Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

الى كتّاب وساسة شعبنا لنقتدي بمجلس مسيحيي كركوك

بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.com

تشكيل مجلس مسيحيي كركوك ، كم هي بسيطة هذه الجملة ، وكم هي رائعة تحمل في طياتها من المعاني الزاخرة بالوعي والمحبة والشعور بالمسؤولية ، إن هذه النخبة من شعبنا ـ رغم التراكمات التاريخية ـ استطاعت ان تهدم الحواجز وتجتاز كل الأشكاليات لتحقق لقاءً وتفاهماً وبرنامجاً للعمل المشترك ومجلساً لمسيحيي كركوك .
نقرأ :
بمبادرة من رئيس أساقفة كركوك للكلدان وبعد لقاءات عدة بين ممثلي الكنائس الرسولية :
كنيسة المشرق الآشورية ، والكنيسة الشرقية الجاثليقية القديمة ، والسريان الكاثوليك ، والسريان الأرثوذكس ، تم تشكيل مجلس يمثل مسيحيي كركوك لتوحيد خطابهم وصوتهم ونشاطاتهم العامة وزيارة المسؤولين . إن هذا المجلس لم يمله أحد ولم يموله أحد ، كما انه لا يهدف الى إزالة نشاطات المجالس والأحزاب المسيحية التي نحترم عملها ونتمنى لها التوفيق ، ولا يتدخل في خصوصيات كل كنيسة .. الخ
لست هنا بصدد مناقشة أهداف وميكانزم عمل هذا المجلس ، لكن يهمنا بقدر كبير آلية تشكيل هذا المجلس وفي تأكيده على ان المجلس لا يتدخل في خصوصيات كل كنيسة ، كما ان هدف المجلس تحدد في نقاط يمكن ان نطلق عليها بأنها تمثل الحد الأدنى من التعاون وهذا عين الحكمة والعقلانية .
الملاحظ هنا ايضاً ان اي من الفرقاء لم يفرض الوصاية على غيره ، فكل كنيسة تحتفظ بخطابها المستقل والجميع سواسية ، بعكس ما يفعله كتابنا في اكثر الأوقات وساستنا في بعض الأحيان .
عودة الى عنوان المقال الذي يدعو السياسيين والكتاب للأقتداء بما أنجزه نخبة محترمة من رجال الدين لتأسيس هذا المجلس وكتابة أجندته . فالملاحظ ايضاً اننا لم نجد فريق ادعى الحقيقة المطلقة كما يفعل كتابنا وساستنا . فكتابنا الأجلاء وهم يمثلون النخبة المثقفة ، نعم يدعون لتوحيد الكلمة والرأي ولكنهم يريدونها بعد فرض وصايتهم واحتكار الحقيقة الى جانبهم دون سواهم ، فهم يتمترسون بخندق الوحدة القومية ، والوحدة القومية عندهم تسوغ لهم خطاب إقصائي مفضوح لا يخفِ على ذي نظر .
فأستطيع دون تردد ان أزعم ان ( جميع ) الكتاب من الأخوة الآشوريين لا يعترفون بشعب اسمه الشعب الكلداني الذي كان يقطن هذه الأرض قبل هجرتهم اليها ، وهم يريدون ان يفرضوا اجندتهم الحزبية ووصايتهم على غيرهم من المكوناة الأخرى من شعبنا منهم الكلدان والسريان ولكن بشكل اخف على الأرمن .
والساسة ربما تكون اجندتهم اخف وأيسر من الكتاب المؤدلجين ، ولكن لحد الآن لم نلمس علامات ودلائل لذوبان جبال الجليد التي تفصل بين هذه الأحزاب والمنظمات التي تمثل الأجندات السياسية لشعبنا إلا في مواقف قليلة متناثرة والتي لا تشفي الغليل ولا توصلنا الى خطاب مشترك .
وأرجع وأقول ان الكتاب يتحملون كثير من المسؤولية الأخلاقية في تشرذم الخطاب السياسي لمكوناة شعبنا ، فالمقالات المشحونة بالفكر الأديولوجي وخطاب التخوين والعمالة الذي يشمل كل من يخالفهم رأياً كان وراء تفتيت شعبنا الى اوصال . والمعروف ان هذا الخطاب قديم وداب القوميون العرب على استثماره ، واليوم اخواننا الكتاب الاشوريين ( وسوف لا استثني أحداً من الذين قرأت لهم ) يدعي بسطحية واضحة ان الآشورية قومية والكلدانية مذهب كنسي فحسب ، وهكذا بقي هذا الخطاب قائماً وسبب في تشرذم خطابنا الى اليوم .
إن المجلس المنبثق لمسيحيي كركوك ، رغم كونه كان بمبادرة الكنيسة الكاثوليكية للشعب الكلداني ، فإن مبدأ الوصاية واحتكار الحقيقة لم يجدا مكاناً لهما في بيان هذا المجلس الوليد ، بل كل طرف احترم وجود الطرف الآخر واحترم وجهات نظره دون فرض خطاب معين كما سبق ، فكان المجلس شراكة بين مكوناة يحترمون مبدأ التكافؤ والندية والمساواة .
لا أستطيع ان اناشد كتابنا من الأخوة الآشوريين فالأمر ميؤوس منه فالأفكار القومية الأديولوجية قد خيمت سماء أفكارهم وليس من اليسير التخلي عن تلك الأفكار .
اما ساستنا فيمكن مناشدتهم للأقتداء بمجلس مسيحيي كركوك ، بتضافر الجهود بغية توحيد خطابهم العام وفي مقدمة هذه الأمور الهامة ما هو متعلق بموضوع ( الحكم الذاتي ) لشعبنا وتوحيد الخطاب اتجاه هذا الأمر الخطير .
اما النقطة الأخرى وهي الأهم ، فهو هاجس الهجرة التي تهدد كينونة شعبنا في الوطن العراقي . ووضع الحلول ، ولا أقول لأيقافها ، ولكن على الأقل للتقليل منها ، وفي الحقيقة لا يتمكن طرف واحد ان ينوء لوحده بتحمل المسؤولية ، فيتعين ان تتضافر الجهود مجتمعة للعمل المشترك لمعالجة هذا الجانب الخطير .
علينا ان نفكك هذه الأشكالية ( الهجرة ) هل هي مسألة أمنية ام اقتصادية ؟ هل تكفي جرع المساعدات الشهرية التي تقنن أبناء شعبنا بالمساعدات ( الخيرية ) ؟ هل ثمة خطوات اخرى تقلل من هذه الحالة ؟
علينا ان ندرس هذه الناحية إن كانت مثمرة من ناحية النتائج ، وهل ثمة سبل أخرى يمكن سلوكها لربط هذا الأنسان بوطنه وأرضه ؟ ومن ثم تعميق جذوره في أرضه ، وما هي الآليات الأكثر فعالية لتحقيق هذا الأمر الشائك ؟
ومن أجل هذا الأمر الخطير ينبغي تجميد كل الخلافات في مجمدة والتوافق على عمل مشترك لأيقاف هذا النزيف .
وتتجسد أمامنا تجربة الآباء الأجلاء لكنائسنا بتشكيل مجلس مسيحيي كركوك نموذجاً بسيطاً وسهلاً للعمل المشترك ، ولللأتفاق على القضايا الهامة التي تتربص لقلع جذور شعبنا من وطنه . واكرر اعجابي بتجربة مجلس مسيحيي كركوك لنأخذه كدرس بليغ وهو خليق بأن نقتدي به .
حبيب تومي / اوسلو Opinions