Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

تخوفا من تعرضهم للخطف والابتزاز.. اغنياء الموصل يهجرون قصورهم

19/01/2006

الموصل /مكتب المدى

( ط . ع ) انفق 300 مليون دينار على بناء وتأثيث منزله ولكنه هجره بعد اسبوعين من تدشينه واستأجر شقة بسيطة في منطقة شعبية وتخلى عن ثلاث سيارات فارهة له ولاولاده بعد ان دفع مبلغ 30 الف دولار لجماعة هددته بخطفه او خطف احد افراد اسرته .

اغنياء الموصل في هذه الايام يظهرون زهدا حياتيا واضحا بسبب خشيتهم من تعرضهم لعمليات خطف وابتزار وهم يحاولون طرد العين الشريرة بمظاهر من الفقر وعدم الاكتراث ويتوجسون خيفة اذا ما فتح الله في رزقهم وظهرت النعمة واضحة عليهم .

عصابات الخطف والابتزاز هي الاكثر نشاطا هذه الايام في المدينة ، ومعدل الفدية المطلوبة هو ( 100 الف دولار ) واغنياء الموصل هم المستهدفون حيث تنشط مافيا تمتلك قدرة على متابعة نشاطات الاغنياء وجمع المعلومات التفصيلية عنهم وبالتالي ابتزازهم او تعرضهم لمحاولات اختطاف .

مصدر امني في قيادة شرطة نينوى قال:ان عمليات الخطف والابتزاز في تصاعد كبير وان الاجهزة الامنية سجلت 40 عملية خطف في شهر كانون الاول من عام 2005 وان نسبة كبيرة من عمليات الخطف والابتزاز لا يتم الابلاغ عنها وان المواطنين يقومون بدفع الفدية المطلوبة دون اللجوء الى الشرطة وهذا رفع نسبة الجريمة في المجتمع الى درجات عالية فالعصابات التي تقوم بهذا لا تجد من يردعها وهي تمارس عملا سهلا ويدر المكاسب الكبيرة وهو مضمون وغير خطر .

( أ . ن ) يبرر هذا بالقول : لاتوجد شرطة او اجهزة امنية بالمعنى المعروف . ان احدا لا يستطيع مجابهة هذه العصابات كما ان الوضع الامني المتردي في انهيار دائم والقبض بالمصادفة على مجرم او مجرمين هنا وهناك لايحل المشكلة كما ان اغلب الذين يقبض عليهم يتم اطلاق سراحهم لاحقا بسبب الفساد الذي ينخر الاجهزة الامنية التي بدورها تحسب الف حساب لهذه العصابات وتتعامل معها وفق مبدأ تبادل المصلحة والمنافع . لقد انتشرت الجريمة بشكل غير مسبوق في الاشهر القليلة الماضية والتطور الملحوظ ان احدا لا يقوم بسرقة المنازل او ان يمارس النشل البسيط في الاسواق والباصات فهذه الجرائم الصغيرة انقرضت وحلت محلها الجرائم الكبيرة جدا باسعار متفق عليها . هي اشبه بالبورصة والمواطن يرى الوضع وقد ازداد سوءا وهو في تدهور مستمر وكل المحاولات التي تبذل في ضبط الامن غير حقيقية ويشعر المواطن ان الاجهزة الامنية تعمل فقط لخدمة المسؤول وهي تحافظ على حياة المحافظ ومجلس المحافظة وعوائلهم فقط .

ضابط امني كبير رفض الكشف عن اسمه فند هذه الادعاءات واوضح لـ ( المدى ) : نحن نعاني من غياب الثقة بين الاجهزة الامنية والمواطن . وفي هذه الحالة لا يمكن اتهام الجهاز الامني كله بالفساد . ان ما يجعل الامر بهذه الصعوبة هو غياب المعلومة والمواطن يفضل حسم المسألة بابسط الطرق . ولكن عندما يطلب منا تنفيذ الواجب وتتوفر معلومات وافية فاننا نقوم بالتصدي للمجرمين .

الضابط الامني الكبير قال ايضا : هناك امثلة كثيرة حول هذا فقد وقع الخاطفون باخطاء مختلفة عندما قاموا بخطف مواطنين بسطاء ظنا منهم انهم اغنياء ويملكون المال وقد تم ابلاغ الشرطة حول تلك الحالات واثناء المساومة على مبلغ الفدية تمكنا من القبض على ثلاث عصابات وتحرير المخطوفين .

المثير في الامر ان الموصليين لا يشيرون الى التبدل اللافت للانتباه وهو ان عمليات الخطف والقتل كانت تجري باستار مختلفة وادعاءات تصب ضمن نشاطات الجماعات التي تتخذ لنفسها طابعا دينيا تتنكر به وان الجريمة قبل عام مثلا كانت ترتكب في الموصل باسماء وعناوين مختلفة وان اغلب تلك الجماعات تدعي انها تحفظ الحياة الاجتماعية وتديرها بطريقتها الخاصة محققة بذلك العدالة الاجتماعية وبالتالي فأن نسبة الجريمة ازدادت وان الشعارات الكبيرة مالبثت ان اختفت ووقع المواطن تحت نوع جديد من الارهاب .

استاذ جامعي معروف قال ان ظاهرة الخطف حالها حال الظواهر الاخرى التي تنخر البنية الاجتماعية والاقتصادية في البلاد وان الدولة مسؤولة عن هذا لأنها لا تملك تشجيع المواطن والتركيز على اهمية ابراز القوة نفسيا ومعنويا وتمتين العلاقة بين المواطن من جهة واجهزة الدولة من جهة اخرى وان الدولة لا تملك برنامجا يحارب الفساد ويشجع العناصر الشريفة ويقوي علاقة الدولة بالمواطن .

( س . م ) قال لـ (المدى) : انا تاجر ادوات احتياطية اضطررت الى تغيير سياراتي باخرى رخيصة الثمن وقديمة ولا ارتدي الملابس الغالية وبيتي بسيط جدا وانا اسكن في منطقة شعبية وذلك بسبب التخوف من عصابات الخطف والا بتزاز . احاول تعويض نفسي واسرتي بالسفر الى سوريا ومصر بين فترة واخرى . وردا على سؤال (المدى) حول ان كان هذا النهج قد عمل به مؤخرا ام انه محض طبع و قناعة ؛ فاجاب ( س ) : حاول اشخاص ابتزازي اكثر من مرة وهددوني بالخطف وانا بين الحين والاخر ادفع مبالغ كبيرة لاشخاص لقاء عدم تعرضي لمضايقات وقد غيرت موقع سكني اكثر من مرة وانا افكر الان في تصفية اعمالي في الموصل والهجرة الى بلد عربي .

الجريمة المنظمة غيرت من ديموغرافية الموصل فهناك مناطق تعاني من هذه الظاهرة بشكل ملحوظ دون سواها واغلب هذه العمليات تقع في الجانب الايسر الاكثر حداثة والاكثر غنى بينما تكاد هذه الظاهرة لا تبدو ملحوظة في الجانب الايمن حيث بيوت الموصل القديمة .

وائل المفتي ( من الاغنياء ) اوضح قائلا : الشباب اكثر بذخا ولكنهم اضطروا الى التنازل كثيرا في الاشهر الماضية خاصة ان اماكن اللهو تكاد تكون معدومة وهم لا يجدونها في مكان اخر كالعاصمة مثلا كما كان يحدث في السابق وهم الان اكثر اتزانا بسبب ظاهرة الخطف المنتشرة في المدينة بشكل غير مسبوق . واضاف : العوائل الغنية تبذخ كثيرا على العزائم والمناسبات وهي تحاول التكتم على هذا وباتت تسافر كثيرا وجهة السفر غالبا ما تكون سوريا فهناك تجدهم اكثر بذخا وهذا الامر مثار اهتمام واحترام السوريين في حلب ودمشق . انهم يستقبلون الموصليين بالترحاب ويرتبطون معهم بعلاقات متينة .

جيل الاباء والامهات من الاغنياء يحرصون كما قال ( م . ص ) على الحذر الشديد . واضاف : اننا الان نعمل من اجل توفير نسبة عالية من التأمين الحياتي وهذا التأمين يندرج في اننا نتغذى بشكل جيد ونعلم ان ما نأكله ونشربه هو صحي ونظيف ويجنبنا المرض .

هذا الزهد اذا جاز لنا الظن هو ايضا نهاية المطاف بالنسبة لـ ( م . ك ) الذي قال : انا صناعي وعشت احلم بتطوير معملي وتحديثه والعمل على متابعة المستجدات العالمية وكنت اهدف في عملي الى الوصول الى هذه الغاية واليوم املك المقدرة المادية لهذا ولكنني لا اجد في نفسي الرغبة لفعل اي شيء حتى انني في لحظات كثيرة لا ارغب في تحريك عضلة واحدة في جسدي فقد اصبت بالعجز النفسي التام بعد ان قتلوا ابني .. فعلوا ذلك رغم انني دفعت لقاء اطلاقه 200 الف دولار وكنت على استعداد لدفع اضعاف هذا المبلغ وكل ما املك ولكنهم اخذوا المبلغ وقتلوه علما انني سلمت المبلغ لهم بعد ساعة واحدة على خطفه . لست حالة نادرة ولكن الموضوع اذا نظرت اليه من كل الجوانب فانك ستعذرني و ستجد ان من حقي ان لا احترم اي شيء حتى وان كان هذا الشيء هو وطني . Opinions