Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

بدء العضوية البرلمانية

ضياء عبد الله الجابر/
بعد أن أعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات النتائج الأولية للانتخابات، وتم نشر أسماء المرشحين الفائزين بالمقاعد النيابية، باستثناء المقاعد التعويضية(المقاعد السبعة)، فهل أن إعلان أسماء المرشحين ونشر أسمائهم من قبل المفوضية يسبغ عليهم وصف العضوية النيابية، أي يمكن عدهم (أعضاء في البرلمان)، ابتداء من ذلك التأريخ، وبالتالي تمتعهم بكافة الحقوق والامتيازات المتعلقة بالعضوية، كالحصانة والحقوق المالية، أم أن الأمر يحتاج إلى إجراءات دستورية وقانونية أخرى حتى يكتسب المرشح الفائز بالانتخابات صفة العضوية، ولا يعد مجرد إعلان النتائج الأولية مكسباً لصفة العضوية في مجلس النواب؟

للوهلة الأولى، قد يتبادر لدى البعض، أن مجرد الإعلان الأولي للنتائج الانتخابية، وإعلان فوز المرشح بالمقعد النيابي، يجعله يتمتع بصفة العضوية، لكن عند الرجوع إلى النصوص الدستورية المنظمة للعملية الانتخابية، وعمل السلطة التشريعية(مجلس النواب)، نرى بأن هذا الأمر لا يمكن التسليم به على الإطلاق دستورياً وقانونياً.

فوفقاً للنصوص الدستورية المنظمة لعمل السلطة التشريعية وبالتحديد المواد(49-64)، يحتاج الأمر إلى إجراءات أخرى يتم من خلالها إسباغ وصف العضوية على المرشح الفائز، وبخلافه لا يمكن القول بتمتع المرشح الفائز بصفة العضوية ما لم تتم هذه الإجراءات، وفي مقدمتها، ما نصت عليه المادة(54) من دستور جمهورية العراق 2005، والتي جاء فيها ما يأتي ((يدعو رئيس الجمهورية مجلس النواب للانعقاد وبمرسوم جمهوري خلال خمسة عشر يوماً من تأريخ المصادقة على نتائج الانتخابات العامة....)).

والمصادقة على نتائج الانتخابات النهائية تتم من قبل المحكمة الاتحادية العليا، وهو ما جاءت به صريح الفقرة(سابعاً) من المادة (93) من الدستور((تختص المحكمة الاتحادية العليا بما يأتي((المصادقة على النتائج النهائية للانتخابات العامة لعضوية مجلس النواب))، في حين خلا قانون المحكمة الاتحادية العليا رقم(30) لسنة 2005 من النص على هذا الاختصاص، الأمر الذي يتطلب إدراج هذا الاختصاص من بين اختصاصات المحكمة.

فمتى ما أعلنت المحكمة الاتحادية العليا المصادقة على نتائج الانتخابات، بدأت الصفة النيابية للمرشح الفائز بعضوية مجلس النواب، وهو ما أكدته المادة(14) من النظام الداخلي لمجلس النواب المنتهية ولايته، والتي جاء فيها ما يأتي((يعد المرشح المنتخب عضواً في المجلس ويتمتع بجميع حقوق العضوية ابتداءً من تأريخ المصادقة على نتائج الانتخابات ويباشر مهامه بعد أداء اليمين الدستوري)).

ونحن لا نؤيد ما جاء في المادة أعلاه بشكل كامل، فعلى الرغم من تأييدنا للشطر الأول منها، والمتعلق ببدء الصفة النيابية (عضوية البرلمان) من تأريخ مصادقة المحكمة الاتحادية العليا على النتائج النهائية للانتخابات العامة، على اعتبار أن النتائج أصبحت نهائية وباتة، كون قرارات المحكمة الاتحادية العليا كذلك، بموجب نص المادة(94) من الدستور، فبصدور القرار ثبتت صفة العضوية للنائب الفائز بالمقعد النيابي.

ولكننا نطرح التساؤل الأتي هنا، هل يعد قرار المحكمة الاتحادية العليا بالمصادقة على نتائج الانتخابات منشئا أم كاشفاً لصفة العضوية البرلمانية؟

إن قرار المحكمة هنا منشئا لا كاشفاً لصفة العضوية، لان الدستور نص وبصريح القول على أن نتائج الانتخابات لا تعد نهائية، ما لم تتم المصادقة عليها من قبل المحكمة، فقرار المصادقة إجراء لازم لنشوء هذه الصفة، ولا يمكن القول-كما يراه البعض- ان تأريخ إعلان النتائج الأولية للانتخابات وإعلان أسماء المرشحين ابتداء، هو القرار المنشئ، وما قرار المحكمة الاتحادية إلا كاشفاً وموضحاً لنتيجة معلنة سابقاً (الفوز بالمقعد البرلماني).

فالصفة البرلمانية لا تثبت إلا بصدور قرار المصادقة، أما قبل هذا التأريخ، فلا يمكن القول بأن المرشح الفائز قد أكتسب صفة العضوية بمجرد الإعلان الأولي بفوزه من قبل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات.

وقد يرى البعض خلاف ما نراه، فيعد قرار المحكمة كاشفاً عن صفة العضوية للنائب الفائز لا منشئا، كونه يعول في ثبوت هذه الصفة على وقت إعلان النتائج الأولية للانتخابات، لا وقت المصادقة عليها، ولكننا كما أسلفنا لا نسلم بهذا الرأي على الرغم من احترامنا لمؤيديه.

أما فيما يتعلق بالشطر الثاني من نص المادة (14) من نظام مجلس النواب، والمشار إليها سلفاً، والتي لا نؤيدها، وننطلق في رأينا هذا من منطلق مفاده، إن حقوق العضوية(كحق الحصانة القضائية، الحقوق المالية)، لا نراها تثبت من تأريخ مصادقة المحكمة الاتحادية العليا على النتائج النهائية للانتخابات، وإنما بعد أداء المرشح الفائز لليمين الدستورية، أمام المجلس، وقبل أن يباشر أي عمل من أعمال العضوية، وفقاً للصيغة الواردة في المادة (50) من الدستور، والمادة(6) من النظام الداخلي لمجلس النواب.

فالحصانة القضائية، والمنصوص عليها في المادة(63) من الدستور، والمادة(20) من النظام الداخلي لمجلس النواب، كحق من حقوق العضوية النيابية، ضد اتخاذ الإجراءات القانونية القضائية(إلقاء القبض)، فيما لو ارتكب العضو الفائز لفعلاً يتطلب اتخاذ الإجراءات القضائية بحقه، أثناء سير الفصل التشريعي- والذي لم يبدأ بعد- لا يمكن سريانها بحق العضو، إلا بعد عقد الجلسة الأولى لمجلس النواب، وبداية الفصل التشريعي، الذي ببدايته تبدأ مدة الدورة الانتخابية لمجلس النواب(أربع سنوات) ومباشرة العضو لمهام العضوية، لا قبل ذلك. لان اتخاذ أي إجراء يتطلب الحصول على الإذن المسبق من المجلس وبالأغلبية المطلقة، والذي لم ينعقد بعد، ولم يبدأ بممارسة أعمال عضويته، أو من رئيس المجلس- والذي لم ينتخب بعد، فمن يتولى منح الإذن- في حالة الاتهام خارج مدة الفصل التشريعي، فمع عدم انعقاد المجلس أولا، وعدم وجود رئيس له، يكون حائلاً دون تطبيق تلك الأحكام وسريانها على العضو الفائز.

الحال نفسه بالنسبة للحصانة القضائية التي يتمتع بها عضو مجلس النواب عما يدلي به من أراء في أثناء دورة الانعقاد، فلا يتعرض للمقاضاة أمام المحاكم بشأن ذلك، فهذه الحصانة تبدأ ببداية عمل مجلس النواب، سواء كانت الآراء مدلى بها تحت قبة البرلمان(مكان الانعقاد)، أو أحدى اللجان التخصصية في المجلس، وهو ما لم يتحقق في الفترة الممتدة بين المصادقة على النتائج، حتى انعقاد الجلسة الأولى، وأداء اليمين الدستورية.

كما أن الحقوق والامتيازات المالية، من المفترض أن تصرف ابتداءً من تأريخ مباشرة العمل البرلماني، بانعقاد الجلسة الأولى، وبعد أداء اليمين الدستوري من قبل العضو، كون هذه الحقوق مرتبطة ارتباطا وثيقاً بممارسة الأعمال النيابية، والتي لا يمكن للعضو الفائز أن يباشرها ما لم يؤدي اليمين الدستورية، فلا نرى صحة في صرف أي مستحقات مالية برلمانية والعضو لم يباشر أي عمل من الأعمال، فالعبرة ليست بإسباغ الوصف القانوني على العضو الفائز(صفة العضوية البرلمانية)، بل العبرة كل العبرة بمزاولة النشاط البرلماني، فالوضع القانوني للامتيازات المالية للعضو الفائز، والذي لم يمارس مهام عمله، يشابه الوضع القانوني للموظف الذي صدر قراراً إداريا بتعيينه، لكنه لا يستحق الأجر(الراتب)، إلا من تأريخ المباشرة بمهام الوظيفة.

مما تقدم نخلص إلى ما يأتي:-

1- أن عضوية النائب الفائز، تبدأ من تأريخ مصادقة المحكمة الاتحادية العليا على نتائج الانتخابات .

2- أن قرار المحكمة الاتحادية العليا يعد منشئا لصفة العضوية بالنسبة للنائب، لا كاشفاً لها.

3- على الرغم من تمتع النائب بصفة العضوية، من تأريخ المصادقة على نتائج الانتخابات إلا أن ذلك لا يعني استحقاق العضو لأي امتياز من امتيازات العضوية البرلمانية، سواء كانت حصانات قضائية، أو امتيازات مالية، ما دام العضو لم يقم بأي عمل من الأعمال البرلمانية، والتي تتطلب أداء اليمين الدستورية قبل مباشرتها، فهذه الاستحقاقات تبدأ بعد أداء اليمين، ومباشرة العمل البرلماني مهما كان نوعه، للارتباط الوثيق بينهما.

4- يجب أداء اليمين الدستوري من قبل أعضاء مجلس النواب الجديد، وفقاً للصيغة الدستورية الواردة في المادة(50) من دستور جمهورية العراق، مع إدخال تعديل على المادة المذكورة، يتمثل بإضافة العبارة الآتية(.....أو بالصيغة التي يراها المجلس)، أو (....بأية صيغة أخرى يراها المجلس).

5- يجب أن تكون الصيغة القانونية لليمين الذي يؤديه عضو المجلس، والواردة في النظام الداخلي لمجلس النواب متطابقة كلياً مع النص الدستوري الخاص باليمين الدستورية.

* مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات

http://adamrights.org
Opinions