تحية للقائمين على بناء متحف التراث السرياني
غمرتني الفرحة كما وغمرت غيري من أبناءِ شعبنا ونحن نشاهد إفتتاح صرحاً من صروحِ شعبنا وبلدنا وهو يرتفع ببناءه الجميل شاقاً عنان السماء ليُعلن للعالم أجمع وضع أول لـُبنة في توثيقِ الحضارةِ السريانيةِ في مهدها في بلادِ ما بين النهرين.وحيثُ إنني أعيش في بلدٍ يُعتبر من البلدانِ المُتقدمة في مجال التوثيق والعرض التاريخي وكذلك من خلالِ زياراتي العديدة للبعضِ من المتاحف العالمية للبلدان التي زرتها، فقد زادني فرحاً وسروراً أن أرى أبناء شعبي في الداخلِ وهم يواكبون البلدان المتطورة في هذا المضمارِ في طريقةِ عرضهم وتوثيقهم لتراثهم الثر.
ومن خلال قرائتي لكلمة الأستاذ الفاضل د. سعدي المالح مدير عام الثقافة السريانية الذي عرض فيها بشرحه المُسهب بدايات تكوين هذا المتحف والذي تمّ إفتتاحه صباح يوم الأحد العاشر من نيسان سنة 2011م ، وكذلك إطلاعي على بقية الشروح المُدعمة بالصورِ التي التقطتها عدسات المصوّرين من داخل صالاته إستطعتُ أن أكوّن فكرة جميلة عمّا قدّمه المسؤولون والمشرفون على بناءِ ومتابعة متحفنا التراثي هذا مِن جُهدٍ كبيرٍ وعملٍ شاقٍ لمدة تزيد على السنتين كما ذكر د. المالح لجمعِ ما يزيد على ثلاثةِ الآف قطعة تراثية يعود تاريخها ما بين 50-250 سنة مضت وخاصة في هذه الظروف الصعبة والتي فقدنا فيها الكثير من مقتنياتنا التراثية الخاصة والعامة نتيجة تركها بأيدي العابثين بعد هجرتنا الى أرض الشتات.
إنّ هذا الصرح والذي يُعتبر الأول من نوعهِ في العالم لعرضِ التراثِ السرياني سيكون بالتأكيد قبلة الزوّار والسوّاح وسيكون مَعْلَم جديد من معالمِ عينكاوة وأربيل وقطعاً فإنّ القائمون عليهِ قد خططوا لتطويره وهذا أيضاً ما جاء في كلمةِ د. سعدي المالح حيثُ قال : " إنّ هذا المتحف ما هو إلاّ اللبنة الأولى في مدماك هذا الصرح الحضاري ليكون الأساس لمتحف متكامل " ، إذاً هنالك رؤية واضحة لمستقبل هذا المتحف وهنالك خطط وطموحات من لدنِ القائمين عليه وهنا أحب أن أبدي رغبتي المخلصة في التذكيرِ ليس إلاّ على ضرورةِ طبعِ نشرةٍ أو كُتَيّبٍ صغيرٍ ( Brochure ) يكون في متناولِ الزوّارِ والسوّاحِ وخاصة باللغاتِ الأجنبيةِ كالأنكليزيةِ مثلاً مُدعم بالصورِ يُعطي نُبذةً مختصرةً عن حضارتنا السريانية مع شرحٍ مُبسّطٍ لأقسامِ المتحفِ ومعروضاته ووفقاً للإمكانياتِ الماديةِ المتاحةِ، كذلك من الضروري دعم هذا المتحف بأجهزة العرض الألكترونية ( كجهاز عرض السلايدات ) وتخصيص ركن صغير في إحدى صالاته لهذا الغرض*، كذلك من الضروري تسجيل أسم المتحف في الدوائر ذات العلاقة داخل وخارج العراق ووضع موقعه الجغرافي وإسمه على خرائط المواقع السياحية في العراق سواء عبر الشبكة العنكبوتية ( الإنترنيت ، الفيس بوك ، تويتر ـ ـ الخ ) أو المطبوعات السياحية ، كما من الممكن إستقطاع رسوم زهيدة من الزائرين والسوّاح لتغطية بعض النفقات أو الطموحات المستقبلية وأنا واثق من أنّ د. الفاضل سعدي المالح وزملائه قد وضعوا نصب أعينهم هذه الملاحظات وربما قسم منها موجود فعلاً أو في طريقه الى التنفيذ.
فمِن خلال خبرتي البسيطة كسائحٍ وجدتُ من أنّ أكثر من سبعين في المئةِ من المواقعِ السياحيةِ لم تكن لِتُعرف على الرغمِ من أهميتها لولا فعالية الإعلام في تعريفها للجمهور وكمثال على ذلك جهل معظم السوّاح الأجانب لمواقعنا السياحية والأثرية على الرغمِ من أهميتها التاريخية مقارنة ً بالمواقع السياحية المصرية !! ولي ثقة كبيرة من أنّ د. المالح وجميع الأخوة المُهتمين بتراثنا لهم نظرة واسعة من أنّ الإعلام الآن بات الوسيلة الأنجع لتعريف العالم بتراثنا وحضارتنا وفولكلورنا وذلك من خلال التركيز على الوسائل الإعلامية والتي أصبحت في متناول الجميع بفضل الأنترنيت والأهم من ذلك هو إرسال رسالة من خلال تلك الصروح من أننا شعب لا يزال يحيا ولسنا شعب منقرض ومندثر كان له تاريخ قبل الآف السنين !! فهذا ما يعتقده العالم أجمع !!.
فتحية الى مدير عام الثقافة السريانية الدكتور سعدي المالح وزملائه والى كل مَنْ شارك بجهده الكبير في بناء هذا الصرح الشامخ، وتحية الى كلّ مَنْ تبرعَ بما لديه من نفائسِ تراثيةٍ أغنت هذا المتحف بموجوداته وأعطتهُ هويته الحقيقية، إذ عكست تلك المعروضات الجانب الحياتي والإنساني والإجتماعي الثري لشعبنا السرياني الموحّد بكل تسمياتهِ .
* في الحقيقة لم أستطع التحقق من الصورِ والتصريحاتِ التي نشرتها وسائل الإعلام عن عدد صالات العرض ومساحاتها، ولكن يبدو لي من بعض الصور من إنّ المتحف يتكون من طابقين، لِذا أتمنى من القائمين على إدارة المتحف توضيح هذا الأمر لأهميته.