Skip to main content
ايدلوجية الحجاب في العراق Facebook Twitter YouTube Telegram

ايدلوجية الحجاب في العراق

منذ مائة عام كتب الشاعر العراقي جميل صدقي الزهاوي :

اسفري فالحجاب يا ابنة فهر هو داء في الاجتماع وخيم

كل شئ الى التجدد ماض فلماذا يقر هذا القديم ؟

اسفري فالسفورللناس صبح زاهر والحجاب ليل بهيم

ويقول أيضا :

مزقي يا ابنة العراق الحجابا أسـفري فالحياة تبغي انقلابا

مزقيــه واحرقيــه بـلا ريــث فقـــد كــان حارســا كذابــا

ألن تغضب عظام الزهاوي علينا ؟ ألا يقول لنا انهض ايها العراقي الابي من النوم العميق لتخاطب الذين يظلمون نساء بلدك وانشد لهم من جديد ، إلى أين يمضي العالم وإلى اين انتم ماضون ؟ كابوس ثقيل نزل علينا وعليكم ايها الرجال . في كل العالم بما فيها السعودية والكويت تطالب المراة بحقوقها الا نحن في العراق نخطو خطوة الى الامام لنأتي بنساء الى الساحة السياسية بنسبة 25% , ونعود لنخطو خطوتين الى الوراء لنرجع ونلبس الحجاب للمراة ونعيدها الى عصر الحريم الذي لم يعد يتفق مع العصر الحديث .

اما الرصافي فقد كان له جزء خاص في ديوانه سماه " النسائيات " وخصصه للدفاع عن قضية المراة . كان الرصافي يعارض رجال الدين ويدعو الى السفور ببيت شعر يقول :

واكبر ما اشكو من القوم انهم يعدون تشديد الحجاب من الشرع

سؤالي الى كل الذين يفرضون الحجاب .او الذين يكتبون على الحيطان ( الحجاب او التيزاب ) ّّّّّّ. الم يكن الزهاوي والرصافي اولاد العراق ؟ الم يهمهما الشرف العراقي ؟ الم يكونا مسلمان ؟ انا لن اطالب المراة العراقية ان تنزع الحجاب لكن اطالب المتزمتين ان لا يجبروني للبس الحجاب . دعوني البس ما اشاء وفق قناعتي واحترامي لنفسي اولا ثم المجتمع ثانيا. ارجوكم اتركوا الامر لي .

هل اصبح المتزمتون بالدين اليوم غيارى على العراق والعراقيات ؟ هؤلاء الذين ياخذون من الحجاب ايديولوجية اسلامية بحتة. هؤلاء لم اجدهم يوما مهتمين باقتصاد ونفط العراق ,و البرنامج الدراسي والتربوي , والخطط التنموية في العراق , وتطوير حياة الانسان العراقي , لكن الايدلوجية الوحيدة لهم هي الحجاب وبعدها ياتي التدخل الشخصي في حياة الفرد مثلا المأكل والملبس وعدم سماع الموسيقى وفرض الصوم والصلاة. بالشكل الذي يرغبون في عزل المراة في البيت وكانها عبدة للرجل يامرها بلبس الحجاب كما يشاء . ويكون النظام الفحولي القديم قد عاد الينا ، ليقول كل شئ تحت امرة (الملا) الذي لا يمتلك حتى شهادة الابتدائية ،انا دكتورة قضيت كل حياتي في العلم والمعرفة يجب ان اخضع لما يقره الفحل الذي لا يملك من المعرفة والثقافة شيئا , اليس هذا بنظام للرق ؟ يلبسني الحجاب والعباءة السوداء وفق مزاجه . اذا كان في المنطقة (ملا) تربى في الدول الجارة المتطرفة يرثي لحالي بأن يجب ان البس الحجاب والجبة والعباءة السودة والجواريب السوداء فماذا أفعل ؟ اما اذا كان الملا منفتحا قليلا فمن الممكن ان البس الحجاب مع بنطلون بهذا اكون محجبة متطورة . يجب ان اطلب الحرية وانا في بلدي . كنت افكر أنه بزوال صدام سننفتح الى الحرية شيئا فشيئا . لكن الذي حصل الان بدأ صراعنا الجدي مع الذين يرغبون ان يرجعونا الى الوراء . وفي قمتها كانت تصريحات احد اعضاء الجمعية عندما اتهم المنظمات النسوية العلمانية( بالاباحية الاخلاقية ) والدعوة الى حريات بلا حدود . انا اسال عضو الجمعية كم منظمة نسوية من التي اتهمتها سرقت اموال الدولة مثلما عمل بعض اعضاء حكومتك وانت احد المسؤولين عن هذه الاموال ؟ هل السرقة عجز اخلاقي ام لا ؟ عندما نطالب بحقنا هذا عمل لا اخلاقي وعندما تتعدون على حرياتنا هل هذا اخلاقي بنظرك ؟ اصبحنا لا نعرف اين تكمن القيم الاخلاقية ؟ هذه هي الاسس في علم الايدولوجية الحجابية .

في تقارير نشرت في الصحف الاجنبية تقول خطفت زينو القشطيني ووجدت جثتها مغطات بعباءة سوداء . كانت زينة سافرة تلبس الجينس . تعرضت داليا للضرب والشتم من قبل الاسلاميين لانها كانت تلبس تي شيرت مع جينس , اختطفت فتاة اسمها الهام عندما كانت توزع مناشير تتعلق بحقوق المراة . في كركوك استهدفت السافرات بالرش بالاسيد ( الحامض الكيمياوي ) الذي يحرق الجلد .

في السبعينات وانا طالبة في جامعة الموصل كانت نسبة الاناث الى الذكور 33% كنا نجلس في مدرج في الصف الاول عددنا 100 طالب كان بيننا 3 محجبات فقط , الكل يحترمهن. لم ندخل معهن في نقاش ولم اسمع أن احدا اعترضهن , ولم اتذكر أنه ظهرت اية اساءة بحقهن او أسأن لاحد سوى انهن كن منعزلات لا يحضرن اي نشاط اجتماعي مثل الحفلات والسفرات والمهرجانات الطلابية . لم يقفن يوما معاديات لاحد . كنا احيانا نتحدث فيما بيننا بعطف عليهن نشعر ان هذا الحجاب مفروض عليهن وننظر اليهن بنظرة المغلوب على امرهن .اما اليوم ف 95% من طالبات الجامعة محجبات . لكن السؤال هل جميع المحجبات كان ذلك برغبتهن ام فرض عليهن للاسباب التالية :

1- الحملة الايمانية التي بدأئها الدكتاتور صدام والان يكملها ابطالها المتزمتين من رجال الدين وقادة بعض الاحزاب السياسية الذين لايختلفون عن صدام في ديكتاتوريتهم وغبنهم للمراة . وهنا اشير الى بعض رجال الدولة الذين وراءهم احزاب دينية متخلفة . وجامعة البصرة تشهد على ذلك .

2- التبجح بالاخلاق والشرف والحشمة والعفة .

3- الخوف من شبح العنوسة ، وهم يعتقدون ان العريس هذه الايام يفضل المحجبة على غيرها .

4- تلبس المراة الحجاب لاسباب اقتصادية . لان السافرة تحتاج ان تصبغ وترتب شعرها . وهذا مكلف حاليا .

5- ا الوضع الامني وكثرة حالات الاختطاف وقتل النساء من قبل الوهابيين والسلفيين والمتطرفين القادمين من الدول الجارة واكثرها ألما ً بعض الميليشيات التي تعتقد انها جاءت لتحافظ على الشرف العراقي . حيث يقاس الشرف العراقي الآن بقطعة قماش مساحتها مترين مربعين . او بعباءة سوداء تغطي المراة من رأسها حتى اخمص قدميها تخفي انوثتها الرقيقة وتصبح شبحا اسودا . واحيانا يجري السؤال هل هذا رجل ام امراة ؟ الم يكن تجنيا على انوثتها التي خلقت بهبة من ربها . وهناك الكثيرين الذين يربطون الحجاب بالعفة هل يعني ان المراة العراقية قبل سنتين او ثلاثة وكانت غير مغطاة الشعر بانها كانت غير عفيفة والان رجعت الى الصواب واصبحت عفيفة؟ لماذا نطالب المراة ان تتمتع باخلاق عالية لكن لا نطالب الرجل ان يتمتع بهذه الأخلاق ؟ هل يعلم المتذرعون بالايدولوجية الحجابية ان الكثيرات من النسوة يستعملن الحجاب من أجل ممارسات غير اخلاقية . او خداع العائلة واعطاء انطباع بأنه مادام الحجاب موجودا فالشرف مصان . لكن ماذا تحت الحجاب ؟ هذا مثال نشرته جريدة نييورك تايمس بتاريخ 9/6/05 خبرا جاء فيه " استغلت مسافرة مصرية ارتداءها العباءة والنقاب وحملها سجادة صلاة في حقيبتها لانها من النوع الذي لا يقطع فرضا في محاولة تهريب 48 هاتفا محمولا (موبايل) و48 شحن و33 سماعة هاتف تبلغ قيمتها 90 ألف جنيه مصري وكانت المسافرة الحاجة بدرية قادمة الى مطار القاهرة الدولي من السعودية بعد ان ادت العمرة . وكانت الراكبة قد نفت امام مدير ادارة الكمارك في مطار القاهرة وجود اشياء معها تستحق رسوما كمركية واقسمت بحجتها وعمرتها واشياء اخرى . لكن المفتشين عثروا في حقائبها على 48 شاحنا مخبأ داخل سجادة صلاة فاستدعى المدير موظفة في الشرطة لتفتيشها ذاتيا على اعتبار ان تفتيش النسوان من قبل الرجال لا يجوز خاصة عندما يكن محجبات ومنقبات وبتفتيش الراكبة الحاجة بدرية عثر على 48 جهاز موبايل داخل حقيبة يد مخبأة تحت العباءة وعدد من السماعات حول جسدها ."

مثال اخر ,عشت التجربة المريرة في الجزائر في بداية التسعينات عندما كانت جماعة عباس مدني المتطرف يفرض على النساء لبس الحجاب والحايك الذي هو عبارة عن قطعة قماش طويلة تلفها المراة على جسمها بطريقة تشبه الساري الهندي لكن الحايك يبدأ من الرأس حتى القدمين بحيث يقيد حركة المراة كثيرا اذ تبقى منشغلة بتثبيته على رأسها ومن ثم تضع الخمار تحت عينيها ليغطي انفها وفمها. سمعت نساء الجزائر المغلوبات على امرهن يتذمرن امامي . كنت ادرس في الجامعة فتتشكى الطالبات من لبس الحجاب وكان الحجاب لدى الاسلاميين هو الاقتصاد والسياسة والتعليم والادارة والدولة والايدولوجية لذ اصبح الشغل الشاغل للدولة والشعب والاعلام . ونتيجة التطرف اللامعقول كنت اسمع من طالباتي" اصبحنا نكره الحجاب لانه اصبح يحول النقاش الى معركة يتخللها العنف والقتل " لكن الذي حصل أن الكثيرات من النساء يستعملن الحجاب بحجة صيانة الشرف . ركبت سيارة تاكسي وانا ذاهبة الى الجامعة سالني سائق السيارة " لماذا انت غير محجبة ؟ اجبت انا عراقية .اجابني العراقيين خيار الناس ، واضاف قائلا : ربنا لم يطلب من المراة ان تلبس الحجاب بل طلب الستر بلا حجاب . سالته لماذا تقول هذا ؟ اجاب انا سائق تاكسي كل يوم تركب في سيارتي عشرات المحجبات لكنهن" بلا حجاب الدين" .اضاف السائق البسيط انا لن اسمح لبناتي ان يتحجبن . المحجبات تركن عندي انطباعا سيئا جدا . واضاف قائلا: عباس مدني يفرض الحجاب على الجزائرية وبناته يدرسن في جامعات لندن غير محجبات . حلال ان يتمتع هو واهله بالحرية الغربية وحرام على بنات الجزائر ان يتمتعن بحريتهن في بلدهن ،هذا هو النفاق الديني؟

وهكذا في العراق اصبح الحجاب موضوعا مهما على الصفحات الاولى في الصحف اليومية ، واخذت الفتيات يتفنن بالحجاب والوانه وكيفية ربطه . هناك ربطة ايرانية , واخرى سلفية ثالثة عراقية وهكذا تطول قائمة الموضة الحديثة بالنسبة للحجاب ،واصبح الشغل الشاغل لرجال الدين ومن ثم الكتاب والباحثين واكثر من ذلك اصبح الشرف والاخلاق العراقية يقاسان بهذه الخرقة ! الم تسالوا انفسكم بأن هذا اساءة الى الدين قبل ان يكون اساءة الى المراة المسلمة . دراسات ينهمك عليها الباحثون وانا واحدة منهم هذه الدراسة اخذت عندي اكثر من شهرين . علما ان هذه مسألة شخصية بحتة . اذا كان الحجاب ذو جذور دينية فهو اذن علاقة عمودية بين الانسان وربه لا علاقة لاي انسان ولا رجل دين ان يفرضها على المراة . واذا كان للحجاب اصول تاريخية واجتماعية اذن ممكن ان تكون قابلة للتغيير وفق متطلبات الحياة وتطور المجتمع .

تشير دراسات كثيرة بان لا علاقة للدين بالحجاب واترك هذا الجانب للمتخصصين في مقالة كتبها السيد عبد الخالق حسين بخصوص الحجاب ذكر فيها " يحاول الاسلاميون تبرير الحجاب انه فرض عبادي جاء به الاسلام لحماية المراة وسترها والحفاظ على عرضها . ففي المدينة المنورة كان الشباب يتعرضون للاماء ليلا عند خروجهم لقضاء حاجة . فان عرفوها حرة تركوها وان كانت أمة لمسوها . فمفهوم الحجاب في الاسلام هو انه للنساء الحرائر فقط ولا يشمل الاماء . فقد منع الخليفة عمر بن الخطاب الاماء من لبس الحجاب , رغم كونهن مسلمات , وكان يطوف شوارع المدينة بحثا عن الاماء المحجبات فيضربهن بدرته حتى يسقطن عنهن الحجاب , ويقول لهن فيم الاماء يتشبهن بالحرائر ؟ (- طبقات ابن سعد 127/6 .) اذن ليس الغرض من الحجاب عدم اثارة غرائز الرجل, لان الامة الجميلة التي تسير بدون حجاب وكاشفة صدرها , (لان صدر الامة ليس عورة) , قد تثير غرائز الرجل اكثر مما تثيرها احدى الحرائر, ويبدو ان السبب الرئيسي كان تمييز الحرائر من الاماء . وبما انه لا توجد اماء الان (من الناحية القانونية ) فلماذا اذا تلبس المسلمة الحجاب ؟ واخر تبرير للحجاب صرح به العلامة الشيخ عبد الستار البهادلي ممثل السيد مقتدى الصدر في البصرة ذاكرا للتلفزة البريطانية عن سبب اصرار الاسلاميين على فرض الحجاب بالقوة فقال " (ان الحجاب للمراة مثل اطار الصورة) فانها اجمل في الاطار منها بدونه ". انك تكفر يا سيادة الشيخ , المراة خلقها ربها كائن حي وفقا للاية التي تقول "وان خلقناكم ذكرا وانثى لتعارفوا" هذا دليل قاطع انها كائن حي اذن كيف تشبه هذه الانسانة التي ولدتك وأرضعتك من حليبها الطاهر وانت اليوم تعيش بفضلها حيث سهرت الليالي على تربيتك . والان تنكر جميلها لتقول لها انها صورة وتكون جميلة باطار. الا تخاف ربك ؟

كانت الحكومة العراقية تنظر بعين نصف مفتوحة لكل الخروقات واكبر دليل على ذلك أنه لم يكن للحكومة العراقية اي رد فعل عندما أصدر رئيس جامعة الموصل أمرا منع بموجبه جميع الموظفات وطالبات الجامعة من لبس البنطلون حتى جاء شهر رمضان لياتي ببدعة جديدة بمنع طالبات الجامعة من غير المحجبات الدخول الى الجامعة .مما ادى الى اضراب 1500 طالبا وطالبة عن الدوام . مما اضطره الى التراجع وعودة الطالبات الى مواقعهن الدراسية . اي تعليق من قريب او بعيد للحكومة على هذا ؟ فالحكومة مشغولة بتوزيع حصص الدولارات . وانا اشاهد الاخبار لمحت عيني بعض النساء في مجالس البلدية للمحافظات وهن مقيدات بالعباءة والحجاب والكفوف السوداء ،عطفت عليهن بأنهن فقدن كل انوثتهن وتحولن الى شبح اسود يجلس على الطاولة . جيئ بهن بمهمة سياسية ليقلن للجهات العلمانية انا موجودة امثل التيار الديني المتطرف . مهمتنا أن نجلس امام صف من الرجال فقط . ومهمتنا الثانية اطاعة ما يقول الرجال من حزبنا او قائمتنا . واكثر من ذلك نظام الحصص في الوزارات ينطبق على الحجاب ايضا المحجبات يتكاثر عددهن في الوزارات التي تستولي عليها الاحزاب الدينية اذا كان الوزير من الحزب الاسلامي ياتي بكادر نسوي محجب . وبعكسه الوزارات التي يكون وزيرها علماني تقل نسبة المحجبات فيها , يا للكارثة ان تصنف الوزارات باسم وزارة المحجبات واخرى وزارة الاكراد وهكذا تعمل هذه الحكومة الى تفتيت وحدة الشعب العراقي بتبني الافكار الطائفية المتخلفة .

نشرت ايلاف في 19\9\ 05 ( كشفت مصادر مطلعة عن اصدار الامين العام لمجلس الوزراء العراقي خضير عباس قرارا بطرد جميع الموظفات غير المحجبات في المجلس ونقلهن الى ادارات اخرى مؤكدة انه تم فعلا توزيع خمس موظفات على تلك الادارات حتى الان) .

اما في " جمهورية البصرة " فقد قتلت شابة جامعية فقط انها شاركت زملائها في سفرة مدرسية ونحن في القرن الواحد والعشرين ، اسألكم بالله عليكم هل قتلت في زمن الرسول امراة وهي تتلقى العلم ؟ وهذا يناقض الاية التي تقول (اطلب العلم ولو في الصين ) كل هذا والحكومة العراقية " صم بكم " على كل الذي يحصل فالكل مشغول , حصل على الدولارات لكن اين يخفيها او يهربها ؟ .

وانا اكتب هذه المقالة زارتني صديقة عزيزة هي السيدة خالدة عبد الجبار روضة . زوجة الدبلوماسي المعروف حكمت سليمان وروت لي حكايتها مع العباءة قالت : " في الاربعينات تخرجت من الثانوية وكان علي ان اقدم الى دار المعلمين العالية . اخبرتني والدتي بان الجامعة مختلطة شباب وشابات ، ومع التحاقي بالجامعة يجب ان البس العباءة السوداء . اعتصمت في البيت قائلة :اذهب الى الجامعة بدون عباءة . اعترض والدي . زاد اعتصامي شدة جلست تحت الشمس الحارة فوق السطح في شهر اب وانا ابكي منادية " الجامعة بدون عباءة" حتى جاء والداي لاقناعي بالنزول من السطح والكف عن البكاء ، وفي اليوم الثاني وكان اخر يوم لتقديم الاوراق ذهبت سافرة اقدم اوراقي وكنت الاولى من الطالبات السافرات . عند تخرجنا من الجامعة كان معظم زميلاتي قد تحررن من استبداد العباءة وخرجن الى السفور . مضى علينا اكثر من نصف قرن وقد نسينا العباءة . واضافت السيدة خالدة بنفس السنة التي دخلت الى الجامعة صدر قرار من عميد كلية الطب يامر طالبات كلية الطب بنزع العباءة لانها تعيق حركة الطالبة في المختبرات الجامعية . واستقبلت الطالبات القرار بفرح عارم.

واضح جدا بأن هناك صراعات عنيفة بين العلمانيين والاسلامين على الحجاب لابل هناك صراعات بين الاسلاميين على الحجاب ، وهناك اكثر من راي على الحجاب والاراء المطروحة هي:

1- الحجاب الزامي على كل امراة مسلمة . يعني مصدره الدين لا مفر منه ، وهو بمثابة الهوية الاسلامية .

2- للحجاب جذور تاريخية في الاسلام لم يعد لها ما يبررها في ايامنا لان الحجاب ( فرض الجلابيب للتمييز الطبقي بين الحرائر والاماء) , ,(لحماية قريبات الرسول من تحرشات المنافقين ) لا يلائم العصر والحياة العصرية الحديثة ومن ثم كل شئ قابل للتطور بما فيه اللبس لذا نزعه او التخلي عنه غير حرام .

3- لا علاقة للحجاب بالاسلام بل أن اصل الحجاب جغرافي كانت المراة تلبسه لحماية نفسها من عواصف الصحراء الرملية في الجو الحار وفي الشتاء تلبسه بسبب البرد .

وجدت في الريف العراقي النساء والرجال يضعون على راسهم غطاء يحميهم من شمس الصيف دون التزمت بتغطية الرقبة او تغطية الشعركله وفي الشتاء البارد تضع المراة العربية و الكردية والمسيحية واليزيدية هذا الغطاء. دون ان يواكب هذا الغطاء التحفظ عن المصافحة او حجب المراة في زاوية ليس فيها رجال لذا نحن النساء العلمانيات لم يضايقنا ولم نعترض عليه . هذا الغطاء هو ضرورة جغرافية فرض على هذا القوم رجاله ونساءه . الذي يضايقنا ان الحجاب المفروض من قبل الاسلاميين يوعز التمييز بين الجنسين .

4- راى اخر يقول ان الحجاب جاءنا من الاتراك .

ايهما الصحيح ، أنا اوجه سؤالي الى الباحث العراقي د. رشيد الخيون الاخصائي بالتاريخ الاسلامي ليحل هذا اللغز الكبير الذي تبنته القوى المتطرفة المتزمتة كايديلوجية لسياستها المستقبلية في العراق سبق وكتب عن هذا الموضوع لكن ارجو ان يوضح اكثر عن الحجاب والعباءة ربما يسعفنا قليلا لحسم الصراع مع المتزمتين .

بهذا الخصوص يذكر الدكتور كاظم حبيب في مقالة نشرها بعنوان واقع المراة في المجتمع العراقي : "حصل تراجع فعلي على حياة المراة العراقية للاسباب التالية . التأثير الصارخ لرجال الدين الذين لا يقرأون القران قراءة سليمة عقلانية واعية لامور الدين والدنيا والعصر الحديث والتغيرات الطارئة على هذه الحياة . وكذلك المشعوذين والسحرة واللاعبين بعقول كثرة من الذكور البسطاء والمسيطرين على عقول نسبة كبيرة من النساء وعلى تصرفاتهن وممارساتهن اليومية . وقوع المراة حبيسة العباءة المركبة والحجاب الخانق الذي لم يأمر به القران ولا السنة المحمدية ولا الخلفاء الراشدين ولا علماء الدين المدركين لامور الدين والدنيا , بل بعض اولئك الذين قرأوا القران بصورة خاطئة وغير عقلانية وظالمة ووفق ما يريدون مسبقا للنساء المسلمات . انها تجسد الرغبة الجامحة لدى الرجال في الهيمنة على المراة والغيرة غير العقلانية عليها . وهي تنطلق من وعي مسطح ونزعة جنسية ذكورية ازاء المراة . ان من ينظر الى المراة المثقفة والمتعلمة في عراق اليوم . تلك المراة التي كانت في العشرينات قد وضعت العباءة جانبا, نراها عادت إلى العشرينات من القرن الماضي , وهي ازمة فكرية وسياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية يعيشها الشعب العراقي وتعيشها المراة بالذات . كما يلعب الارهاب الديني المشوه دورا كبيرا في كل ذلك , وهو ما يفترض مواجهته والتصدي له بكل حزم ." ان تحليل الدكتور كاظم حبيب جاء ليذكرني بألامي عندما ارى المراة في العالم المتحضر تتسابق لتنافس اخيها الرجل في جميع ميادين الحياة بينما الذي يحصل في العراق هو العكس اننا نرجع الى عصر الحريم الذي يشجع النظرة الدونية للمراة . اذن كيف تريدون ان تبنوا العراق الجديد يا ايها القادة الجدد ؟ انكم تنادون بالديمقراطية" انكم تبنون ديمقراطية عرجاء ؟ " هذا ما جاء في الدستور اللاعقلاني الذي عزز دونية المراة في المادة 39 . والمادة 90 الذي اعطى لرجال الدين التدخل بامور الدولة والعائلة وستكون سلطة الدين فوق القانون.

في مقالة نشرها د فالح عبد الجبار بعنوان الدين والدولة في الصراع على دستور العراق جاء فيها " مساعي اسلمة الدستور تترافق مع عمل قاعدي ل(اسلمة ) المجتمع , بفرض الحجاب ( المراة هي الهدف الاول دوما) , وفصل الجنسين , بل تحريم المصافحة , وغلق دور السينما , ومنع الموسيقى (جرى تحطيم محلات بيع الاشرطة ) , وغلق محلات حلاقة النساء , علاوة على تحديد نمط معين من حلاقة الرجال ( اغتيل عشرات الحلاقين في بغداد وجوارها ) وبهذا تختزل الاسلمة سياسيا الى احتكار الفقهاء و الاسلاميين لحق الحكم تنفيذا وتشريعا . كما تختزل اجتماعيا الى اختراق المجال الخاص للفرد , وفرض منظومة قيمية محددة (محافظة في الاغلب ) للملبس والمأكل والمشرب وغير ذلك . عدا هذا لا يملك الاسلاميون برنامجا ." هنا يؤكد تحليل د. فالح على سيطرة ولاية الفقيه على الدستور والقوانين العراقية وفي مقدمتها سيكون قانون الاحوال الشخصية وستكون ايدولوجية الحجاب هي المنطلق لكل القوانين الاخرى في الاقتصاد العراقي وخطة التنمية الجديدة والعراق الجديد وتصبح الديمقراطية هي الديموقراطية الحجابية . لا وجود للمواثيق الدولية في الايديولوجية الحجابية .

هل هذا يتماشى مع المادة 17 من مسودة الدستور التي تنص : لكل فرد الحق في الخصوصية الشخصية بما لا يتنافى مع حقوق الاخرين والاداب العامة .

اذا كان للحجاب اصول اجتماعية نكون قد خالفنا القانون . اذا اجبرنا المراة على لبس الحجاب نكون قد جنينا على حريتها الشخصية . ومن ثم خالفنا الدستور الذي صوتت عليه المراة العراقية عندما وقفت بطوابير تتحدى الارهاب العالمي . هل هكذا تكون مكافئتها ؟

في المادة 35 فقرة واضحة جدا تقول تكفل الدولة حماية الفرد من الاكراه الفكري والسياسي والديني , ولا يجوز الاحتجاز على هذا الاساس . اذا كان للحجاب اصول دينية اذن هذه الفقرة تنفي الاكراه الديني.

المادة 44 من الدستور تشير لجميع الافراد الحق في التمتع بكل الحقوق الواردة في المعاهدات والاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق الانسان التي صادق عليها العراق , والتي لاتتنافى مع مبادئ واحكام هذا الدستور . انا اسأل الميلشيات التي تجبر النساء على لبس الحجاب ،هل دخل أحدهم دورة ترشدهم إلى ماهية الاتفاقيات الدولية وكيف يجب الالتزام بها اذا وقع العراق عليها ؟ ام هم في غنى عن فهم القانون العراقي والعالمي لانهم يملكون ثقافة عالية فوق القوانين والاصول العالمية !

اسمع الكثير يقول ان الحجاب زاد للتعبير عن الهوية الاسلامية اذن لماذا المراة تدفع ضريبة التعبير عن الهوية الاسلامية دون الرجل ؟ اسأل العراق بلد اسلامي 96% من سكانه مسلمون . ويمارس الدين الان بالشكل الذي يريده المسلم اذن لماذا يتعامل الاسلام مع نفسه وهو الضحية . الاسلام يحكم الان لم اجد القائد يتعامل مع نفسه كضحية , ويظهر ان الاسلام السياسي حتى لو تواجد في السلطة فهو يعتبر نفسه ضحية وهو يتصرف بهذا الشكل لانه عاجز عن اقناع الناس بسياسته اولا ثانيا انه عاجز عن مواكبة التحضر والتطور العالمي بكل اشكاله الاقتصادي والاجتماعي والتكنولوجي ولهذا يرغب الرجوع الى نظام البداوة واحد مؤشراتها الاساسية هي الايديولوجية الحجابية .

بالاضافة ان هذه الفئات المتطرفة داخل السلطة او خارجها لا تملك برنامجا سياسيا شاملا للعراق غير برنامج الحجاب والتحجب وكل القوانين الاخرى تنطلق منها . انا انتظر ان اجد نفط العراق هو الاخر يتحجب قريبا .

سؤال اطرحه , لو قدم سائح الى العراق قادما من زاخو والسليمانية فسيجد في كل مدن كردستان بأن المراة تعمل وتدرس وتجالس الرجال في كل المناطق وتساهم في المجال السياسي والاقتصادي ثم يتوجه الى الموصل كي يجد المراة ملفحة بالحجاب بالوان مختلفة . لايجد شعر امراة غير القليلات منهن من غير المسلمات . ينزل الى بغداد ليجد 90% من نساء بغداد محجبات بالوان والقسم الاخر تغطيها العباءة السودة اما اذا توجه الى الجنوب فسيجد السواد القاتم على المراة من راسها حتى اخمص قدميها . هذا هو العراق اليوم . الحجاب الذي يفرض على الشابة العراقية وهي تتذمر منه كل لحظة من حياتها دون الاخذ برايها لكنها امام الغبطة الدينية المتصاعدة تصمد منتظرة باب الفرج . اود ان اضيف لدي العشرات من صديقاتي المقربات محجبات . انا اكن كل احترام لهن لانهن لا يتدخلن بملابسي ولا بما اطرحه , هنا تكمن الديمقراطية نحن احبة رغم اختلاف وجهات النظر . الذي اذكره انا لست ضد الحجاب لكن يجب ان لا يفرض على المراة العراقية اتركوها تختار ما تلبسه . اتركوها تعبد ربها بالطريقة التي تريدها دون ان يتدخل رجل الدين او الدين بحياتها الشخصية . خلقها ربها انسانا كاملا اذن عليها ان تقرر كيف تلبس وكيف تعيش حياتها الشخصية . في كل المواثيق الدولية للمراة والرجل حق الاستقلالية بعد عمر البلوغ الذي هو 18 عاما . اذن اتركوها لتقرر بنفسها تلبس الحجاب ام لا ؟ دون ضغط من المجتمع او الدولة او الرجل الديني .

كيف نعالج الوضع :

1- رفض الزام المراة العراقية ارتداء الحجاب او العباءة , بل ترك الخيار لها .

2- سن قانون يعاقب كل من يضايق المراة المحجبة او السافرة في الشارع .

2- عدم السماح لرجال الدين بالتدخل بامور الدولة اي فصل الدين عن الدولة .

3- عدم مضايقة المراة السافرة ايا كانت ومن اية ديانة او طائفة كانت .

4- اعتبار حجب فرص العمل عن المحجبة او غير المحجبة نوع من التمييز العنصري وتوجيه عقوبة قانونية على من يمارسها .

5- عدم الضغط على الطالبات المحجبات في الجامعات للتخلي عنه عنوة . عدم الضغط علىالمحجبة لابل يترك الامر الى قناعتها .

6- توفير الامان للمراة عند ذهابها ورجوعها الى البيت ومن ثم توفير الامان لها في الدائرة سواء المحجبة او غير المحجبة .

7- فرض الحجاب هو مخالف لما جاء في مسودة الدستور بالذات المواد التالية رقم14 , 15 , 16 , 17 , 35 , 44 ,45 يجب ان يعاقب كل من يخالف الدستور .

8- تشجيع الشكاوي وتوفير مراكز للنساء اللواتي يتعرضن للمضايقات بسبب اللبس الحجاب او عدمه .

8- يجب أن يلعب الاعلام دوره بتثقيف عامة الناس عن الحقوق الفردية لكل مواطن سواء كان في العمل او في الاماكن العامة مثل المدارس , الاسواق , المواصلات , وغيرها .

9- يجب اعادة النظر بالمادة 39 , 90 من مسودة الدستور العراقي .

***

هل يمكن معالجة وضع ربة البيت ؟

د. كاترين ميخائيل /

منذ العشرينات خرجت المراة العراقية الى العمل الصناعي والتجاري وبدأت تتحول من ربة بيت أمية الى امراة مساهمة في العملية الانتاجية ، فطرقت ابواب المدارس النظامية ومدارس مكافحة الامية ووجدت لها موقعا فيها واصبحت جزء لايتجزا من العملية التربوية والاجتماعية والاقتصادية . كانت في الريف تعمل بالمساهمة مع زوجها دون اجور في الفلاحة وتربية الحيوانات . والمجتمع العراقي معروف بانه مجتمع ذو طابع قبائلى وعشائري لكن قوة نفوذ السلطة القبائلية تتذبذب وفقا للنظام السياسي الذي يحكم العراق وهذه النزعة القبائلية والعشائرية هي التي تقف حجر عثرة لتعليم المراة اولا لابل تغضب اكثر عندما تشاهد المراة تساهم في العملية الانتاجية . هذه العقلية القبائلية تريد ان تحصر المراة في بيتها وتعطيها لقب كريه هو (ربة بيت) . بعد ثورة 1920 حصل انفراج سياسي سمح للمراة أن تخرج الى الساحة السياسية حيث بدأت السلطة القبائلية والعشائرية تضعف . وبعد 1958 ضعفت تماما , حتى جاء نظام صدام حسين وانعشها في الثمانينات وفقا لمصالحه لادامة نظامه الديكتاتوري .

في الثمانينات وبسبب غياب الرجال وسوقهم كآلة في الحروب المتكررة . كانت المراة هي التي تدير الجهاز الحكومي والاداري في العراق طيلة تلك الفترة . لكن هذا الوضع بدأ في التراجع بعد حرب الخليج حين بدأ الحصار اولا ثم اعلان صدام حسين حملته الايمانية ( المزيفة) والتثقيف بجعل المراة آلة للانجاب وربة بيت . اخذت النساء المتعلمات يتحولن الى ربات بيوت لذا فإن ربة البيت في التسعينات وحتى يومنا هذا تصنف الى قسمين :

1- ربة بيت أمية او شبه أمية .. وهي الفتاة التي لم تذهب الى المدرسة او ذهبت الى الصفوف الابتدائية ومنعها اهلها من الاستمرار في الدراسة ، او تزوجت وهي صغيرة وكل همها بالحياة هو الانجاب وتربية الاطفال .

2- النساء اللواتي تركن الوظيفة بسبب المضايقات من قبل جهاز حزب البعث او دوائرالامن في الدوائر الحكومية وغير الحكومية. و كان للنظام سياسة مقصودة عام 1987 حين اصدر النظام السابق قانون " الفائض من العمل وترشيق مؤسسات الدولة " وفعلا سرحت الدولة الاف النساء من العمل وكان الهدف منها افساح المجال امام الشباب العائدين من الحرب بالعودة الى اعمالهم للقضاء على البطالة لان الشباب كانوا محل خوف نظام الطاغية . ويجب ان نذكر هنا اتحاد نساء العراق التابع للبعث والذي لعب دورا سيئا في هذه العملية إذ كان يشجع النساء على العودة الى البيت بدلا من ان يقف مع المراة .

اما ايام الحصار الذي دام 13 عاما فكانت اياما وخيمة ًعلى المراة العراقية فرغم كفائتها ومهاراتها اجبرت على ترك العمل لاغية ورائها كل سنين الخدمة التي قضتها تخدم البلد . و تركت الوظيفة لان الراتب الذي كانت تأخذه المراة كان لا يكفي لمصاريف نقلها وملابسها.

وبعد سقوط صدام جاء التراجع بسبب سيطرة الفكر الذكوري الموروث والمستورد من الدول المجاورة وادى الى تعميق النظرة الدونية للمراة .كازدياد ظاهرة التحرش الجنسي في الدوائر الحكومية وغير الحكومية وغياب القانون لمحاسبة المعتدي . عندما اخذت الوزارات ترجع كياناتها لم تجر العملية وفق تكافؤ فرص ، وكان يفضل توظيف الرجل على المراة . والاهم من كل هذا الوضع الامني وزيادة حالات الاختطاف والاعتداء على النساء في حالة خروجها من البيت سواء بذهابها الى العمل او التبضع . ثم محاربة صالونات التجميل ومحاربة اي مكان تتواجد فيه المراة . كل هذا جاء نتيجة سيطرة التيارات الاسلامية المتزمتة على الساحة السياسية وتوجت بالدستور غير العقلاني الذي نالت منه المراة حصة الاسد من الغبن .

الصنف الثاني لم تكن ربة بيت وفق خياراتها ، فلم ترغب ان تبقى جليسة البيت وهي تملك من الخدمة سنينا طويلة او انها تملك مهارات في مجالات كثيرة بذلت وقتا وجهدا من حياتها لتبني مستقبلها وهي تفاجأ بانها حبيسة بين أربع جدران وهي تعيش في ضائقة مادية ايضا . وكانت( جمهورية البصرة ) تتولى الصدارة في هذه الخروقات ضد المراة العاملة لسيطرة القوى الاسلامية الدخيلة على ادارة المحافظة وغياب القانون امام الخروقات التي ادت إلى حالات القتل والاختطاف . والقانون كانت مهمته التفرج وكأنه يتفرج على مسرحية انجزت من قبل اكبر المخرجين الذين قدموا من الدول الجارة .

ربة البيت هذه تكد وتكدح في العمل البيتي دون مقابل لابل دون احترام وتقييم من قبل الرجل والمجتمع كله ، و لو حسبنا ان عدد ساعات عمل الرجل خارج البيت هي 8 ساعات نجد أن المراة تعمل في البيت بين 10 الى 12 ساعة وهي تعمل مجانا اي ليس هناك معادلة متساوية بينهما . واكثر من ذلك انها في جميع الحالات الاذن الصاغية لاوامر الرجل في البيت ايا كان (الزوج –الاخ- الاب - او من اي ولي امر اخر) . والسبب في ذلك ان الرجل هو الذي يجلب المال للعائلة . كان هناك بعض الاراء في الامم المتحدة تشير وجوب اعتبار ادارة البيت والحمل والولادة وتربية الاطفال وظيفة اجتماعية مدفوعة الاجر كي لا يستحوذ الرجل على عمل المراة وهو مقتنع انها تعمل ضمن وظيفتها البيولوجية لاغير . وغالبية الرجال دائما يسلبون حقوقها المعنوية والانسانية من منطلق ان المراة كائن انساني مخلوق لتأدية وظيفة الحمل والولادة وتربية الاولاد . وعليه يجب ان يتولى المجتمع الدولي دراسة هذا الموضوع . . ولو حسبنا ساعات عملها نجدها انها هي التي تضع ساعات عمل اكثرفي البيت والولادة وتربية الاطفال , دون مقابل اذ لا يحسب هذا عمل مأجور.

امام هذا الواقع نحن بحاجة الى دراسة هذا الموضوع بشكل دقيق اذ ان هذه الشريحة هي قوة بشرية خلاقة قسم منها ذات مهارات وخبرات يجب ان تساهم بعملية البناء الجديدة بالضرورة استقطابها ثانية الى العمل للاستفادة من مهاراتها . والأمر الثاني تخصيص ميزانية لدفع مبلغ مالى معين مثلا ادخالها في نظام الضمان الاجتماعي وزجها في مدارس محو الامية . او من الممكن ايجاد عمل لها في البيت لو كانت ترغب البقاء مع اطفالها . وقد لاحظت في كثير من الدول ان المرأة تعمل كمنتجة جدية وتساهم في اقتصاد العائلة وهي في البيت مثلا تعمل في تحضير وطبخ طعام للمطاعم والمحلات التجارية ، أواعمال الانترنيت التي دخلت الى العراق حاليا . واعمال المحاسبة التي تدار في البيت عبر الانترنيت . وفتح دور حضانة صغيرة في بيتها تحت اشراف وزارة الصحة . أو ممارسة مهنة الخياطة وهي مهنة قديمة في العراق تمارسها وهي في البيت . او تشجيع الاعمال اليدوية النادرة وايجاد فرص لتساهم المراة في المعارض الفنية مثل الرسم , التطريز , الخياطة والكثير من الاعمال الفنية المفيدة وتصبح مساهمة فاعلة في الدخل السنوي للعائلة وهي داخل البيت . أنا أقول أنه يجب القضاء على مصطلح ربة البيت الذي عادة يعطي انطباعا وكانها خلقت لتكون اسيرة في البيت والة للانجاب والمطبخ وخدمة الرجل . ويقع الجزء الاكبر على الاعلام الذي لم يعرف كيف يعالج هذه القضية . او لم يؤمن بتطوير حياة المراة .

**

العنوسة في العراق

د. كاترين ميخائيل

يشهد المجتمع العراقي درجة عالية من العنوسة وتأخر سن الزواج بين اعمار 18 الى 45 سنة. وذكرت جريدة الجيران بتاريخ05/ 12/22 إحصائيات تقول ان نسبة الفتيات العوانس في العراق تزيد على 30%, واصبحت فئة كبيرة من الفتيات العراقيات يشعرن انه لم يعد مقبولا ان ينتظرن حتى ياتي اليهن شخص يتقدم للخطوبة او الزواج لانهن قد ينتظرن طويلا جدا . فبدأن يسعين للمبادرة في اقامة علاقات مع الشباب ، ويحدث هذا بعيدا عن انظار العائلة ، فهن يحاولن ان يجذبن انتباه نظر الشاب سواء بلبسهن احيانا كثيرة في المبالغة بالاحتشام ، او بمشيتهن او بسلوكهن . انهن يعتقدن ان هذه هي وسيلة للفت انتباه الجنس الاخر ، وهذا كله يأتي من خوفهن من شبح العنوسة واحيانا يدفعهن هذا لسلوكيات غير مقبولة مع الأسف. هذه الظاهرة لم تكن موجودة بهذا الشكل في الثمانينات وما قبلها في العراق .اليوم لا تكاد تخلو عائلة عراقية من عدد من العوانس في البيت او عدد اقل منه من العزاب ضمن محيط القرابة العائلية . كنت طالبة في جامعة الموصل في بداية السبعينات وكانت نسبة الاناث 33% في جامعتي و نسبة المحجبات 3% وكان ينظر الى هذه القضية كمسألة طبيعية جدا ، فتنال المحجبة كل الاحترام وليس من يضغط عليها بنزع او ارتداء الحجاب . ولم تتفنن في حينها بلبس الحجاب كما تعمل اليوم الشابة العراقية , ليس موضوعي هوالحجاب لكن وجود الحجاب هو دليل التخوف من العنوسة لدى الشابة العراقية بالاضافة الى وجود عوامل اخرى ساذكرها لاحقا . وقد شجعني اليوم منظر وسلوك الشابة العراقية لاكتب عن هذا الموضوع .

خسر العراق شبابه بسبب الحروب التي شنها الطاغية على ابناء شعبه اولا ثم على الدول الجارة ثانية . وتفيد بعض الاحصائيات ان العدد الذي فقد من الشباب فقط في هذه الحروب هو اكثر من مليون ، اذن اصبح لدينا مليون امراة شابة تنتظر زوج لا تستطيع ان تحصل عليه . واليوم تشكل المراة العراقية 60% من سكان العراق اذن الفارق الكبير يفرض علينا ايجاد بعض الحلول للتخلص من هذه الظاهرة المريضة في المجتمع .

تلت الحروب الحصارالقاسي الذي طال 13 عاما , لم يكن عند الشاب العراقي اي مورد مالي ليفكر ببناء عائلة حتي عام 2003 ، بعد سقوط صدام اخذت فئة غير قليلة من الشباب تجد عملا وتكسب قليلا من المال وانفتح باب الزواج ولو اجرينا احصائية سنجد ان اعلى نسبة للزيجات منذ 13عاما هي عام 2004 . ولا زالت نسبة العنوسة عالية ومن اهم اسبابها :

1- الاسلوب التقليدي بالزواج وهو عن طريق الخطوبة يتقدم الشاب لخطبة فتاة . تجري المباحثات في العائلة الكل يتدخل الكبير والصغير من النساء والرجال والمعني به ( الشابة ) هى اخر من يقرر او ربما لا تقرر فهي تستلم الاوامر فقط . الحجج كثيرة مثلا من يقول الخاطب كبير السن أو فقير أو أنه لا ينحدر من عائلة جيدة أو متدين ومتشدد أو غير متدين أو أن اهله غير جيدين أو ليس له شهادة جيدة أو سكنه غير لائق أو أنه قصير أوطويل ... وهكذا تطول القائمة وهذه المسكينة تسمع فقط . ويرفض الشاب بتقديم طلبات تعجيزية امامه . ويضع ولي امر الفتاة شروطا تعجيزية على العريس القادم , ومنها أنه يطالبه بمهر عالي جدا والحجج كثيرة .

يظلم الاب او اهل البنت الفتاة نفسها لانها لم تعط َ اية فرصة لتقرير مصيرها فهي التي ستتزوج وهي التي ستعيش مع هذا الرجل . وهي التي ستنجب اطفالا من هذا الرجل وتربيهم واخيرا هي التي ستبني العائلة الجديدة وليس والدها ، او اي ولي امر يتحكم بمصيرها . وهي احيانا كثيرة تشعر بالغبن لكن لاحول ولا قوة لها . انسانة مغلوبة على امرها . واذا كان لها رأي ايضا لا تتلقى التشجيع الكافي من العائلة وكأن العائلة كلها ستتزوج هذا الرجل . الغالبية من الشابات لا يملكن الشخصية القوية التي تفرض رأيها وتقول باصرار انا اقبل بهذا الزواج . فينسحب المسكين بكل اقتدار وهو منكوب وخائف من الإقدام على الخطوبة ثانية .

2- يطلب اهل البنت والعروسة ان يقام العرس في اضخم المطاعم او الفنادق وبعدها يطالب العريس بشهر عسل مما يكلفه مبالغ فوق طاقاته المادية هذا مما يسبب مشاكل عويصة بين الطرفين ،واحيانا يعمل على هدم الخطوبة ورفض الشاب من الزواج وتبقى هذه الفتاة ضحية المفاهيم الحضارية المتطرفة ولن يتجرا شخص اخر للإقدام على الخطوبة منها . ثانية فشل الخطوبة تعتبر نقطة ضعف في تاريخها الشبابي . وهذه الظاهرة ليست فقط في العراق وانما معظم المجتمعات في المنطقة تعاني منها . لا ننكر ان الاعلام يلعب دورا لمعالجة هذه القضية لكنها مشكلة عويصة يجب ان تعطى اهمية اكبر لدراستها .

في غالبية الريف العادات القديمة تبقى هي السائدة على المجتمع , البنت ليس لها رأي بالزواج ولي الامر هو الذي يقرر من تتزوج . كثير من الاباء يقول بنتي لولد عمها ( مركتنا على زياكنا ) لا اعلم اذا يفهم هذا المثل للقارئ. حالات كثيرة الولد لا يرغب الزواج . ولا يتجرأ احد من المغترب والمهجر ان يتقدم لخطبة هذه الفتاة وتبقى تنتظر حتى تكبر وهى تفكر من اين يخلق ابن عم جديد ويتقدم للخطوبة ؟ ناهيك ان نظام النهوة الذي كان موجودا في الريف ولا زال لابن العم الحق ان ينهي اي زيجة لو ارادت ان تحصل" هذا ابن العم له الاحقية الاولى في الزواج" واذا كانت الفتاة جريئة ورفضت هذا الزواج تبقى عانسا دون ان يتقدم شخص للزواج منها الا ما ندر .

3- نسبة البطالة العالية بين الشباب لكلا الجنسين هي السبب في تاخير الزيجات لان المهر ومصاريف الزواج يتحمله الشاب .هنا سبب مادي .

4- كثيرا ما يطالب الشاب والبنت لاكمال دراستهم ويؤجلان الزواج حتي التخرج من الجامعة. احيانا تفقد الفرصة لان الذي خطبها مرة كانت مقتنعة به لكنها لم تفكر بان الفرصة لم تتكرر بنفس المواصفات . وبذلك تكون قد خسرت فرصتها الذهبية لانه لم ينتظرها .لعلاج هذه القضية ممكن ان يتم الزواج حتى ايام الدراسة. مع الاتفاق بالانتظار حتى انهاء الدراسة لانجاب الاطفال .

5- ربما يرتبط الولد او البنت بعلاقة حب ويتفقان على الزواج لكن يفاجأ ان عائلة احدهما تمنع هذا الزواج . ودائما في هذه الحالات البنت هي التي تكون الضحية تمتنع الزواج من شخص اخر . او لاتستطيع ان تجد فرصة ثانية . فتبقى عانسا في البيت .

6- يحاول الاهل جعل بنتهم وسيلة للمتاجرة والمفاخرة للحديث في مجالس الاباء والامهات عن ضخامة المهر دون التفكير عن عواقب ذلك . كل هذا تعمله الام للحديث في المجالس النسوية والمشاطرة بما اشترت لبنتها وهكذا يعمل الاب في مجالس الرجال يتحدث عن بنته وكيف زودها عريسها القادم بمهر عالي واثاث غالية وبيت منفرد ... الخ من الاحاديث المصطنعة . والضحية هي البنت في كل الاحوال .

نتائج هذه العنوسة تكون وخيمة على العانس , ومن ثم وخيمة على المجتمع . في مجتمعنا العراقي لا تستطيع ان تنمي هواياتها او تقوم باعمال اضافية على مسؤولياتها البيتية غالبا ماتبقى كئيبة تعاني الوحدة النفسية او تنخرط في مجالات القيل والقال . او احيانا اخرى تتقوى شخصيتها وتصبح معتمدة على نفسها في كل امور الحياة او تاخذ مسؤولية العائلة اذا كان لديها اخوة واخوات اصغر منها او تتحمل مسؤولية ادارة الوالدين الكبيرين في السن . ينظر المجتمع اليها نظرة احترام فتسمع من القريب والبعيد" انت تعادلين عشرة رجال" .

من اهم المعالجات المهمة لهذا الموضوع .

1- ايجاد فرص عمل للشباب وحثهم للتفكير بالزواج لان الزواج يعطي نوعا من الاستقرار في الحياة الاجتماعية وبالتالي يعمل الى استقرار الحياة العامة في المجتمع بشكل عام .

2- الاعلام لم يتطرق الى هذه المشكلة ربما لا يعرف الاعلام كيف يضع حلولا للمشكلة . يجب ان يلعب الفن دوره هنا لتثقيف المجتمع برجاله ونسائه عن المبالغة بتكاليف الزواج والمهر واسباب العنوسة وتأخير الزواج على مستقبل العراق .

3- على وزارة التخطيط ان تضع برامج خاصة لدراسة هذا الموضوع وتشجيع الزيجات في سنها القانوني . مثلا منح سلف للزواج للولد او البنت كي يتعاون الطرفان لبناء العائلة العراقية السليمة . وانا اكتب هذه المقالة حاولت ان احصل على بعض الاحصائيات لكن للاسف لم تتوفر لدي .

4- يجب تشجيع الباحثين في علم الاجتماع لدراسة هذا الموضوع وعرض هذه القضية كمشكلة اجتماعية كبيرة وتخصيص ميزانية من قبل منظمات المجتمع المدني لعمل دراسات ميدانية للشباب تضمن الشاب والشابة كل على حدة . الاستماع الى رايهم كل على انفراد كي يغني الباحث لايجاد حلول ومشاريع تأخذ على عاتقها هذه المهمة الاجتماعية .

5- خلق أشكال عديدة للوساطة اي لتعريف العائلتين مع بعض وتسهيل عملية الزواج هذه ربما تقلل من زيادة عدد العزاب والعوانس . مثلا تشجيع العوائل على الاشتراك في النوادي والجمعيات الاجتماعية كي تستطيع العوائل التعرف على بعضها البعض .

6- ممكن ان يتزوج الشباب وهم طلبة ويستمران بالتعليم بعد الزواج . لكن على الدولة ان تتحمل مسؤولية حضانة للاطفال في حالة كون أن احد الابوين طالبا .

7- ايجاد سوق خيري يقوم بايجاد مصادر لتمويل العوائل ذات الدخل المحدود وتقديم منح للشابات والشباب لتشجيعهم على الزواج . مفاتحة المراجع الدينية لتمويل هذا الصندوق من دخل المراجع الدينية لان كل الديانات السماوية تبارك الزواج وتكوين العائلة والتثقيف بعدم المبالغة بمصاريف الزواج والمظاهر غير المجدية .

8- ايجاد جمعيات خاصة للنساء العوانس تهتم بمشاكلهن وايجاد فرص عمل لهن.

9-خلق فرص لتعارف الشابات مع الرجال من الدول التي تكون نسبة الرجال فيها اعلى من النساء لتوفير فرص خيارية للعانس ان تتزوج على سنة الله ورسوله .

**

كيف سيكون الزواج في العراق الجديد ؟

د. كاترين ميخائيل/

الزواج عقد ديني , اجتماعي , روحي , قانوني ,اقتصادي , بين الجنسين الهدف الاساسي منه هو انشاء رابطة مشتركة لاستمرارية الحياة للابوين والجيل القادم من هذه الهيئة الاجتماعية الصغيرة .ساربط هذا بقانون الاحوال الشخصية العراقي الذي سيكتب خلال اشهر بأيدي وادمغة معادية للمراة العراقية( لاسامح الله).

المادة السادسة من قانون الاحوال الشخصية تنص:

1- لاينعقد عقد الزواج اذا فقد شرطا من شروط الانعقاد او الصحة المبينة فيما يلي :

سماع كل من العاقدين كلام الاخر واستيعابهما بأنه المقصود منه عقد الزواج .

2- موافقة القبول للايجاب .

3- شهادة شاهدين متمتعين بالاهلية القانونية على عقد الزواج .

كل الاديان السماوية تقر ان استقرار وديمومة الحياة يأتي من الزواج وتكوين العائلة وانجاب الاطفال هي سنة الحياة .اعطت كل الشرائع الدينية حق اختيار الزوج او الزوجة لان هذا هو سر تكوين الاسرة ورعاية الامومة والطفولة .

وفق مسودة الدستور الدائم في المادة 39 التي تنص " العراقيون احرار باحوالهم الشخصية حسب دياناتهم او مذاهبهم او معتقداتهم او اختياراتهم وينظم ذلك بقانون "

انا اسأل كاتبي هذه المسودة هل الان يجب ان نفتح مدارس تدريبية لكل مذهب وكل دين لان رجال الدين سوف يتضرعوا باجتهادات شخصية كل وفق مصلحته وستكون المرجعية الدينية في كل المذاهب هى الحاكمة والناهية في كل قضايا الزواج , والطلاق , وحضانة الطفل . القضية المهمة هنا عدم اتفاق المذاهب على سن الزواج مثلا لدى المذهب الحنفي 18 للذكر 17 للانثى وهو ما موجود في القانون العراقي . اما الفقه الجعفري حدده بتسع سنوات ." واكثر من هذا ان العديد من الفقهاء المعاصرين اجازوا الخطبة والعقد حتى في سن الطفولة , فما عدا الممارسة الزوجية المباشرة تجوز , بما دون التسع سنوات بقية الاستمتاعات اللمس , والضم , والتفخيذ , فلا بأس بها وهذا بطبيعة Opinions