا بتسـمياته المختلفة الكلدانية السريانية الآشورية وغيرها " .
وأيضا جاء في البيان " كما ناقش وبإسهاب الحقوق القومية المشروعة والعادلة لشـعبنا . . وضرورة تعزيز ذلك في سهل نينوى إلى جانب المكونات الشقيقة الأخرى " .
وأيضا جاء في البيان " وقـد إتخذ المؤتمر قرارا بإطلاق دعوة للحوار مع مختلف فصائلنا القومية من أجل التوافق على ما يجمعنا ووضع آليات عمل أكثر نضجا لخدمة قضايانا السـتراتيجية والتصدي لمحاولات التدخل من خارج البيت القومي التي تضـر بمصالح شـعبنا . . " .
وآمـل أن نـرى ، في ضوء هذا البيان ، تحركات سريعة توفر التفاهم والإنجازات في مجال وحدة شـعبنا والإهتمام الجدي بسهل نينوى حيث ديارنا ومســقبلنا ، ووضع آليات عمل أكثر نضجا مع فصائل شعبنا القومية لخدمة قضاياه المصيرية .
لكـن السـؤال الذي لابـد منه ، مادامت الحركة تسعى لتعزيز سهل نينوى ـ وهذا لا نشـك فيه ـ فلماذا لم تعـقد مؤتمرها ، إما في : تللسقف ( حيث تم إعداد تتقرير منهاجها السياسي ) أو دهوك ( حيث جرى إعداد تـقرير النظام الداخلي ) أو باخديدا ( حيث أُعـد تـقريرها الإعلامي ) وهي بالتأكيد أكثر أمنا وراحـة من بغداد للمشاركين في المؤتمر ؟ !
وتوضيحـا ، فإنني لاارى خلافا واضحا في المبـدأ العام لوحدة شعبنا بين ( الوطني الآشوري ) و ( والديمقراطية الآشورية ) ، أو كما جاء في الفقرة 7 من جواب ( الحزب الوطني الآشوري ) لي المشار إليه آنفـا " نحـن لا نعتـقد بوجود أي خلاف أيديولوجي مع الأخوة في الحركة الديمقراطية الآشورية ، بـل ولنا قناعة يقينيـة بأننا أقرب تـنظيمين سياسيين آشوريين إلى بعض . . إلاّ أن الإختلافات كانت وماتـزال دوما في أساليب العمل والممارسات العملية . . " .
ومـادامت الخلافات في أساليب العمل والممارسات بين الوطني والحركة ، فنأمل أن نرى جردا كاملا من كليهما لتلك الأساليب ، بمـا يزيد من التـقارب والإتـفاق في شأن قضايا شعبنا في الوحدة والتسمية والمصير . . مع علمنا بأن وجود خلافات في الرأي والعمل الجماهيري والنظرة إلى الأمور العادية ( غير المصيرية لشعبنا ) تمثـل ظواهر صحية بين أي تنظيمين سياسيين ، وأملنا أيضا أن نرى أفقـا جديدا لتنظيمات شعبنا ، متجردا من العنصرية والطائفية والعشائرية والمناطقية والإستـعلائية ، وتـتجه جميعها مهتـدية بحكمة ( التاريـخ عادل في حكمـه ) .
وأخيـرا ، على رغم أنـني أتفهم المبررات التي دفعت الأحزاب والتنظيمات التي تشكلت لشعبنا قبل عام 1990 إلى استخدام تسميات ( الآشورية والكلدانية والسريانية ) فيها ، إلاّ أنني أرى أن هذه التسميات أصبحت منذ سـنوات وسيلة للإستغلال من قبل الذين يريدون الضرر بشعبنا في معارضة الوحدة القومية والترويج للطائفية . .
ولهذا فكم يكون فاضلا لو وجدت الأحزاب الوحدوية البعيدة عن العنصرية والطائفية سبيلا لحل هذه القضية ، خصوصا ـ مثلا ـ أننا نرى أحزابا آشورية مثل ( شورايا ) و ( بيت نهرين الديمقراطي ) تمارس العمل القومي الصحيح من دون إستخدام التسميات القومية ، وشخصيا أفضل أن تكون أسماء تنظيماتنا وأحزابنا على شـكل : ( اتحاد أهل سهل نينوى ) أو ( اتحاد بابل وآشور . . . ) أو ( اتحاد نبوخذنصر وآشوربانيبال . . . ) أو ايضا ( اتحاد بيث نهرين . . . ) أو( اتحاد مارأفرام ونرساي . . . ) أو أي اسم مشابه غير دال على طرف واحد لشعبنا ، وهي أسـماء جليلة من مآثرنا القومية التي نعتـز بها جميعا ولـها أهميتها في صيانة وحدتـنا فكـرا وعمـلا وقبـولا وترسـيخا .