بناء بيت الامة
من الطبيعي ان بناء اي بيت بحاجة الى عدد كبير من الحجارة التي ترصُّ بشكل هندسي منظم ليظهر لنا البيت في النهاية جميلاً مرتباً، امناً لكي نسكن فيه ونستظل بظله ويقينا شر الاشرار المتربصين. ويطالعنا الكتاب بالمقولة المشهورة "ان لم يبني الله البيت فباطلاً يبني البناؤون"!! هكذا ايضاً بخصوص بيت امة السورايي التي لم تتبلور لديها الصورة الواضحة لشكل البيت التي تطمح لتأسيسه او لوضعه موضع التنفيذ بين بيوتات العراق بعد احداث ربيع 2003 .وقيل في الامثال ان كثُرَ عدد الربابنة في السفينة فإنها تغرق، وهكذا شأن بيتنا الذي كثر فيه المُصَممون ومن يعطون رأيهم ويتدخلون في شكل التصميم ونوعية البناء والمادة التي تربط حجارته حتى اصبحنا نخاف ان يضعونه على الرمل ليكون سقوطه عظيماً من اول هزة يتعرض لها.
ونجد من يسمي هذا البيت بالآشوري المنفرد وكأنه يلغي الآخرين وهذه التسمية من قيادات دينية والتي من المفترض ان ترتب بيتها الديني وتستقر لكي يمكنها ان تنطلق لترتيب البيت السياسي، واليوم نجد من يريد ترتيب بيتاً كلدانياً خالصاً على غرار البيت الآشوري ونجد ذات السيناريو يتكرر حيث تدخل القيادات الدينية الكلدانية ايضاً وكأنها انجزت مهام الكنيسة لكي تنطلق نحو المهام السياسية الاخرى!! انه واقع للاسف لم نستفد من تجربة الدول الاوربية عندما كانت القيادات الدينية تتدخل في كل شىء حتى في الدوائر الرسمية التي لا ترتبط مع القيادات الدينية بأي شكل من الاشكال حيث نجد اليوم من يحاول التدخل في الدوائر الرسمية وتقييم الموظف الفلاني ووضعه في القائمة السوداء أوعدم ابعاد فلان حتى لو كانت هناك مؤشرات فساد في بقائه، الامر الذي يضع هذه القيادات امام تساؤلات مشروعة عن دورها الحقيقي في الحياة؟ هل هو نشر الايمان وصونه من الانحراف؟ ام التدخل في الشأن السياسي وتوجيه مساراته؟ او التدخل في الشأن الوظيفي الرسمي؟
نعم ان بيت امتنا بحاجة الى تراصّ في حجارته التي هي مختلفة ومتنوعة ومنها حجارة كلدانية ومنها اشورية ومنها سريانية والبيت لا يكتمل الا بتواجد هذه معاً، ونعم ان البيت بحاجة الى حجارة قوية لا تشوبها شائبة حتى تصمد وتقاوم ولذلك على الجميع ترتيب البيت لأنه سيجمعنا معاً ومؤخراً رتب الكلدان الاعزاء بعضاً من الملامح التي وجدوها ضرورية لكي تكون مساهمتهم في هذا البيت مؤثرة وقوية، لكن هذه المساهمة لا يمكن لها مطلقاً ان تكون مرحلية كما اختاروا للاسم الثلاثي كتسمية مرحلية!! لان البيت لا يمكن بعد بناؤه ان يتم هدمه وكل يأخذ حجارته بعد انتهاء المرحلة لكي يبني كل منا بيته فيأخذ الكلداني حجارته ليبني بيتاً متواضعاً كلدانياً وياخذ الآشوري حجارته ويبني بيتاً آخر متواضعاً آشورياً وهكذا يعمل السرياني .
ايها السادة الذين يهمهم مستقبل امة السورايىْ ان بيت امتكم بحاجة اليكم جميعاً لكي تجتمعون وتساهمون برأس مال البناء وليس بإسلوب الشركة التي تنفضُّ بعد زوال المصالح ويتم تصفية المشروع، بل بإسلوب الاندماج الكلي ونكران الذات الصغيرة والشخصية امام الذات الكبيرة التي هي أُمةٌ بحالها !! فهل سيكون لله دوراً في بناء هذا البيت؟ وبكل تأكيد ليس دور الله من خلال هذا او ذاك، قيادات دينية او سياسية بل من خلال الجميع فلكل منا دوره، بالارشاد والأفكار وبالعمل والنضال.
نحن نتطلع الى اليوم الذي نشاهد بيت السورايىْ يرتفع عالياً وتتشابك الايدي الكلدانية مع السريانية والآشورية لكي نوصل الليل بالنهار، عندها سنفرح ونزدهر ويكون لنا مكانةً تحت شمس العراق.
عبد الله النوفلي
10/5/2009