Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

تذكار مار كيوركيس الشهيد " مار جرجس "

القراءات الطقسية: القراءة الأولى: أعمال الرسل 12 / 1 _ 24 في ذلك الوقت قبض الملك . . . القراءة الثانية: 2 قورنتس 12 / 1 _ 14 ألا بد من الافتخار؟ إنه لا خير . . . القراءة الثالثة: متى 10 / 37 _ 42 من أحب أباه أو أمه أكثر مما يحبني . . . + متى 16 / 24 _ 27 ثم قال يسوع لتلاميذه: من أراد أن . . . + متى 19 / 27 _ 30 فقال له بطرس: ها قد تركنا نحن . . . مار كيوركيس: ولد في مدينة اللد من أعمال فلسطين سنة 280. وكان أبوه من أصحاب الغنى والشهرة الاجتماعية. إلا أن التقوى والأخلاق المسيحية السامية كانت الزينة الكبرى التي تتلألأ في بيتهم. واستقدم الإمبراطور ديوكليسيانس والده ليضمه إلى حاشيته في نيقوميدية العاصمة الشرقية. فغادر بيته تاركاً تربية ابنه لعناية الوالدة. فقامت بواجبها خير قيام، وربت طفلها على المبادئ المسيحية. وما أن شب كيوركيس حتى توفي والده، فتركه يتيماً وحيداً، وترك والدته شابة حسناء في مقتبل العمر ووفرة الغنى. لكن تلك المرأة الفاضلة آلت على نفسها ألا تعرف شيئاً من نعيم الدنيا بعد زواجها، سوى إكمال تربية ولدها وتعليمه وتهذيب أخلاقه. فكافأها الرب بأن منحها ولداً أضحى إمام الشهداء، ومجد بلاده، وشفيع الكنيسة جمعاء. وما أن بلغ كيوركيس السابعة عشرة من عمره حتى دخل في سلك الجندية. فشاهده الإمبراطور ديوكليسيانس يوماً ممتطياً صهوة جواده، عالي القامة، بهي الطلعة، حاد النظرات. فاستدعاه وكلمه، فوجده لطيف الحديث كثير الأدب. فأحبه وأدخله في فرقة الحرس الملكي. وذكر ما كان لأبيه من الخدمات السالفة أمامه، فرقاه وجعله قائد ألف. فلم يكن بين القواد الرومانيين الفرسان من كان أجمل منظراً، وأعدل قواماً، وأشد حماسة من ذلك الفارس المسيحي. وسار ديوكليسيانس على منهاج من تقدمه من الملوك، فأخذ يضطهد المسيحيين ويذيقهم من صنوف العذابات أمرّها. فجرت الدماء كالأنهار في جميع الأمصار. فغضب كيوركيس لما صارت إليه حال المؤمنين، وما نزل بهم من الظلم. فبدأ يجاهر بلوم الإمبراطور، غير هياَّب ولا حاسب لغضب ذلك العاتي حساباً. فنصحه رفاقه أن يقلع عن ذلك، خوفاً من أن يحل به ما حل بغيره من سخط ذلك الجبار المستبد. أما كيوركيس فلم يعبأ بكلامهم، بل أزداد حماسة وانتصاراً لإخوانه في السر والعلانية. وعرف كيوركيس أن لا بد له من الوقوع بين يدي ذلك الظالم. لكن عزة نفسه أبت عليه إلا أن يجاهر بإيمانه وينتصر لإخوانه، ولو ناله من ذلك العذاب الشديد والموت الرهيب. وأخذت نفسه الشابة الوثابة تتغنى بعذوبة الاستشهاد، وحلاوة الموت حباً بالمسيح. وكان إذ ذاك ابن عشرين سنة فقط. ومن ثم جمع أمواله الكثيرة فوزعها على المساكين، واعتق من كان عنده من العبيد، وأخذ يستعد بالصلاة للموت القريب. ثم دخل على الإمبراطور، وأخذ يدافع بحماسة أمامه عن المسيحيين وعن معتقداتهم، ويدحض بجرأة ما ينسب إليهم من الافتراءات ظلماً وعدواناً. وطلب إلى الإمبراطور أن يترك لهم الحرية يتمتعون بها نظير سائر البشر. فغضب الإمبراطور من تلك الجرأة. لكنه كظم غيظه، مأخوذاً بسحر كيوركيس وفتنة كلامه. فقال له بهدوء: " أيها الشاب كن حريصاً على مستقبلك ". فأراد كيوركيس أن يجيب عن ذلك الكلام. فاستشاط الإمبراطور غضباً، وأمر الجند أن يجردوه من سلاحه ويقودوه إلى السجن ويعذبوه. فاقتادوه إلى سجن مظلم، وهناك أخذوا ينكلون به. فأوثقوا رجليه وشدوهما بالحبال، وجعلوا على صدره حجراً عظيماً، وتركوه هكذا مطروحاً على الحضيض. لكن الشهيد البطل أخذ يسبح الله، ويعظم قدرة المسيح الملك. وهكذا قضى الليل يصلي ويترنم بأمجاد الرب يسوع. وفي الصباح استقدمه الملك، آملاً أن تكون تلك العذابات والإهانة الفظيعة قد كبحت حماسته، وهدأت ثورته، وأعادته إلى رشده. لكن كيوركيس مثل أمام الملك وظهر أشد صلابة وأكثر جرأة. فأمر الملك أن يوضع على دولاب كله مسامير، ثم أدير ذلك الدولاب بعنف. فتناثرت لحمان كيوركيس وتمزق جسده، وتشوه وجهه الرائع الجمال وتخضب بالدم. وفارت الدماء كالينابيع من كل أعضائه. لكنه احتمل ذلك العذاب بصبر وجلد، ولم يتأوه ولم يسمع له أنين. وبينما هو غائص في بحر تلك الآلام، طرق أذنيه صوت سماوي يقول له: " يا كيوركيس لا تخف لأني معك ". وظهر له بغتة رجل ينبعث منه نور، وعليه لباس أبيض، فعانقه وقبله وشجعه. فتقوَّى كيوركيس وأظهر ثباتاً وبأساً. فشدد الجند في عذابه. ولكن لم تخر عزيمته، بل بقي صابراً لا يئن ولا يتأوه، بل يسبح الله ويمجده. فلما رأى الحاضرون من الوثنيين تلك الشجاعة النادرة، آمن كثيرون منهم بالمسيح ونالوا إكليل الشهادة. أما الإمبراطور فقد أكبر في ذلك الشاب تلك الشجاعة الفائقة، وعزّ عليه أن يخسر قائد حرسه الهمام وابن صديقه القديم، فعمل على خلاصه. فأمر أن تضمد جراحه. ثم أتى به إلى حضرته، وأخذ يلاطفه ويتملقه بالوعود الأخاذة، لكي يثنيه عن عزمه ويحمله على الرجوع عما كان يظنه فيه عناداً ومكابرة. فتظاهر كيوركيس بالإقناع، وطلب إلى الملك أن يسمح له فيذهب إلى معبد الأوثان ويرى الآلهة. ففرح الإمبراطور لظنه أن كيوركيس قد عاد إلى صوابه، وقبِل أن يكفر بدين المسيح. وأراد أن يكون انتحال كيوركيس للوثنية علنياً باحتفال مهيب. فجمع مجلس الأعيان وجمهور الشعب، ليحضروا تقديم القربان للإله " أبولون " من يد كيوركيس. فاجتمعوا وذهبوا إلى معبد رئيس آلهة المملكة، فغصَّ المعبد بألوف القادمين. واستعد الكهنة، ولبسوا الحلل الذهبية، ووقفوا ينتظرون. فجاء كيوركيس ورأسه معصوب، ويداه ملفوفتان بلفائف. فتقدم إلى تمثال أبولون وتفرس فيه، ثم رسم على نفسه إشارة الصليب، وخاطب الصنم وقال له: " أتريد أن أقدم لك الذبائح كأنك إله السماء والأرض؟ ". فخرج صوت من أحشاء الصنم يقول: " إنني لست إلهاً. بل الإله هو الذي أنت تعبده ". وفي الحال سقط ذلك الصنم على الأرض، وسقطت معه سائر الأصنام، فتحطمت جميعها. وخرجت من الأرض ومن الجدران أصوات منكرة هائلة أذعرت الحاضرين، فجمد الدم في عروقهم من شدة ما استولى عليهم من الخوف والهلع. فصاح الكهنة: " إن كيوركيس بفعل سحره الشيطاني قد حطم آلهتنا. فالموت الموت لهذا الساحر ". فثار الشعب على كيوركيس وكاد يمزقه لو لم يتداركه الجند ويخرجوه من بينهم. فأمر الملك أن يقطع رأسه ليهدئ بذلك ثائرة الشعب. فركع كيوركيس وشخص إلى السماء وصلى. ثم حنى رأسه أمام السياف وتلقى بخشوع وقع السيف. فطارت تلك النفس الفتية الزكية إلى الأخدار السماوية، لتنعم مع طغمات جنود المسيح الملك. وكان ذلك سنة 303. وبعد استشهاده أخذ المؤمنون يكرمونه ويستشفعونه. وبدأ الرسامون يمثلونه بصورة فارس مغوار، جميل الطلعة، عالي القامة، يطعن برمحه تنيناً هائلاً، ويدوسه بسنابك حصانه، وهكذا يخلص ابنة الملك من براثينه. وترى تلك الأميرة واقفة مرتعدة خائفة من التنين، وأبواها يشرفان عليها من فوق الأسوار، ويمجدان بطولة كيوركيس، ويتهللان خلاص ابنتهما المحبوبة. إلا أن هذه الحكاية ليست رواية واقعية، بل هي رمزية. ومعناها أن كيوركيس الفارس البطل والشهيد العظيم، قد انتصر على الشيطان وهدّأ روع الكنيسة الممثلة بابنة الملك. وكثرت عجائب القديس مار كيوركيس في طول البلاد وعرضها، حتى قامت الشعوب والأفراد تتسابق إلى إكرامه، وتشييد الكنائس على اسمه، وإقامة المذابح اعترافاً بالجميل لعظيم شفاعته. فالكنيسة الكاثوليكية تصلي إليه وتعدّه " نصير الكنيسة الجامعة في الملمات ". وتسميه الكنيسة البيزنطية " العظيم في الشهداء ". وكانت المملكة البيزنطية في ما مضى قد اتخذته شفيعاً لها في الحروب، ونسبت إلى شفاعته انتصارات باهرة. وكان الملك يستنيانس قد بنى على اسمه كنيسة فخمة في مدينة اللد مسقط رأسه. وامتازت مدينة القسطنطينية بإكرامه، فكان فيها خمس كنائس على اسمه. وقد بنى الملك قسطنطين أول هذه الكنائس. ويكرمه الإنكليز إكراماً عظيماً. وقد اتخذته المملكة شفيعاً لها، ودعي كثير من الملوك باسمه. وظهر يوماً للملك ريكردوس الأول في حروبه ونصره على أعدائه، فانتشرت عبادته في كل بلاد انكلترا. وأمر المجمع الإنكليزي العام الملتئم في أكسفورد سنة 1222 أن يكون عيده إلزامياً في كل بلاد انكلترا. وجعله الملك أدوار الثالث الشفيع الأكبر لفرقة حاملي وسام " ربطة الساق " وهو أرفع وسام عند الإنكليز. وامتازت بلاد فرنسا بعبادته وإكرامه. فقد شادت القديسة كلوتلدا امرأة ملك الفرنجة كلوفيس هياكل وكنائس عديدة على اسمه. وهو شفيع لكثير من المدن والقرى في فرنسا. واتخذته جمهورية جنوى في إيطاليا شفيعها الأول والأكبر. وأنشأت جمهورية البندقية رهبانية عسكرية على اسمه. أما كنيسة المشرق فتدعوه " مار كيوركيس الشهيد المظفر ". وقد شيدت على اسمه كنائس وأديرة ومزارات في العديد من المدن والقرى التي يتواجد فيها أبناء هذه الكنيسة. ويجتمع الشعب من كل حدب وصوب يوم تذكاره في الكنائس والمزارات المكرسة على اسمه، ليحتفلوا معاً بهذه المناسبة المقدسة، ويضرعوا إلى الرب بشفاعته لينالوا النعم والبركات. ومن بعد الاحتفال يتقاسمون معاً الأكلة الشعبية المعروفة بـ " الهريسة " التي تحضر خصيصاً في يوم تذكاره. ويضم طقس الصباح والمساء في كنيسة المشرق، فرضاً خاصاً بالشهداء يتلى على مدار أيام الأسبوع، ما عدا يوم الأحد. ويضم هذا الفرض صباح مساء كل يوم مقطعاً يتغنى بجهاد الشهيد مار كيوركيس المظفر، وفيما يلي هذه المقاطع: مساء " رمشا " الاثنين : " أطلب من الرب وصلي أمامه: أطلب من ربك أيها الشهيد كيوركيس. الحنان والرحمة ومغفرة الخطايا ". صباح " صبرا " الاثنين: " صدّيقٌ وعادل: صلاة الشهيد كيوركيس. تصبح لنا سوراً عالياً. ترد سهام الشرير. فلا يؤذينا رمح. عدونا البغيض. الذي يريد هلاكنا ". مساء " رمشا " الثلاثاء: " صغاراً وكباراً: نلتجئ إلى مار كيوركيس. لكي بقوة صلاته. يمهد الرب دربنا. ويخفف أحمالنا ". صباح " صبرا " الثلاثاء: " يشفي كسيري القلب ويعصب أوجاعهم: أصبحت طبيباً يا مار كيوركيس. من دون أدوية وعقاقير. فكل من يلتجئ إليك. ينال بصلواتك الشفاء ". مساء " رمشا " الأربعاء: " الرب يعطي قوة لشعبه: تلك القوة المجاهدة. بها ظفر الشهيد مار كيوركيس. لتكن لنا حارساً. من الشرير وأعوانه ". صباح " صبرا " الأربعاء: " منظره أجمل من البشر: كغصنٍ جميل وزيتونة بهية. مار كيوركيس محب المسيح. بالتواضع وحب سيدك. أحنيت كتفيك وحملت الصليب ". مساء " رمشا " الخميس: " من شعب بلا رحمة: آلام قاسية وعذابات مرَّة. وأنواعاً من الموت. تحمل الشهيد القديس. مار كيوركيس المظفر. من أجل حبه للمسيح. الذي أحبه وفداه. مبارك الذي كلل الشهيد بانتصاره ". صباح " صبرا " الخميس: " في السماء وعلى الأرض: جسدك هنا. وروحك في السماء. أيها الشهيد كيوركيس. أطلب الرحمة من لدن سيدك ". مساء " رمشا " الجمعة: " تقلد السيف أيها الجبار: أيها الباسل مار كيوركيس. احتقرت الموت والسيف. والعذابات المتنوعة. المرعبة والقاسية. وصنعت القوات والمعجزات. وأعدت الناس للحق. مباركاً الذي نصرك. بقوته غلبت الضلال ". صباح " صبرا " الجمعة: " فرحوا وأنشدوا وسبحوا: بفرح اسلم نفسه لأنواع الآلام مار كيوركيس. لأنه سمع بولس الرسول يقول. أن آلام هذا الدهر. لا تقاس بالمجد الذي سوف نرثه في اليوم الأخير. فمن ينجح بأعماله. يرث الحياة مع الأبرار ". مساء " رمشا " السبت: " طوباك وطوبى لنفسك: طوبى لروحك أيها الشهيد كيوركيس. لقد أرضيت الرب خلال حياتك في هذا العالم. ونلت أجور أعمالك. مع القديسين في الملكوت ". صباح " صبرا " السبت: " طوباك وطوبى لنفسك: طوبى لروحك أيها الشهيد كيوركيس. مع الملائكة تسكن في السماء ". وتحتفل كنيسة المشرق بتذكاره يوم 24 نيسان من كل سنة. ويضم فرض الصلاة طقساً بديعاً، يتغنى ببطولة هذا الشهيد المظفر، ويرنم بأجمل الألحان. نذكر مقاطع من هذا الفرض: فرض المساء: " أعماله بلا لوم: الشهيد القديس كيوركيس. قبل الشهادة من أجل سيده. تضرع من المسيح من أجل الكنيسة وأبنائها. ليكونوا بمحبة وسلام ووئام ". وأيضاُ: " أطلب من الرب وصلي أمامه: أيها الشهيد كيوركيس أطلب الرحمة. من سيدك نبع المعونات. لينشر في الكنيسة السلام والأمان. بصلواتك إلى الأبد ". وخلال القداس ترتل هذه المقاطع: " ليعطيك الرب حسب قلبك: مار كيوركيس الطوباوي. الشهيد البهي والقديس. أرتضى الموت من أجل سيده. وأنتصر على إساءات وخداع الأشرار. بقوة الصليب ". وأيضاً: " تعالوا نسبح الرب: كلنا بالتقوى نكرم باجتهاد. في يوم تذكار. الشهيد البهي والقديس. مار كيوركيس المظفر. الذي أصبح ذبيحة لله. وقرباناً نقياً لسيده. لتحل علينا المراحم بصلواته ". وأيضاً: " طوبى لروحك أيها الشهيد البهي. الشهير والطاهر مار كيوركيس. لقد أسلمت نفسك لكل المحن. من أجل حبك للمسيح الملك. وها نحتفل بتذكارك. في جميع الكنائس بأصوات المجد. هللويا ". وتحتفل كنيسة المشرق بتذكار مار كيوركيس في 24 نيسان كل سنة.



Opinions