باحث : العولمة تساعد على تفاقم ظاهرة غسيل الأموال
28/07/2009شبكة اخبار نركال/NNN/الموصل/
تشوب الاقتصاد العالمي اليوم مليارات الدولارات غير المشروعة نتيجة عمليات الفساد وتجارة المخدرات والرشوة وتجارة الرقيق الأبيض وغير ذلك من العمليات غير المشروعة، والمعروف ان هذه الأموال تخضع لعمليات غسيل أو تبييض بهدف نزع الصفة غير الشرعية عنها.
ولاجل التعرف على ظاهرة غسيل الاموال وأثارها السلبية على الاقتصاد الوطني التقينا بالباحث في جامعة الموصل الدكتور حامد الحيالي الذي سألناه بداية عن معنى غسيل أو تبييض الاموال فأجاب قائلا :
- ظهر مصطلح غسل الأموال في عقد السبعينيات من القرن الماضي في الولايات المتحدة الأمريكية حينما لاحظ رجال مكافحة المخدرات إن تجار المخدرات الذين يبيعون للمدمنين بالمفرق يتجمع لديهم في نهاية كل يوم فئات صغيرة من النقود الورقية والمعدنية، فيتوجهون إلى «المغاسل» الموجودة قرب كل تجمع سكني لاستبدال النقود الصغيرة بنقود من فئات اكبر بعد غسلها بالبخار ليقوموا بعد ذلك بإيداعها في المصرف القريب من أماكن وجودهم، وهناك من يرجع هذا المصطلح إلى عام 1931م لدى محاكمة (الفونس كابوني) الشهير بـ (آل كابوني) وهو رجل ذو أهمية كبيرة في عصابات المافيا، وغسيل الأموال هو سلسلة من التصرفات والإجراءات التي يقوم بها صاحب الدخل غير المشروع بقصد إخفاء مصادر هذه الأموال ومن ثم إدخالها في الدورة الاقتصادية والتداول بها، والهدف من هذه العملية هو محاولة لتغيير هوية الأموال غير المشروعة والناتجة عن المخدرات والجريمة والفساد والرشوة والتهرب من الضرائب.. الخ، لتبدو أموال مشروعة يصح التداول بها في السوق من دون أن يكون هناك أي شبهات عليها.
ما مراحل غسيل الأموال؟
- ان عملية غسيل الأموال معقدة وتتطلب استخدام العديد من الشخصيات حيث يقوم كل منهم بدوره في مرحلة إخفاء الأموال داخل وخارج البلاد وهي تتكون من أربع مراحل وقد تحصل دفعة واحدة أو بفارق زمني تبعا للحاجة والضرورة وهذه المراحل هي:
أولاً: الإيداع في المصارف، حيث انه في بعض عمليات غسل الأموال تكون المصارف طرفا أساسيا.
ثانياً: التوظيف: ويعني استثمار الأموال الناتجة عن نشاط غير مشروع وإدخالها في نطاق الدورة المالية.
ثالثاً: التمويه أو التشطير: وهي عبارة عن سلسلة من عمليات مالية وحسابية معقدة تهدف إلى فصل حصيلة الأموال غير المشروعة عن مصدرها بقصد التمويه والتضليل.
رابعاً: الدمج: وفي هذه المرحلة يعاد ضخ الأموال التي تم غسلها في الاقتصاد مرة أخرى كأموال عادية سليمة وتكتسب مظهرا قانونيا.
*هل للعولمة تأثير في تفاقم هذه الظاهرة؟
- تعد العولمة احد العوامل المشجعة التي أدت إلى استفحال عمليات غسيل الأموال خلال السنوات الاخيرة وهي تشكل المناخ الخصب لتلك العمليات، وقد أصبحت واضحة هذه التغيرات التي أحدثتها العولمة خلال العشر سنوات الأخيرة في مجال التقدم التقني لوسائل الاتصالات والمواصلات وما صحبه من حرية وسرعة في الانتقال والاتصال على صعيد العالم ككل ما أدى ذلك إلى سهولة في أساليب الحياة وبذلك تكون العولمة، قد فتحت سبلا كانت مسدودة في وجه غاسلي الأموال ومهدت لهم الطر ق ليباشروا عملياتهم بوسائل مريحة وغير معقدة فأزالت الحواجز من أمامهم وأصبح مرور رؤوس الأموال يتم بشكل أسهل من السابق لا بل أسرع مما يعني حشد هذه الأموال من جديد ليتم تبييضها وإدخالها في الدورة النقدية بشكل لا شك فيه ولا ريب .
هل لشركات التأمين دور في عمليات غسل الأموال؟
- تعتبر شركات التأمين وتلك التي تتعاطى إعادة التامين من بين أهم القنوات التي يمكن لعصابات الجريمة المنظمة أن تلجأ إليها لمساعدتها في غسل وتبييض أموالها لان طبيعة العمل التأميني تفترض أن يكون هناك كمّ هائل من الأموال التي تدخل الشركة بمثابة أقساط تامين لتعود فتخرج منها سريعا بشكل تحويلات مصرفية سدادا لأقساط إعادة التامين أو استثمارات أو تعويضات عن خسائر مضمونة وبهذه الحالة تجد العصابات المنظمة في شركات التامين أداة لتنظيف أموالها وشرعيتها حيث يبدأ مشوار الأموال الوسخة بدخولها صناديق شركة التامين بمثابة أقساط تقبضها الشركة لقاء عقود تامين تصدرها.
ما الآثار السلبية لعمليات غسل الأموال علىn الاقتصاد العالمي؟
- ان عملية كعملية غسل الأموال بعد أن ارتقت إلى مستوى الجريمة المنظمة وأصبحت جريمة يعاقب عليها القانون، وعلى الرغم من ان بعض الدول أيد وقال ان لهذه العملية آثارا ايجابية تتمثل في استثمار الأموال غير المشروعة في مشروعات استثمارية تفيد المجتمع وتقلل من حجم البطالة ومعدلات التضخم، لكن يبقى لها آثارها السلبية التي تطغى وتجعل منها بؤرة فساد وورم خبيث يستوجب استئصاله، ومن بين تلك الآثار:
- تؤدي إلى منافسة غير متكافئة مع المستثمر الجاد المحلي والأجنبي، تؤثر في استقرار أسواق المال الدولية وتهدد بانهيار الأسواق الرسمية التي تعد حجر الزاوية في بناء اقتصاديات الدول، تؤدي إلى حدوث اختلال في البنية الاجتماعية للدول حيث تعمل على زيادة الفجوة بين الأغنياء والفقراء، تؤدي إلى زيادة الفساد المالي والرشوة والتهرّب من الضرائب وبالتالي نقص إيرادات الدولة مما يؤثر سلباً في ميزان المدفوعات وتحدث ضررا كبيرا بالنظام المصرفي قد يصل إلى حد زعزعة ثقة المستثمرين بهذا النظام.
ما الوسائل المتاحة لمكافحة الظاهرة؟
- ان عمليات غسل الأموال الناتجة عن النشاط الإجرامي المنظم باتت تهدد الاقتصاد العالمي لا بل العالم بأسره وأصبح لزاما على كل دولة معرضة لظروف هذه الظاهرة أن تتخذ الإجراءات الوقائية التي تمنع استفحالها داخل أراضيها وبالفعل فان بعض الدول قامت باتخاذ الإجراءات المناسبة وإعداد التدابير اللازمة لوضع الأطر التشريعية والتنظيمية لتسهيل مكافحة غسل الأموال، ومن هذه الدول سويسرا التي كانت تعد جنة غاسلي الأموال حيث تم العمل بقانون جديد يلزم البنوك ان تبلغ الدولة عن الحسابات المشكوك فيها وتجمد الأرصدة المشبوهة ويشمل هذا القانون المؤسسات غير المصرفية كشركات التأمين، وبما ان غاسلي الأموال يعتمدون على المصارف والمؤسسات المالية بصفة خاصة في غسيل أموالهم، لذا فقد بدأت المصارف في تدريب العاملين فيها على تنمية الحس المصرفي لديهم وتدريبهم على التأكد بقدر المستطاع من طبيعة المال المقدم لهم من العملاء، إضافة إلى وضع نوع من الرقابة على المصارف وهي خطوة يصعب تحقيقها إلا انها ضرورة لابد منها في ضوء المستجدات الحالية فنحن بحاجة لنوع من الشفافية والوضوح في المعلومات للحد من ظاهرة غسل الأموال في أقل تقدير.