بغداد تلملم آثار تفجيرات ليل الأحد.. والحصيلة أكثر من 250 قتيلا وجريحا
شبكة اخبار نركال/NNN/ صوت العراق/
غداة مقتل وإصابة أكثر من 250 شخصا في سلسلة تفجيرات، مساء أول من أمس، طالت مناطق متفرقة من العاصمة العراقية، طالب أسامة النجيفي، رئيس البرلمان العراقي، الأجهزة الأمنية بعدم «الاستسلام للإرهابيين».
وأفطرت بغداد، مساء السبت، على دوي انفجار 12 سيارة مفخخة في مناطق مختلفة من العاصمة العراقية بعد مدفع الإفطار بقليل وقبيل صلاة التراويح. واستنادا للمصادر الأمنية فإن ما لا يقل عن 67 شخصا قتلوا في التفجيرات، بينما أصيب أكثر من 190 شخصا بجروح. وطالت التفجيرات مناطق الشرطة الرابعة والمواصلات والكرادة وبغداد الجديدة والزعفرانية والطوبجي والنعيرية.
من جهتها، توقعت قيادة عمليات بغداد وقوع المزيد من الهجمات. وقال الناطق الرسمي باسم عمليات بغداد العميد سعد معن في تصريحات إن «الخطط والتكتيكات الأمنية ستتغير طبقا للوضع الأمني، ونحن مستمرون بمحاربة الإرهاب، ونتوقع وقوع هجمة هنا وهجمة هناك»، مشيرا إلى أن «القوات الأمنية ستستمر في عمليات إلقاء القبض وتفكيك الخلايا والشبكات الإرهابية».
وأضاف: «إننا اليوم نتكلم عن حرب قذرة. كل شيء فيها مباح، لا سيما الهجمات التي تستهدف التجمعات المدنية، وجهود قوات الأمن مستمرة في تقويض عمل الجماعات المسلحة وإلقاء القبض على المسلحين».
وأدان رئيس مجلس النواب العراقي التفجيرات، داعيا الأجهزة الأمنية إلى «عدم الاستسلام للإرهابيين». وقال النجيفي في بيان أمس: «ندين ونستنكر بأشد العبارات التفجيرات الإجرامية الآثمة التي استهدفت أهلنا في بغداد ومحافظات عدة، والتي تأتي ضمن حملة الاستهدافات الإجرامية البشعة الرامية إلى بث الفرقة وإثارة النعرة الطائفية بين أبناء الشعب الواحد». وطالب النجيفي «الأجهزة الأمنية بضرورة إعادة النظر في الإجراءات الأمنية التي أثبتت عدم فعاليتها في الحد من الخروق المتكررة التي كبدت العراق خسائر جسيمة»، ودعا النجيفي «الأجهزة الأمنية إلى عدم الاستسلام للإرهابيين، والعمل على اتخاذ إجراءات أكثر فاعلية تبرهن للشعب من خلالها على قدرتها على معالجة الأمور وحماية المواطنين الأبرياء».
وفي سياق متصل، اجتمعت لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي مع قيادة عمليات بغداد لبحث الوضع الأمني الذي يشهد تراجعا خطيرا، لا سيما في العاصمة بغداد ومحافظة ديالى فضلا عن محافظات أخرى مثل كركوك ونينوى. وقال عضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية شوان محمد طه لـ«الشرق الأوسط» إنه «اتضح لنا بشكل واضح وصريح أن القوات الأمنية والعسكرية في وضعها الحالي على مختلف المستويات غير قادرة على التصدي للعمليات الإرهابية، فضلا عن تحجيمها». وأضاف أن «هناك كثيرا من المبررات التي ساقها قائد عمليات بغداد الفريق عبد الأمير الشمري، وربما يكون معظمها صحيحا، ولكن هناك أمورا لا بد من توضيحها، مثل أن الجيش العراقي يربو الآن على المليون مقاتل من مختلف الصنوف، وبالتالي فلا مجال للحديث عن نقص في أعداد المقاتلين، مثلما أشار إليه القائد. يضاف إلى ذلك أننا أنفقنا أكبر ميزانية على الأمن والدفاع خلال السنوات العشر الماضية».
وأكد طه أنه «مع ذلك، فإن صلب المشكلة ليس في الأجهزة الأمنية التي تقوم بدور تنفيذي، بل في الخطط الأمنية التي إما لا وجود لها، أو أنها خطط تقليدية ثابتة لا تتغير، بينما الجماعات الإرهابية تغير دائما من خططها وأساليبها».
وانشغل سكان بغداد أمس في لملمة آثار موجة العنف الدامية التي ضربت مدينتهم ليلا. وبينما كان سكان بغداد يهمون بدفن ضحاياهم، ومحو آثار العنف الذي ضرب مصادر رزقهم، قتل خمسة عراقيين وأصيب 14 آخرون بجروح في هجومين منفصلين، صباح أمس، في التاجي (25 كلم شمال بغداد) ومنطقة البسماية الواقعة جنوب شرقي بغداد.
وفي الكرادة وسط بغداد، حيث قتل سبعة أشخاص في تفجير سيارتين مفخختين مساء أول من أمس، انتشرت الحجارة والقطع المعدنية وبقايا الخضر في شارع التسوق الرئيس، بينما كان سكان المنطقة يتفقدون الأضرار. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن رجل أربيعني من أهالي الكرادة قوله بصوت حزين عند موقع الهجوم: «هذه الحكومة كرتونية، وقواتها الأمنية لا تستطيع حماية نفسها، فكيف تستطيع حماية الناس؟!». وأضاف رجل آخر يرتدي دشداشة تقليدية: «العراقيون يحميهم الله فقط، لأن السياسيين لا يهتمون إلا بكراسيهم ومصالحهم الشخصية».
وفرضت قوات الأمن، منذ صباح أمس، إجراءات أمنية مشددة في عموم شوارع بغداد، خصوصا في المناطق التي وقعت فيها الانفجارات، وبينها الطوبجي في شمال بغداد التي انتشرت فيها خيام العزاء بعدما قتلت سيارتان مفخختان فيها ثمانية أشخاص. وفي موقع الهجوم، اختلط حطام المحال التجارية والمطاعم وبقايا السيارات المتفحمة ببرك الدماء والأحذية وملابس الضحايا.
وقال شاب في مطلع الثلاثينات دمر محله التجاري الذي يبيع فيه أجهزة إلكترونية وأصيب هو بجروح خفيفة: «التصقت بالكرسي؟ ارحل. اتركها. الناس يُذبحون كل يوم»، في إشارة إلى نوري المالكي.
وهتفت من جهتها أم سعد التي احترق منزلها ودمرت أغلب ممتلكاتها: «هناك أناس تعيش بخيراتنا ونحن ننزف دما»، في إشارة إلى السياسيين.
من ناحية ثانية، أعربت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية عن إدانتها الشديدة للتفجيرات الأخيرة، وقال أمينها العام نبيل العربي في بيان رسمي: «هذه الهجمات الإرهابية التي تتم بأيادٍ نكراء لا تريد الخير للعراق والعراقيين، وإنما تهدف إلى بث نوازع الفتنة والفرقة بين أبناء الشعب العراقي»، مذكرا الجميع «بحرمة إراقة دماء المواطنين الأبرياء، وبوضع مصلحة الوطن فوق كل الاعتبارات الطائفية والحزبية»، كما أعرب الأمين العام عن «انزعاجه الشديد من الأنباء التي تفيد بوجود عمليات تهجير طائفي في بعض القرى بمحافظة ديالى جراء تهديد بعض المجموعات المسلحة بالمحافظة لبعض العائلات وإجبارها على ترك منازلها».