بيان من حزب توركمن ايلي :مشروع إقليم كركوك حق دستوري مغتصب بالمادة (140)
20/09/2006نركال كيت/ مما لا ريب فيه إن العملية السياسية في العراق الجديد لم تتمكن حتى الآن من إلغاء الفوارق القانونية والتطبيقية التي أوجدها النظام السابق بين المواطنين العراقيين ، وخير مثال على ذلك هو المحاصصة التي أوجدها الحاكم المدني الأمريكي بول بريمر خلال تشكيل مجلس الحكم . وأصبحت المحاصصة منذ ذلك الحين لبنة أساسية للمرحلة ما بعد سقوط صدام ، وبذلك أصبحنا نلمس مضارها في مختلف الجوانب الحياتية ( السياسية ، الاجتماعية ، العسكرية ، الاقتصادية ، الإدارية ، ووو..الخ ) ، بحيث يمكن القول إن المحاصصة قد جعلت الوضع العراقي كالعجين ما إن تضغط علية من جانب حتى ينتفخ من جانب آخر، ومن المتوقع أن تستمر هذه الحالة في العراق حتى إشعار آخر طالما أن هناك مصالح في عدم الاعتراف بأن المحاصصة نموذج سيئ في العراق وأضر به كثيراً .
وعلى أساس ما تقدم .. فان التركمان الذين يشكلون القومية الثالثة في العراق بعد العرب والأكراد ، بدءوا يعانون من الفوارق القانونية والتطبيقية التي أوجدتها المحاصصة في الساحة العراقية . وتمثلت هذه المعاناة بتهميش دورهم في العملية السياسية وعدم إشراكهم في مواقع القرار لصياغة العراق وإدارته . ومن ثم في محاولة تذويبهم في قوميات أخرى . وقد بدأت هذه المحاولات مع تشكيل مجلس الحكم الانتقالي وصدور قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية . فالملاحظ إن هذا القانون لم يضع حلولاً منصفة لقضية التركمان وكركوك ، بل راع الجانب الكردي في المادتين ( 53 و 58 ) منه ، بالإضافة إلى تأجيله التسوية النهائية للأراضي المتنازع عليها ومن ضمنها كركوك إلى حين المصادقة على الدستور الدائم . ولكن الصيغة النهائية للدستور الدائم لم تأت بشيء جديد لمعالجة قضية كركوك إثر الضغوط التي مورست خلال كتابة الدستور والتي أدت إلى تعقيد هذه القضية أكثر فأكثر، وتجسدت هذه التعقيدات في المادة (140 ) التي أدرجت في فصل الإحكام الانتقالية من الدستور العراقي النافذ . حيث إن المادة المذكورة تعتبر الخطوة النهائية للأساس الذي وضعه قانون إدارة الدولة لتغيير هوية محافظة كركوك وفك ارتباطها من موقعها الجغرافي الحقيقي وإلحاقها بمنطقة جغرافية أخرى تحت سقف زمني تم تحديده بعملية الاستفتاء التي من المزمع أجراؤها نهاية عام 2007 لتقرير مصير مدينة كركوك وفق ما تنص المادة (140 ) من الدستور الدائم .
و يتعزز كل ما سبق قوله بمقارنة مضمون المادة ( 140 ) من الدستور العراقي النافذ مع مضمون المادتين ( 53 و 58 ) من قانون إدارة الدولة ، حيث يلاحظ إن هناك تناغم تام بين رغبات الأحزاب الكردية وصيغة تدوين مضامين هذه المواد . والى ذلك ترى الأوساط العربية والتركمانية في كركوك بان المادة ( 140 ) من الدستور الدائم ولدت ولادة شاذة من رحم قانون إدارة الدولة بعد إلغاءه مع ملحقه بالكامل ( باستثناء ؟؟!! ) ما ورد في الفقرة ( أ ) من المادتين (53 و 58 ) منه . وهذا هو بيت القصيد الذي بات تفسيره مشكلة المشاكل للأوساط السياسية العراقية في بيان موقفها تجاه مستقبل محافظة كركوك .
ولا غرابة بعد ذلك في أن يرى معظم المراقبين في العراق وخارجه بان المادة ( 140 ) تعتبر عاملاً رئيسياً لتأزم الوضع في كركوك يوماً بعد أخر و لاسيما بعد إقدام حكومة الدكتور نوري المالكي على تشكيل لجنة تطبيع الأوضاع في كركوك والتي ولدت هي الأخرى ولادة غير طبيعية وراء الكواليس لكونها غير متوازنة بالمرة في تمثيل القوميات المختلفة في كركوك ، بالإضافة إلى تعيين أعضاءها بدون الرجوع أو التشاور مع ممثلي العرب و التركمان في مجلس محافظة كركوك ومجلس النواب ، وهذه الأمور مجتمعة جعلت المراقبين وعامة الناس على قناعة بان الإصرار على تطبيق المادة ( 140 ) قبل أعادة النظر في بنودها أو قبل إعادة النظر في الدستور ، سوف يؤدي إلى فوضى عارمة تجعل محافظة كركوك قاب قوسين أو أدنى من نشوب حرب أهلية فيها ، قد تؤدي إفرازاتها وانعكاساتها إلى تداخلات محلية وإقليمية ودولية خطيرة .
وقبل الختام نقول ... رغم هذه المسيرة المتعرجة لقضية كركوك فان التركمان لم يدخروا جهداً لدعم العملية السياسية والمصالحة الوطنية وكل ما يعزز استتباب الأمن والاستقرار لبناء العراق الجديد على أسس ديمقراطيه صحيحة . ومن هذا المنطلق والشعور بالمسؤولية الوطنية وتحقيق الحقوق المشروعة للتر كمان ، كان حزب توركمن ايلي في مقدمة الداعين إلى الحوار والتفاهم بين القوميات المختلفة في كركوك لإيجاد حلول سليمة وسلمية لمشكلة هذه المدينة . ولتكملة المشوار طرح الحزب المذكور مشروعه ( مشروع إقليم كركوك ) لتطبيع أوضاع هذه المدينة وفق المادة ( 119 ) من الدستور النافذ . وقد اعتبره معظم المراقبين مشروعاً ناضجاً وموضوعياً يراعي حقوق ومصير مختلف القوميات والطوائف في محافظة كركوك . واثر ذلك تم تقديمه إلى رئاسة الوزراء بعد تأييده من قبل ثلث أعضاء مجلس محافظة كركوك (من العرب و التركمان ) وفق مقتضيات المادة ( 119 ) من الدستور . ولم يكن رد رئاسة الوزراء سلبياً على هذا المشروع بل تم تأجيله إلى حين إقرار تفاصيل المادة ( 119 ) من قبل مجلس النواب . ولأجل جعل هذا المشروع متكاملاً من النواحي المختلفة قدم حزب توركمن ايلي دراسة مفصلة وموضوعية تتضمن حلولاً واقعية للمشاكل والعقبات التي تعترض تطبيق خارطة الطريق التي رسمها قانون إدارة الدولة لتطبيع أوضاع محافظة كركوك .
ولا تزال مراعاة المصلحة الوطنية العليا هي الهدف في استمرار حزب توركمن ايلي بدعوة جميع الأطراف المعنية إلى تحكيم لغة الحوار والتفاهم لمعالجة قضية كركوك بقوة الفكر وليس بفكر القوة .
حسين عوني
المستشار السياسي لحزب توركمن ايلي
18/ 9 / 2006