اينما وقعت اصابت
نعرف ان للانحياز اسبابه، وان للتعصب دوافعه، وان للتخندق اصوله وموجباته، وانصر اخاك ظالما او مظلوما المشروطة اسيء فهمها وتشوه استخدامها، والاقربون اولى بالمعروف -ضمن حدود- تم الغاؤها وتجاوزها. ونجزم ان كل ما ينسحب على هذه المفردات -المظلومة المُساء والمغلوط استخدامها- وما ينجم عنها من تداعيات، يعد توسيعا لدائرة الخلافات، وتعميقا لهوة الجفاء، ونكئا للجراح واشعالا لنار فتن مستمرة.الانحياز مطلوب حين ينحصر الامر بين: كفر وايمان، بين حق وباطل، صدق وكذبا، صح وخطأ، وبين عدل وظلم، اذ تسقط وتنكفىء كل مبررات الحياد.
* لا تأخذنكم في الحق لومة لائم.
* لا يوحشنكم طريق الحق وان قل سالكوه.
هذا ومثله الكثير ردده علي بن ابي طالب الذي "ما ترك له الحق من صديق".
* ليس من العصبية ان يحب الرجل قومه لكن العصبية ان يرى شرار قومه افضل من خيار باقي الناس.
* العصبية!. دعوها فانها منتنة.
* انصر اخاك ظالما :ترجعه عن غيه وتخوفه من مساوىء الظلم وعواقبه.
* الاقربون اولى بالمعروف في حدود الشرع والقانون والتكافؤ.
والتزاحم بين المحتاج والاحوج وبين المفضول والافضل.
اما ان تتحول هذه المفردات الى تطبيق عملي جاهلي حسب مبدأ :
وما انا الاّ منْ غزيّة انْ غوتْ
غويتُ وانْ ترشدْ غزيّة ارشدِ
فهذا هو الانغلاق بعينه وهذا هو عمى البصيرة.
واما اذا تحولت كل مساوىء الانحياز، وكل نتانة العصبية، وكل ظلامة نصرة الظالمين الى تركيبة جرثومية سامة خبيثة تغذي جميع اطراف نزاع، وتسلح كل جهات اقتتال كتطبيق ميداني لمبدأ: "اينما وقعت اصابت" فهذا هو الكفر بعينه، وهذا هو الخبث المركب، وهذه هي الطامة الكبرى. وهذا هو ما يتعرض له العراق في سابقة لم تتعرض لها شعوب الارض ولم تشهدها اطراف متنازعة او تواجهها عمليات تغيير او تصطدم بها تجارب سياسية!.
ومن باب فذكر التي صارت "لا تذكر" نعود الى ايام الحرب الباردة وكيف كان المعسكر الاشتراكي يدعم جهات لاسباب معروفة بمثل ما كانت الرأسمالية تدعم اخرى. تذكرون الكوريتين واليمنين وفيتنامين والكونغو وبون وبرلين ولا ننسى ايام الحرب الساخنة، والهوتو والدوستي والبوليساريو ونزاع الصحراء وقبرص التركية واليونانية واطراف نزاع الصومال والشيشان وداساييف والفلبين وابو سياف وطالبان وشاه مسعود وفتح وحماس وكل اطراف المدار الملتهب ولكل داعم اهدافه ولكل مدعو مساحة عمل. نزاعات لم تشهد "كرما وسخاءاً باذخا" موزعا بالقسط والميزان كالذي يشهده العراقيون!.
فافكار وسكاكين المحقونين من خارج الحدود تكفر الجميع وتحتز رقاب الجميع وتطال الزرع الضرع والحجر والمدر. ودولارات وريالات ودراهم المتبرعين المحسنين من "اهل الخير" تصل "بالهبل " وبلا انقطاع الى جيوب كل من يجيد التفخيخ والتلغيم والتهريب والتخريب بغض النظر عن دينه وقوميته ومذهبه ولونه ولثامه و"تراكسوته"!.
اما الهاونات والراجمات وخارقات الدروع" المسلفنة " فتسلم "حسب شرع ربنا"بالتساوي -مادامت اينما وقعت اصابت- للاخوة الاعداء حصتهم ولتورابورا وقندهار نصيبهم، للراديكاليين شحناتهم وللعلمانين مثلها.
ومن الطبيعي ان تكون حصة الاسد للانتحاريين من المفخخين والمحزمين، عميانهم والمكبسلين متشرديهم والمتحوسمين.
أليس الاجر على قدر المشقة؟!.