بمناسبة ذكرى مجزرة حلبجة
بمناسبة ذكرى مجزرة حلبجة
النزعة الفئوية الاقصائية أساس الخراب الذي أصاب العراق
بقلم
لويس مرقوس ايوب
نائب رئيس منظمة حمورابي لحقوق الانسان
الرحمة لجميع شهداء العراق فهم البذور التي ستنتج حقول الحرية والسلام، كان الشعب العراقي وما زال لليوم هو يدفع فواتير النزاعات والصراعات الدموية الهادفة إلى تحقيق مصالح الانتهازيين من السياسيين الفاسدين في السيطرة والهيمنة على مقاليد السلطة والحكم فيه ، حيث أتت هذه الصراعات التي أحدثت حروبا طاحنة إقليمية وداخلية كانت نتيجتها دمار البلد وتفتيت لحمته الوطنية ، هذه الحروب والنزاعات هي صنيعة تلك الأحزاب الطائفية القومية تارة والدينية تارة أخرى.
تلك الأحزاب القامعة للحريات العامة والمتسببة في إشكال الانتهاكات الصارخة من القتل والتهجير القسري والتغيير الديموغرافي تحت ذريعة حماية الأمة والدين والوطن.
فتارة تلك الأحزاب تحمل راية القومية وتارة أخرى تحمل راية الدين لتشرعن لأفعالها الشنعاء من الذبح والسلخ والقتل ، وتارة أخرى تكون الانتقامات على الدونية أو بحسب شهوة الحاكم واتهامه الآخرين بل لا وطنية.
أن ما حصل في العراق ومنذ تأسيسه ولليوم من جرائم القتل والإبادة الجماعية إنما هو تاريخ اسود بوجه قادته ، وهو صفحة سوداء لن ينساها التاريخ لدمويتها من الحروب والنزاعات التي تسببت في تفتيت المجتمع العراقي وأضعفت الروح الوطنية بين مكوناته وذلك بتكريسها الطائفية بين صفوفه شمالا وجنوبا شرقا وغربا، فلا زالت مجزرة سميل لليوم تنزف وتقطر دما على ابنائها الأشوريين الاصلاء ، كما هي بنجوين المنكوبة بشعبها الكردي بنكبتها الكيماوية ، كما ولا زال تاثير التدمير البنيوي والمجتمعي والانسانس لمجازر معارك الامثال السيئة الصيت بمراحلها المختلفة والتي ازالت الوجود والمعالم الاثرية والجغرافية بسبب التغيرات الديموغرافية للكثير من مناطق العراق ذات الخصوصية للكثير من مكونات العراق الاصلية ، حيث اقتلاع وتدمير القرى الاشورية والايزيدية والكردية والشبكية والكاكائية وغيرها من قرى المكونات العراقية ، كما التفجير والتهديم الذي طال الكثير من الاماكن المقدسة من الاديرة والكنائس والمعابد الاثرية والتي يرقى تاريخها الى القرون الاولى الميلادية ، كما وان تجريف واحراق آلاف البساتين المثمرة تسبب بالخسارة الاقتصادية الكبيرة لهذه المكونات بسبب عنجهية الحاكم والحكومات الدموية التدميرية والاقصائية.
ان جميع الحكومات العراقية بما فيها الحالية هي حكومات طائفية وفئوية واقصائية ، وهدفها وغرضها الاول والاساسي هو تحقيق مصالحها الضيقة الفئوية والقومية تحت ذريعة حماية العرق والدين وتأصيلهما.
فهي لم تأت لتخدم المواطن العراقي او لتوحيد الوطن ، بل استخدمت المواطن كوسيلة لتحقيق مصالحها تحت عنوان الديمقراطية المغلفة بعباءة الدين والقومية ، وذلك تأتي من خلال ممارسات قمعية وسلطوية وجهوية على جميع افراد الشعب ..... ولن تنتهي مأساة العراقيين يوما ما دام الفكر الاقصائي هو ذاته الحاكم ، لا بل ستبقى الدماء تسيل وتسيل لازمان وفترات طويلة اخرى وباشكال وعناوين مختلفة ، لان التغييب للراي العام وفقدان الارادة الوطنية، كما ان افتقاد المشروع الوطني للدولة العراقية وفقدانها للرؤية والاستراتيجية الوطنية في ايجاد ارضية مشتركة لجميع مكوناته لبناء الوطن هي الاخرى عاملا مقلقا لاستقراره وتحقيق الامن فيه.
ما يحتاجه اليوم الوطن لتضميد جراحاته القديمة والجديدة هي نكران الذات في التوجه المدني لبناء دولة القانون ( دولة المواطنة ) لتحقيق العدالة الاجتماعية بعيدا عن كل المحاصصة الطائفية وكل اشكال التمييز السلبي للحفاظ على ما تبقى من كرامة الانسان العراقي بعيدا عن اللون والعرق والطائفة والدين والثقافة المغلقة والمذهب .