ترسـيخ الوحـدة القـوميـة يسـتوجب مـراعـاة الواقـع
تشـكل جهـود ترسـيخ وحـدة شـعبنا ( الكلداني الآشوري السرياني ) والإتـفـاق علـى إسـمه الرسـمي الموحـد ، قضـية ملحـة في المرحلـة الحاسـمة الراهنـة والمصـيرية ، مـا يتطلـب التـعامـل معـها بحكمـة سـديدة ، مـن أجـل عـدم إضـاعة أي فرصـة مهمـا كانـت مقاديـر الإيجابيـة التي يـُمكن الحصـول عليـها منـها ، فالمكاسـب تـؤخذ شـيئا فشـيئا ، إذا تعـذر نيلـها دفعـة واحـدة .وليـس خافيـا ، أنـه عـلى رغـم إيمـان كافـة أطـراف شـعبـنا بأنـه شـعب واحـد في واقـع التـأريخ والحقـائق اللغـويـة والإجتمـاعية والجغرافيـة والمصـير ، إلا أن تجسـيد هـذا الإيمـان بإسـم رسـمي واحـد ينهـي مشـكلة التـجاذبات لايـزال يواجـه مشـكلات صعبـة ، بسـبب الإنقسـامات المتوارثـة والأسـماء المتعـددة المتـداولة ، والتـي هـي في حقيقـتها تداعيـات حديثـة العـهد نسـبيا ، امتـدت في مجـالات الحيـاة المختلفـة لأسـباب وظـروف خاصـة ، وألحقـت أضـرارا فادحـة بـأسـس الرابطـة القوميـة لشـعبنا ، وبحيـث تعـددت الأصـوات المنبثـقة عـن هذا الشـعب وتـباين شـكلها عـند عـرض مطاليـبه لتـثبيتها رسـميا في القوانيـن الوطنيـة العراقيـة والإقليـمية . . وقـد زادت الأمـور تعـقيدا بعـدما اختـلطت المصـالح السـياسية للعـديد مـن تنـظيمات شـعبنا بالشـؤون المذهبيـة الدينـية واشـكالات تـفسـيراتها وارتبـاطاتها بالأسـماء التـأريخية المماثلـة .
وإزاء هـذا الوضـع ، فـإن مصـالح الشـعب ( الكلداني الآشوري السرياني ) وحقوقـه ، هـي مـن مهمـات أطـراف هـذا الشـعب نفسـه ، إذ بالقـدر الـذي يبـدو موحـدا في كلمتـه ومتـفقا في مطالبـه تكـون اسـتجابة الآخـرين لـه ، ومـا الإخفـاقات التـي مـُني بـها في تثـبيت حقـوقه الدسـتورية والإجتماعيـة ، إلاّ إنعكاسـا لحـال تبايـن المواقـف في شـأن الأطـر والتسـمية التـي يقـتضي أن تـقوم على أسـسها الحقـوق اللازمـة . . إذ كثيـرا مـا يسـأل الآخـرون عـند عـرض المطالـب عليـهم : هـل اتـفـقـتم بيـنكم ؟ ! منـكم الإتفـاق ومـنّـا الإسـتجابة . . إذن نحـن نتحمـل المسـؤولية وليس أحـد غيـرنا .
واتسـمت مواقـف زعـامات شـعبنا بالتـباين بيـن الإيجابيـة والسـلبية . . فالأطـراف التي تـتعامل مع القضـية بمنظـور الواقـع الراهـن ، إلـتزمت الإيجابيـة المتسـمة بالتـصرف الفعـال وتـقديـم التـنازلات التـي تـوفر أجـواء الإتـفاق النجـاح ، في حيـن أن السـلبية التي يغـلب عليـها التحـدي والإصـرار على الرأي والمقاطعـة الإبتـعادية عـن أطـراف أخـرى ، مهـما كانـت أسـبابها وتبـريراتها ، فهـي تسـبب في ضـياع فـرص التـفاهم وتـترك الأمـور في خضـم حـال : إمـّا كـل شـئ أو لاشـئ . . ومفـهوم لاشـئ يقـود إلى الخسـارة الكاملـة وربمـا الإنتكاسـة أيضـا ، وتتحمـل مسـؤولية ذلـك الأطـراف التـي تـتعمد المقـاطعة ، لأن الأجـدى بـها أن تحضـر وتشـارك وتطـرح آراءهـا فقـد تـقنع الآخـرين فـي آرائـها أو يقـنعها الآخـرون بـرأيـهم ، أو تتـقارب وجهـات النظـر لحـل توفيقـي يـذلل المصـاعب ويفـتح السـبل الممكنـة لهـدف الإتفـاق ، وهـنا لسـنا في حاجـة إلى توجيـه الإتهـامات إلى جهـات معيـنة وإدراج الأسـماء ، لأنـنا نتـوخى مـن هـذا الموضـوع الحديـث بلغـة المصلحـة العـامة .
إنّ دروس السـنوات الأخيـرة ، تمنحنـا الكثيـر مـن العـبر ، فقـد جـرت محـاولات لترسـيخ شـمل شـعبنا ووحـدة اسـمه ، لكنـها واجهـت عقـبات أدت إلى اضمحـلال الإتفـاق في شـأن قـراراتها ، مـا أسـفر عـن تمسـك أطـراف بـها إلى حـد الإصـرار عليـها ، وانصـراف أخـرى عنـها واسـتمرارها في التـشـبث بالتسـميات العـدة المتـداولة ، وهـنا تـولدت القـناعـة لـدى قطـاع واسـع من شـعبنا بـأن الأسـلم في ردم الهـاوية هـو في ذكـر الأسـماء الثـلاثة الرئيسـية المتـداولة ( كـلداني آشـوري سـرياني ) على رغـم إشـكالات نوعـها في الإسـم الموحـد والآراء المتـباينة في شـأن قوميـة كل التسـميات الواردة فيـه ، لكـن السـبيل يصـبح مقـبولا مـادام الوسـيلة الأكثـر إتاحـة للإتـفاق الـذي هـو الهـدف الأسـمى لتـطويق التـشـتت الـذي سـبـبته العـهود العجـاف .
إن المهـم لـدى القطـاع الأوسـع مـن شـعبنا ، هـو ملازمـة الموضـوعية تجـاه كـل الأطـراف وتجـنب الإنحيـاز لأي منـها ، لأن الصـوت السـاعي للإتفـاق هـو الأكثـر فعـالية في جمـع شـمل الأطـراف ووضـع أسـس التـفاهم بيـنها ، وذلـك مـع ثـقـتنا بـأن كـل فـرد مـن شـعبنا لـه رأيـه وقـناعاته التـي يعـتز بـها ، ولكـن المصلحـة العـامة والقضـايا المصيـرية تهـون معـها الآراء والقـناعات الخاصـة ، مـادامت تـوفر الفرصـة لتـعزيز الوحـدة وترسـيخها والسـلامة العـامة لشـعبنا بكـل إنتـماءات أفـراده وتصـون مصـير الأحفاد كقـوم متميـز يعتـرف الآخـرون بوجـوده وخصـوصياته المتـميزة .
وفـي كـل الأحـوال فـإن تجـارب الأحـداث أكـدت ، أن أبنـاء شـعبنا ، مهـما اختـلفوا بيـنهم ، فـإنه لـن يسـودهم العـداء لأنـهم ينتـمون إلى عائلـة متـوارثـة واحـدة بكـل خصوصـياتها ، وقـوة أي عائلـة وعـلو شـأنها ونفـوذ صـوتـها ، هـي إنعكـاس لمـدى الإحتـرام المتـبادل بيـن أفرادهـا وتوحـدهم بـأتجـاه كـل مـافيـه الخيـر والصـلاح . . ولاخيـر وصـلاح لشـعبنا اليـوم أفضـل مـن تكاتـفه وإعـلاء شـأنه بتـرسـيخ وحـدته وضمـان سـلامة مصـيره . .