اياد جمال الدين : النفوذ الإيراني في العراق لا يطاق وخروج أميركا من العراق «خيانة» وهزيمة لواشنطن وانتصارا لابن لادن
12/04/2006واشنطن: منير الماوري ألقى الباحث الاسلامي الشيعي العراقي اياد جمال الدين محاضرة في واشنطن أمام جمهور من الإعلاميين والباحثين الأميركيين المهتمين بشؤون العراق، قال فيها إن النفوذ الإيراني أصبح لا يطاق، «ولم يعد هناك مجال للسكوت عليه أو غض الطرف عنه». واستبعد جمال الدين نجاح الحوار الأميركي ـ الإيراني بشأن العراق، قائلا إن هذا الحوار كان يفترض أن تشارك فيه الحكومة العراقية وحكومات الجوار الأخرى؛ وهي تركيا وسورية والسعودية بالإضافة إلى دول مهمة في المنطقة مثل مصر لا أن تنفرد إيران مع أميركا بالحوار. وتابع قائلا في المحاضرة التي ألقاها في معهد أبحاث الشرق الأوسط على هامش زيارته للولايات المتحدة «هناك نفوذ إيراني واضح وكاسح بأيد عراقية وأحزاب عراقية لها ثقلها ولها وجودها ولها ميليشياتها، وهي مدعومة بالكامل من قبل إيران. ومثل هذه الأمور لا أظن أنه يمكن التغاضي عنها أو السكوت عنها. وبالتالي أنا لا أميل إلى القول ان الولايات المتحدة يمكن أن تعقد صفقة مع إيران من أجل تهدئة الأوضاع، وإنما لا بد أن توضع المشكلات الحقيقية على الطاولة، وعلى الجانب الإيراني أن يوضح مدى تدخله في العراق، وعليه أن يسحب هذه التدخلات. ونتمني أن تنتهي الأمور إلى خير؛ إما بسحب التدخل الإيراني أو مواجهة عواقب». أما الأزمة النووية مع إيران فرأى أنها لا تهم العراقيين المشغولين بأزمتهم الداخلية قائلا «إن إيران دولة ذات سيادة ومن حقها أن توضح وجهة نظرها فيما يخصها، وهم أصحاب قرار ولا دخل لنا في ذلك»، لكنه حذر من تحول العراق إلى ساحة مواجهة بين إيران والولايات المتحدة قائلا: «أما في حالة وجود مواجهة فأظن أن ساحة العراق ستشهد تصاعدا لأعمال العنف ضد الولايات المتحدة من قبل أنصار إيران في العراق، وهو أمر غير بعيد». ورأى العالم الشيعي العراقي أن «انسحاب القوات الأميركية من العراق هزيمة حقيقية لأميركا ونصر لأسامة بن لادن وأيمن الظواهري، ولكل الإرهابيين في العالم. ويعني أن يسود الإرهاب في العراق والشرق الأوسط ويطرق أبواب أوروبا وأميركا مرة أخرى»، وشدد على أن التراجع وسط المعركة خيانة يعاقب عليها. وتابع قائلا «أمامنا خياران فقط، إما أن ننتصر ضد الإرهاب في ساحة تشمل الكرة الأرضية كلها، أو أن نستسلم للإرهابيين». وخاطب الأميركيين قائلا «نحن في حرب لا زمان لها ولا مكان لها، فالحرب على الإرهاب هي محاربة أشباح منتشرين في كل الأرض». ورأى أن الإرهاب قد يرتدي ثوبا دينيا أو ثوبا قوميا، قائلا إن «الفكر القومي البعثي وغير البعثي هو فكر تدميري يدعو إلى كراهية الآخر والقضاء عليه»، وأشار إلى أن هناك تقارب وهناك تقارب بين الفكرين. وردا على سؤال لـ«الشرق الأوسط» عن مدى وجود حركات إرهابية شيعية في المنطقة، قال أياد جمال الدين «عندما نتحدث عن إرهابيين مسلمين، فإننا لا نعزو الإرهاب إلى السنة فإرهاب الإسلاميين يشمل إرهابيين قد يكونون شيعة أو سنة»، وأضاف قائلا: «هنالك حركات تنحو منحى الإرهاب ترعاها إيران، وبما أننا في جوار طوله 1300 كيلومتر، وبما أن هناك نفوذا لإيران في العراق لا مزيد عليه، وبما أن عدد حمايتي قليل وبما أنني معرض للخطر فلا تحرجني رجاء». وتطرق الزائر في رده على سؤال إلى ما سماه بصراحة الزرقاوي وصدقه فقال: «الزرقاوي صريح لا يلبس قناعا. يذبح بيده الباردة ويفخر بذلك، فهو صادق مع مبادئه ومع فكره، وهناك دعوات من بعض علماء المسلمين مثل الدكتور يوسف القرضاوي الذي قال إنه لا يستحسن أن تبث مشاهد الذبح. هو لم ينتقد الذبح، ولكن ينتقد البث وكأنه يقول الذبح جيد ولكن لا تبثوه على الملأ». وتابع «ونتيجة الانتقادات التي وجهت لصراحة الزرقاوي وصدقه أرجعوه إلى الصفوف الخلفية، ولكني أعتقد أنه ما زال من قيادات الإرهاب في العراق وهو ضيف عزيز على حزب البعث». وحول تمويل أعمال التمرد بالعراق، قال إن معلوماته تشير إلى أن «صدام حسين أرسل بعد 1991 حوالي 11 ألف شخص إلى دول أوروبية وأميركية كطالبي لجوء، وأمدهم بتمويل ضخم محولا إياهم إلى رجال أعمال، ولم يعانوا مثل ما عانى الآخرون ممن اعتمدوا على المعونات الاجتماعية في الدول التي وصلوا إليها. هؤلاء يسمونهم في مصطلحات المخابرات العراقية السابقة بالزرع الاستراتيجي، لأنهم سيكونون محميين بقوانين الدول التي يحملون جنسياتها، وهذه الشبكة أسماء أعضائها رمزية يمارسون تجارة دولية مشروعة، وهم حاليا مصدر من مصادر تمويل التمرد، وهناك مصادر تمويل أخرى من أموال يستثمرها «عزة الدوري» في الخارج، وهناك دعم لوجستي من إيران وسورية، وهناك أسباب مختلفة، ولكن العدو واحد هو الديمقراطية وأميركا اجتمعت على رأي واحد هو دعم الإرهاب الموجود، وعلينا أن نكون أكثر وعيا وحزما في القضاء على منابع الإرهاب الفكرية والسياسية والإعلامية». وعن دور الإعلام في تأجيج أعمال العنف بالعراق قال «هناك إعلام تحريضي بلا شك في العراق، والصحافة الأجنبية أكثر صدقا في تناول أحداث العراق، لأن المراسلين الأجانب لا يتسلمون رواتبهم من هذا الحزب أو ذاك». وأشاد العالم الشيعي العراقي بالقائمة العراقية التي ينتمي إليها سياسيا ويتزعمها رئيس الوزراء الأسبق أياد علاوي وقال «نحن فزنا بدون ميليشيات.. الآخرون فازوا بميليشياتهم، ونحن القائمة الوحيدة التي فازت بدون ميليشيا»، وطالب بتشكيل حكومة وحدة وطنية عراقية بناء على القوائم وليس الطوائف. وانتقد جمال الدين تغليب المصلحة الطائفية على المصلحة الوطنية للبلاد قائلا «علينا أن نؤسس للهوية الوطنية العراقية؛ المسيحيون واليزيديون والصابئة مواطنون عراقيون لا أن نؤسس للهويات المختلفة ولا أن نلغيها». وأشار إلى أن «الإصرار على الهوية الإثنية أو الطائفية سيؤدي إلى تقسيم العراق ولن يبق عراق»، وتابع قائلا: «المسيحي عندما يشعر أنه مواطن عراقي فله كل العراق من البصرة إلى الموصل وكذلك الصابئي، أما إذا قسمنا العراق فإن الأكثرية الشيعية ستأخذ أكثر من نصف العراق ونصف النفط ويحصل المسيحي والصابئي على جزء صغير من الكيكة بدلا من أن يتساوى مع الشيعي والسني والكردي». وقال إن الدستور العراقي لم يعالج المشكلة، لأن الدستور الجديد في نظره «دستور ولاية فقيه محسّن»، وقال «هذا ما أراده العراقيون وسوف يجربون الدستور عقدا أو عقدين من الزمن ثم يغيروه، لأن هذا الدستور يؤسس لولاية فقيه جديدة، ويعتقد أن الديمقراطية مجرد آلية للوصول إلى الحكم في حين أن الديمقراطية ليست انتخابات فقط، بل هي اقتصاد حر، إعلام حر، واحترام لحقوق الإنسان». وبخصوص دعوته الى الدولة العلمانية، كرر رؤيته في هذا السياق قائلا ان «النظام العلماني هو ضمان لحرية المؤسسة الدينية والمؤسسات الاخرى، وضمان لحرية الاحزاب والأفراد وهو نظام غير ايديولوجي لأنه لو تحول الى الايديولوجية لصار دينا مقابل بقية الأديان التي ستكفره»، مشيرا الى انه لا ينظر «للعلمانية كأيديولوجية بل كأسلوب لادارة الدولة، ان تكون الحكومة غير مؤدلجة وغير ذات طابع فكري او ديني او عقائدي، وانما أداة لتسيير مصالح الشعب والبلد وحفظ الأمن الداخلي والخارجي. أما المهمات الأخرى المنوطة بشكل تاريخي بالدولة، كالحفاظ على أخلاق المجتمع واستقرار الأسرة، فيجب تحويلها الى مؤسسات المجتمع المدني».