تركة ثقيلة وملفات خطيرة تنتظر البطريرك الكلداني الجديد؟
جامعة يونشوبنك – السويد
كثر الحديث عن كنيسة المشرق الكلدانية بصورة عامة وسينودسها القادم بصورة خاصة. وكلما زاد الحديث لا سيما الإنتقاد والهجوم، زادت مؤسسة الكنيسة الكلدانية صمتا وكأن النقد لا يخصها، وكأن الأمور التنظيمية والمؤسساتية لا شائبة فيها وأن الأحوال على أحسن ما يرام.
لم تتعرض مؤسسة كنسية مشرقية عراقية إلى نقد وهجوم كالذي تعرضت له مؤسسة الكنيسة الكلدانية. وهذا حدث منذ أن بدأتُ كتابة سلسلة مقالات أنتقد فيها بعض الممارسات المؤسساتية قبل أكثر من أربع سنوات.
بيد أن المؤسسة هذه يبدو أنها ليست في سبات بل في غيبوبة سريرية حيث تعاظم النقد والهجوم من قبل كتاب وزملاء كلدان أخرين وأتى النقد حتى من رجال دين كلدان وهي لم تحرك ساكنا. وأنا أقول مؤسسة لأنه لا يجوز ربط الماديات والدنيوات بالإلهيات والسماويات. والنقد حتى الأن كان في الإطار المادي والدنيوي والسياسي والتنظيمي والطقسي والليتورجي وغيره من مسائل تنظيمية التي لا علاقة لها برسالة السماء التي هي الإنجيل والروح القدس. ورسالة السماء ليست ملك رجل الدين مهما علا شأنه ومقامه. هي ملكنا جميعا.
ومن هذا المنطلق أسرد هنا بعض الملفات المؤسساتية الخطيرة التي أمل أن ينظر فيها بجدية السينودس القادم والبطريرك الجديد. هذه الملفات جزء من تركة مؤسساتية أثقل من أن يتحملها جبل ولهذا ليكن الله في عون أي بطريرك كلداني سيتم إنتخابه.
الملف الأول: خطاب الهرطقة او التكفير
هذا الملف من أخطر الملفات لأنه يؤشر إلى تسيب وفلتان ليس على المستوى المؤسساتي بل على المستوى الإيماني والعقائدي. هناك أبرشية كلدانية في المهجر تبث من خلال موقعها الذي يشرف عليه رجال دين ومنهم من بدرجة الأسقفية خطاب يدعو إلى الكراهية وتكفير وهرطقة الأخر. الأخر ليس من دين أخر – وعذرا لأن حتى هذا لا يجوز – بل المسيحي من مذهب أخر.
بأي حق تصف هذه الأبرشية أتباع الكنيسة السريانية الأرثذوكسية وكنيسة المشرق الأشورية والقديمة بالهراطقة ومن الذين يؤمنون او يتبعون البدع الهرطوقية (أنظر الروابط أدناه). من كان يصدق أن تصل أبرشية كلدانية إلى هذا المستوى من الكراهية والبغضاء لأتباع مذاهب شقيقة نشترك معها بأدب كنسي واحد وعقيدة واحدة هي المسيح وإنجيله؟ من أوصلنا إلى هذا الحضيض؟ أي إنجيل يعلمكم هذا؟ ويبدو أن خطاب الكراهية هذا إقتحم كتابات بعض الزملاء الكلدان الأخرين وصار جزءا من أسلوب الكرازات لبعض الكهنة ولا نريد الإسترسال خشية الشخصنة ونحن شعب صغير ولكن نرى اليوم عزوفا عن كنيستنا الكلدانية من أغلب الذين لهم علاقات قرابة مع السريان الأرثذوكس او أتباع كنيسة المشرق بفرعيها الأشوري والقديم لأن بعض الكهنة بدأ يردد ما تجتره هذه الأبرشية من خطاب الفتنة والتحريض.
هذا موقع لبث الكراهية والبغضاء. أظن أن هذا هو الموقع المسيحي الوحيد الذي يستخدم كلمات مقدسة لدى الأخرين بصورة نابية حيث تكثر فيه مصطلحات مثل "اليعاقبة والنساطرة" ويصوغها أصحابها بطرق تثير الإستهزاء والإستهجان بمعتقدات الأخرين بطرق ماكرة وينسى المشرفون على الموقع و لا سيما المسؤول الأول أن جده كان نسطوريا بالمفهوم الذي يذكره وان كنيسة المشرق مدينة ليعقوب ونسطورس وأن الإستهزاء بهم بهذا الشكل – وأستغفر الله – يعني الإستهزاء بفصله وأصله وهويته وأدبه الكنسي برمته.
ولا يجوز القول إن المقالات تعبر عن أراء كتابها لأن هذا الموقع من المواقع الإستثنائية الذي لا يقبل الرأي الأخر. أي أن المشرفين عليه ينتقون بعناية فائقة كتابات بغيضة كهذه ويرفضون نشر ما لا يرونه موائما لمنطلقاتهم وتوجهاتهم الإستقصائية والتكفيرية.
وقد أتصل بي بعض الأخوان وهم يطلبون مساعدتي لمقاضاة الموقع والأبرشية المشرفة عليه حسب القوانين الأمريكية التي لا تسمح ببث الكراهية في الإعلام ولا تقبل وصف معتقدات الأخرين بالبدع والهرطقة ولكنني نصحتهم بالتريث حتى إنعقاد السينودس وإنتخاب البطريرك الجديد عسى ولعل يضع حدا لممارسات بغيضة كهذه ويعاقب أصحابها والمشرفين عليها.
الملف الثاني: الشفافية
الشفافية تعني، كما يقول الإنجيل، عدم إخفاء الشمس بالغربال ومحاربة الكتمان والأسرار. وأحد أسباب الكم الهائل من النقد الذي تواجهه هذه المؤسسة متعلق بغياب الشفافية – أي ان القاعدة لا تصدق ما يقوله الأفراد في القمة من الناحية المؤسساتية وأن القمة لا تعترف أساسا بوجود القاعدة ولهذا لا صدى لصوت المؤمنين ولما يكتبونه. هناك طمر لكثير من الحقائق المتعلقة بالتاريخ القريب وما حدث مؤخرا.
والشفافية اليوم صارت معيارا بواسطته نحكم على أي مؤسسة او منظمة او حكومة بالفشل او النجاح. وأخر ضربة للشفافية أتت عندما وضعتنا هذه المؤسسة امام قرار تنظيمي قيل فيه إن البطريرك عمانوئيل دلي قدم إستقالته بمحض إرادته وكُتب ما كُتب عن هذا الإجراء الإداري. الإستقالة في تسلسل بطاركة كنيسة المشرق بهذا الشكل سابقة لم يذكرالتاريخ لنا لها مثيلا. والطريقة التي نُقلت فيه إلينا لا سيما أنها أتت خلال زيارة مسؤول فاتيكاني رفيع تجعل صحفي إستقصائي مثلي يثير علامات إستفهام كبيرة على ما جرى وعلى أن البطريرك ربما لم يقدم إستقالته بمحض إرادته.
الملف الثالث: ماذ حلّ بملايين الكلدان في الهند؟
يريد بعض الزملاء الكلدان ان تقف المؤسسة الكنسية بجانب رؤيتهم السياسية والقومية. هذا رأيهم ولهم كل الحق في التعبير عن ذلك. ولكن كيف لهذه المؤسسة ان تحمينا نحن الكلدان ومعنا هويتنا – لغتنا – وهي او بعض أعضائها البارزين تركوا ملايين الكلدان في الهند وغيرها في العراء كي تنهش فيهم أنياب مؤسسة كنسية أخرى؟
المأساة التي حدثت في الهند وبحق الكلدان بالذات ترقى في بعض تفاصيلها إلى جريمة ضد الإنسانية. وأذكر أن أخر إتصال رسمي لنا مع أشقائنا الكلدان في الهند الذين يتجاوز عددهم 10 ملايين كان في منتصف الستينات. وكنت عندئذ تلميذا في دير الرهبنة الهرمزدية الكلدانية وكان الأباء الكلدان من الهنود يعملون في معهد شمعون الصفا في أسيا (الدورة). وكان هؤلاء الأباء يزوروننا بإستمرار لأن الدير كان قريبا من المعهد وكنا نتحدث معهم بالسريانية الفصحى. وأستقيت منهم ومن خلال مطالعاتي معلومات عما فعلته بهم مؤسسة الكنيسة الغربية الإستعمارية ما يوقف شعر الرأس.
وكنت أنا التلميذ الذي يخدم رئاسة الدير من غسل وتنظيف وتقديم الشاي والقهوة (وهذا شرف) لا سيما للمطران الراهب أبلحد ربان والقس الراهب هرمز شلال الذي لم أرى متبحرا مثله بالسريانية. وكان يزورنا مرارا البطريرك الراحل بولس شيخو الذي كان من خلال أقواله يظهر ألما شديدا لما حدث للكلدان في الهند ويظهر إمتعاظه من تدخل مؤسسة الكنسية الغربية في شؤونه وقرارها بقطع كل علاقة له مع الهند مع العلم أنها كانت تابعة لكرسي البطريركية الكلدانية لأكثر من 1500 سنة.
اليوم بدلا من صب جام غضبنا على إخوة وأشقاء لنا في الهوية والقومية واللغة والدين والأدب الكنسي من "اليعاقبة والنساطرة" كما تفعل الأبرشية الكلدانية العتيدة في المهجر علينا المطالبة بحقنا ليس في الهند فقط بل وفي كل أرجاء المعمورة حيث تم سلب وإغتصاب ما بنته هذه الكنيسة بأنهار من دم شهدائها. نريد كشفا عن الذين قاوموا من البطاركة والمطارنة بطش الكنسية الغربية الإستعمارية بأشقائنا والذين تواطؤا والبعض من الذي سيحضر السينودس كان شاهدا على ذلك.
الكلداني الذي يملك ذرة من الغيرة على هويته القومية او الكنسية علماني او إكليريكي لا يمكن أن ينسى ما حل بالكلدان في الهند وغيرها ولا يمكن له إلا أن يدين بأقس العبارات الممكنة الذين فعلوا بنا كل هذه الجرائم. لا أعلم كيف بمقدور أي كلداني التحدث عن الهوية كنسية كانت او قومية وهو لا يكترث لمأساة كبيرة حلت بنا على أيدي مؤسسة الكنيسة الغربية. نحن لا نتحدث عن عقيدة. نتحدث عن ملايين من البشر جرى تقريبا محو تراثهم وطقسهم وهويتهم المشرقية وقطع علاقتهم بنا بطريقة قسرية وعنيفة لا يقبل به أي ضمير إنساني حي.
الملف الرابع: العلاقة مع روما
الكنيسة اللاتينية شأنها شأن أي كنيسة أخرى مؤسسة مدنية وأرضية أيضا. الفاتيكان له سفراء ووزراء خارجية ومالية وبنك أرصدته مليارات ومليارات الدولارات. هذه أمور مؤسساتية مثلما هي أمور أي حكومة او دولة أخرى.
هنا تبرز مشكلة كبيرة لأن مؤسسة الكنيسة الكلدانية إختلط عليها الأمر حيث صارت لا تميز بين الأمور المؤسساتية والتنظيمية والأمور العقائدية إلى درجة أنها خسرت إستقلاليتها المؤسساتية. البطريرك لا يحكم ولا هناك من يطيعه. وصارت المؤسسة كما شبهها بعض الكتاب مثل حارة كل من إيدو إلو. الذي يحكم هو السفير. وهذه حقيقة. أي عضو في المؤسسة ومن خلال علاقته بالفاتيكان يستطيع فعل ما يريد. ونتيجة لهذه الضبابية المؤسساتية خسرنا الهند، تاج وعروس كنيستنا، بينما لم تخسر أي مؤسسة كنسية مشرقية أخرى موطىء قدمها هناك وأتباعها .
ولهذا ترى اليوم كهنة تركوا خورناتهم دون براءة ذمة ولا هم يحزنون. نتائج إنتخابات ديمقراطية وحرة ( بالمفهوم العقائدي بعد رياضة روحية من ثلاثة أيام وحلول الروح القدس) تلغى من قبل السفير كما حدث مع إنتخابات الرهبنة الهرمزدية الكلدانية مرتين ويجري تسمية شخص أخر لم يحصل على الأصوات المطلوبة. واليوم يرأس الرهبنة – شأء من شأء وأبى من أبى – كاهن غير كلداني هويته عربية كونه من الموارنة الذين بدلوا لغتهم السريانية بالعربية وقدموا خدمات مذهلة للعرب والعروبة كهوية ولا يزالون. أبرشية لها سلطة ومال وعلاقات تسحب كهنة من العراق ومن الرهبنة وتأويهم رغم إحتجاجات المسؤولين ...
والسفير حاضر في كل شيء وهذا أمر غريب. كل فترة له نشاط ويعرفه الكل ويحتاجه الكل. صار لي أكثر من عشر سنوات في السويد وأنا على علاقة وطيدة برئاسة الكنيسة الكاثوليكية في هذا البلد ومطارنتها ومعهدها العالي في جامعة أوبسالا، أعرق جامعات السويد، وإلى هذا اليوم لم ألتق السفير ولم أراه ولم أسمع عنه ولا أعلم إن كان موجودا ولم ألحظ أن له أي سلطة على الإطلاق على رئاسة الكنيسة الكاثوليكية هنا ولا يحق لأي كاهن كلداني هنا تجاوز المطرانية والإتصال بالسفير ولا يحق للسفير التدخل في شؤون المطرانية. في مؤسستنا الكنسية العتيدة هو تقريبا كل شيء. فماذا بقي من سلطة لبطريركنا؟
وهذا الإنفلات الإداري ليس سببه البطريرك الحالي او غيره. سببه عدم الإكتراث والشكاوي التي لا تنقطع للسفير والفاتيكان من كل حدب وصوب حتى وصل الأمر إلى ان لا سلطة حقيقية للبطريرك وحتى للمطارنة لأن كل واحد تقريبا يعمل حسب هواه وهكذا ظهرت طقوس مختلفة وكراريس طقسية مختلفة بعضها يكتبه كهنة من عندياتهم ويفرضونه كصلاة جماعية رغم أخطائه الليتورجية والعقائدية وحتى اللغوية.
الملف الخامس: الهوية الكنسية
الهوية تميز كنيسة عن أخرى. نحن ننتمي عقائديا إلى الفاتيكان ولكن هذا لا يعني أننا نتخلى عن هوية كنيستنا المتمثلة باللغة والليتورجيا والأدب الكنسي.
ما يحدث في هذا الملف إن إستمر على المنوال الحالي سيلغي الهوية الكنسية – اللغة– اي سيقضي علينا كقوم وكنيسة كلدانية. ويبدو أن البعض من أفراد المؤسسة همهم الوحيد هو محاربة اللغة الطقسية وما تركه لنا اباء الكنيسة من صلوات وتراتيل وأدب يبز من كافة النواحي ما لدى أي كنيسة أخرى في العالم.
اليوم يدعو بعض الكهنة ومن المنابر الكنسية والإعلامية إلى إستخدام كل اللغات ويقول بعضهم علانية حتى لو تكلم شخص واحد بالكردي في الكنيسة فأنا علي أن أرتل وأنشد بالكردي. ويبدو أننا مقبلون في بعض الكنائس لا سيما في المهجر إلى التحول إلى أمم متحدة خاصة بنا.
وإن أخذت السويد او اوروبا مثالا حيث تتواجد جالية كلدانية كبيرة ترى ان الهوية في طريقها إلى الإندثار والضياع بسبب هذه السياسة. في السويد هناك من يحبذ حتى الأن العربية والعروبة على هويته الكلدانية المتمثلة بلغته ويعزو ذلك جزافا إلى الإيمان والعقيدة. اليوم أغلب الجوقات، مدعومة من قبل الكهنة – كما حدث في المهرجان – تفضل العربية على الهوية الكنسية المتمثلة بلغتنا القومية رغم ان الجيل الحديث لا سيما التلاميذ في المدارس لا يفهمون العربية، يتقنون السورث والسويدية مع ذلك يصر البعض على إستخدام العربية او أي لغة أخرى .
أنا أسمّي هكذا مواقف "مهزلة العقل البشري" لأنها تعارض أبسط مبادىء المنطق. هل نحن كنيسة ناطقة بالعربية؟ إن كنا كذلك ماذا عن الأغلبية الساحقة التي تفضل لغتها وهويتها وإن كنا كذلك ما لنا والكلدانية التي نعتز بها إن تحولنا إلى العربية وعربنا أنفسنا؟
والسؤال الأخر هو لماذا هذا التهاون لا بل الكراهية لكل ما هو كلداني لدى البعض من الكلدان ورجال دينهم؟ أنظر الى الكنيسة الكاثوليكية السويدية. كهنتها ليسوا سويديين وأغلب المؤمنين الذي يؤدون الطقوس والأسرار فيها أجانب إلا أنها تتشبث بهويتها وطقسها وليتورجيتها، أي كل شيء بالسويدي رغم ان الكثير من الأناشيد عمرها مئات السنين ومكتوبة بلغة سويدية كلاسيكية يصعب فهمها حتى على السويديين، فماذا عن الأجانب؟ نحن إن كان شخص واحد يريد العربية فكل شيء يصبح عربي. أليست الكنيسة السويدية الكاثوليكية تابعة لروما؟ لماذا كل هذا التهاون والإشمئزاز من هويتنا الكنسية بإسم المجمع الفاتيكاني او غيره من الحجج الواهية والغير منطقية؟
اما عن طريقة أداء الطقوس فحدث ولا حرج فكل له طقسه وكراريسه لا بل كل يوم أحد قد يكون هناك كراس جديد.
ولهذا بدأ الكلدان مغادرة كنيستهم زرافات. ماذا يفعل الوالدين الذين لا يفقه اولادهم العربية وعندما يأتون بهم للكنيسة يصر البعض لا بل يفرض العربية على الكل؟ وهكذا يفضل البعض الإنتماء إلى الكنيسة الكاثوليكية السويدية وأخرون يغادرونها إلى كنائس أخرى. ومع كل هذه الحقائق ترى البعض وقد ركبت العروبة والعربية رأسهم ويقومون بفرضها علينا رغما عن أنفنا.
الملف السادس:الطقس الكلداني
الطقس الكلداني اليوم مهمش في أغلب المناطق. والطقس هو الليتورجيا وكما قلنا كل كنيسة لها ليتورجيا خاصة تميزها عن الأخرى. وطقس كنيسة المشرق حسب أداء الكنيسة الكلدانية من أبدع ما أنتجته القريحة الإنسانية. فهو في مجمله ادب كنسي وموسيقي ولاهوتي وفلسفي وتصوفي وثقافي وأخلاقي وتربوي من منطلق إنجيلي مسيحي لا يوازيه أي أدب كنسي أخر في الدنيا.
اليوم هذا الطقس مهمش في أغلب المناطق ومن قبل كثير من رجال الدين وحتى من هم في سدة الأسقفية. وما يؤسف له هو تفضيل مواد أخرى لا سيما من الليتورجيا اللاتينية والعربية على هويتنا الكنسية. وهذا أمر أيضا يقع ضمن "مهزلة العقل البشري." لا أعلم كيف يجوز تفضيل ليتورجيا دخيلة على ليتورجيا كنيستنا. أفهم الشراكة العقائدية لكن لا أفهم ابدا الشراكة الليتورجية بحيث صرنا اليوم ننشد ونصلي ونقرأ نصوصا ونؤدي ممارسات غريبة وعجيبة ورتيبة ومملة وأحيانا باهتة لا تمت بصلة إلى تراثنا المسيحي المشرقي. نعم الطقس بحاجة إلى إحياء وتحديث، ولكن إلغائه وتهميشه او تعريبه او إستبداله جريمة بحق كنيستنا المشرقية وتاريخها وقديسيها وشهدائها وإرثها وهويتها.
الملف السابع: التزوير
هذا ملف دخل صفوف كنيستنا المشرقية من خلال مؤسسة الكنيسة الغربية الإستعمارية حيث جرى ليس تشتيتنا بل تفرقتنا إلى طوائف وتسميات لا زالت حتى اليوم السبب الرئسي لتخلفنا وإنقسامنا وشرذمتنا ولم تدخل التسميات مثل "النسطوري او اليعقوبي" في خطابنا في العصر الحديث، والتي تستخدمها الأبرشية الكلدانية في المهجر بكثافة للإنتقاص من أشقاء لنا وتكفيرهم، إلا من خلال ما وردنا من الغرب ومؤسسته الكنسية.
والتزوير لا علاقة له بالروح القدس وكون الكنيسة مؤسسة إلهية. التزوير كما الحال مع الملفات الأخرى حالة بشرية دنيوية يجب إدانتها من أي جهة أتت. وهنا أشير إلى إسم كنيستنا الرسمي والتاريخي وهو: "عيتا دمذنحا او عيتا دمذنحا دسورياي"وكيف جرى تزويره طقسيا إلى التسميات التي نتصارع عليها اليوم في مستهل القرن العشرين ومنتصفه ومن قبل الجانبين. لم يرد في كل أدبنا وتراثنا الكنسي وغيره تسميات مثل "عيتا دمذنحا دكلدايي او عيتا دكلدايي او عيتا دمذنحا داثورايي او عيتا داثورايي." هذا تزوير للتاريخ والتراث والأدب الكنسي.
والتزوير مستمر. فرغم أن كنيسة المشرق الكلدانية بأغلبها لا تطبق الطقس كما ورد في الكتب الطقسية مثل الحوذرا، الذي صار كتابا مهمشا، نرى ان الطبعات الأخيرة إحتوت تجاوزات خطيرة حيث جرى التبديل والتحريف الكيفي من قبل معديه. فمثلا في صفحة (نون لمث كمل) جرى تبديل كلمة "سوريايي" إلى "كلدايي" أينما وردت وقد يحفز هذا الطرف الأخر على تحويلها إلى "أثورايي".
هذا النوع من التزوير في كتب التراث وبهذا الشكل الفج يرقى من الناحية الأخلاقية والعلمية والأكاديمية إلى جريمة وإن قام به أكاديمي لدى الأمم الأخرى لخسر منصبه وسحبت منه الشهادة وتم فضح أمره. وما يؤسفنا ان من بين معدي كتاب الحوذرا في طبعته الأخيرة من يدعي أنه يحمل شهادة دكتوراة او أكثر. أنا أستطيع أن أسمي نفسي ما أشاء ولكن لا يجوز أن أتلاعب بالتاريخ والتراث وأزور الأسماء حسب ما أهواه وأتمناه. لو فعلت كل الشعوب مثلنا لما بقي مكانا للحقائق والتاريخ بين الأمم.
الملف الثامن: تطبيق المقررات
يتعلل الكثير منا ان الأزمة الحالية مردها الرئاسة. وبالطبع هذا هروب من الواقع المرير الذي نمر فيه والجرح العميق الذي نعاني منه لأننا نجعل من الرئاسة شماعة لأخطائنا علمانيين وإكليروس. هناك مقررات من سينودوسات سابقة وافق عليها المطارنة بالإجماع ومنها سينودس عام 1967 وعام 1998 ومقرراتهما منشورة ومعروفة. هل الرئاسة كانت السب في عدم إلتزام الكهنة والمطارنة بها؟ ومن يقول أننا سنلتزم بهذه المقررات الأن بعد أن تم إزاحة الرئاسة الحالية؟
الملف التاسع: عدم مبالاة
على الكلدان الخروج من قوقع "عدم المبالاة" وأن الهوية والكنيسة هي رجل الدين إن قال "واحد" نحن نردد وراءه "واحد،" وإن قال "إثنين" نحن نردد وراءه "إثنين." علينا المطالبة في حقنا في كل مكان في الكنيسة والنادي والبيت ... بحقنا في هويتنا ولغتنا وطقسنا وتراثنا وأدبنا. كم أتمنى ان يقف الكلدان صفا واحدا أمام أي شخص يهمش لغتهم وهويتهم وتراثهم، رجل دين كان او غيره. بمعنى أخر ان نقول لرجل الدين او افراد الجوقات او الشمامسة او مسؤولي النوادي والتنظيمات إننا نحب هويتنا ولغتنا ولا نسمح بتهميشها. سينهض الكلدان في اليوم الذي ينتفضون على وضعهم الحالي ويقولون للشخص الذي يبدل او يعرب لغتهم وأناشيدهم وليتورجيتهم وطقوسهم وتقاليدهم ولا يطالب بحقوقهم المهضومة إن في الهند أو غيرها كائن من كان "أنت لست منا" رجل دين او غيره. ولكن ما يحدث اليوم، ومع الأسف الشديد، ان المتزمت بهويته وتراثه ولغته يُحارب ويُهمش واليعربي والعروبي هو المفضل ومع ذلك نقول نريد ان ننهض.
روابط (نماذج محددة)
http://www.kaldaya.net/2012/Articles/11/30_Nov20_DrGmardo.html
http://www.kaldaya.net/2012/Articles/08/14_Aug08_DrGMardoo.html
http://www.kaldaya.net/2012/Articles/04/30_Apr16_DrGMardo.html
http://www.kaldaya.net/2011/Articles/12_December2011/62_Dec27_DrGorgisMardo.html