بالحذاء .....نشرع قوانيننا.........ونبني عراقنا!
كنت اتابع اليوم، الاثنين 2/10/2006 وقائع جلسة مجلس النواب العراقي على قناة الفضائية العراقية، وارى فيها كبقية الجلسات، ركاكة ادارة جلساتها، وافتقارها لا بسط قواعدها، بل اسم الله على ابسط اجتماعات ومؤتمرات المنظمات المهنية سواء منها الطلابية او الشبيبة او المنظمات النسائية العراقية في ادارة جلسات اعمالها.........ومع هذا، أقول، لا بأس، فالعراق لم يشهد يوماً في حياته مجلس نواب بهذه العلانية والممارسة الحرة وعلى الملء، ولا بد من ان خوض التجربة هذه وتراكم الخبرة سيعلم اعضاء البرلمان العراقي بمرور الزمن كيفية ادارة عمل جلساتهم، اضافة الى الاستفادة من متابعتهم ومراقبتهم لجلسات البرلمانات الاخرى بالعالم (هذا فيما يشاهدون او يتابعون)... او ربما ستسعفهم بعض الدورات التأهيلية ،( فيما اذا تواجدت)... ، للأخذ بأيديهم، وتطوير معارفهم في هذا المجال الهام من الحياة السياسية العراقية.........
واستبشر الخير دوماً، بأن خوض تجربة كهذه، ضرورية للجميع، سواء لاعضاء البرلمان الحاليين او القادمين الجدد للدورات المنتخبة المقبلة او حتى للفرد العراقي الذي يعيش هذه التجربة والتي هي بدايات بناء حجر الاساس لبرلمان عراقي ،كبقية برلمانات البشر في العالم، في مجلس منتخب يضم كل اطياف المجتمع العراقي بتنوعه السياسي والقومي والديني ونقل العراق تدريجياً من حالة التسلط والديكتاتوريات التي توالت عليه منذ انقلاب شباط الاسود عام 1963.
ولكن يبدو لي هيهات، انهم سيفقهون طالما يتواجد اشخاص كشخصية السيد رئيس مجلس النواب وامثاله، الذين يغردون بتصريحات وتعليقات يومية سواء داخل جلسات مجلس النواب، او في مقابلانهم الاعلامية...تصريحات وتعليقات في احياناً كثيرة، بعيدة حتى عن ابسط اصول اللياقة الادبية كرجل سياسي او مسؤول تقع على عاتقه احترام الجميع دون اسثناء...وهذا ما المسه باستمرار من تصريحات وتعليقات رئيس مجلس النواب الموقر ، السيد محمود المشهداني، الذي بمزاحه احياناً يحاول تلطيف اجواء البرلمان، والتي لاباس بها، ضمن الجو الذي يحيط الكتل السياسية داخل البرلمان، او تعليقاته الشعبية التي قد تنسجم مع طبيعة مجتمعنا احياناً، وتقربه الى شريحة واسعة من العراقيين تستسيغ حديثه الذي يجد فيه احياناً ابن الشارع العراقي اكثر قرباً من احاديث السادة السياسيين النحويين! .....كل هذا وذاك، لا ضير ولا عتب عليه..........الاّ ان يصل الحد الى تجاوز ابسط قواعد الادب العام، فهو امر لا بد التوقف عنده، وهذا ما حدث اليوم بجلسة مجلس النواب حول مناقشة قانون التضمين..ثم عطفه بالحديث على حاجة هذه القوانين لفتوى رجال الدين او ما شابه ذلك........واثناء فسح المجال بالحديث لعضو البرلمان ميسون الدملوجي، عن القائمة العراقية، وتعليقاها بوجود لجنة، قاطع كلامها مؤكداً خضوع جميع القوانين العراقية لما تتضمنه احكام الشريعة، وأن أي تجاوز على قوانين الشريعة تعامل بالحذاء. فما كان من العضو ميسون إلا ان تكمل بجملة "وبأحكام الديمقراطية". التي لم يستسغ السيد المشهداني التعليق. وأخيراً انفجر بوجه تعليق آخر للعضو صفية السهيل، التي ذكرت ان هذا لا يمكن من دون اقرار أسس الديمقراطية في تشريع القوانين. إذ غمز باسلاميتها، بهذه الايام المباركة من شهر رمضان قائلاً: "أي كلمة اسلام او قرآن تنغزكم" (تستفزكم). مما اضطر السيد فؤاد معصوم، عن التحالف الكردستاني، تسجيل احتجاجاً............ثم تمويع المسألة واستمرار الجلسة بمناقشة القوانين ......
ان تشريع القوانين في مجلس النواب على ضوء ما أقره الدستور "ان كان السيد المشهداني قد استوعبه" استوجبت تحديد مفاصله الثلاث في عدم تعارضه مع احكام الشريعة الاسلامية، والديمقراطية وحقوق الانسان..وبالتالي لم يحدد اولوية او فرض اولوية من هذه المفاصل، لذا، فان تسرعّه باطلاق "التعامل بالحذاء" لاي قانون يتعارض واحكام الشريعة ، لن يجنينا سوى سياسة الأقصاء ، والسير قدماً نحو....زلزال آخر يهدد العراق في بناء مؤسسات دولته على طريقة الحذاء الذي يود رئيس المجلس وامثاله تطبيقه.............وياليته أي حذاء فهو نفس الحذاء الذي سبق وان شهده العراق على مدى سنينه العجاف ابان قوانين ديكتاتورية صدام ........انه نفس نوعية الحذاء الذي يوّد ان يتعامل به السيد المشهداني.........لكن بطريقته المزعومة ، الا انهما وجهان لحذاء واحد!
الأ يكفينا تشريع قوانينا الا بالاحذية..........ان كان الامر كذلك......فما هو موقع القوى الديمقراطية الأخرى داخل البرلمان التي لم تحرك ساكناً سواء بمزحة حذائية او جدية، لتنبه هذا الرئيس اننا لم نعد في الزمن السابق، واجتماعات حزب صدام المقبور، التي لا تفهم من هذا العالم غير الحذاء ولا يجدي برأيهم مع العراقيين غير لغة الحذاء............
وقرة اعين عراقننا بقواه الغيورة الاخرى في غض النظر وعصب العيون عن قيم تتعرض للخطر....
عن كتابات